الدولة السعدية في المغرب
23-06-2016, 04:35 PM




الدولة السعدية إحدى الدول المستقلة في بلاد المغرب الأقصى، والتي دام حكمها من (916هـ / 1069هـ - 1510م / 1658م)، وأشهر سلاطينها المعتصم بالله السعدي وأحمد المنصور الذهبي، وأشهر أحداثها معركة وادي المخازن الكبرى.

نسب الشرفاء السعديون:
يزعم السعديون أن أصلهم من ينبع النخل من أرض الحجاز من الجزيرة العربية، وأنهم أشراف من نسل محمد النفس الزكية من ولد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو الأرجح. ويرى الأستاذ محمود شيت خطاب أن الدولة السعدية هي الدولة العلوية الثانية في المغرب بقطع النظر عما أرجف بها خُصُومُها من الطعن في نسبها. وهي لم تعتمد في قيامها إلى (مهدوية) كاذبة، أو عصبية قوية.

ويقال إن هناك خلافًا في نسبهم هذا، وأنهم من بني سعد بن بكر من هوازن الذين منهم حليمة السعدية ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك يعرفون بالسعديين، مع أنهم لم يتخذوا هذه النسبة، ولم تكن لهم في سجلاتهم وصدور رسائلهم ونقودهم، ولكنهم اشتهروا بها لدى العامة والخاصة فصارت كالعلم ودخلت كتب التاريخ.

ويرى الدكتور شوقي أبو خليل أن كثيرًا من العامة يعتقدون أنهم إنما سموا بالسعديين أن الناس سعدوا بهم، ثم استدل بقول أبي العباس الناصري السلاوي: "وإنما نصفهم نحن بذلك لأنهم اشتهروا عن الخاصة والعامة، فصار كالعلم الصرف المرتجل، مع أنه لا محذور بعد تحقيق النسب وثبوت الشرف". أما صاحب موسوعة المغرب العربي الدكتور عبد الفتاح الغنيمي فقد ذكر نسب محمد القائم السعدي مؤسس الأسرة السعدية ورافع لواء الجهاد الإسلامي فقال: "هو محمد بن عبد الرحمن بن علي بن مخلوف بن زيدان بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أبي عرفة بن الحسن بن أبي بكر بن علي بن حسن بن أحمد بن اسماعيل بن قاسم بن محمد النفس الزكية بن عبد الله الكامل بن حسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم".

الفقيه أبو عبد الله محمد القائم بأمر الله مؤسس الدولة:
تذكر المصادر التاريخية أن الجد الأعلى للسعديين في المغرب هو المولى زيدان بن أحمد الحسني الذي قدم من الحجاز بدعوة من أهالي مدينة درعة من بلاد السوس تبركًا به، وأقام فيها. وعرف أولاده من بعده بآل زيدان، ولم يزالوا مقيمين بدرعة إلى أن نشأ فيهم الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن مخلوف بن زيدان مؤسس دولتهم، وكان صاحب علم وصلاح، ورأى ما كان قد وصل إليه أمر المغرب من الضعف والانحلال في عهد الدولة الوطاسية، وتطاول البرتغاليين على بلاد السوس، فنهض لقتالهم داعيًا إلى الجهاد فيهم وفيمن سالمهم من المسلمين.

وكانت بواعث الإلتفاف حول الزعامة السعدية تتمثل في حب المغاربة للجهاد ودحر المعتدين، ولذلك بحثت قبائل المغاربة عن شخص يقودهم في حركة الجهاد ضد المحتلين النصارى من الإسبان والبرتغال، فأرشدوا إلى الشريف أبي عبد الله محمد، وكان مقيما في درعة فأرسلوا إليه فجاء إليهم، واجتمع فقهاء المصامدة وشيوخ القبائل وبايعه أهلها سنة 916هـ / 1510م، وتلقب بالقائم بأمر الله، فكان هو واضع النواة الأولى للدولة السعدية، وشرع في حركة الجهاد ووفقه الله في معارك ضارية ثم استولى على مدينة تارودنت وحصنها، وزحزح أقدام الغزاة النصارى من أراضي المغرب، وأصاب هيبتهم.

وكان له ثلاثة أولاد عرفوا بفصاحتهم ورجاحة عقلهم وقوة شكيمتهم وتفقههم في الدين فأحبهم الناس ولا سيما أحمد ومحمد، اللذان أقاما بفاس، واتخذ أحمد مجلسا له بالقرويين لتدريس العلوم، وعمل الثاني مؤدبا لأولاد صاحب فاس السلطان محمد بن محمد الوطاسي، المعروف بأبي عبد الله البرتغالي.

فلما قام أبوهم بأمر الجهاد طاف أولاده في أنحاء المغرب يدعون إليه ويحضون الناس، ونجحوا في مسعاهم، وكانت لهم وقائع كثيرة مع البرتغاليين ومن والاهم حتى صفا لهم الأمر في السوس الأقصى ودرعة وأعمالها، واجتمعت عليهم القبائل كلها. وفي سنة 922هـ / 1516م تجاوز القائم بأمر الله وأولاده جبل درن إلى بلاد حاحة وعبدة وتغلبوا عليها، فتيمن المسلمون بقيادته، وتفاءلوا بانتصاراته الرائعة، وظل في جهاده المبارك إلى أن توفاه الله سنة مجاهدا في "إفغال" من بلاد حاحة ودفن فيها سنة 923هـ، ثم نقل جثمانه فيما بعد إلى مراكش.

أبو العباس أحمد الأعرج:
تولى الأمر من بعده ابنه أبو العباس أحمد الأعرج (923- 946هـ) الذي كان قد بويع بولاية العهد سنة 918هـ، فحارب البرتغاليين وانتصر عليهم، ثم استوزر أخاه محمد الشيخ، وكاتبه أمراء هنتانة من مراكش يدعونه إليها نحو سنة 930هـ / 1523م، فدخل مراكش وجعلها عاصمة السعديين وتلقب بلقب الأمير. وفي سنة 940هـ اتفق مع الوطاسيين على اقتسام المغرب على أن يكون نصيب الأشراف السعديين من تَادله إلى السوس، وللوطّاسيين من تَادلة إلى المغرب الأوسط. ولم تنجح محاولات الوطاسيين في استردادها. وكان النصر حليفهما أيضا في حربهما مع البرتغاليين الذين تخلوا عن تلمسيت وأزمور وغيرها.

أبو عبد الله محمد الشيخ:
استمر أحمد الأعرج وأخوه قائمين بالأمر إلى سنة 946هـ حين دب الخلاف بينهما، وكان الفوز إلى جانب أبي عبد الله محمد الشيخ، فقبض على أخيه أحمد وأولاده وسجنهم في مراكش وفر منهم ابنه زيدان إلى تافيلالت واستعصم بها، وانفرد محمد الشيخ بالحكم وتسلطن وتلقب بالمهدي.

صرف السلطان أبو عبد الله محمد الشيخ (951- 965هـ) همه إلى جهاد النصارى في الثغور والسواحل، وانتقل إلى مراكش سنة 951هـ / 1544م بعد أن كانت قد امتنعت عن مبايعته، وتطلع إلى توحيد بقية المغرب والقضاء على بقية الوطاسيين أصحاب فاس وأطرافها فحاصرها وفتحها سنة 956هـ، فصفا له ملك المغرب. وقاتل العثمانيين في تلمسان، واتخذ جندًا من الأتراك ممن بقي بفاس وقد عُرفوا بـ "أليكشارية"، وراسل السلطان العثماني سليمان القانوني محمدًا، طالبًا الدعاء له في المغرب وضرب اسمه على نقوده، فرد الرسول من غير جواب، فبعث السلطان سليمان بمال رشا به الأليكشارية فتربصوا بالمهدي وقتلوه غيلة 965هـ في آكلكال من جبل درن، ونقلت جثته إلى مراكش ودفن بها، وخشي الموكل بأخيه أحمد الأعرج في السجن من وقوع فتنة من أجل العرش فقتله ومن معه من أولاده.

أبو محمد عبد الله الغالب بالله:
تولى السلطنة بعد الشيخ ابنه أبو محمد عبد الله الغالب بالله (965- 981هـ) ولم تمض أشهر على ولايته حتى غزاه حسن بن خير الدين بربروس بجيش من الترك فهزمهم الغالب بالله بالقرب من فاس. عني الغالب بالبناء وبالزراعة والصناعة فشيد مسجدًا وبيمارستانًا في مراكش، وازدهرت البلاد في أيامه وعم الرخاء. غير أنه أصيب بالوسواس في أواخر أيامه وتوفي في مراكش، سنة 981هـ.

أبو عبد الله محمد المتوكل على الله:
وتسلطن من بعده ابنه أبو عبد الله محمد المتوكل على الله (ت 986هـ). وكان فظا غليظا مستبدا ظالما، قتل اثنين من إخوته عند وصوله إلى الحكم، وأمر بسجن آخر، فكرهته الرعية، وصفه السلاوي بقوله: "وكان السلطان المذكور فقيها أديبا مشاركا مجيدا قوي العارضة في النظم والنثر، وكان مع ذلك متكبِّر تيَّاها غير مبال بأحد، ولا متوقف في الدماء، عسوفا على الرعية"، ومن شعره قوله:

فقُمْ بنا نصطبح صهـــباء صافيـــةً *** في وجْهِها عســـجدٌ في وجهه نُقَطُ

وانهـض إليها على رغمِ العِدا قلقًا *** فإن تأخـــير أوقات الصِّبا غلـــــــط



إلا إن هذا المتعجرف السَّفاك للدماء لم يهنأ بملكه، حيث استطاع عمه أبو مروان المعتصم بالله عبد الملك بن محمد الشيخ، وأبو العباس أحمد أن يتحالفوا مع الأتراك في الجزائر، وسافر أبو مروان عبد الملك إلى عاصمة الدولة العثمانية وطلب من السلطان سليم الثاني (974- 982هـ) نجدته ومعونته إلا أن السلطان العثماني انشغل بتخليص تونس من يد الإسبان، فجهز قوات عثمانية بقيادة سنان باشا واستطاعت أن تحرّر تونس من الإحتلال النصراني الإسباني، وكان أبو مروان عبد الملك في تلك الحملة وأبلى فيها بلاء حسنًا، ثم كان هو أوّل من أبلغ بشارة الفتح إلى السلطان، فجازاه على ذلك بأن أوعز إلى واليه صاحب الجزائر في تلمسان أن يمد عبد الملك بخمسة آلاف من جنده ليساعده في الاستيلاء على فاس حتى يرجع إليه حقه المغصوب في الحكم.

وما أن وصل جيش عبد الملك المدعوم من قبل الخلافة العثمانية فاس حتى خرج إليه ابن أخيه محمد المتوكل على الله واستطاع عبد الملك أن يستميل القوّاد والوزراء فانقادوا إليه جميعًا، ولم يصمد المتوكل في المعركة وفر منهزمًا إلى مراكش، ومنها إلى الجبال، واستنجد بملك البرتغال سيباستيان، فوافقه وشرط عليه أن يكون للنصارى الساحل وله ما وراء ذلك.

المعتصم بالله عبد الملك السعدي:
بايع أهل المغرب المعتصم بالله عبد الملك السعدي سنة 983هـ، فقام بعدة إصلاحات وأعمال مجيدة، منها:

1- أمر بتجديد السفن، وبصنع المراكب الجديدة، فانتعشت بذلك الصناعة عامّة.

2- اهتم بالتجارة البحرية، وكان للأموال التي غنمها من الحروب الدائمة على سواحل المغرب سبب في انتعاش ونمو الميزان الإقتصادي للدولة.

3- أسسَّ جيشًا نظاميًّا متطورًا واستفاد من خبرة الجندية العثمانية وتشبه بهم في التسليح والرتب.

4- استطاع أن يبني علاقات متينة مع العثمانيين وجعل منهم حلفاء وأصدقاء وإخوة مخلصين للمسلمين في المغرب.

5- فرض احترامه على أهل عصره، حتى الأوربيين، احترموه وأجلُّوه. قال الشاعر الفرنسي أكبريبا دو بيني المعاصر لأحداث هذه الفترة: "كان عبد الملك جميل الوجه، بل أجمل قومه، وكان فكره نيِّرًا بطبيعته، وكان يحسن اللُّغات الإسبانية والإيطالية والأرمينية وألرُّوسية، وكان شاعرًا مجيدًا في اللغة العربية، وباختصار، فإنَّ معارفه لو كانت عند أمير من أمرائنا لقلنا إن هذا أكثر مما يلزم بالنِّسبة لنبيل، فأحرى لملك".

6- اهتم بتقوية مؤسسات الدولة ودواوينها وأجهزتها، واستطاع أن يشكل جهازًا شوريًا للدولة أصبح على معرفة بأمور الدولة الداخلية، وأحوال السكّان عامّة، وعلى اطلاع ودراية بالسِّياسة الدَّولية، وخاصة الدول التي لها علاقة بالسياسة المغربية وكان أخوه أبو العباس أحمد المنصور بالله الملقب في كتب التاريخ بالذهبي ساعده الإيمن في كل شؤون الدولة.

معركة وادي المخازن:
إن من الأعمال العظيمة التي قامت بها الدولة السعدية في زمن السلطان عبد الملك انتصاراهم الرائع والعظيم على نصارى البرتغال في معركة الملوك الثلاثة، والتي تسمى في كتب التاريخ معركة القصر الكبير أو معركة وادي المخازن.

ولقد كان لتلك المعركة أسباب من أهمها أن البرتغاليون أرادوا أن يمحوا عن أنفسهم العار والخزي الذي لحقهم بسبب ضربات المغاربة الموفقة والتي جعلتهم ينسحبون من أسفى وأزمور وأصيلا وغيرها في زمن يوحنا الثالث آب (1521- 1557م). كما أراد ملك البرتغال الجديد سبستيان ابن يوحنا أن يخوض حربًا مقدسة ضد المسلمين حتى يعلو شأنه بين ملوك أوربا، وشجع ملك البرتغال مجئ المتوكل (المخلوع) وطلبه للعون من النصارى الوقوف معه من أجل إسترداد ملكه والقضاء على عمه. فأعد حملة صليبية قادها بنفسه، والتحق به المتوكل في طنجة، وسارت الحملة بحرًا إلى أن نزلت بأصيلا، ثم توجهت برًا وهدفها القصر الكبير.

وفي رسالة تنم عن قوة إيمان كتب المعتصم بالله عبد الملك من مراكش إلى سبستيان: "إن سطوتك قد ظهرت في خروجك من أرضك، وجوازك العدوة، فإن ثبت الى أن تقدم عليك، فأنت نصراني حقيقي شجاع، وإلا فأنت كلب بن كلب"، والتقت قوات الصليبيين بقوات عبد الملك عند وادي المخازن حيث دارت رحى معركة فاصلة (في 30 جمادى الثانية 986هـ/ 4 آب أغسطس 1578م) انتهت بمقتل ملك البرتغال سيباستيان في أثناء المعركة وقضي على جيشه قضاءً مبرما، ومات المتوكل غرقًا وهو يحاول الفرار فسلخ جلده وحشي تبنا فعرف بالمسلوخ، وتوفي عبد الملك في أثناء القتال متأثرًا بسم كان قد دس له في الطعام قبل أيام.

أبو العباس أحمد المنصور السعدي الذهبي:
أصبح سلطان المغرب بعد عبد الملك أخوه أبو العباس أحمد المنصور السعدي الذهبي (986- 1012هـ / 1578- 1603م)، وبويع بعد الفراغ من القتال بميدان المعركة، وذلك يوم الاثنين 30 جمادى الآخرة سنة 986هـ. وارتفع نجم الدولة السعدية في أفق العالم واصبحت دول أوروبة تخطب ودّها، واضطر ملك البرتغال الجديد "الرِّيكي" أن يرسل وفدًا الى المغرب وكذلك ملك الاسبان محملة وفودهم بالهدايا الثمينة. ثم قدمت رسل السطان العثماني مهنئة ومباركة ومعهم هدياهم الثمينة. وبعدها رسل ملك فرنسا واصبحت الوفود "تصبح وتمسي على أعتاب تلك القصور".

ساس أبو العباس أحمد المنصور السعدي الذهبي الرعية بحكمة وحسن إدارة وفي عهده بلغت دولة السعديين أقصى اتساع لها، حيث مد نفوذ الدولة السعدية نحو الجنوب وضم بلاد السودان من برنو ومالي والتكرور إلى مملكة كاغو (أواخر سنة 999هـ). ودخل في لعبة الموازنات الدولية بين الإسبان والإنجليز والأتراك، وظهرت منه مواهب سياسية متميزة، واستطاع أن يحقق الأمن والازدهار والرفاه، واستقرت أحوال المغرب، وقضى على الوجود البرتغالي فيه. ودرس علوم اللغة والأدب والتاريخ والتراجم والفقه والحديث والمنطق والبلاغة والفلك والرياضيات والأصول والتفسير. وكان واسع الاطلاع وله تآليف ومراسلات كثيرة. وكان المنصور أول من أحدث معاصر السكر في مراكش وبلاد حاحة، وأنشأ عددًا من المعاقل والحصون في الثغور. وتوفي بالدار البيضاء بالوباء في عام 1012هـ/1603م، فدفن فيها، ثم نُقلت رفاته إلى مراكش.

سقوط الدولة السعدية
وتولى السلطنة بعد أحمد المنصور الذهبي ابنه أبو المعالي زيدان، وكان فاضلًا عالمًا، إلا أن الأمور لم تصف له تمامًا، فزاحمه أخواه وانتقضا عليه، وضعفت أحوال المغرب بعد وفاته في مراكش سنة 1037هـ.

واشتدت النزاعات بين أولاده، وورث الملك عنه ابنه عبد الملك، الذي حاول أن يضبط الأمور فقتله بعض أهل مراكش بإغراء من أخيه الوليد الذي خلفه على الحكم، وتفككت أواصر الدولة فلم يتجاوز سلطان الوليد مراكش وأعمالها، في حين عصفت الفتن في فاس وبقية المغرب، وبقي السعديون في مراكش إلى أن انقرضت دولتهم عام 1069هـ بمقتل أحمد بن محمد الشيخ بن زيدان واستيلاء أخواله آل الشبانات على الأمر إلى سنة 1075هـ.

أسباب سقوط الدولة السعدية:
دخل المغرب كما رأينا في حالة من الضعف والتفكك آل به الأمر الى سقوط الدولة السعدية، وقد كان لذلك السقوط عدة عوامل منها:

1- الصراع المرير على كرسي الحكم بين أبناء الأسرة السعدية من الأسباب القوية التي عجلت بنهاية الاسرة سريعًا وانهيارها.

2- ساهم ذلك الصراع في قيام الثورات والحركات الانفصالية والامارات المستقلة عن الحكومة المركزية في المغرب الاقصى وانشغل الأمراء السعديين بالصراع فيما بينهم عن أحوال الرعية والعدو الخارجي.

3- دخلت الولايات والامارات المنفصلة في نزاع عسكري فيما بينها من أجل الحدود والتوسع كل امارة على حساب الاخرى ولم تكن هذه الامارات في وئام فيما بينها.

4- ظهور إمارة قوية بقيادة الأسرة العلوية الشريفة أخذت تسعى لتوحيد المغرب.

5- تولى الزعامة السعدية أبو العباس أحمد وكانت قد وصلت الدولة في عهده إلى حالة من التردي والضعف والانهيار حيث لا يزال طفلًا صغيرًا وكان أخواله من العرب الشبانات لهم تطلع للوصول للحكم، انتهى الأمر بأن قامت قبيلة الشبانات بقتل السلطان السعدي آخر السلاطين السعديين عام 1069هـ / 1658م، وأزالوا نهائيًا معالم الأسرة السعدية بمقتل أبي العباس واستيلاء عرب الشبانات على مقاليد الأمور في البلاد وبايعوا إبراهيم عبد الكريم زعيم القبيلة، وكان من الطبيعي أن تسقط تلك القبيلة لأنها لم تملك القوة القيادية بحيث تتصدر العمل السياسي في هذه المرحلة الحاسمة والمليئة بالصراع والتمزق على الساحة الداخلية والخارجية، وسقطت تلك القبيلة أمام زحف الأشراف العلويين الذين أصبحوا محل ثقة الشعب المغربي في عام 1075هـ / 1412هـ، وتولوا مقاليد المغرب ودخلوا مراكش، ولا يزال أسرة الأشراف العلويين في حكم البلاد إلى يومنا هذا.

المراجع:
- شوقي أبي خليل: وادي المجازن، دار الفكر بيروت، الطبعة الأولى، 1409هـ / 1988م.
- علي الصلابي: دولة الموحدين، الناشر: دار البيارق للنشر، عمان.
- عبد الفتاح مقلد الغنيمي، موسوعة المغرب العربي، الناشر، مكتبة مدبولي، الطبعة الاولى، 1414هـ / 1994م.
- محمد وليد الجلاء: السعديون، الموسوعة العربية العالمية.



قصة الإسلام