أسباب ركود المسرح في الجزائر
15-12-2008, 11:36 AM
أسباب ركود المسرح في الجزائر
من المظاهر القاسية التي واجهها المسرح الجزائري و لفترة لا زالت ترافقه و تضايقه إلي يومنا هذا هي الانخفاض التام و المزري لمستوى المعيشة لدى هذه الفئة من الفنانين..
و الكل يعلم , إن انخفاض المستوى المعيشي لا يسمح بالتفكير و الابتكار و الإبداع في مختلف مجالات المسرح بل يدفع بالفنان المسرحي لإنفاق كل طاقاته في تلبية احتياجاته اليومية أكثر من اموره الأخرى..و هذا أمر عيب علينا إخفاؤه.
عندما لا يتمكن الفنان من توفير احتياجاته الاجتماعية مثلا.. فان معدل نهضة المسرح تكون منعدمة علما بان معدل نهضة المسرح تؤثر تأثيرا ايجابيا إذا كانت الاحتياجات الاجتماعية متوفرة بكرامة على الأقل..
أما العوامل المسئولة على تدني المسرح في هذه الحالة فهي أيضا تدني مستوى الوعي الاجتماعي لدى أهل المسرح الذين غاب عنهم التعامل الذكي بغياب التخطيط المحكم له و تقسيم انشغالاتهم إلى تخصيص قسط منها للمساهمة في رفع المعاناة بشتى الطرق و الوسائل المتاحة أو التي يجب البحث عنها و حتى التي يجب إحداثها..
اتصف المسرح الجزائري من خلال عهد التخلف و الركود الذي يعيشه بكونه مسرح الاتجاه الواحد أو السلعة الواحدة بأساليب متعددة تستعمل نتائجها للاستهلاك المحلي ( كالاقتباس كطريقة للعالمية..و الخلط بين الأجناس الأدبية لصناعة الدراما التي يوزع حوارها على شخصيات متعددة النوازع ..الخ) و هذه الاتجاهات عادة ما تتحول إلى بضاعة جاهزة بتكاليف باهظة .
إن مسرح الاتجاه الواحد هو مسرح متخلف و هش حيث يتعرض إلى الكساد و التقادم و إلى خطر الإفلاس و عدم القدرة على مواصلة تحقيق المشاريع و مواكبة التجديد.
محدودية الثقافة المسرحية
من مظاهر تخلف المسرح تفشي محدودية الثقافة المسرحية حتى لا نقول شيئا أخرا.
إن محدودية الثقافة في المسرح ..نعني بها أيضا عدم امتلاك المسرح لموروث نصي و عزوف المخرجين المسرحيين عن النص المحلي الغير ناضج دراميا , في حين عرفت الأعمال المسرحية الأوروبية مثلا و العربية خاصة ما يسمونه بثنائية المخرج و الكاتب.
محدودية الثقافة المسرحية نضعها أيضا فيما يسمى باختلاف مصادر الثقافة المسرحية و طبيعتها حيث يلاحظ عدم امتلاكنا لثقافة مسرحية جزائرية.
هناك صورة أخرى لمحدودية الثقافة المسرحية..و هي التعنت أي تمسك الكاتب بنصه و إصرار المخرج على حريته في العرض.. مثل هذه الظروف منعت من تحقيق الغايات التي من شأنها تطور المسرح الجزائري نحو الأفضل.
و من السمات الدالة على التخلف .. قلة الدراسات و البحوث التي يمكن الاستفادة منها في تطوير مختلف جوانب المسرح بالإضافة إلى عدم قدرة أهل المسرح على تطبيق نتائج البحوث على مشكلات المسرح و ملابساته و تناقضاته..
إن انعدام الدراسات و الأبحاث ترجع هي الأخرى إلى عدة عوامل أهمها قلة المختصين نتيجة قصور مؤسسات التكوين المختصة في تخريج الكفاءات التي يعتمد عليها المسرح في بناء حضارته. و الأمر الذي لا يخفى على احد, هو فشل استيعاب وإدراك أهمية الدراسات و الأبحاث بسبب هبوط منزلة الاهتمام و المعرفة و محدودية المجالات التي تدخل فيها نتائج الأبحاث.
و الجدير بالذكر, أن قلة الباحثين المؤهلين للقيام بالدراسات النظرية و التطبيقية ترجع إلى انتشار اللامبالاة الثقافية و التربوية و التعليمية و بانخفاض الطلب على مثل هذه الكوادر و ذلك للأسباب السابقة الذكر و للتخلف الاجتماعي و عدم اعتماد نظام تقسيم العمل و التخصص فيه, و لهذا كانت هذه المساعي '' الدراسات و الأبحاث''
قليلة و شحيحة. محمد داود







