قصة اصحاب الفيل
23-02-2016, 01:17 PM
قصة اصحاب الفيل


عن مقاتل بن سليمان أن السبب الذي جرأ أصحاب الفيل: أن فتية من قريش خرجوا تجاراً إلى أرض النجاشي فدنوا من ساحل البحر وثم بيعة للنصارى تسميها قريش الهيكل فنزلوا فأججوا ناراً واشتووا فلما ارتحلوا ترك
وا النر كما هي في يوم عاصف فعجت الريح فاضطرم الهيكل ناراً فانطلق الصريخ إلى النجاشي فأسف غضباً للبيعة، فبعث أبرهة لهدم الكعبة. وقال فيه: إنه كان بمكة يومئذ أبو مسعود الثقفي وكان مكفوف البصر يصيف بالطائف ويشتو بمكة، وكان رجلاً نبيهاً نبيلاً تستقيم الأمور برأيه، وكان خليلاً لعبد المطلب، فقال له عبد المطلب: ماذا عندك هذا يوم لا يستغنى فيه عن رأيك؟ فقال أبو مسعود: اصعد بنا إلى حراء فصعد الجبل، فقال أبو مسعود لعبد المطلب: اعمد إلى مائة من الإبل فاجعلها لله وقلدها نعلاً ثم أرسلها في الحرم لعل بعض هذه السودان يعقر منها شيئاً، فيغضب رب هذا البيت فيأخذهم، ففعل ذلك عبد المطلب فعمد القوم إلى تلك الإبل فحملوا عليها وعقروا بعضها وجعل عبد المطلب يدعو، فقال أبو مسعود: إن لهذا البيت رباً يمنعه، فقد نزا تبع ملك اليمن صحن هذا البيت وأراد هدمه فمنعه الله وابتلاه، وأظلم عليه ثلاثة أيام، فلما رأى تبع ذلك كساه القباطي البيض، وعظمه ونحر له جزوراً. ثم قال أبو مسعود: فانظر نحو البحر، فنظر عبد المطلب: فقال: أرى طيراً بيضاء نشأت من شاطئ البحر، فقال: ارمقها ببصرط أي قرارها؟ قال أراها قد دارت على رؤوسنا، قال: فهل تعرفها؟ قال: فوالله ما أعرفها ما هي بنجدية ولا غربية ولا شامية، قال: كا قدها؟ قال: أشباه اليعاسيب، في منقارها حصىً كأنها حصى الحذف، قد أقبلت كالليل يكسع بعضها بعضاً، أمام كل رفقة طير يقودها أحمر المنقار أسود الرأس طويل العنق، فجاءت حتى إذا حاذت بعسكر القوم وكدت فوق رؤوسهم، فلما توافت الرجال كلها أهالت الطير ما في مناقيرها على من تحتها، مكتوب في كل حجر اسم صاحبه، ثم إنها انصاعت راجعة من حيث جاءت، فلما أصبحا انحطاً من ذروة الجبل فمشيا ربوة فلم يؤنسا أحدا ثم دنوا ربوة فلم يسمعا حساً فقالا: بات القوم ساهرين، فأصبحوا نياما، فلما دنوا من عسكر القوم فإذا هم خامدون، وكان يقع الحجر على بيضة أحدهم فيخرقها حتى يقع في دماغه ويخرق الفيل والدابة ويغيب الحجر في الأرض من شدة وقعه، فعمد عبد المطلب فأخذ فأساً / من فؤوسهم فحفر حتى أعمق في الأرض فملأه من أموالهم، من الذهب الأحمر والجوهر، وحفر لصاحبه، حفرة فملأها كذلك، ثم قال لأبي مسعود: هات فاختر إن شئت حفرتي وإن شئت حفرتك، وإن شئت فهما لك معاً، قال أبو مسعود: اختر لي على نفسك، فقال عبد المطلب إني لم آل أن أجعل أجود المتاع في حفرتي فهو لك، وجلس كل واحد منهما على حفرته، ونادى عبد المطلب في الناس، فتراجعوا وأصابوا من فضلهما حتى ضاقوا به ذرعاً، وساد عبد المطلب بذلك قريشاً وأعطته المقادة، فلم يزل عبد المطلب وأبو مسعود في أهليهما في غنىً من ذلك المال، ودفع الله عن كعبته وبيته. واختلفوا في تاريخ عام الفيل، فقال مقاتل: كان قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة. وقال الكلبي: بثلاث وعشرين سنة. والأكثرون على أنه كان في العام الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: كتاب : معالم التنزيل للبغوي
المؤلف : محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي