حكم المظاهرات في الإسلام للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله (الحلقة الثانية ) (جديد )
29-03-2011, 06:41 PM
حكم المظاهرات في الإسلام
حوار مع الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان
(الحلقة الثانية)
قال الدكتور في (ص7-8):
"الوقفة السادسة: أدلة المظاهرات السلمية:
1- الأصل فيها الإباحة والبقاء على البراءة الأصلية حتى يرد دليل خاص في المنع وهي وسيلة جديدة ولا يترتب عليها مفسدة لأنها سلمية بحته. ومتى ترتب عليها مفسدة فهي محظورة.
2- جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات السلمية كقوله تعالى:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.... "،[آل عمران: 110].
وقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين :" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".
ويجوز الاحتجاج([1]) على المنكر بسائر الجوارح ويقاس على اليد واللسان- كل وسيلة مناسبة كما قرره السلف والخلف في مصنفاتهم.
كما قرر العلماء إذا حضر جماعة مكانا أو حفلا فيه منكر ولم يستطيعوا أن يغيروه فيجب عليهم أن يخرجوا و يفارقوا المكان. وهذا هو عين الاحتجاج على المنكر وأهله".
التعليق: أقول:
أمر عجيب هذا:
1- إذ يعترف أن المظاهرات الأصل فيها الإباحة والبقاء على البراءة الأصلية، ثم يدّعي أن جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات السلمية، وهذا منه اضطراب وتناقض واضح.
وهذا تعريف الإباحة والبراءة الأصلية عند الأصوليين.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في "روضة الناظر" مع مذكرة أصول الفقه (ص44-45) :
"القسم الثالث (المباح) وحده ، ما أذن الله في فعله وتركه غير مقترن بذم فاعله وتاركه ولا مدحه، وهو من الشرع .."، الخ كلامه .
علّق عليه العلامة الشنقيطي –رحمه الله- بقوله:
"اعلم أن الإباحة عند أهل الأصول قسمان :
(أ) الأولى : إباحة شرعية، أي عرفت من قبل الشرع كإباحة الجماع في ليالي رمضان المنصوص عليها بقوله : (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم )، [سورة البقرة: 187]، وتسمى هذه الإباحة الإباحة الشرعية .
(ب) الثانية : إباحة عقلية وهي تسمى في الاصطلاح البراءة الأصلية، والإباحة العقلية وهي بعينها (استصحاب العدم الأصلي حتى يرد دليل ناقل عنه ).
ومن فوائد الفرق بين الإباحتين المذكورتين أن رفع الإباحة الشرعية يسمى نسخا كرفع إباحة الفطر في رمضان ، وجعل الإطعام بدلا عن الصوم المنصوص في قوله : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )، [سورة البقرة:184]، فإنه منسوخ بقوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه) [سورة البقرة: 185].
وأما الإباحة العقلية فليس رفعها نسخا؛ لأنها ليست حكما شرعيا، بل عقليا".
أ- فهي إباحة عقلية وليست شرعية.
ب- استصحاب هذه الإباحة والبراءة حتى يرد دليل شرعي ناقل عنها، ولا دليل مع الدكتور.
جـ- أنها ليست حكماً شرعياً، بل هي حكم عقلي، وهذا على التسليم بأن الأصل في المظاهرات والمسيرات الإباحة، والحق أنها محرمة، وتتناولها بالتحريم عدد من الأدلة، ومنها أدلة تحريم الإحداث والابتداع في الدين، وآيات وأحاديث النهي عن الفساد والإفساد في الأرض، والأحاديث الآمرة بالصبر على جور الأمراء واستئثارهم وإتيانهم بما ينكره المسلمون عليهم.
2- من قال من علماء الإسلام المعتبرين أن الأصل في المظاهرت الإباحة؟
3- إن المظاهرات فيها مطالبات الحكام بالحريات ومطالباتهم بالحقوق، وهذا العمل من الشغب والفساد يأباه الإسلام بأدلته الجلية الواضحة.
ومن الأدلة قول الرسول الكريم والناصح الأمين:
"إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك؟ قال: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ"، متفق عليه، أخرجه البخاري حديث (3603)، ومسلم حديث (1843).
فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أطلعه الله على ما سيكون في هذه الأمة من جور الأمراء واستئثارهم بالأموال والمناصب وغيرها، ولما أخبر أصحابه بهذا الواقع الذي سيكون لا محالة، سأله أصحابه الكرام: كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك؟
فأجابهم -صلى الله عليه وسلم- بما يجنبهم الخوض في الفتن وسفك الدماء، فقال: "تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ".
ولم يقل -صلى الله عليه وسلم-: ثوروا عليهم وتظاهروا،، وطالبوا بحقوقكم، وامنعوهم حقهم كما منعوكم حقوقكم.
ولا تنس أن الدكتور قد ادّعى أن المظاهرة حصلت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد بيّنا بطلان هذه الدعوى.
وقال -صلى الله عليه وسلم- للأنصار الكرام: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حتى تَلْقَوْنِي على الْحَوْضِ"، أخرجه البخاري حديث (3792)، ومسلم (1845).
فلم يأمر الأنصار الذين قامت على كواهلهم وكواهل المهاجرين نصرة الرسول والإسلام ودولة الإسلام العظمى التي لا نظير لها، لم يأمرهم إلا بالصبر في هذه الدنيا حتى يلقوه -صلى الله عليه وسلم- على الحوض.
إن حق الأنصار على المسلمين والحكام لعظيم وعظيم، ومع ذلك يأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالصبر عند وجود الأثرة لا بمناهضة الحكام الذين لا دور لهم في إقامة دولة الإسلام ونصرة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في حال الشدة والقلة في العدد والعدة والمال.
وهذا أصل ربّى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته، ودان به أئمة الإسلام وقرروه، ورفضه الخوارج الذين نكبوا الإسلام والمسلمين بفتنهم وسفكوا دماءهم.
وقد حذَّر منهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (3611)، ومسلم في "صحيحه" حديث (1066).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "...يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (3344)، ومسلم في "صحيحه" حديث (1064).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ يَدْعُونَ إلى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا منه في شيء"، أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (3/224).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: " الخوارج كلاب النار"، أخرجه أحمد في "مسنده" (4/355)، وابن ماجه في "سننه" حديث (173).
ومعلوم عند أهل العلم والتأريخ أن الخوارج قسمان:
قسم يسلون السيوف على الحكام والأمة.
وقسم يحركون الفتن بالكلام والإثارة والتهييج على الخروج.
وهم المعرفون بالقعد، ورأس هذا الصنف عمران بن حطان مادح ابن ملجم قاتل علي.
وبعض الأحزاب السياسية هم امتداد لهذا النوع من الخوارج، كما أن المعتزلة امتداد لهم.
وهاك كلام بعض أهل العلم في وصف الخوارج القعد.
قال أبو بكر البيهقي في "القضاء والقدر" (330) رقم (573):
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا يعلى حمزة بن محمد العلوي النهدي يقول : سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد بن القاسم الحسني - وما رأيت علويا أفضل منه زهدا وعبادة - يقول : المعتزلة قعدة الخوارج عجزوا عن قتال الناس بالسيوف فقعدوا للناس يقاتلونهم بألسنتهم أو يجاهدونهم - أو كما قال -.
وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (5/303):
" وكان من رءوس الخوارج من القعدية بفتحتين وهم الذين يحسنون لغيرهم الخروج على المسلمين ولا يباشرون القتال قاله المبرد قال وكان من الصفرية وقيل القعدية لا يرون الحرب وإن كانوا يزينونه".
وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (454):
"عمران بن حطان السدوسي الشاعر المشهور كان يرى رأي الخوارج. قال أبو العباس المبرد: كان عمران رأس القعدية من الصفرية وخطيبهم وشاعرهم انتهى. والقعدية قوم من الخوارج كانوا يقولون بقولهم ولا يرون الخروج بل يزينونه وكان عمران داعية إلى مذهبه وهو الذي رثى عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي -رضي الله عنه- بتلك الأبيات السائرة".
فالمظاهرات تنطوي على مقدمات من إثارة الأحقاد والتهييج على طريقة الخوارج القعد، وإشعار الناس بالظلم، وحث للناس على المطالبات بالحقوق والحريات وغير ذلك من المثيرات، وقبل ذلك نفخ ونفث الشيطان في النفوس، ثم يندفع الناس في الشوارع والميادين في هياج وفوضى وصخب والغالب أن يكون من المتظاهرين تحد وتخريب، لا يحكمهم ولا يحكم عواطفهم عقل ولا شرع.
فتأتي النتائج المرة من الاصطدام بقوات الدولة؛ الأمر الذي يؤدي إلى سفك الدماء وإهدار الأموال ونهبها إلى آخر المفاسد التي حصلت وتحصل.
وقول الفنيسان عن المظاهرات: " وهي وسيلة جديدة ولا يترتب عليها مفسدة".
كلام باطل ومصادم للواقع، بل للشرع الإسلامي، فكم يقع بها ويترتب عليها من المفاسد الكثيرة والكبيرة من التخريب والتدمير للممتلكات وإزهاق الأرواح وغرس الشحناء والأحقاد، (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ)، [سورة البقرة: 205].
وكل فساد وإفساد في الأرض إلى يوم القيامة تتناوله الآيات والأحاديث الناهية عن الفساد والإفساد، وأصول الإسلام وفروعه كذلك، ومن أعظم الفساد والإفساد المظاهرات وما يترتب عليها من الشرور وأخطر أنواع الفساد والإفساد، ولا ينكر ذلك إلا مكابر.
قال الدكتور: "2- جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات السلمية".
التعليق:
1- تذكّر أيها القارئ تقريره السابق بأن الأصل في المظاهرات الإباحة، وتذكّر أنها لا ترقى حتى إلى الإباحة، وقد بيّنتُ لك فيما سلف أن الأصل فيها التحريم.
2- ليس للمظاهرات أي صلة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا بآياته وأحاديثه، وحاشا هذه الشريعة الحكيمة الغراء أن تشرع الفوضى التي لا يقوم بها إلا الدهماء وأهل الغوغاء وأهل المطامع الدنيوية والأهواء ومن ينخدع بهم من البلهاء.
3- إن المظاهرات معروفة لدى العرب والعجم، وهي عبارة عن تجمعات غوغائية، يشترك في المطالبات بها المسلم الغِرّ والكافر يجوبون فيها الشوارع والميادين، ولهم شعارات وهتافات بأصوات عالية منكرة وحركات بغيضة واختلاط منكر بين الرجال والنساء يحرمه الإسلام ويأباه الشرف والمروءة.
وغالباً أو تسعة وتسعين في المائة أن يكون فيها تخريب وتدمير للممتلكات، ونهب للمتاجر، وإحراق للسيارات، ويكون فيها سفك للدماء، ويندر جداً أن تكون سلمية، والحكم للغالب لا للنادر.
أفيجوز لمسلم أن يدَّعي هذه الدعوى العريضة أن جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات؟
فالأحاديث التي أسلفناها ومنهج أهل السنة والجماعة وأئمتهم كلها تدين الديمقراطية أم المظاهرات، وتدين المظاهرات القائمة فعلاً على الفساد والإفساد.
ومن يقول غير هذا فقد صادم نصوص القرآن والسنة وما عليه أئمة الإسلام وأهل الحق والسنة.
4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الإسلام، والمعروف أول ما يدخل فيه التوحيد، والمنكر أول ما يدخل فيه الشرك والبدع الكبرى.
فهل المظاهرات التي شرعها اليهود والنصارى من أهدافها وأولوياتها الدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك والبدع والضلالات؟
وعلى فقهك هذا الذي لم تسبق إليه تكون المظاهرات لأتفه الأسباب من أوجب الواجبات.
فاتق الله في الإسلام والمسلمين، فلقد أدخلتَ المظاهرات في التشريع الإسلامي من باب المباحات، ثم قفزت بها قفزة هائلة إلى أن جعلتها من أوجب الواجبات، فجعلت آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أدلة على المظاهرات السلمية، وهذا والله من أنكر المنكرات.
ومعروف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الإسلام، ومن أوجب الواجبات، فكيف تجعل المظاهرات من أصول الإسلام، ومن أوجب الواجبات مع أنها في الحقيقة من أخبث البدع ومن أنكر المنكرات؟
5- إن المظاهرات من أقذر تشريعات اليهود والنصارى، فلا يجوز لمسلم أن يدنس بها الإسلام، وهي من أنكر المنكرات، فالآيات والأحاديث الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر تتناولها باعتبارها من أنكر المنكرات، وهي ضد المعروف الذي شرعه الإسلام، ودان به المسلمون الملتزمون بعقائد الإسلام وعباداته وسياسته وأخلاقه.
6- إن الآيات والأحاديث التي تذم التفرق والاختلاف وأسبابهما لتنطبق على المظاهرات وما يترتب عليها.
7- إن الأحاديث التي تذم البدع وتحذر منها وتصفها بأنها من شر الأمور لتنطبق على المظاهرات مهما كان شكلها.
ولقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في جل خطبه أو كلها:
"أَمَّا بَعْدُ فإن خَيْرَ الحديث كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"، أخرجه مسلم حديث (867)، وأحمد (3/371).
والمظاهرات من شر البدع والمحدثات، وليست من هدي محمد –صلى الله عليه وسلم-، نزهه الله عنها.
ويقول -صلى الله عليه وسلم- في موعظته العظيمة التي ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، قال العرباض -رضي الله عنه- فقلنا: يا رَسُولَ اللَّهِ كأن هذه مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، قال:
" أوصيكم بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وإن كان عَبْداً حَبَشِيًّا، فإنه من يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بعدي اخْتِلاَفاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بسنتي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فإن كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وإن كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ"، أخرجه أحمد في "مسنده" (4/126)، وأبو داود حديث (4607)، والترمذي حديث (2676).
والمظاهرات من شر البدع والضلالات التي حذرنا منها رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وهي مخالفة لسنته وسنة خلفائه الراشدين المهديين التي أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نعض عليها بالنواجذ.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: " لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ من كان قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشبر وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتى لو دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قال فَمَنْ"، أخرجه البخاري حديث (3456)، ومسلم حديث (2669).
والمظاهرات من سنن اليهود والنصارى، ولا يأخذ بها ويتبعهم فيها إلا من خذله الله فيخالف المنهج الإسلامي والنصوص القرآنية والنبوية، فيتعلق بها ويحرِّف لها النصوص القرآنية والنبوية، فيزداد فتنة على فتنته، ويفتن الناس بهذا العمل، " وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ ينقصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ"، أخرجه مسلم في "صحيحه" حديث (1017)، وأحمد في "مسنده" (4/357) .
وقد يكون من هذه الأوزار دماء وأشلاء المسلمين.
8- كل الآيات والأحاديث الناهية عن الفساد والإفساد تنطبق على المسيرات والمظاهرات بكل أشكالها وآثارها.
حوار مع الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان
(الحلقة الثانية)
قال الدكتور في (ص7-8):
"الوقفة السادسة: أدلة المظاهرات السلمية:
1- الأصل فيها الإباحة والبقاء على البراءة الأصلية حتى يرد دليل خاص في المنع وهي وسيلة جديدة ولا يترتب عليها مفسدة لأنها سلمية بحته. ومتى ترتب عليها مفسدة فهي محظورة.
2- جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات السلمية كقوله تعالى:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.... "،[آل عمران: 110].
وقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين :" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".
ويجوز الاحتجاج([1]) على المنكر بسائر الجوارح ويقاس على اليد واللسان- كل وسيلة مناسبة كما قرره السلف والخلف في مصنفاتهم.
كما قرر العلماء إذا حضر جماعة مكانا أو حفلا فيه منكر ولم يستطيعوا أن يغيروه فيجب عليهم أن يخرجوا و يفارقوا المكان. وهذا هو عين الاحتجاج على المنكر وأهله".
التعليق: أقول:
أمر عجيب هذا:
1- إذ يعترف أن المظاهرات الأصل فيها الإباحة والبقاء على البراءة الأصلية، ثم يدّعي أن جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات السلمية، وهذا منه اضطراب وتناقض واضح.
وهذا تعريف الإباحة والبراءة الأصلية عند الأصوليين.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في "روضة الناظر" مع مذكرة أصول الفقه (ص44-45) :
"القسم الثالث (المباح) وحده ، ما أذن الله في فعله وتركه غير مقترن بذم فاعله وتاركه ولا مدحه، وهو من الشرع .."، الخ كلامه .
علّق عليه العلامة الشنقيطي –رحمه الله- بقوله:
"اعلم أن الإباحة عند أهل الأصول قسمان :
(أ) الأولى : إباحة شرعية، أي عرفت من قبل الشرع كإباحة الجماع في ليالي رمضان المنصوص عليها بقوله : (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم )، [سورة البقرة: 187]، وتسمى هذه الإباحة الإباحة الشرعية .
(ب) الثانية : إباحة عقلية وهي تسمى في الاصطلاح البراءة الأصلية، والإباحة العقلية وهي بعينها (استصحاب العدم الأصلي حتى يرد دليل ناقل عنه ).
ومن فوائد الفرق بين الإباحتين المذكورتين أن رفع الإباحة الشرعية يسمى نسخا كرفع إباحة الفطر في رمضان ، وجعل الإطعام بدلا عن الصوم المنصوص في قوله : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )، [سورة البقرة:184]، فإنه منسوخ بقوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه) [سورة البقرة: 185].
وأما الإباحة العقلية فليس رفعها نسخا؛ لأنها ليست حكما شرعيا، بل عقليا".
أ- فهي إباحة عقلية وليست شرعية.
ب- استصحاب هذه الإباحة والبراءة حتى يرد دليل شرعي ناقل عنها، ولا دليل مع الدكتور.
جـ- أنها ليست حكماً شرعياً، بل هي حكم عقلي، وهذا على التسليم بأن الأصل في المظاهرات والمسيرات الإباحة، والحق أنها محرمة، وتتناولها بالتحريم عدد من الأدلة، ومنها أدلة تحريم الإحداث والابتداع في الدين، وآيات وأحاديث النهي عن الفساد والإفساد في الأرض، والأحاديث الآمرة بالصبر على جور الأمراء واستئثارهم وإتيانهم بما ينكره المسلمون عليهم.
2- من قال من علماء الإسلام المعتبرين أن الأصل في المظاهرت الإباحة؟
3- إن المظاهرات فيها مطالبات الحكام بالحريات ومطالباتهم بالحقوق، وهذا العمل من الشغب والفساد يأباه الإسلام بأدلته الجلية الواضحة.
ومن الأدلة قول الرسول الكريم والناصح الأمين:
"إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك؟ قال: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ"، متفق عليه، أخرجه البخاري حديث (3603)، ومسلم حديث (1843).
فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أطلعه الله على ما سيكون في هذه الأمة من جور الأمراء واستئثارهم بالأموال والمناصب وغيرها، ولما أخبر أصحابه بهذا الواقع الذي سيكون لا محالة، سأله أصحابه الكرام: كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك؟
فأجابهم -صلى الله عليه وسلم- بما يجنبهم الخوض في الفتن وسفك الدماء، فقال: "تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ".
ولم يقل -صلى الله عليه وسلم-: ثوروا عليهم وتظاهروا،، وطالبوا بحقوقكم، وامنعوهم حقهم كما منعوكم حقوقكم.
ولا تنس أن الدكتور قد ادّعى أن المظاهرة حصلت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد بيّنا بطلان هذه الدعوى.
وقال -صلى الله عليه وسلم- للأنصار الكرام: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حتى تَلْقَوْنِي على الْحَوْضِ"، أخرجه البخاري حديث (3792)، ومسلم (1845).
فلم يأمر الأنصار الذين قامت على كواهلهم وكواهل المهاجرين نصرة الرسول والإسلام ودولة الإسلام العظمى التي لا نظير لها، لم يأمرهم إلا بالصبر في هذه الدنيا حتى يلقوه -صلى الله عليه وسلم- على الحوض.
إن حق الأنصار على المسلمين والحكام لعظيم وعظيم، ومع ذلك يأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالصبر عند وجود الأثرة لا بمناهضة الحكام الذين لا دور لهم في إقامة دولة الإسلام ونصرة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في حال الشدة والقلة في العدد والعدة والمال.
وهذا أصل ربّى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته، ودان به أئمة الإسلام وقرروه، ورفضه الخوارج الذين نكبوا الإسلام والمسلمين بفتنهم وسفكوا دماءهم.
وقد حذَّر منهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (3611)، ومسلم في "صحيحه" حديث (1066).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "...يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (3344)، ومسلم في "صحيحه" حديث (1064).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ يَدْعُونَ إلى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا منه في شيء"، أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (3/224).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: " الخوارج كلاب النار"، أخرجه أحمد في "مسنده" (4/355)، وابن ماجه في "سننه" حديث (173).
ومعلوم عند أهل العلم والتأريخ أن الخوارج قسمان:
قسم يسلون السيوف على الحكام والأمة.
وقسم يحركون الفتن بالكلام والإثارة والتهييج على الخروج.
وهم المعرفون بالقعد، ورأس هذا الصنف عمران بن حطان مادح ابن ملجم قاتل علي.
وبعض الأحزاب السياسية هم امتداد لهذا النوع من الخوارج، كما أن المعتزلة امتداد لهم.
وهاك كلام بعض أهل العلم في وصف الخوارج القعد.
قال أبو بكر البيهقي في "القضاء والقدر" (330) رقم (573):
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا يعلى حمزة بن محمد العلوي النهدي يقول : سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد بن القاسم الحسني - وما رأيت علويا أفضل منه زهدا وعبادة - يقول : المعتزلة قعدة الخوارج عجزوا عن قتال الناس بالسيوف فقعدوا للناس يقاتلونهم بألسنتهم أو يجاهدونهم - أو كما قال -.
وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (5/303):
" وكان من رءوس الخوارج من القعدية بفتحتين وهم الذين يحسنون لغيرهم الخروج على المسلمين ولا يباشرون القتال قاله المبرد قال وكان من الصفرية وقيل القعدية لا يرون الحرب وإن كانوا يزينونه".
وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (454):
"عمران بن حطان السدوسي الشاعر المشهور كان يرى رأي الخوارج. قال أبو العباس المبرد: كان عمران رأس القعدية من الصفرية وخطيبهم وشاعرهم انتهى. والقعدية قوم من الخوارج كانوا يقولون بقولهم ولا يرون الخروج بل يزينونه وكان عمران داعية إلى مذهبه وهو الذي رثى عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي -رضي الله عنه- بتلك الأبيات السائرة".
فالمظاهرات تنطوي على مقدمات من إثارة الأحقاد والتهييج على طريقة الخوارج القعد، وإشعار الناس بالظلم، وحث للناس على المطالبات بالحقوق والحريات وغير ذلك من المثيرات، وقبل ذلك نفخ ونفث الشيطان في النفوس، ثم يندفع الناس في الشوارع والميادين في هياج وفوضى وصخب والغالب أن يكون من المتظاهرين تحد وتخريب، لا يحكمهم ولا يحكم عواطفهم عقل ولا شرع.
فتأتي النتائج المرة من الاصطدام بقوات الدولة؛ الأمر الذي يؤدي إلى سفك الدماء وإهدار الأموال ونهبها إلى آخر المفاسد التي حصلت وتحصل.
وقول الفنيسان عن المظاهرات: " وهي وسيلة جديدة ولا يترتب عليها مفسدة".
كلام باطل ومصادم للواقع، بل للشرع الإسلامي، فكم يقع بها ويترتب عليها من المفاسد الكثيرة والكبيرة من التخريب والتدمير للممتلكات وإزهاق الأرواح وغرس الشحناء والأحقاد، (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ)، [سورة البقرة: 205].
وكل فساد وإفساد في الأرض إلى يوم القيامة تتناوله الآيات والأحاديث الناهية عن الفساد والإفساد، وأصول الإسلام وفروعه كذلك، ومن أعظم الفساد والإفساد المظاهرات وما يترتب عليها من الشرور وأخطر أنواع الفساد والإفساد، ولا ينكر ذلك إلا مكابر.
قال الدكتور: "2- جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات السلمية".
التعليق:
1- تذكّر أيها القارئ تقريره السابق بأن الأصل في المظاهرات الإباحة، وتذكّر أنها لا ترقى حتى إلى الإباحة، وقد بيّنتُ لك فيما سلف أن الأصل فيها التحريم.
2- ليس للمظاهرات أي صلة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا بآياته وأحاديثه، وحاشا هذه الشريعة الحكيمة الغراء أن تشرع الفوضى التي لا يقوم بها إلا الدهماء وأهل الغوغاء وأهل المطامع الدنيوية والأهواء ومن ينخدع بهم من البلهاء.
3- إن المظاهرات معروفة لدى العرب والعجم، وهي عبارة عن تجمعات غوغائية، يشترك في المطالبات بها المسلم الغِرّ والكافر يجوبون فيها الشوارع والميادين، ولهم شعارات وهتافات بأصوات عالية منكرة وحركات بغيضة واختلاط منكر بين الرجال والنساء يحرمه الإسلام ويأباه الشرف والمروءة.
وغالباً أو تسعة وتسعين في المائة أن يكون فيها تخريب وتدمير للممتلكات، ونهب للمتاجر، وإحراق للسيارات، ويكون فيها سفك للدماء، ويندر جداً أن تكون سلمية، والحكم للغالب لا للنادر.
أفيجوز لمسلم أن يدَّعي هذه الدعوى العريضة أن جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات؟
فالأحاديث التي أسلفناها ومنهج أهل السنة والجماعة وأئمتهم كلها تدين الديمقراطية أم المظاهرات، وتدين المظاهرات القائمة فعلاً على الفساد والإفساد.
ومن يقول غير هذا فقد صادم نصوص القرآن والسنة وما عليه أئمة الإسلام وأهل الحق والسنة.
4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الإسلام، والمعروف أول ما يدخل فيه التوحيد، والمنكر أول ما يدخل فيه الشرك والبدع الكبرى.
فهل المظاهرات التي شرعها اليهود والنصارى من أهدافها وأولوياتها الدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك والبدع والضلالات؟
وعلى فقهك هذا الذي لم تسبق إليه تكون المظاهرات لأتفه الأسباب من أوجب الواجبات.
فاتق الله في الإسلام والمسلمين، فلقد أدخلتَ المظاهرات في التشريع الإسلامي من باب المباحات، ثم قفزت بها قفزة هائلة إلى أن جعلتها من أوجب الواجبات، فجعلت آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أدلة على المظاهرات السلمية، وهذا والله من أنكر المنكرات.
ومعروف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الإسلام، ومن أوجب الواجبات، فكيف تجعل المظاهرات من أصول الإسلام، ومن أوجب الواجبات مع أنها في الحقيقة من أخبث البدع ومن أنكر المنكرات؟
5- إن المظاهرات من أقذر تشريعات اليهود والنصارى، فلا يجوز لمسلم أن يدنس بها الإسلام، وهي من أنكر المنكرات، فالآيات والأحاديث الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر تتناولها باعتبارها من أنكر المنكرات، وهي ضد المعروف الذي شرعه الإسلام، ودان به المسلمون الملتزمون بعقائد الإسلام وعباداته وسياسته وأخلاقه.
6- إن الآيات والأحاديث التي تذم التفرق والاختلاف وأسبابهما لتنطبق على المظاهرات وما يترتب عليها.
7- إن الأحاديث التي تذم البدع وتحذر منها وتصفها بأنها من شر الأمور لتنطبق على المظاهرات مهما كان شكلها.
ولقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في جل خطبه أو كلها:
"أَمَّا بَعْدُ فإن خَيْرَ الحديث كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"، أخرجه مسلم حديث (867)، وأحمد (3/371).
والمظاهرات من شر البدع والمحدثات، وليست من هدي محمد –صلى الله عليه وسلم-، نزهه الله عنها.
ويقول -صلى الله عليه وسلم- في موعظته العظيمة التي ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، قال العرباض -رضي الله عنه- فقلنا: يا رَسُولَ اللَّهِ كأن هذه مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، قال:
" أوصيكم بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وإن كان عَبْداً حَبَشِيًّا، فإنه من يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بعدي اخْتِلاَفاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بسنتي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فإن كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وإن كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ"، أخرجه أحمد في "مسنده" (4/126)، وأبو داود حديث (4607)، والترمذي حديث (2676).
والمظاهرات من شر البدع والضلالات التي حذرنا منها رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وهي مخالفة لسنته وسنة خلفائه الراشدين المهديين التي أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نعض عليها بالنواجذ.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: " لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ من كان قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشبر وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتى لو دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قال فَمَنْ"، أخرجه البخاري حديث (3456)، ومسلم حديث (2669).
والمظاهرات من سنن اليهود والنصارى، ولا يأخذ بها ويتبعهم فيها إلا من خذله الله فيخالف المنهج الإسلامي والنصوص القرآنية والنبوية، فيتعلق بها ويحرِّف لها النصوص القرآنية والنبوية، فيزداد فتنة على فتنته، ويفتن الناس بهذا العمل، " وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ ينقصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ"، أخرجه مسلم في "صحيحه" حديث (1017)، وأحمد في "مسنده" (4/357) .
وقد يكون من هذه الأوزار دماء وأشلاء المسلمين.
8- كل الآيات والأحاديث الناهية عن الفساد والإفساد تنطبق على المسيرات والمظاهرات بكل أشكالها وآثارها.
من مواضيعي
0 يغفر ذنبك عند كل وجبة طعام!
0 غير مسجل هذه دعوة مني لك لتأمل هذه الآية: (( فلنحيينه حياة طيبة))
0 [ جديد ] 24 بطاقة دعوية حول فضل وأعمال عشر ذي الحجة
0 توصيات ونصائح للطلاب مع بداية الموسم الدراسي الجديد 2014م/2015م
0 افتراضي تهنئة العيد من بذرة خير إلى كل الأعضاء خاصة بذرة خير
0 نبشر كل مؤمن ومؤمنة في العالم بأن الشيخ أبوبكر الجزائري حفظه الله حي يرزق وهو يتمتع بصحة جيدة
0 غير مسجل هذه دعوة مني لك لتأمل هذه الآية: (( فلنحيينه حياة طيبة))
0 [ جديد ] 24 بطاقة دعوية حول فضل وأعمال عشر ذي الحجة
0 توصيات ونصائح للطلاب مع بداية الموسم الدراسي الجديد 2014م/2015م
0 افتراضي تهنئة العيد من بذرة خير إلى كل الأعضاء خاصة بذرة خير
0 نبشر كل مؤمن ومؤمنة في العالم بأن الشيخ أبوبكر الجزائري حفظه الله حي يرزق وهو يتمتع بصحة جيدة








