السلفية والفرقة الناجية2
02-05-2008, 03:10 PM
السلفيَّة والفرقة الناجية والطائفة المنصورة - 2
2- الغرباء:
والكلام في «الغرباء» من وجوه:
أولاً: الأحاديث النبوية الواردة في غربة الإسلام:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء»(1).
وفي الباب عن جماعةٍ من الصحابة -رضي الله عنهم-:
أ- حديث عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء».
قال: قيل: من الغرباء؟
قال: «النزَّاعُ من القبائل»(2).
وفي رواية: «الذين يصلحون إذا فسد الناس»(3).
ب- حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بداً، وهو يأرز بين المسجدين كما تأزر الحية في جُحرها»(4).
ت- حديث عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذات يوم ونحن عنده: «طوبى للغرباء».
فقيل: من الغرباء؟
قال: «أناس صالحون في أناس سوءٍ كثير من يعصيهم أكثر ممن يعطيهم»(5).
وفي رواية: «الفرّارون بدينهم يبعثهم الله -عز وجل- يوم القيامة مع عيسى بن مريم -عليه السلام-»(6).
ث- حديث ابن عباس(7) وأنس بن مالك(8) -رضي الله عنهما- مثل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
ج- حديث جابر بن عبدالله(9) وسهل بن سعد(10) -رضي الله عنهم- مثل حديث ابن مسعود في روايته الثانية.
ح- حديث عبدالرحمن بن سَنّة -رضي الله عنه- أنه سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «بدأ الإسلام غريباً، ثم يعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء».
قيل: يا رسول الله ومن الغرباء؟
قال: «الذين يصلحون إذا فسد الناس، والذي نفسي بيده لينحازنَّ الإيمان إلى المدينة كما يحوزُ السيل، والذي نفسي بيده ليأرزَنَّ الإسلام إلى ما بين المسجدين كما تأرزُ الحيّة إلى جُحرها»(11).
خ- حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- نحو حديث عبدالرحمن بن سَنّة -رضي الله عنه-(12).
د- حديث عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحيّة إلى جحرها، وليعقلنّ الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل، إن الدين بدأ غريباً، ويرجع غريباً، فطوبى للغرباء الذين يُصلحون ما أفسد الناس من بعدي في سنتي»(13).
وبالجملة؛ فحديث الغرباء متوتر، كما نص على ذلك السيوطي في «تدريب الراوي» (2/180)، والسخاوي في «المقاصد الحسنة» (ص 114)، والغماري (!) في تعليقه على «المقاصد الحسنة» (ص 114)، والكتاني في «نظم المتناثر» (ص 34- 35).
ثانياً: تفسير الغرباء:
جاءت زيادات مفسرة للغرباء تكلمت عليها مفردة، وهأنا أضمها إلى بعضها بعضاً لنصل إلى قول فصل فيها:
1- «النزع من القبائل»:
لم أرها إلا في حديث عبدالله بن مسعود وهي ضعيفة؛ لأن مدارها على أبي إسحاق السبعي، وهو مدلس مختلط..
2- «الذين يصلحون إذا فسد الناس»:
جاءت في حديث عبدالله بن مسعود بإسناد صحيح، وفي حديث أبي هريرة بإسناد فيه بكر بن سليم الصواف وهو ضعيف لكن يعتبر به، ومن طريقه -أيضاً- في حديث سهل بن سعد الساعدي، وفي حديث جابر بن عبدالله بإسناد فيه عبدالله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف يستشهد به، وفي حديث عبدالرحمن بن سَنّة بإسناد فيه إسحاق بن عبدالله ابن أبي فروة وهو متروك لا يفرح به، وفي حديث سعد بن أبي وقاص بإسناد صحيح، وفي مرسل يحيى بن سعيد بإسناد فيه ضعف.
وبهذا يتبين أن هذه الجملة صحيحة مستفيضة.
3- «أناس صالحون في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم».
جاءت في حديث في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص، وهي صحيحة.
وقد أبعد السبكي النجعة فذكرها في الباب الذي جمع فيه الأحاديث التي لا أصل لها في «كتاب إحياء علوم الدين» ضمن ترجمة أبي حامد الغزالي في «طبقات الشافعية» (4/145).
وهذا وهم قبيح وبخاصة أن هذه الرواية في «المسند» للإمام أحمد.
4- «هم المتمسكون بما أنتم عليه».
ذكرها الغزالي في «إحياء علوم الدين» (1/38)، وقال الحافظ العراقي: «يقوله في وصف الغرباء لم أر له أصلاً».
وحشرها السبكي في الأحاديث التي لا أصل لها الواردة في «إحياء علوم الدين» ضمن ترجمة الغزالي في «طبقات الشافعية» (4/145).
قلت: والأمر كما قالا.
5- «الفرارون بدينهم يبعثهم الله -عز وجل- يوم القيامة مع عيسى بن مريم -عليه السلام-».
جاءت في حديث عبدالله بن عمرو بإسناد ضعيف.
6- «الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي».
جاءت في حديث كثير بن عبدالله عن أبيه عن جده وهو واه بمرة.
7- «الذين يزيدون إذا نقص الناس».
جاءت في حديث المطلب بن حنطب مرسلاً.
8- قالوا يا رسول الله كيف يكون غريباً؟
قال: «كما يقال للرجل في حي كذا وكذا: إنه لغريب».
جاءت في حديث الحسن البصري مرسلاً.
9- «والذين يمسكون بكتاب الله حين يترك، ويعملون بالسنة حين تطفأ».
جاءت في حديث بكر بن عمرو المعافري معضلاً.
10- «لا يمارون في دين الله، ولا يكفرون أهل القبلة بذنب».
جاءت في حديث أبي الدرداء وأنس وواثلة مجتمعين بسند واه جداً.
وبالجملة؛ فلا يصح في تفسير الغرباء إلا تفسيران مرفوعان:
1- «الذين يصلحون إذا فسد الناس».
2- «أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم».
ثالثاً: هل بين الغرباء والفرقة الناجية والطائفة المنصورة تغاير؟
لا فرق بين هذه المسميات لأنها تفضي إلى حقيقة واحدة، وهذا ما صرح به أهل العلم من السلف.
قال الآجري -رحمه الله- في «صفة الغرباء من المؤمنين» (ص 27): «وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «سيعود غريباً» معناه -والله أعلم- أن الأهواء المضلة تكثر فيضل بها كثير من الناس، ويبقى أهل الحق الذين هم على شريعة الإسلام غرباء في الناس، ألم تسمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة».
فقيل: من هي الناجية؟
قال: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي» أ.هـ.
قلت: فأنت ترى أن الآجري -رحمه الله- فسر الغرباء بالفرقة الناجية.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في «كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة» (ص 22-27): «وأما فتنة الشبهات والأهواء المضلة فبسببها تفرق أهل القبلة وصاروا شيعاً وكفر بعضهم، وأصبحوا أعداء وفرقاً وأحزاباً، بعد أن كانوا إخواناً قلوبهم على قلب رجل واحد، فلم ينج من هذه الفرق إلا الفرقة الواحدة الناجية، وهم المذكورون في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك».
وهم في آخر الزمان الغرباء المذكورون في هذه الأحاديث: الذين يصلحون إذا فسد الناس، وهم الذين يصلحون ما أفسد الناس من السنة، وهم الذين يفرون بدينهم من الفتن، وهم النزاع من القبائل؛ لأنهم قلوا، فلا يوجد في بعض القبائل منهم أحد كما كان الداخلون إلى الإسلام في أول الأمر كذلك، وبهذا فسر الأئمة هذا الحديث.
قال الأوزاعي في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ»-: «أما إنه ما يذهب الإسلام؛ ولكن يذهب أهل السنة حتى ما يبقى في البلد منهم إلا رجل واحد».
ولهذا المعنى يوجد في كلام السلف كثيراً مدح السنة ووصفها بالغربة، ووصف أهلها بالقلة، فكان الحسن -رحمه الله- يقول لأصحابه: «يا أهل السنة ترفقوا رحمكم الله فإنكم من أقل الناس».
وقال يونس بن عبيد: «ليس شيء أغرب من السنة، وأغرب منها من يعرفها».
وعن سفيان الثوري قال: «استوصوا بأهل السنة فإنهم غرباء».
ومراد هؤلاء الأئمة بالسنة: طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي كان عليها هو وأصحابه، السالمةُ من الشبهات والشهوات.
ولهذا كان الفضل بن عياض يقول: «أهل السنة من عرف ما يدخل في بطنه من حلال».
وذلك لأن أكل الحلال من أعظم خصائل السنة التي كان عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-.
ثم صار في عرف كثير من العلماء المتأخرين من أهل الحديث وغيرهم السنة عبارة عما سلم من الشبهات في الاعتقادات خاصة في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكذلك في مسائل القدر وفضائل الصحابة، وصنفوا في هذا العلم باسم السنة؛ لأن خطره عظيم، والمخالف فيه على شفا هلكة.
وأما السنة الكاملة فهي الطريق السالمة من الشبهات والشهوات كما قال الحسن ويونس بن عبيد وسفيان والفضيل وغيرهم، ولهذا وصف أهلها بالغربة في آخر الزمان لقتهم وغربتهم فيه» أ.هـ.
قلت: تأمل كيف عد الحافظ ابن رجب الغرباء هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة لا فرق(14).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (2/175-176- نووي).
(2) ضعيف؛ كما بيتته في كتابي «طوبى للغرباء» رقم (1).
(3) صحيح؛ كما في المصدر السابق رقم (1).
(4) أخرجه مسلم (2/76- نووي).
(5) صحيح بطرقة؛ كما بيتته في كتابي «طوبى للغرباء» (3).
(6) ضعيف؛ كما في المصدر السابق (3).
(7) ضعيف؛ المصدر السابق نفسه (4).
(8) صحيح بطرقة؛ المصدر السابق (9).
(9) ضعيف؛ المصدر السابق (7).
(10) ضعيف؛ المصدر السابق (8).
(11) ضعيف؛ المصدر السابق (10)، وللحديث طريق أخرى بلفظ آخر صحيح.
(12) صحيح؛ المصدر السابق (11).
(13) ضعيف جداً؛ المصدر السابق (13).
(14) وكذلك عد الفرقة الناجية والطائفة المنصورة شيئاً واحداً لا فرق؛ فقد فسر الفرقة الناجية بحديث الطائفة المنصورة، وفي هذا رد على من فرق بينهما، والله الموعد.
من مواضيعي
0 يغفر ذنبك عند كل وجبة طعام!
0 غير مسجل هذه دعوة مني لك لتأمل هذه الآية: (( فلنحيينه حياة طيبة))
0 [ جديد ] 24 بطاقة دعوية حول فضل وأعمال عشر ذي الحجة
0 توصيات ونصائح للطلاب مع بداية الموسم الدراسي الجديد 2014م/2015م
0 افتراضي تهنئة العيد من بذرة خير إلى كل الأعضاء خاصة بذرة خير
0 نبشر كل مؤمن ومؤمنة في العالم بأن الشيخ أبوبكر الجزائري حفظه الله حي يرزق وهو يتمتع بصحة جيدة
0 غير مسجل هذه دعوة مني لك لتأمل هذه الآية: (( فلنحيينه حياة طيبة))
0 [ جديد ] 24 بطاقة دعوية حول فضل وأعمال عشر ذي الحجة
0 توصيات ونصائح للطلاب مع بداية الموسم الدراسي الجديد 2014م/2015م
0 افتراضي تهنئة العيد من بذرة خير إلى كل الأعضاء خاصة بذرة خير
0 نبشر كل مؤمن ومؤمنة في العالم بأن الشيخ أبوبكر الجزائري حفظه الله حي يرزق وهو يتمتع بصحة جيدة








