تسجيل الدخول

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تأمل فكرٍ
أيها المشرف الفاضل.
قرأتُ موضوعكَ بتمعّنٍ ورَوِيّةٍ.
إنّ القضية هي أبعدُ بكثيرٍ من " الدخول في النيّات "
بل الأمر له أبعادٌ أخرى.
أما مسألة اختلاف الرؤى، أو وجهات النظر .
لعمري فإن ذلك لمحمودٌ، إن كان " الاختلاف " على أسس ومسلّمات.
فإن الذين تطوّروا وتقدّموا استعملوا ما يُعرفوا بـ " نختلف لنأتلف، عندها نلتقي لنرتقي "
سوف أضرب لك مثلاً ـــــ وليقال عني ما يقال ــــ عن الذين ما رسوا " الاختلاف فيما يفيد.
تذكر لنا المصادر التاريخية والفكرية أن المفكرين العملاقين
Voltaire و Jean-Jacques Rousseau عاشا وما أتفقا على شيءٍ بل كان فكر كلٍّ منهما على نقيض من فكر الآخر
ومع ذلك لم " يكفّر " أحدهما الآخر، ولم يلغِ أيٍّ منهما فلسفة الآخر، بل لم يطلب أيٍّ منهما " قطع رأس الآخر .
لدرجة أن فولتير كتب مرة لروسو رسالة من ضمن ما جاء فيها ما يلي:
Je ne suis pas d'accord avec ce que vous dites, mais je défendrai jusqu'à ma mort votre droit de le dire
فما كان من الفرنسيين أنهم حفظوا لهما مكانتهما الفكرية، بل أن جلّ فلاسفة العالم قد اتفقوا على " عبقريّتهما "
ولأعود إلى ما تفضلتَ به يا فاضل.
ذرني أقول لك:
إنّ الذي يدخل في " النيّات " فهو إما ليس بأهلٍ بالحوار وأختلاف الرؤى، إو هو من المؤدلجين صاحب أجندة ليس إلاّ
فهؤلاء أو أولئك ما كانوا ولن يكونوا من " المتدينين "، ومن المستحيل أن يكونوا كذلك من " التنويريين "
لأنّ في أدبياتنا الدينية هناك ما يعرفُ " كلٌّ يؤخذ منه ويُردّ عليه إلاّ صاحب هذا القبر " يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك في أدبياتنا " التنويرية " هناك ما يُعرف بـ"إن التصادمَ في الآراء لسيمة العقلاء، والجدل فيها دليل الحكماء"
وعلى ذلك لك أن تقارن وتقيس.
وربما أختم مداخلتي هذه، لا يمنعني أن أسوق لك شيئًا من واقعي شخصيًّا، أن أمي الغالية ـــ رحمها الله ـــ كم من مرة كانت تقول لي في مثل هذه الأمور بأسلوبها العالي لغويًّا وفكريًّا :
Dans un débat, lorsque les points de vue diffèrent, les masques tombent.
أما بالعودة إلى "منتدانا الشروق"
فصدقني يا فاضل، إنه لفي قمّة ازدهاره بمواضيعه الهادفة.
وكما قلتُ وأعيد قوله.
إن رقي أي شيء ليس بكثرة ما ينشر، بل بما يفيد.
يقول الله جلّ في علاه:
"فأمّا الزَّبدُ فيذهب جُفاء وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"
ثم أن قيمة الشيء في ندرته، وليس في ابتذاله.
وإذا سمح الفاضل.
علينا أن نتوسع في الموضوع دون مواربة أو " تقيّة "
ولي عودة إن أذن الله.
تحياتي