تسجيل الدخول

بسم الله الرّحمن الرّحيم


الحمد لله اّلذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا و هو العزيز الغفور و صّلى الله و سّلم على سيدنا محمد النبي المشهور و على آله و صحبه صلاة و سلاما دائمين متلازمين الى يوم البعث و النشور اما بعد فيقول العبد الفقير الى مولاه الغني القدير . مصطفى بن ابراهيم الكريمي السيامي ذوالتقصير . اصلح الله حاله و مآله و ملأ من فيض عفوه و رحمته سجاله : قد طلب مني بعض الاحباب الاذكياء الانجاب ان اكتب ما اشتدت اليه حاجة الراغبين في بيان سنية التلقين . و الله أسأل أن ينفع به العباد. و يجعله سببا لنجاتي يوم التناد انه قريب مجيب و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه انيب. و ها انا قد شرعت في المقصود بعون الله الملك المعبود.


المبحث الاول: في تلقين الميت البالغ

اعلموا ايها الاحباب وفقكم الله لطاعته .
ان تلقين الميت البالغ بعد تمام الدفن مستحب باتفاق علماء هذه الامة على سنيته و بقوله تعالى (وَ َ ذكِّرْ َفاِنَّ الذِّ كرَى تَنَْفعُ الْمُؤْمِنِين * الذاريات: 55 ) و احوج ما يكون العبد في التذكير في هذه الحالة

و لحديث رواه الطبراني في الكبير مرفوعا

و في كتاب الدعاء

و ابن منده في كتاب الروح عن أبي امامة بلفظ (اذا مات احد من اخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم احدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فانه يسمعه و لا يجيب ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يستوي قاعدا ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يقول ارشدنا ير حمك الله و لكن لا تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ان لا اله الا الله و ان محمدا عبده و رسوله و أنك رضيت بالله ربا و بالاسلام دينا و بمحمد نبيا و بالقرآن اماما فان منكرا و نكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه و يقول انطلق بنا ما يقعدنا عند من

لقن حجته ) فقال رجل يا رسول الله فان لم يعرف امه قال (فلينسبه الى امه حواء يا فلان ابن حواء ) انتهى بتمامه

و بهذا الحديث اخذ الامام الشافعي

و الأمام مالك في الموطأ

و أبو حنيفة رضي الله تعالى عنهم

و لاثر رواه سعيد بن منصور عن راشد بن سعد و حمرة بن حبيب و حكيم ابن عمير قالوا (إذا سوي على قبره و انصرف الناس عنه كان يستحب ان يقال للميت يا فلان ابن فلانة قل لا اله الا الله ثلاث مرات يا فلان ابن فلانة قل الله ربي و محمد نبي و الاسلام ديني و القرآن امامي و الكعبة قبلتي و الصلاة فريضتي و المسلمون اخواني و ابراهيم الخل يل أبي و انا عشت و مت على قول لا اله الا الله محمد رسول
الله) انتهى .
و قد اثبت استحبابه الامام النووي في الروضة

و شيخ الاسلام في اسنى المطالب و فتح الوهاب

و الشيخ العلامة ابن حجر في التحفة و فتح الجواد

و الشيخ العلامة الرملي في النهاية

و الشيخ العلامة الخطيب في المغني

حيث قالوا و يستحب تلقين بالغ عاقل او مجنون سبق له تكليف و زاد في التحفة لفظ و لو شهيدا كما اقتضاه اطلاقهم بعد تمام الدفن لخبر فيه،

و زاد في اسنى المطالب لفظ (فرع) يستحب لمن حضر الدفن ان يقف على القبر بعد الدفن و يستغفر الله له و يدعوه له لانه صّلى الله عليه و سّلم كان إذا فرغ من دفن الرجل يقف عليه و يقول (استغفروا الله لأخيكم و اسألوا له التثبيت فانه الآن يسئل ) رواه أبو داود و غيره بإسناد جيد كما في المجموع انتهى

و لم يزل الناس على العمل به من العصر الاول في زمن من يقتدى به انتهى .
و قد اوصى عمرو بن العاص فقال حين حضرته الوفاة (فاذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم اقيموا على قبري قدر ما تنحر جزور و يقسم لحمها حتى استأنس بكم و اعلم بما ذا اراجع به رسل ربي) رواه مسلم

و يستحب ان يقرأ شيئ من القرآن و ان ختموا القرآن كان افضل و ان يلقن الميت لقوله تعالى (وَذكِّرْ َفاِنَّ الذِّ ْكرَى تَنَْفعُ الْمُؤْمِنِينَ * الذاريات: 55 )

و ذلك بعد الدفن بالمأثور و هو يا عبد الله ابن امة الله الى آخر ما في الحديث السابق انتهى و لا يعارض استحباب قراءة القرآن قوله تعالى (وََانْ َليْسَ لِْلاِنْسَانِ اِلاَّ مَا سَعَى * النجم: 39 ) لان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة و انما هو في صحف ابراهيم و موسى عليهما الصلاة و السلام بقوله تعالى (َاْلحَقنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُم * الطور: 21 ) فادخل الابناء الجنة
بصلاح الآباء

و قال عكرمة ان ذلك لقوم موسى و ابراهيم عليهما الصلاة و السلام و أما هذه الأمة فلهم ما سعوا و ما سعى لهم غيرهم

لما روي ان امرأة رفعت صبيا لها و قالت يا رسول الله الهذا حج فقال (نعم و لك اجر )

و قال تقي الدين أبو العباس من اعتقد ان الانسان لا ينتفع الا بعمله فقد غوى و خرق الاجماع من وجوه كثيرة في كتب التفسير فليراجع فان من تأمل في النصوص وجد من انتفاع الانسان بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى فلا يجوز ان نؤول الآية على خلاف الكتاب و السنة و الاجماع فالظاهر ان الآية عامة خصصت بامور كثيرة وجدت في كتب التفسير انتهى

و ينبغي ان يتولى التلقين اهل الصلاح و الدين من اقربائه فان لم يكو نوا فمن غيرهم هذا قاله الامام الاذرعي [ 1] و ايضًا لا يعارض التلقين قوله تعالى (وَمَآ َانْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الُْقبُورِ * فاطر: 22 ) و قوله تعالى (َفاِنَّكَ َ لا تُسْمِعُ اْلمَوْتَى * روم : 52 ) لان النبي صّلى الله عليه و سّلم نادى اهل القليب و اسمعهم و قال في الميت (انه ليسمع قرع نعالكم) و ايضًا هذه الآية في حق الكافرين الذين لم يهتدوا بدعوة المصطفى صّلى الله عليه و سّلم فشبههم الله تعالى بالموتى و الصم و العمي بايحاء هذه الآية اعني (اِنَّكََ لا تُسْمِعُ اْلمَوْتَى وَ َ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ اِذا وَ لَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَآ َانْتَ بِهَادِي اْلعُمْىِ عَنْ ضََلاَلتِهِمْ ) النمل 80 - 81 ) اى لا تجزع و لا تحزن يا محمد على عدم ايمانهم فانهم - موتى صم عمي و من كان كذلك لا يهتدي هكذا قاله اهل التفسير :

و يسن ان يقف الملقن عند رأس القبر و ان يعيد التلقين ثلاثًا قياسًا على تلقين من حضرته الوفاة و الله سبحانه و تعالى اعلم.
) المصدر : الدرر السنية في الرد على الوهابية)