شراكة "أوريدو" مع ريال مدريد تلهب الذكريات وتُمهد للمستقبل
01-03-2015, 10:24 PM

بعد أن فشلت مختلف السياسات الرياضية في الجزائر، إثر انهيار منظومة الإصلاح الرياضي في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وبعد فشل التجربة الاحترافية التي اتضح في سنواتها الأولى بأنها مجرد إهدار للمال العام وقتل للمواهب الشابة في مهدها، بدليل أن المنتخب الجزائري الذي شارك في كأس العالم في النسختين السابقتين، كان بالكامل من إنتاج المدرسة الفرنسية، مع القليل من اللاعبين الذين احترفوا خارج الوطن، باستثناء بعض حراس المرمى، بسبب عدم وجود حراس جزائريين ينشطون خارج فرنسا، بعد هذا التيهان، لاح أخيرا بريق أمل بعد اتفاقية الشراكة التي أبرمتها شركة "أوريدو" للاتصالات يوم الجمعة الماضي مع نادي ريال مدريد، بالعاصمة الإسبانية، بقيادة النجم الإسباني الشهير إيميليو بوتراغوينيو الذي سبق له مواجهة الجزائر في آخر مباراة للخضر في مونديال المكسيك 1986 وارتدى يوم الجمعة البرنوس الجزائري، وجوزيف جد المدير العام لفرع الشركة في الجزائر، خاصة أن النادي بسبب ما صار يحققه عالميا أصبح مثالا في الاحتراف في كل بقاع العالم، ومؤسسة رياضية واقتصادية وثقافية وحتى اجتماعية قائمة بذاتها.

الريال يشتري أحسن لاعبي العالم ويكوّن الأحسن أيضا

أعلن نجم ريال مدريد، الأسطورة إيميليو بوتراغوينيو، بأن الشراكة بين "أوريدو" وريال مدريد ستسمح بالقيام بمشاريع عديدة في الجزائر، وهي بالتأكيد مشاريع كروية مثل فتح مدارس كروية، وليس بالضرورة التركيز على لعب مباريات عابرة، قد لا تفيد كثيرا مثل مدارس الكرة، التي يعتبر ريال مدير الأنجح فيها عالميا، فعلى مدار شهرة هذا النادي، والتي توجت بالخصوص بالفوز بلقب رابطة الأبطال الأوروبية في عشر مناسبات، كان على الدوام يستقطب أحسن لاعبي العالم من زمن دي ستيفانو وبوشكاش إلى كريستيانو رونالدو ومارسيلو، مرورا بكبار المعمورة الذين توجوا بالكرة الذهبية مثل زين الدين زيدان ورونالدو البرازيلي ولويس فيغو، ولكن ميزة النادي الملكي أن بصمة مدرسته موجودة باستمرار، عكس أندية مثل ميلان وجوفنتوس ومانشستر يونايتد التي تمرّ عليها فترات طويلة من دون أن تلعب بمدرستها الكروية، ولا تجد حرجا في ذلك، بينما يبقى الريال الذي أعطى للكرة العالمية بوتراغوينيو وراوول وكاسياس من خالص مدرسته ناديا لا يُمتع بناديه الأول فقط، وإنما أيضا بمختلف الفئات العُمرية التي تحصد الألقاب وتملأ ملاعب الكرة بالنجوم .

ويوجد حاليا 22 لاعبا من الطراز العالي ينشطون في أكبر الأندية الإنجليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية من خريجي مدرسة ريال مدريد بإمكانهم تكوين ناديين عالميين يلعبان ويتألقان في أي دوري عالمي كان، أي أنه نادي بقدر ما يستورد اللاعبين يُصدّر أيضا، وهذا ما يمكن أن يساعد الجزائر على كسر عقدة المدارس الكروية التي فشلت عن ضخ لاعبين جيدين في الدوري الجزائري أو في مختلف الدوريات، وجاء الاحتراف في سنواته الأخيرة ليقبر هذه المدارس نهائيا، حيث يتقاضى بعض لاعبي الدوري الجزائري المحترف قرابة نصف مليار مرتبا في الشهر من دون تقديم كرة حقيقية، ولا يجد لاعب الأشبال أو الأصاغر أو الكتاكيت، ربع مساحة ملعب معشوشب لتعلم لعبة الكرة، دون الحديث عن محدودية المؤطرين الكرويين الذين يراهن غالبيتهم على عصاميتهم، بعيدا عن الكرة الحديثة التي أصبحت علما قائما بذاته.

قصة الجزائريين مع الريال على مدار أربعين سنة.. مباريات لا تنسى

إذا كان معروفا بأنه لم يحدث في التاريخ، وأن سجل لاعب جزائري في مرمى برشلونة رغم أن المواجهات معه كانت كثيرة، إلا في مناسبة واحدة حدثت العام الماضي عندما سجل ياسين براهيمي هدف غرناطة الوحيد الذي أسقط برشلونة ورفاق ميسي في غرناطة، فإن الأمر يختلف مع ريال مدريد، والغريب أن زين الدين زيدان رغم سنواته الطويلة مع ريال مدريد لم يسبق له وأن سجل في مرمى برشلونة، وبقي بن زيمة اللاعب الوحيد من أصول جزائرية من سجل في مرمى برشلونة رفقة نجم بورتو الحالي ياسين براهيمي.

وعلى النقيض، تمكن الجزائريون على مدار سنوات من التسجيل في مرمى ريال مدريد، وكان أولهم لاعب مولودية الجزائر أنور باشطا عام 1977 في دورة بمناسبة الذكرى 75 لتأسيس ريال مدريد، شاركت فيها الأرجنتين وإيران بصفتهما بطلي أمريكا اللاتينية وآسيا والعميد، الذي كان بطلا لأندية إفريقيا بعد أن قهر الأهلي المصري والأهلي الليبي وإيووانيون الكيني ورانجرس النيجيري وحافيا كوناكري الغيني، وانتهت مواجهة العميد بريال مدريد بهدفين مقابل هدف لصالح النادي الملكي، مع الإشارة إلى أن الدعوة للمشاركة في الدورة وصلت العميد من السيد سانتياغو بيرنابيو الذي أطلق بعد وفاته، اسمه على ملعب مدريد الذي شهد الاتفاقية التاريخية يوم الجمعة الماضي، بين ريال مدريد وشركة أوريدو.

وفي عام 1982 واجه الخضر في آخر مباراة تحضيرية لمونديال إسبانيا الريال، وفازوا عليه بهدفين مقابل هدف واحد من ماجر وناصر بويش ردا على هدف بينيدا، ليعود ماجر ويسجل في مرمى الريال عام 1990 مع ناديه بورتو، ولكنه أقصي من كأس الأندية البطلة الأوروبية، وكان رابع لاعب جزائري يدكّ مرمى ريال مدريد منذ أسبوعين هو المهاجم نبيل غيلاس في لقاء جرى في قرطبة بين ناديه والنادي الملكي وانتهى بهدفين مقابل واحد لصالح رفقاء رونالدو، وجاء هدف غيلاس من ضربة جزاء، وأكيد أن المباراة التي قد تبرمج في الجزائر في حضور نجوم ريال مدريد، ستفتح شهية فيغولي وبراهيمي ومحرز وسليماني وسوداني والبقية لأجل الالتحاق بالرباعي الجزائري الذي سجل في مرمى ريال مدريد على مدار قرابة أربعين سنة كاملة.



قيمة الشراكة في قيمة النادي الملكي

متى يلعب جزائري لنادي ريال مدريد؟

في نهاية كل أسبوع يضبط مئات الآلاف من الجزائريين مثل الملايين في دول العالم ساعتهم على مواعيد مباريات النادي الملكي، فكل مبارياته بما فيها مباراة نهار أمس الأحد أمام فياريال هي متعة بالنسبة لهؤلاء، بعد أن أصبح طبق ريال مدريد ضروريا، ويبقى مرشحا قويا للفوز بالدوري الإسباني ورابطة الأبطال كما هو الشأن منذ أكثر من نصف قرن، عندما صار علامة مسجلة في الإبداع، وأروع ما في ريال مريد هو الجانب الأخلاقي، فجمهوره من أكثر الجماهير في العالم تخلقا وتمسكا بالروح الرياضية العالية، بالرغم من أن النادي الكبير يسقط أحيانا على أرضه ويضيّع ألقابا هو الأحق بها، كما يظلمه بعض الحكام، ولكنه بقي علامة ورمزا كرويا بمنشآته الكروية وبلاعبيه ومنهم الحارس الحالي كاسياس الذي سماه عشاق الكرة في العالم بالقديس، بسبب أخلاقه العالية رغم ما تعرض له من تهميش في سنوات ماضية، جعله الحارس الثاني في ناديه، والأول وبطل العالم مع منتخب إسبانيا، وحتى الألقاب التي حصدها المنتخب الإسباني أوروبيا وعالميا، للنادي الملكي، نسبة كبرى فيها، لا تنتقل عن النادي المنافس برشلونة.

السؤال الذي يطرحه عشاق الكرة في الجزائر، هو متى يصبح للجزائر نجم يلعب ويبدع في المنظومة الملكية؟ خاصة في الزمن الحالي، وللأسف، حتى لو تحقق ذلك في العقد الحالي فإنه لن يكون بأقدام من المدرسة الكروية الجزائرية، وإنما بالضرورة من المدرسة الفرنسية التي ضخت للنادي زيدان وبن زيمة، وتضخ حاليا المدافع فاران، ويلعب حاليا لريال مدريد عدد من نجوم العالم، من كل القارات وتغيب قارتا آسيا وإفريقيا ولاعبو الدول العربية، حيث يسيطر البرتغاليون بنجميهما بيبي ورونالدو وفرنسا ببن زيمة وفاران والبرازيل باللاعبين مارسيلو ولوكاس سيلفا، إضافة إلى نجوم من بلاد أخرى مثل المكسيكي هيرنانديز والويلزي بايل والألماني كروس والكوستاريكي نافاس، إضافة إلى نجوم إسبانيا ومنهم من مدرسة الريال مثل كاسياس وإيراماندي وإيسكو وغيرهم.