"النشرة المجنونة".. نقد الواقع لتغييره بدلا من الهروب منه!
30-06-2015, 08:11 PM


قادة. ب


تعدّ السخرية مادة دسمة بالنسبة لأي عمل إبداعي، فهي الطريق السهل نحو إقناع أكبر عدد ممكن من المتلقين بفكرة ما، وغالبا ما تتعدد مستوياتهم ولكن الخطاب يبقى موحدا.. السخرية من الواقع لفهمه أكثر!

تعرض قناة الشروق في رمضان، برنامجا سياسيا ساخرا، يحمل طابعا إخباريا ولكنها نشرة من نوع خاص، إنها نشرة مجنونة ترصد سلوكات "العاقلين" من المسؤولين الجزائريين أو هكذا يجب أن تكون على الأقل بحسب ما شاهدناه من أعدادها الأولى حتى الآن!
في هذا البرنامج، تقوم معدته ومقدمته، الإعلامية ليلى بوزيدي، بعرض فكرة قديمة جديدة، تتمثل في دمى متحركة لعدد من الشخصيات السياسية والرياضية والفنية، لتستعرض معها جملة من الأحداث الوطنية والدولية ولكن بطريقة ساخرة جدا، تبحث من ورائها عن إثارة البهجة لدى المشاهدين أو تحرضهم على مزيد من ممارسة السخرية، لتتحول هذه الأخيرة إلى آخر سلاح في يد الرأي العام من أجل محاسبة الوزراء والمديرين وبقية "عليّة القوم" !
في "جي تي فوو" شاهدنا عمار سعيداني يتصادم مع أحمد أويحيى بخصوص قيادة التحالف الجديد لدعم الرئيس.. ورأينا وزير السياحة عمار غول يتجادل مع سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر حول السياحة والأمن والسياسة.. كما "شهدنا" وقاحة الممثلة المصرية إلهام شاهين وهي تقول: "جئت للجزائر دون دعوة، بحثا عن غازكم وأموالكم.. فنحن شعب واحد، هكذا كنا وهكذا سنبقى"!؟
تعتمد ليلى بوزيدي وطاقمها في النشرة الساخرة على "حركية الدمى" ونوعية الأسئلة السهلة ولكنها "المثيرة والباحثة عن الحقيقة".. في حوار مع الوزير الأول سلال، تسأله المذيعة: ألم تسمع باحتجاجات "عين صالح"؟ فيرد: "وين جاية هاذي عين صالح يا وحد البطاطا؟"، كما تستضيف وزير الخارجية رمطان لعمامرة لتبحث معه معاناة المهاجرين الجزائريين في ديار الغربة وكيف يعانون "أحياء أو موتى"، فيجيب الوزير: "اسألي زميلي عبد القادر مساهل.. لا وقت لي، فأنا منشغل بتصفية خلافات بين قبائل في دولة اللوزوطو الشقيقة"!!
يبقى أن "جي تي فوو" أو "النشرة المجنونة" لم تلامس "أصوات المسؤولين بشكل كبير"" رغم اجتهاد عدد من الممثلين الشباب الذين "تقمصوا أدوار هؤلاء".. وهي نقطة "سلبية" يجب تداركها في الأعداد المقبلة، خصوصا إذا ما كُتب لهذه التجربة أن تستمر، مع سماعنا بتحقيقها صدى ايجابي لدى بعض الضيوف الذين مروا عبرها.. وأبرزهم السفيرة الأمريكية التي ظهرت في إحدى الحلقات.. بانتظار رأي المسؤولين عندنا: هل سيسمحون لنا بالسخرية منهم ومن سياساتهم الخاطئة ومواقفهم "خارج النص" (وما أكثرها) مع الحفاظ طبعا على احترامنا لشخوصهم.. أم أن المنع و"التحريض" سيحلان محل النقد والمتابعة!!