قف وانتبه أيها الإنسان
11-05-2015, 09:36 PM
إنتبه أيها الإنسان ! بقلم : مدار القمر.
إنتبه أيها الإنسان , واعلم بأن حياتك قد جعلها الله معلقة على موت الآخرين مما خلق , أي انك تحيى بموت الكثير من النباتات والحيوانات , كما تحتمي بالأشياء التي تراهامن فوقك ومن تحتك ,بل وأكثر من هذا , كل ما في الكون مسخر لك , فالجماد مسخر للنبات وللحيوان وللإنسان , والنبات مسخر للحيوان وللإنسان , والحيوان مسخر للإنسان , ومن هنا كان الإنسان خليفة الله في الأرض وكانت الغاية من خلقه تحقيق العبودية لله وحده لا يشرك به شيئا. ولقد هيأ الله لك من قبل كل تلك الأسباب التي تمكنك من مقومات الحياة من هواء وماء وغذاء , ولما كان الهواء أغلى عنصر في الكون , إذ لا يستطيع الإنسان ان يعيش بدونه إلا دقائق , لم يملكه الله لأحد من الناس , ثم بعده الماء الذي أوجده الله و تكفل بتوزيعه في الإرض وجعل فقدانه لأيام , فقدانا للحياة , والحمد لله على أنه لم يملكه لبشر مثله مثل الهواء مع بعض الإستثناء , أما العنصر الثالث وهو الغذاء الذي يستطيع الإنسان أن يصبر عليه لمدة تتجاوز الشهر , فقد ملكه للبشر بمقابل السعي والعمل , اى انك أيها الإنسان عندما تدفع ثمن التفاحة , لا تظن بأنك دفعت ثمن التفاحة , فأنت لم تعط سوى مقابل الجهد الذي بذله الفلاح , أما التفاحة فهي من الله ولو انفق البشر كل ما يملكون ما خلقوا تفاحة , وحتى لو صنعوا ما يشبهها لصنعوه مما خلق الله .
ولنعد الى مناط تكليف الإنسان , وهو نعمة العقل , لنلقي نظرة على ما جرى من حوار بين الله وملائكته كما جاء في الآية 30الى 33 من سورة البقرة (( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون 30 وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضها على الملائكة فقال أنبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم 32 قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات و الأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون 33)) . نستخلص من هذا الحوار, وكأن الله بعد أن خلق الأرض على أحسن هيأتها , ثم هم بخلق آدم عليه السلام لتولي الخلافة فيها, بالرغم من أنه سيفسد فيها ويسفك الدماء , هنا أفصحت الملائكة عن دهشتها , وكأنها أرادت أن تقول لله كيف تفعل هذا ؟ ألسنا نحن الأولى بخلافة هذه الأرض الجميلة, فنحن الذين لا نعرف سوى التسبيح والتقديس ولا نعرف الفساد ولا سفك الدماء , وهنا لم يقل الله على عظمته وجلاله بان الأرض من خلقي وأفعل فيها ما أريد ( كما يقول بعضنا اليوم فيما يملك) كما أنه لم يكتف بأن قال لهم (( إني أعلم ما لا تعلمون)) وكفى , وإنما أخضعهم بالحجة عندما عجزوا عن معرفة أسماء الأشياء التي عرضت عليهم وعرفها آدم عليه السلام , عندها أيقن الملائكة مقتنعين من علم الله وحكمته من خلق الإنسان , وهذا ما ينبغي ان نتيقن منه اليوم , فالتمكين في الأرض يكون لمن يدرك العلم بأسرارها ومكنوناتها بغض النظر عن الأبعاد الإعتقادية , وإن كان من المنطقي ان تؤدي زيادة العلم الى زيادة الخشوع و الإيمان ,(( إنما يخشى الله من عباده العلماء)) سورة فاطر, الأية 28.
وبعد أن اقرت الملائكة وسلمت بأهلية الإنسان وأحقيتة في الخلافة على الأرض , جاء وقت الإمتحان العملي لإقرارهم , لما أمرهم الله بالسجود . (( وإذ قلنا للملائكة إسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين )) البقرة آية 34. (( وإذ قلنا للملائكة إسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا )) الإسراء آية 61 . (( وإذ قلنا للملائكة إسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه )) الكهف آية 50.
نستشف من هذا السجود الذي نفذته الملائكة, طاعة لأمر الله وبالتالي فهو سجود لله وليس لذات آدم عليه السلام , وهو السجود الذي كان في علم الله أنه سيتكشف به إبليس ويخرج ما يتكتمه من غيرة وحسد وكبر ويستمر في ذلك , فأقام الله عليه الحجة عندما سأله عن ذلك وهو يعلم جوابه (( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين () قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) سورة ص الآية 75 و76 . وبذلك إستحق اللعنة الى يوم الدين وهوفي جهنم من الخالدين.
ولما احس إبليس بالورطة التي وقع فيها , طلب من الله أن يمهله إلى يوم البعث ,لأنه علم انه يشترك مع الإنسان في خاصية حرية الإختيار , فلما منحه الله ذلك الإمهال حينها (( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين () إلا عبادك منهم المخلصين)) سورة ص آية 82 و83.
وهكذا بعد أن إمتحن الله الملائكة ونجحت فيما أمتحنت فيه جاء الدور على إبليس ليفشل فشلا نهائيا ثم جاء دورك أيها الإنسان عندما قال الله لآدم (( وقلنا يا آدم أسكن أنت و زوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما و لا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين () فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا أهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع الى حين )) البقرة , الآية 35 و36 . ولكن آدم لم يكن عنده العزم الكافي لمقاومة إبليس بالرغم من أن الله قد حذره بوضوح تام من عمل إبليس (( وإذ قلنا للملائكة إسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى () فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى () إن لك ألآ تجوع فيها ولا تعرى () وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى () فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى () فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما و طفقا يخصفان عليها من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ))طه من الآية 116الى 121.
تأمل أيها الإنسان فيما قام به آدم عليه السلام , وهو الذي شاهد سجود الملائكة له تنفيذا لأمر الله , وشاهد حوار الله لإبليس وهو يعصي ربه ويتوعد في آدم وذريته , وبالرغم من وعد الله له بالسلامة والخير الكثير في تلك الجنة التي جعلها الله له مقابل ألا يأكل من شجرة واحدة من أشجارها على كثرة لانعرف لها عددا . وهذا ما سماه الله عصيان في حقه (( وعصى آدم ربه فغوى)) فكان ولابد من عقاب , وقد قيل في هذا , ان الجنة التي جعلها الله لتدريب آدم وزوجه كانت من أشجار ومياه إذا أكل الإنسان أو شرب منها تحول ما أخذه منها الى طاقة صافية لا مخلفات لها, بينما تلك الشجرة المنهي عنها كانت لها خاصية أشجار الحياة الدنيا إذا ما تعاطى منها الإنسان فلابد وان يشعر بالحاجة الى صرف المتبقي منها من فضلات في البطن , وهذا ما تفاجأ به آدم عندما أحس باشياء كريهة تنزل منه ولم يدر ما يفعل الا اللجوء لورق الشجر لإزالة وتغطية ما ظهر عليه و زوجه . وكان إبليس أشد فرحة وهو ينجح في الأيقاع بآدم في معصية الله , غير أنه ولحكمة عند الله كان على آدم ان يتحقق بهذا من قول الله من أن إبليس عدوله (( إن هذا عدو لك و لزوجك )) , كما أن علم الله المسبق بما سيفعله آدم في الجنة وهو يتلمس طريقه بين طريق الملائكة وطريق الشياطين , قد رتب الأمور المقبلة على أساس التحول الذي سيقع لآدم وزوجه جراء تلك المعصية والتي من ورائها أصبحا مؤهلين للعيش بما في الأرض من ظروف الحياة , إن هذه العقوبة في ظاهرها جعلت من آدم وبفضل العقل الذي أنعم به الله عليه يعي ويتأكد ويبحث عن مخرج له , فكان في ندمه من طاعة إبليس حبل النجاة الذي ألقاه الله له (( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ))البقرة , آية 37.
بعد أن خير الله آدم, بين ما في تلك الجنة ووعودها و مغبة الأكل من تلك الشجرة وإتباع الشيطان , ولما وقع آدم في المعصية , أصبح مؤهلا تماما للعيش على ما في الأرض وعن إستحقاق منه , حيث أصبح مشتركا مع الشيطان في خاصية المقدرة على الإختيار ما بين المعصية أو الطاعة لله , وعندها قضى الله ان يدخلهما في الحياة المؤقتة على وجه الأرض ,فقال(( ... وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين)) البقرة آية 36 ,كما جعل هذا الهبوط مقرونا ومتلازما بالعدوانية , وقد يتسع معنى العداوة ليشكل حلقة مترابطة بين الثلاثة وما يتفرع عنهم من ذرية ولحكمة ولطف ورحمة وحجة من الله, وعدهم بأنه سوف يبعث لهم المنهاج الذي يهديهم طريق الرشاد وثوابه ويبين لهم في نفس الوقت طريق الضلال وعقابه , إذ قال : (( قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون () والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )) البقرة ,آية 38و39 ,
وختاما أود ان أنهي هذا الموضوع قائلا : إختر أيها الإنسان لنفسك ألا تكون يومئذ من الذين يقولون عندما يسألهم خزنة جهنم (( ...ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا() ما نزل الله من شيئ إن أنتم إلا في ضلال كبير () وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)) الآية , 8 ,9 , 10, سورة الملك .
من مواضيعي
0 هزيمة تلو الهزيمة ولا انتصار
0 سحرهم انقلب عليهم.
0 ومن لم يحكم بغير ما انزل اللة
0 يوم بلا سيادة
0 لكل داء دواء ما عدا الإدارة .
0 لكل داء دواء ما عدا الإدارة .
0 سحرهم انقلب عليهم.
0 ومن لم يحكم بغير ما انزل اللة
0 يوم بلا سيادة
0 لكل داء دواء ما عدا الإدارة .
0 لكل داء دواء ما عدا الإدارة .
التعديل الأخير تم بواسطة مدار القمر ; 11-05-2015 الساعة 09:46 PM







