منحة الوهاب في الذب عن الإمام محمد بن عبد الوهاب (2)
31-03-2012, 07:22 PM
منحة الوهاب في الذب عن الإمام محمد بن عبد الوهاب (2)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه
اما بعد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس ) . البخاري مع الفتح (6/632 ) .
وهي الدعوة التي تكفل الله بحفظها ووعد من حملها بالظهور والنصر إلى قيام الساعة مهما خذلها المتخاذلون وخالفها الخصوم والمناوئون وأخبر بذلك سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم
والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه أحد العلماء المجددين، والقادة المصلحين، والدعاة المخلصين شهد له العلماء المنصفون بالعلم والديانة والاستقامة،
يقول الشيخ محمد رشيد رضا (كان الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى مجدداً للإسلام في بلاد نجد، بإرجاع أهله عن الشرك والبدع التي فشت فيهم إلى التوحيد والسنة).
وقال (ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده، بما شرعه في كتابه، وعلى لسان رسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وترك البدع والمعاصي، وإقامة شعائر الإسلام المتروكة، وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة).
وكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على عقيدة السلف متبعا غير مبتدع
داعيا الى التوحيد والى العقيدة الصحيحة الصافية النقية
الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقد يسر الله لدعوة الشيخ القبول والانتشار في مختلف الاقطار والامصار
رغم محاولات الاعداء الصد عنها بكل الوسائل والاساليب
الا ان الله اراد انتشار هذه الدعوة المباركة ليعم نورها البلاد
لقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب في زمن كثر فيه الجهل وانتشرت فيه المنكرات
وهجرت احكام الدين عند اكثر الناس
واكتفى اكثرهم من الاسلام باسماء خاوية ومظاهر وعادات بالية لاتمت الى الاسلام بصلة
وجهل اكثر الناس حقيقة التوحيد
وانتشرت عبادة الاموات والاضرحة والتعلق بهم من دون الله وطلب الغوث والمدد والشفاء منهم
ولا زالت بعض مظاهر هذا الشرك موجودة الى عصرنا في كثير من اقطار العالم الاسلامي ..
من دعاء االاموات والتعلق بهم وطلب النفع والضر منهم ..
وترك اكثر الناس الامربالمعروف والنهي عن المنكر مسايرة للعامة
وطلبا لرضاهم ومعلوم ان من انكر على الناس ما الفوه ذموه وعادوه
يقول المؤرخ الأمريكي لوثروب ستوارد واصفا ً تلك الحالة :
وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء فألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة الناس سجفاً من الخرافات وقشور الصوفية ، وخلت المساجد من أرباب الصلوات ، وكثر عديد الأدعياء الجهلاء ، وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التمائم والتعاويذ والسبحات ، ويوهمون الناس بالباطل والشبهات ، ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء ، ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور .
وغابت عن الناس فضائل القرآن ، فصار يشرب الخمر والأفيون في كل مكان ، وانتشرت الرذائل وهتك ستر الحرمات على غير خشية ولا استحياء .
ونال مكة المكرمة والمدينة المنورة ما نال غيرهما من مدن الإسلام ، فصار الحج المقدس ضرباً من المستهزءات ، وبالجملة فقد بدل المسلمون غير المسلمين ، هبطوا مهبطاً بعيد القرار ، فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر ورأى ما كان يدهى الإسلام لغضب وأطلق اللعنة على من استحقها من المسلمين كما يلعن المرتدون وعبدة الأوثان )
نشأ الشرك وغلب على الناس تصورات كثيرة أبرزها الدعاء و طلب الحاجات من غير الله ومنها عبادة الأضرحة والقباب والتوسل بالمشايخ والصالحين أحياء وأموات , وانتشرت البدع و العادات والتقاليد التى حرمها الإسلام وغلبت الطرق الصوفية التي أصبحت المرجع الأساسي عن هؤلاء الناس في أمور الدين .
يصور الشيخ سليمان بن سحمان هذه الحالة في نجد بقوله :((قد خلع الناس ربقة التوحيد والدين , وجدوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعلق بغير الله تعالى من الأولياء والصالحين والأصنام والأوثان والشياطين))
و((كثير منهم يعتقد النفع في الأحجار والجمادات , ويتبركون بالأشجار , ويرجون منها القبول في جميع الأوقات
ويلخص لنا الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن حال العصر الذي ظهر فيه الشيخ محمد بقوله : (( كان اهل عصره ومصره في تلك الأزمان قد اشتدت غربة الإسلام بينهم وعفت آثار الدين لديهم , وانهدمت قواعد الملة الحنيفية , وغلب على الأكثرين ما كان عليه آهل الجاهلية وانطمست أعلام الشريعة في ذلك الزمان , وغلب الجهل والتقليد والإعراض عن السنة و القرآن وشبه الصغير لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه آهل تلك البلدان , وهرم الكبير على ما تلقاه من الأباء والأجداد , و أعلام الشريعة مطموسة , ونصوص التنزيل وأصول السنة فيما بينهم مدروسة , وطريق الأباء و الأسلاف مرفوعة الأعلام وأحاديث الكهان والطواغيت مقبول غير مردود ولا مدفوعة قد خلوا ربقة التوحيد والدين ودوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعلق بغير الله من الأولياء والصالحين والأوثان والأصنام والشياطين , وعلمائهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون وببحر الأجاج شاربون به قد أغشتهم العوائد والمألوفات وحبستهم الشهوات والإيرادات عن الارتفاع إلى قلب الهدى من النصوص المحكمات والآيات البينات))
ويقول الامام الشوكاني – رحمه الله – عن أبناء عصره – - : " ومن أنكر حصول النداء للأموات والاستغاثة بهم استقلالا ؛ فليخبرنا ما معنى ما يسمعه في الأقطار اليمنية من قولهم : يا ابن العجيل ، يا زيلعي ، يا ابن علوان ، يا فلان بن فلان ، وهل يُنكر هذا منكر ؟ أو يشك فيه شاك ؟ وما عدى ديار اليمن فالأمر فيها أطم وأعم ، ففي كل قرية ميت يعتقده أهلها وينادونه ، وفي كل مدينة جماعة منهم ، حتى إنهم في حرم الله ينادون : يا ابن عباس ، يا محجوب ، فماظنك بغير ذلك ؟ " . ثم قال : " واعلم أن ما حررناه وقررناه من أن كثيرًا مما يفعله المعتقدون في الأموات يكون شركًا ، قد يخفى على كثير من أهل العلم ؛ وذلك لا لكونه خفيًا في نفسه ، بل لإطباق الجمهور على هذا الأمر ، وكونه قد شاب عليه الكبير ، وشب عليه الصغير ، وهو يرى ذلك ويسمعه ، ولا يرى ولا يسمع من ينكره .. "
وكان هذا هو الحال في مختلف البلدان العربية والاسلامية
انتشار للجهل والعقائد الفاسدة وانتشار للبدع والمنكرات
وغياب للامر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهل بالتوحيد والعقيدة الصحيحة
الا من رحم الله وقليل من هم


سلاح اعداء دعوة التوحيد هو الكذب والافتراء
قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالدعوة الى التوحيد وصبر على الاذى في سبيل دعوته
فما ضره من خذله ولا من خالفه
وناصره وايده الكثير من العلماء والدعاة من مختلف البلدان
وضاق بها ذرعا دعاة الشرك والضلالة وسعو بخيلهم ورجهلم في حرب دعوة الشيخ
ومحاولة تشويهها باذلين في ذلك ما استطاعو من الاسباب
ولما لم يجدو مطعنا يشنعون به على دعوة الشيخ رحمه الله
لجؤو الى الكذب والبهتان والافتراء
والكذب المحض سلاح الفاجر
فنسبو الى الشيخ والى دعوته امورا هو بريئ منها
وافترو عليها امورا عظاما لا يصدقها عاقل منصف
وقد تحدّث الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – عن هذه الهجمة قائلاً: "فلما أظهرت تصديق الرسول فيم جاء به سبّوني غاية المسبة، وزعموا أنّي أكفر أهل الإسلام وأستحل أموالهم" (مجموعة مؤلفات الشيخ 5/26).
ويصف الشيخ عداوة الخصوم وفتنتهم في رسالته للسويدي – أحد علماء العراق – فيقول _رحمه الله_: "ولبّسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، وكبرت الفتنة وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله" (مجموعة مؤلفات الشيخ 5/36).
و يقول ايضا – رحمه الله – في رسالته لعلماء البلد الحرام : " سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ وبعد : جرى علينا من الفتنة مابلغكم وبلغ غيركم ، وسببه هدم بناء في أرضنا على قبور الصالحين ، ومع هذا نهيناهم عن دعوة الصالحين ، وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله ، فلما أظهرنا هذه المسألة مع ما ذكرنا من هدم البناء على القبور ، كبر على العامة ، وعاضدهم بعض من يدعي العلم ؛ لأسباب ما تخفى على مثلكم ، أعظمها اتباع الهوى ، مع أسباب أخر فأشاعوا عنا أنا نسب الصالحين ، وأنا على غير جادة العلماء ، ورفعوا الأمر إلى المشرق والمغرب ، وذكروا عنا أشياء يستحي العاقل من ذكرها "
وان المنصف اذا اراد ان يرد على احد فانه يرد عليه من كتبه ومن كلامه
وليس بنقل الكذب الذي يفتريه عليه خصومه واعداء دعوته
فمتى كان الخصم شاهدا وحكما ؟؟
قال الله تعالى ( ولا يجرمنكم شنآنُ قوم على أن لاتعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)
قال ابن تيمية رحمه الله: «والله قد أمرنا ألاَّ نقول عليه إلاَّ الحق وألاَّ نقول عليه إلاَّ بعلمٍ، وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهوديٌّ أو نصرانيٌّ -فضلاً عن الرافضي- قولاً فيه حقٌّ أن نتركه أو نردَّه كلَّه، بل لا نردُّ إلاَّ ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحقِّ».
[«منهاج السنة النبوية» لابن تيمية (2/ 342)].
يقول الشيخ صديق حسن خان في كتاب اتحاف النبلاء المتقنين : كثير من العلماء يكفرون ويضللون محمد بن عبدالوهاب لعدم معرفتهم بأخباره الصحيحة أو بسبب التعصب والهوى , والواقع أنه لادليل عندهم من الكتاب والسنة على تكفير الشيخ وتضليله ..
وقال في كتابه هداية السائل إلى أدلة المسائل :
كان محمد بن عبدالوهاب عالماً متبعاً للسنة , ويغلب عليه حب اتباع السنة المطهرة , ورسائله معروفة ,
ويقول الزركلي في كتابه ( الأعلام الجزء السابع ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( وكانت دعوته , الشعلة الأولى للنهضة الحديثة في العلم الإسلامي كله , تأثر بها رجال الإصلاح , في الهند ومصر , والعراق , والشام وغيرها ))
ومع انتشار دعوة الشيخ كان رحمه الله يبعث برسائل
الى مختلف الاقطار يبين فيها ما يدعو اليه من التوحيد والعقيدة المباركة
وكان منها انه ارسل رسالة الى القطر التونسي
ويقال ان الذي ارسها هو سعود بن عبد العزيز
وبين رحمه الله في الرسالة حقيقة ما يدعو اليه من التوحيد ونبذ الشرك
والالتزام بالكتاب والسنة
فرد على رسالة الشيخ بعض الادعياء في وريقات ملئت جهلا وظلما
خلط بين الحق والباطل وكذب على الشيخ محمد بن عبد الوهاب
ونسب اليه امورا هو بريئ منها

كذبا وحربا على دعوة التوحيد وتزلفا للاتراك

وان كاتب ذلك الرد لم يات بجديد سوى انه ردد ما كذبه اعداء الشيخ رحمه الله
بل بالغ في الزيغ والضلال فاباح بناء الاضرحة والمزارات وطلب المدد من الاموات
نسال الله السلامة والعافية
وقد نشرها بعض مرضى النفوس وعنون لها بعنوان
علماء تونس يردون على الرسالة الوهابية
وهذا العنوان فيه من الكذب ما فيه
فان تلك الورقات لم يكتبها جمع من العلماء وانما كتبها واحد من الادعياء
فلا يصح تسميتها برسالة علماء تونس
مع ما فيها من الكذب والبهتان والتلبيس
كما سنبينه فيما ياتي باذن الله .
وماهذه الوريقات الاثمة التي كتبها هذا الملبس إلاّ مسلسل من مسلسلات افتراءات أعداء الدعوة فيه أيضاً ، ليحولوا الناس عن دعوة الحق ، وليبنوا بين دعوته وبين الناس جداراً وحاجزاً يحول دون بلوغ الدعوة
أورد ابن هشام في السيرة (1/394) أن الطفيل خرج قاصداً مكة ، فتلقفته قريش على أبوابها وحذرته من السماع من محمد صلى الله عليه وسلم ، وأوحوا إليه بأنه ساحر وأنه يفرّق بين المرء وزوجه ... ، فلم يزالوا به حتى عمد إلى قطن فوضعه في أذنيه ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حدّث نفسه بأن ينزع القطن ، ويسمع منه ، فإن كان ما يقوله حقاً قبل منه ، وإن كان ما يقوله باطلاً وقبيحاً ردّ ، فلما استمع إليه ما كان منه إلاّ أن أسلم في مكانه .
وهكذا حال كثير ممن لايعرف حقيقة دعوة الشيخ
يسمع عنها من اعداء الشيخ وخصومه
ولم يقرء للشيخ من كتبه ورسائله
قال الشيخ عبد الحميد ابن باديس - رحمه الله -( وصار من يُريد معرفتهم لا يجد لها موردا إلا كتب خصومهم الذين ما كتب أكثرهم إلا تحت تأثير السياسة التركية التي كانت تخشى من نجاح الوهابيين نهضة العرب كافة .
وأقلهم من كتب عن حسن قصد من غير استقلال في الفهم ولا تثبت في النقل فلم تسلم كتابته في الغالب من الخطأ والتحريف.
وأنَّى تُعرف الحقائق من مثل هاته الكتب أو تلك ، أم كيف تُؤخذ حقيقة قوم من كتب خصومهم ، ولا سيما إذا كانوا مثل الصِنفين المذكورين ) ." آثارعبد الحميد بن باديس " ( 5 / 23 – 24 ) -

وقال الأستاذ الزاهري -- رحمه الله - (عضو إداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين)( العدد 5 ) من " الصراط السوي " ( 26 جمادى الثانية 1352 هـ / 16 أكتوبر 1933 م ، ص 4 - 5 )
( الأتراك هم الذين سموا حنابلة نجد باسم " الوهابية " ، وهم الذين نشروا عنهم التهم والأكاذيب في العالم الإسلامي ، واستأجروا الفقهاء في جميع الأقطار ليؤلفوا ويكتبوا ويكذبوا على حنابلة نجد ، وهم الذين ألفوا كتابا ضد الوهابية ونسبوه إلى الشيخ سليمان بن عبد الوهاب - شقيق الإمام محمد بن عبد الوهاب - ، وهم الذين أخذوا ابن سعود أسيرا إلى الآستانة ولكنهم نكثوا العهد الذي عاهدوه فقتلوه غيلة وغدرا ، وأنا أعتقد أن للأجانب يدا في هذه الحرب التي أثارها الأتراك العثمانيون على ابن سعود ؛ فإنه يسوؤهم أن يستولي ابن سعود على الحجاز ويسوؤهم أن ينشر فيه الأمن والعدل والرحمة وأن يحكم فيه بما أنزل الله ، وكان الحجاز على عهد الأتراك مباءة فوضى وقطع طرق ، فلما جاء الوهابية أمنوا سبله ونشروا فيه الطمأنينة والعدل ) .

ويقول ايضا «بقي شيء واحد وهو قول الوزير: (إنّ مؤسس هذا المذهب هو شيخ الإسلام ابن تيمية، واشتهر به ابن عبد الوهاب). والواقع أنَّ مؤسس هذا المذهب ليس هو ابن تيمية ولا ابن عبد الوهاب، ولا الإمام أحمد ولا غيره من الأئمة والعلماء، وإنما مؤسسه هو خاتم النبيين سيدنا محمد بن عبد الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم على أنه في الحقيقة ليس مذهبًا، بل هو دعوة إلى الرجوع إلى السنة النبوية الشريفة، وإلى التمسك بالقرآن الكريم، وليس هنا شيء آخر غير هذا.».
«مجلة الصراط السوي»: (5/5)]
__________________________
محمد بن العربي التلمساني
يتيع باذن الله تعالى.