هل العرب مهددون فعلا، وممن؟؟
31-08-2008, 10:22 PM
هل العرب مهددون فعلا، وممن؟؟

المقال الذي بين لأيدينا لم أكن لأكتبه لولا أن استفزني سؤال ورد في منديات الشروق: أيهما أخطر على العرب: الأمريكان أم القاعدة أم ولاية الفقيه؟
إنه سؤال ينطوي على عدة مغالطات في إيحاءاته وفي طريقة طرحه. فقد كان مباشرا وموحيا وكأن الخطر حقيقي ومصدره معروف ومسلم به. مهما يكن فهو سؤال لا محل له من الإعراب بمعناه اللغوي. وهل العرب إلا بين هذه الأركان الثلاثة يمرحون؟ فلا أرى هجمة على العرب، لا من الأمريكان الذين يتبادلون بينهم الحب والبترول ورؤوس الأموال ولا من القاعدة التي لم يسبق حسب علمنا أن خططت يوما للقضاء على الأنظمة العربية الظالمة أو على زعيم من زعمائها الطغاة. أما ولاية الفقيه، وهنا يعني بها صاخب السؤال، الشيعة، فلا أراها إلا هاجسا يزرع الرعب عند الأمريكان وأتباعهم من عرب البتر ودولار. فانا لم أسمع يوما أن "آيات الله" يهددون العرب أو يشكلون خطرا على رفاهيتهم وهم يدركون أنهم في سبات عميق. ثم هل هناك عرب مهددون أو يستحقون التهديد وهم يأكلون بعضهم بعضا بما فيه الكفاية؟ فالسهام الصواريخ الآن يا أهل الأنفة والحزم موجهة إلى المسلمين وبيت القصيد نعرفه جميعا، ألا وهو الإسلام. ولما كان موطن الإسلام يحوي البترول والغاز، فقد حمي الوطيس حوله وتكالبت علينا قوى الشر، ويا للعار، بمساعدة العرب أنفسهم. لماذا لا نعلنها كلمة حق فنقول إن أهل القاعدة صناعة أمريكية عربية لا محل لها من الإسلام وعملها لا يعدو التشويش على الصحوة الإسلامية الجادة؟ لماذا لا نقول للناس إن القاعدة قد تم إنشاؤها في المختبرات الأمريكية لمعارضة الحركة الإسلامية "الساذجة" التي أعلنت صراحة عن أهدافها مسبقا ووضعت من بين أولوياتها إحياء الخلافة الإسلامية؟ فشعار الحل الإسلامي الذي رفعه هؤلاء هو المقصود.
إن القاعدة، في رأيي، مثل "المنظومة المضادة للصواريخ" عملها رصد التحركات (الصواريخ) الإسلامية الجادة. أنشأها الأمريكان للتصدي لحملة الإسلام الحقيقي من باب "أتغذى به قبل أن يتعشى بي". وهي القاعدة نفسها التي طبقت في الجزائر فكانت النتيجة ما نرى. أما من الناحية الإستراتيجية فهي تشويش "الوصال" وتشويه صورة الإسلام والمسلمين للوقوف دون "مجيء نصر الله والفتح" الذي أصبح حقيقة لمسناها وذقنا حلاوتها. لكنها في حسابات الغرب بعائلتيه النصرانية واليهودية، بمثابة القنبلة النووية المهددة لكيانها في التسعينات خاصة وإن المسلمين لم يكونوا يحسنون التعامل مع الشعوب أو ما يسمى بالرأي العام.
فالأمريكان بقاعدتها العربية وولاية الفقيه ليس في حساباتها إحداث الضرر في العرب الذين هم متواجدون في هذا الخليط غير المنسجم. فللأمريكان عربهم وللقاعدة عربهم ولولاية الفقيه عربهم. وبقيت فئة قليلة منهم تحمل راية الإسلام ولكنها ضاعت بين الكحل والسراويل القصيرة والإفطار قبل الأذان. إن الاعتقاد إن العرب أمة تتكالب عليها الأمم وهم مضلّ لحملة الدعوة الإسلامية منهم. فمن الخطأ والمخسر للحسابات أن نوحي لعامة المسلمين أن القاعدة مستقلة عن الأمريكان وأن العرب يخالفونهما أو أن أعداء العرب هم أنصار ولاية الفقيه مما يعني إن إيران في عدادهم. هذه الرؤية المخدوعة موهنة للعقيدة ومثبطة للعزائم، تعمل على إضعاف الأمة الإسلامية وتقوي شوكة أعدائها وتضلل أنصارهم.
وفي ختام هذه الكلمة أنصح بحذف هذا السؤال المضلل أو تحويره بشكل يجلب الفائدة. وقد أقترح ما يلي: ما هي حقيقة القاعدة وما علاقتها بالأمريكان وهل للشيعة دور في إضعاف العرب؟
العيد دوان