هذه قصتي مع الشاب "حسني" ومشاهير السياسة
25-12-2014, 10:47 PM
زيارة خاصة لأشهر مغسل أموات بوهران
هناك... بمصلحة حفظ الجثث أين تنتهي الحياة، تبدأ الحركة والنشاط مع عمي محمد، أشهر مغسل أموات بوهران، باعتباره عميد مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى الجامعي لوهران، التي حملت في تاريخها العديد من الأحداث المروعة لشخصيات سياسية وفنية ذاع صيتها في الجزائر وخارجها، على غرار الشاب حسني، رشيد بابا أحمد، صيراط بومدين، الأستاذ كرومي وغيرهم، حضروا من دون بروتوكولات ولا حراس ليصبحوا بين أيد أمينة، لتغسيلهم ثم تحويلهم إلى مكان العزاء، وقد اعتذر عمي محمد عن التقاط صورة له بالجريدة معتبرا أن ما يقوم به ما هو في الأصل سوى واجب وعمل إنساني لا يستدعي التشهير به.
كانت الساعة تشير إلى حدود الواحدة زوالا حين وصلنا إلى مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى الجامعي بوهران، المكان موحش، رائحة الموت تستقبلك عند البوابة الرئيسية.. بحثنا عن عمي محمد عميد مغسلي الأموات بالمستشفى، فوجدناه يحضر نفسه لمغادرة المصلحة بعد انتهاء عمله، عرضنا عليه إجراء حوار صحفي لكنه أبدى ترددا، معتبرا أن وظيفته في حاجة إلى التكتم والتستر ولا يحق له أو لغيره أن يتفاخر بها. وبعد إلحاحنا عليه لأكثر من نصف ساعة قبل الإجابة عن بعض الأسئلة فقط.
أكد محدثنا أن مصلحته استقبلت خلال السنوات الماضية مئات بل ألوف الجثث، من بينها جثث لمشاهير وشخصيات بارزة في مقدمتهم الشاب حسني، المنتج رشيد بابا أحمد، المسرحي صيراط بومدين والسياسي الأستاذ كرومي الذي تم اغتياله قبل عامين.
ويقول عمي محمد "لا أزال أتذكر جيدا اليوم الذي استقبلت فيه أشهر مغني راي في الجزائر، ويتعلق الأمر بالشاب حسني، "حيث شعرت بالصدمة والذهول والارتعاش حين وجدت نفسي أمام عندليب الأغنية الشبابية، لأنه في تلك الفترة كان يعيش على وقع شهرة جارفة، ولم ألتق به يوما بل كان أول لقاء بيننا بمصلحة حفظ الجثث. ولا أحدثك عن الفوضى والجلبة التي كانت في الخارج من طرف الألاف من معجبيه، الذين لم يصدقوا خبر اغتياله ودخوله مصلحة "الموت" وهي كلها معطيات جعلتني أحس بشعور غريب رافقني طيلة فترة تغسيله وتكفينه، لاسيما وأن المرحوم ومن خلال تقاسيم وجهه يخيل إليك أنه نائم وليس مقتولا، حيث رسمت على وجهه علامات الراحة والطمأنينة، كان في عز شبابه وتألقه وشهرته، وهذا ما يشعرك أنك أمام أشهر شخصية فنية في الجزائر على الإطلاق، خاصة وأن اللقاء كان لقاء "موت" وتغسيل للجثة وتكفينها، لا أزال أتذكر إلى اليوم تفاصيل وجه المرحوم الذي كان مشرقا وكأنه يبتسم أو نائم ، ومن يراه لا يعتقد أبدا أنه قتل غدرا... وكان يوم تغسيل وتكفين الشاب حسني يوما خاصا في حياتي لن أنساه أبدا لأنه تاريخ فقدان أمير الأغنية العاطفية.. رحم الله حسني وجعل مثواه جنات الفردوس العلى..."
أما عن رشيد بابا أحمد وهو من بين أشهر الشخصيات العسكرية بالغرب الجزائري يقول عمي محمد: "أول ما لفت انتباهي عند استقباله هندامه العسكري، وحتى قبعته التي لم تفارقه يوما واحدا، لكن فارقته في تلك الليلة بعد أن جمعتها مع ملابسه، ووضعتها داخل كيس ثم منحتها لأفراد عائلته ولا يسعنا في هذا المقام سوى أن نترحم على أرواح من فارقونا إلى الأبد..."
ويضيف محدثنا: "في بداية مشواري المهني سنة 1989 عانيت الكثير، حيث كنت أرتجف كلما أحضروا لي ميتا لتغسيله، زيادة على رؤيتي للكوابيس المزعجة ودام الأمر لعدة أشهر، لكن بعدها سلمت أمري لله، وصرت لا أخشى الأموات لأنهم مسالمون لكن الخطر يأتيك من الأحياء بدرجة أكبر، وفي نظري أصعب مرحلة ليست بالمشرحة فقط بل بكل الجزائر هي العشرية السوداء، لأن المجازر كانت يومية، والقتلى يصلون بأعداد قياسية، أضف إلى ذلك حالتهم المشوهة، وهو ما يجعلك تغسل الضحايا والدموع تنهمر من عيونك لهول المأساة..







