فرحة العيد يجرفها وادي ميزاب
19-10-2008, 04:35 PM
فرحة العيد يجرفها وادي ميزاب
هو القضاء والقدر ولا راد لقضاء الله سبحانه وتعالى يحل بسكان جنوب الجزائر في يوم العيد .لم يكن الوادي الكبير بولاية غرداية بوسعه أن يمهل الأطفال الصغار وهم يستعدون للخروج إلى الشوارع لإفراغ طاقاتهم في اللعب والمرح ولا الكبار وهم في نيتهم أداء الصلاة وزيارة الأقارب .فيضانات أيام العيد كانت كافية لخلط الأوراق أمام سكان مدينة غرداية وما جاورها من مدن وقرى ، وإحداث هلع كبير في أوساط قاطني هذه المنطقة الصحراوية،الخسائر كبيرة والصدمة أكبر حين خلفت الأمطار الطوفانية أزيد من 30 قتيلا و50 جريحا، بل كانت الحصيلة أكبر وأثقل من ذلك نظرا لغزارة الأمطار وارتفاع منسوب مياه الوادي والتي لم يشهد لها مثيل منذ 1991 .المواطنون المنكوبون يلقون لومهم الشديد على السلطات المسئولة عن أمورهم بأن هذه الأخيرة لم تستجب لشكاويهم المتعددة ولم تمنحهم سكنات جديدة أوقطع أرضية يقيمون عليها بناءاتهم .البناءات القديمة المتهالكة لم تصمد أمام السيول الجارفة مما فتح الباب أمام مزيد من الضحايا والمنكوبين .وهنا يجدر بنا القول أن الحكومة لم تأخذ العبرة لحد الآن من فيضانات باب الوادي بالعاصمة ولا من زلزال بومرداس ولا من الانهيارات التي تقع في كل مرة ، وكل ذلك بسبب قدم السكنات وعدم احتوائها على أدنى شروط الراحة والأمن لساكنيها ، والغش في مواد البناء،وإقامة سكنات غير مطابقة للمقاييس الدولية ، وكذا سياسة المماطلة والتأجيل تلو التأجيل التي يتبعها بعض المسئولين في توزيع السكنات على مستحقيها وفي الوقت المحدد لذلك.تلك عوامل وغيرها ما فتئت تساهم وبقسط كبير في جعل عدد الهالكين والمتضررين في كل نائبة تحل بالبلاد يكون أكبرمن سابقتها.الفيضانات هذه كانت كافية لكشف المستور وتعرية ما كان يوحي للجميع أن كل شيء على ما يرام ، والوهم أصبح حقيقة بادية للعيان :تعبد الطرقات بطبقة رقيقة من الزفت ،والأرصفة تغطى ببلاط يوضع على التراب مباشرة دون تهيئة الأرض بالاسمنت المسلح ،وتستخدم بالوعات بقنوات أقطارها ضيقة لا تقوى على تصريف مياه السيول .الأمر الذي يحول الطرقات والشوارع إلى برك ومستنقعات وأوحال تبتلع المنازل والمحلات المجاورة ما فاض من مياهها فتحدث خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات خاصة في أوساط الأحياء الفقيرة.الحكومة تصرح في كل مرة أنها لم تبخل بالمال وتقول بلسان حالها أنها منحت الولاية الفولانية كذا من الملايير وأرسلت بمشاريع ضخمة إلى مختلف البلديات وفي كل نواحي الوطن، وتقول أنها تعمل على تكثيف الرقابة على المال العام وترشيد صرفه فيما ينفع الجميع ،وتحسين ظروف المواطن وعصرنة حياته اليومية ،إلا أنه وبالعودة إلى الواقع المعيش يلاحظ العكس تماما فلا مشاريع تجسدت كما أريد لها،ولا مؤشرات تدل على تحسن أوضاع المجتمع .المواطنون بدورهم يتساءلون ،إلى متى تظل الدولة تغدق على المسئولين بالملاييروتوصيهم بحسن التصرف فيها والتحكم في كيفية إنفاقها ؟ ومتى يظل البعض من هؤلاء عقبة كؤود في طريق التنمية ؟ومتى يظل المواطن يدفع في كل مرة الفاتورة باهظة كلما حلت كارثة من الكوارث ؟جراء التلاعب بالمال العام يمينا وشمالا، كالاختلاس والسرقة والنهب تحت عناوين مختلفة وضمن مشاريع واستثمارات خيالية لا تمت بصلة إلى الواقع.ولعل هشاشة ما أنجز من بناءات ومؤسسات وترميمات هنا وهناك ،كانت في معظمها إن لم نقل كلها لقمة سائغة أمام أبسط كارثة طبيعية تتعرض لها البلاد ، وما الأمطار الغزيرة التي تهاطلت على جنوب الجزائر وغربها في الأيام الأخيرة وما نتج عنها من قتلى وجرحى وانهيارات للبناءات وانسداد للطرقات وسقوط للجسور وبهذا الحجم الكبير إلا دليل آخر على تنصل وتقاعس بعض المسئولين وتخليهم عن واجبهم . فأيهما أصح وأصوب، أن نعمل ونحتاط ثم نقول قضاء وقدر، أم نترك الأمور على هواها ونسلم بالقضاء والقدر؟. بقلم : عبد الرحمن لوالبية – الجزائر