عبد الإله الجوهري يفكك رمزية الدم في المجتمع المغربي
06-06-2015, 06:24 AM
صحافية مختصة في الشؤون الثقافية
من الدم "السياسي" إلى الدم "الاجتماعي" يرتبط المقدس بالمخيال الديني ويصير الماء رمز الطهارة عاجزا عن احتواء أنهار الدماء التي تتدفق من ألاوعي الجمعي والمخيال الاجتماعي.
عاد المخرج المغربي عبد الإله الجوهري في فليمه "ماء ودماء" إلى تفكيك رمزية الدماء في المخيال الجمعي والاجتماعي في بعده الديني المقدس من دماء الأضحية في العيد إلى دماء طهارة الأطفال ودماء الولادة والعذرية تتشابك الأقدار والتأويلات والمصائر أيضا .
ثقافة الدم التي تسكن اللاوعي عند الجد والأب والابن والأم تخفي في طياتها قصة الهزائم والانكسارات من تهمة قلب النظام ورائحة الدم في السجون عند الأب إلى هزيمة ليلة الدخلة ودم العذرية عند المرأة ودم الولادة عند الأم إلى دم الخوف من الختان عند الطفل ليختلط دم أضحية العيد بماء نافورة البيت .. يمتد خيط الذكريات الذي حسمه المشهد الأخير للفيلم برمي الأم بأحشاء الكبش إلى الكلب وكأن المخرج يدعو إلى الرمي بتراث ثقيل من المعتقدات والإكراهات التي طالما أثقلت كاهل الإنسان وقيدته في حياته اليومية.
يواجه عبد الإله الجوهري الطابوهات الثقيلة بذكاء ويلتف حول خيط الحكاية تاركا للمشاهد حرية تركيب أجزاء الصورة والدخول إلى قلب القصة من أي باب شاء بدون عنيف المشهد ولا إكراهات الإيدولوجيا.. تلمح الكاميرا إلى مكامن السؤال وتساير الشخصيات تاركة لها حرية مواجهة رعب المصير وحرية اختيار اللحظة الحاسمة فخوف الطفل الواقف على عتبات الرجولة المبكرة من مشاركة جده نحر الأضحية مستعيدا دمه الأول وهو يغادر الطفولة بالزغاريد يتقاطع مع خوف أبيه الذي يتهرب من مشاركة عائلته أضحيتها مستعيدا أول انكساراته على فراش زوجته محملا بانكسار السجون وتهمة قلب النظام وخوف الزوجة من المشاركة في تهيئة الأضحية مستحضرة خوف الولاة والعذرية.
"ماء ودماء" هل هو فيلم عن السياسي؟ هل هو فيلم عن الديني أم الاجتماعي؟ هل يقارب الوضع الاجتماعي، هل ينتقد الديني، وهل يدين الخيار السياسي؟ عبد الإله الجوهري لا .. يقول هذا بل يترك للمشاهد حرية التأويل فلربما كان الخوف هو كل هذا متعدد الأوجه.







