دهاء الملك – ابن اللبيبة
07-10-2008, 04:33 PM
دهاء الملك – ابن اللبيبة – بقلم شبانة نبيل
يحكى أنّه في أرض غريبة، كان يحكمها ملك يدعى – ابن اللبيبة – لشدة دهائه ومكره، واتساع حيلته، واجتماع حكمته بين رعيّته، وكان في سيرته أنه يضيف إذا أنقص الحكماء، وينقص إذا أضاف السفهاء، ويفهم إشارة العلماء، ويستسيغ قول الأدباء، فاشتهر بقوّة الفراسة، وفنون الكياسة، وألمّ ببحور السّياسة، وأوتي البلاغة، وصُنّف من أصحاب الفصاحة، وعُرف أنه من جهابذة الحصافة، فسطع نجمه بين الممالك الأخرى المجاورة، حتّى أصبح حكامها يتنافسون لاكتساب مودته، واجتناب مسبته، وانتزاع محبّته، والانتفاع بحنكته، والإسراع بدعوته كلما دعت الحاجة لذلك.
واستمرّ الرجل في حكمه، راض بعدله، مطمئنا لعمله، حتى جاء اليوم المشئوم، فقد خرج على حكم الملك نفر من العامة، يقال لهم أصحاب الطامة، اتخذوا من أطراف المملكة أرضا، وأسموها دولة بنو الخوارج، فراع الملك هذا الخبر، ثم ناد في كل من حضر، إليّ بوزيري ابن أبي ضَرَرْ، وخبّروه حالا أني أنتظر، فليس له بعد الآن من عذر، فالأمر جلل خطر، .....بعد هنيهة حضر المنتظر،...ودخل القصر، ثم استأذن بالدخول، فدخل..وإذ به يرى الملك في حزن وذهول...فقال:...ما بال مولاي...كئيب مهموم....أتراكم مريض يا فحل الفحول؟
قال الملك وهو يشير إلى نافذة القصر:...أما علمتَ ما قد حدث؟
أجاب الوزير في زهو وغرور: بلى ..علمتُ..فحزنتٌ..وفي الأمر نظرتُ...فوجدتُ..حلاَّ لا غيره يحلٌّ ...جـاسـوس
قال الملك:...هات ما وجدتَ،...بوركْتَ....
فرد الوزير:...اعلم يا مولاي أن بعض قومنا لم يخرجوا علينا إلا لعلّة كانت فينا، فقد وجدتُ أن القوم قد أعياهم الغلاء، من زاد ودواء، وضُيّق عليهم في عيشهم حتّى أصبحوا لا يطيقون، لهذا فقد زيّنت لهم أنفسهم الخروج علينا، وإقامة خلافة لهم في أطراف مملكتنا ظانين بفعلهم هذا أنهم سوف يتحكّمون بأنفسهم خارج سلطتنا، وقد بدأ يلتحق بهم جمع كثير من الفقراء، وهذا ما قد يضعضع أساس دولتنا،...لذا يا مولاي، ..فقد اهتديتُ لحل أراه مخرجنا وهو أن تشيع في الناس أنك المهدي المنتظر أمير المؤمنين الأمين المقتدر...؟؟
فغضب الملك غضبا شديدا ثم قال:...بئس الوزير أنت، كيف تجرؤ لا أبا لك ؟؟، أأستدعيك لأمر جلل ثم تراوغني بهذا اللغط، ...قبّحت من قذر....!!الـغـضـب
فرد الوزير فقال:..لا تغضب يا مولاي، فإني لم أكمل، أرأيتَ... جلالتك إن أشعتَ هذا الأمر، ستنقاد لكم بسرعة عجيبة رقاب العامة والخاصة، فالدهماء من رعيّتنا يا مولاي تستهويهم أمور الغيبيات، ويحبّون رؤية نجم يقودهم من نجوم الزعامات، وأنتم معروف عنكم الدهاء والمكر، والخديعة، والعلم والحكمة والتدين، فلو أضفتم هذا الوصف فلن تُضَرّوا بعده أبدا، فالملك المهدي المنتظر أحق بأن يُطاع ويطبّق أمره، أما غيره فليس له في هذا نصيب، وسترون جلالتكم كيف ستتحد الأيادي كلها معكم لا عليكم، ومن ثم ستكون هذه الأخيرة سيوف حقريـاضـة في خدمتكم، تـُخضعون بها من أردتم، وتجافون بحدّها من أحببتم، وسيكون سهلا عليكم إخضاع المتمرّدين ...بنو الخوارج... من قومنا فما رأيكم يا مولاي؟؟ جـاسـوس
قال الملك:...ولكنك تعلم أن اسم نبيّنا صلّى الله عليه وسلم لا يواطئ اسمي فكيف أقول أني هو هو!! إن هذا لشيء عجاب....!!!!
أجاب الوزير في فرح وزهو:..يا مولاي، إن هذا حلّه سهل، فقد أمرت بعد إذنك أن يُنادى في الناس يوم الجمعة المقبل بعد الصلاة، فيقال:...قد رأى الملك نفسه في المنام يُنادى بالمهدي المنتظر، وأنه قد خاطبه هاتف يأمره بالخروج للناس من السرداب المقدس، فيصلىّ بهم ويُحكم بينهم بالعدل، وقد تسمّى جلالته بهذا الاسم، لذا فمن الآن فصاعدا يحرّم على أي كان الخروج عليه مهما فعل أو قال... !!جـاسـوس
الملك:...حسن..أرى أن هذا الحل مقبول، فهو يرقد الفتنة، ويحقن دماء المسلمين، أكتب إلى جميع الولاة ما سأمليه عليك الآن:...من ابن اللبيبة – المهدي المنتظر – الخارج من السرداب المقدس ، المُعجّل فرجه إلى جميع الولاة، اعلموا أيها القوم أنه قد أتاني سر الحكمة قبل غابر السنين، وقد انتدبتُ لأرعى مصالحكم، بسيف العدل والحق، وأنه قد جاءني في المنام من هو خير منكم يدعوني بالمهدي المنتظر، فما عليكم إلا التصديق، ومروا جواسيسكم ليأكّدوا هذا الأمر بين عامة الناس، والويل لمن لم يستجب...انتهى... بالـشـفـاء
بعد خمس ليال من النصب والاحتيال، وتبدل الوضع من حال إلى حال، استطاع الملك نيل ما أراد، لا بالسيف... بل بسحر المداد، مضافا له الحيلة والاستعداد، فاستطاع بهذا استرداد عقول وقلوب بنو الخوارج وغيرهم من رعيّة الحوائج، فخضعت له بهذا التدبير رقاب المغضوب عليهم، وحقنت الدماء، ورفع البلاء، وقـُبل بالغلاء من زاد ودواء، وهدأت الأنفس بعدما كانت نصيرة للدمار والخراب.
ثم حدث أن سمع بهذا ملوك الجوار، فنادوا وزرائهم بسرعة الحوار، قبل الفناء والبوار، وقالوا لهم: مُـلـْـكنا الآن يكاد يزول، إلينا بأفضل الحلول، ...جدوا لنا كما وجد لصاحبنا ابن اللبيبة مسميّات نتسمّى بها أمام رعايانا فقد رأينا الحِصْرِم في أول عناقيدهم، وبدا لنا أنهم يشتهون الخروج قبل النضوج، فأسرعوا هداكم الله وإلا فليس لنا بعد هذا من حكم أو تحكم، وفي الختام نرجو للأمر الإتمام، وللأسماء سرعة الإعلام، والسّلام. الـنـوم
انتهى تحياتي نبيل شبانة
المجاهد الشهيد عالم الحديث نزار ريان رحمه اللهوقيمة المرء ما قد كان يحسنه * والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش به حيا أبدا * فالناس موتى و أهل العلم أحياء
من مواضيعي
0 المطرات الحزينة
0 كيف للقلم أن يجف حبره
0 عش الحقيقة
0 إمام البيعة .....الــــــ.....
0 أحن إلى جزائر أخرى
0 معا من أجل تخفيض سعر البطاطا والدقيق هذا شعاري لو كنت مرشحا للانتخابات
0 كيف للقلم أن يجف حبره
0 عش الحقيقة
0 إمام البيعة .....الــــــ.....
0 أحن إلى جزائر أخرى
0 معا من أجل تخفيض سعر البطاطا والدقيق هذا شعاري لو كنت مرشحا للانتخابات









