ابواب و مدينة في خطة حرب
14-12-2008, 09:12 AM
مدينة و أبواب ..في خطة حرب.
تلألأت الأنوار فيها, فتحولت
و صعدت حرارتها, صعودا زئبقيا
و الضجيج يحرك يديه
و النسيم يهز كتفيه
شاكيا..آسفا
من ضيق الخجل
في ملامح الزوار.
صفدت أبوابها العريقة
في وجه العفاريت
و رميت مفاتحها في الصمت
الذي نزل كالضباب
كالمسافر عبر الزقاق
وقع على وجهه
ثم على ظهره
ضوء شباك مفتوح إلى الداخل
يتنفس الصعداء.
يدخل الساحة, و يخرج البصيص
يحقق الظن
في مكان مظلم
وقف فيه الدليل وهلة
و قال : أعطيني يدك
لا تخاف, لقد وصلت
و في نفسك رأى غريب
أقام الشأن تحت الأرض
و نزل عبر السلالم يستوجب العناية
فأنبسط حوله الطريق
وأشع فيه ما كان ينساه
مشى مسرعا..بلا ريب
و باب المدينة مفتوح
كباب النجدة يخرج منها مفاتيح الصبر
إلى فضاء..تغرد فيه تسابيح المدينة.

خال من الإنس..يتكلم فيه الدليل.. لتدخلنها
كما في أول مرة..عندما تعطى الإشارة
و تؤذن بتجديد الهواء..من أعلى المآذن
القريبة من الاستجابة..
فيطمئن قلبها
بألف معنى
يدل على المدينة
التي ذهبت تدرس الآثار
في بلاط زليجي ..يتجه نحو النصر.
خطر على بالها
أن قد, تكون متعبة..ناعسة
من السفر و الضجر
و من غريب المصادفة
إن استرسلت في سرور
لترى كل أثر جميل..يدهش و ينعش
بما قد تشاهد , فتتجدد الرغبة
في السهر و الحديث المفيد
يذوب الجليد
و يستقبل الجديد.
فيذكرها بما قرأته عن الصمود في باب العمود
و كيف مر, دون ذكر الوسيلة
في ذاك الخراب..المفكك الألفاظ
المقنع المعنى
المدهش الصنع
يمحو حروفا سقطت من الرف
فتبعثرت حجارته..كالقيامة
و رسا في جدرانها تحول الأجر إلى كلمات.
جميلة أبواب القدس
ساهرة و خليل
طيبة الثنايا..كخطة حرب الاهية
تعيش مقنعة بفرحة تتمايل
بين قامات الزرع
المكللة بندى العيون الزرق
رأسها في الشموخ
كالوردة تتطاول.. فتتكسر أمامها المعاول..
تتسامى في بقائها
كشعلة من كوكب ذري
فتحت ثغرها و تنهدت من باب النبي
و قالت: ما أقل حظي بين التفكك
و القامات المائلة
الملتصقة بأديم القد..الذي ارتفع
كما يفعل الشهيد
و الدم في الوريد..
ما أسعدك أيتها المدينة في أبواب
شامخة, كالنعمة المهداة
كباب الأسباط ..ترفض الاعوجاج
و الأماني الشريرة
سيرتفع مقامك و يسقطهم المستحيل..في الوحل
في عمق الاحتقار.
سينتعش قلبك ..لما استهوتك الأطماع
و سلبتك من راحت تتوسل
بالتوغل و النهب
بالقسمة..و الجلوس على الأوراق
و تحديد الكيان في الملامة
و سيأتي البراق
يحمل " صالحا" و شهامة..
ملتصقة بالتراب..كالصخرة يغمرها الشتاء..فتلهم
لتزهر وتنقذ نفسها من العدم
و سكينة الليل المظلم
و تصغي للطموح يقيم الصورة
و يعلو و يتحول بأمر, كالطود العظيم
كالريح العقيم
بين الجذوع الخاوية
فيطهرها من الدنس و يرجعها إلى أهلها لتتقدس.
أصمديا بروح من رجاء
لا تدري ما الخفاء و لا ما وراء الصماء
ستخضر البيداء
في قبلة الرجاء
فيعلن الاعتلاء إلى السماء
و تخلدين شماء, شيماء
و ويل حينها للمغتصبين الأعداء..
إن البلية التي طفحت على طول قلتها
في سماء الندم
كالمصاعب في فضاء الشكوى
سيذهبها, برقا و رعدا
و كذلك كانت
و على ذلك تصير
و لا مصير بعد, سحب الحصير.
أنت أكبر من الشموخ
و المحطات و اللحظات الزاهية
تعالي كالنسيم عند العصر
فتعرض صورتك على جلاله
كالسحب المبطنة بالثلوج
فيمطرها ليثبت
سواكن جيشك العرمرم
و يطهرك..بالشموخ الصاعد عبر الضلوع
إلى سلطان مبانيك "القدس".
سيسحقهم ربك بمكرهم
و يحيطهم بما لا تقاسيه نفس أخرى
بالتيه داخل " الحصون "
و الصيحة الهوجاء
تخرج من أفواه الصبيان إلى السماء
فلا يستعطون نقب الصخرة الصماء
و يرسل عليهم شواظ
و جلمود مغتاظ و أمر قاض.
أذن في القدس و على القبب
تأتيك أسراب العجب
من كل صوب و حدب
تقدم و لا تهرب
شد حزامك و التزم
و انخر جوف الخائنين و تعمم
و افصل عنك ظهرك فلا تتولى
و لا تواليهم فتنعدم..
أيها المقصود انتشر
عبر الأبواب و المآذن
و تطوق إلى الوضوح
و اكشف التجاوز
إن الحرب ليست بالمدويات
لكن بالالتحام
و توبيخ اللئام
و تعميم الإضاءة
و قدرة الاستلهام..
محمد داود