تسجيل الدخول

- في حادثة واضحة وجلية ، قام الجيش الاسرائيلي باستهداف حشد كبير من الاطفال والنساء والشيوخ من الغزاويين .... الذين هجروا مساكنهم واحتموا بمدارس الأنروا ...التابعة للأمم المتحدة ،واسفرت عن قتل ما يزيد عن 42 شخص اغلبهم اطفال ونساء وشيوخ ، ومع العلم ان اسرائيل لديها احداثيات لمواقع هذه المدارس ، وتعلم جيدا ان بها مدنيين ... ولا يمكن ان يسمح للمقاتلين من التواجد والاختباء فيها ..... ومع ذلك قامت باستهدافها وقصفها ، بطريقة متعمدة ومقصودة ...لآلحاق الضرر بالمدنيين قصدا ، في رسالة واضحة مفادها ، انه لا مكان آمن لكم ....وتذكرنا هذه الحادثة بالاعدام الجماعي لأسرى الجيش المصري الذين سلموا انفسهم للجيش الاسرائيلي في خرب 67 وتذكرنا ايضا بمجزرة قناة في حرب تموز عندما قصفت مبنى تابع لللامم المتحدة بجنوب لبنان احتمى به اطفال ، ونساء هربا من القصف ..... ومثل تلك الضربات وذاك الدمار هو الذي جعل نصر الله يستدرك معتذرا : "... لو كنت اعلم ... ما أقدمت.." .ومثل تلك الذكريات هي التي تجعله يفكر الف مرة قبل ان يقدم على فتح جبهة من الشمال لتخفيف الضغط عن حماس.

- والسؤال لماذا تلجأ اسرائيل الى استهداف "المدنيين " بطريقة متعمدة ؟ لأن القتال مع الفصائل الفلسطينية ،اصبح صعبا ومكلفا ، ويحتاج الى وقت طويل وتضحيات كبيرة ....لأن هذه الفصائل يبدوا انها اعدت العدة جيدا ، وتعلمت كثيرا ، من حرب تموز ،وحضرت منذ سنوات لمثل هذه" الحرب" ، بانشاء شبكات واسعة جدا من الأنفاق ، داخل المدن ، ونظام اتصالات متطور جدا ، وشبكة تموين لوجيستية اعدت للصمود في اسوأ الأحوال ...بالاضافة الى نوعية المقاتل الفلسطيني ،المعد بصفته استشهادي اساسا ... ولا شك ان اسرائيل ادركت سريعا وانطلاقا من تجربتها في لبنان ان التورط في حرب واشتباك مع هذه المقاومة الغير معنية ومعفية اساسا من مهمة حماية مدنييها وابرياءها....و التي ستحاربها من تحت الأرض انطلاقا من الأنفاق ، والعبوات الناسفة المزروعة سلفا في كل المسالك ، والأحزمة الناسفة ، ... وحرب مثل هذه ستكلفها كثيرا ، وربما ستحرمها حتى من تحقيق ابسط "اهدافها". ولهذا هي تلجأ الى الحل "السهل"، وهو الحرب الشاملة ، والتوسع في الحرب لتتحول ل"دمار شامل" اعتمادا على الآلة التدميرية الرهيبة ، وضرب المدنيين عمدا، كعقاب جماعي لهم .....وتحميلهم مسؤولية افعال المقاومة بجنودهم ، والضربات الموجهة للمدنيين ، تأتي متزامنة ومتوافقة مع كل ضربة يتلقاها جيش الاحتلال من رجال المقاومة ، بطريقة تقول بدل ان يطيروا فرحا بافعال ابطالهم ، فلنجعلهم بدل ذلك يبكوا اطفالهم وقتلاهم..... وهكذا ستلغي ، وتعاير أوتعوض مفعول ضربات المقاومة بمأساه المدنيين في ربط قذر وخبيث يستهدف احراج المقاومة والمدافعين عنها ومناصريها بما فيهم المدنيين انفسهم ...... وما يغفل عنه الكثير من الناس هو ان حرب الصور البشعة التي تظهر اطفال مقتولين ومقطعة اطرافهم بفعل القنابل والتدمير الشامل ...هي سلاح ذوحدين ....صحيح انها تؤثر سلبا ضد اسرائيل .... ولكن ايضا في حالة عدم اكتراث اسرائيل بذلك ستؤثر في الاتجاه المعاكس اي تحرج المقاومة وانصارها .... بمعنى مقاومة "منتصرة " ولكنها عاجزة عن حماية مدنييها واطفالها ....واستمرارها يعني استمرار مأساه، المدنيين الفلسطينيين ......

- كل الحروب هي خطط لل"إبادة"، وكل الحروب قذرة ، ولا توجد حرب نظيفة او حرب لا يسقط فيها مدنيين ،حتى وان كانت حرب دفاعية تحريرية .
- ولكن كل المحاربين ، والمقاتلين يدعون انهم يقاتلون بشرف ، ويحترمون اخلاقية الحرب ، ....وهكذا ادعت اسرائيل منذ البداية ومع الأسف صدقها الكثيرون ، خاصة الراي العام والاعلام الغربي ،والمسؤولين السياسيين الغربيين والعرب .....وكانت اسرائيل تدافع عن كونها لا تستهدف المدنيين الى عرضا .... او تترسا ،عندما يجعلهم المقاتلين دروعا يقاتلون من وراءهم .... ولكن عملية اليوم كانت مختلفة لأنها كانت مع سبق الاصرار والترصد وبطريقة لا يمكن تبريرها ، وفي العرف السلوكي الاسرائيلي هذه رسالة "مرمزة" موجهة لمن يهمه الأمر مفادها ، أن المدنيين الفلسطينيين "الصامدين"، هم ايضا ، أهداف " صالحة " قد تتراجع عن استثناءهم نسبيا من دائرة الاستهداف.

تاريخ الكيان الصهيوني حافل بالمجازر والمذابح الجماعية...فرصيدها الشيطاني مملوء ولا ينضب..يبقى أن الكيان الصهيوني لا يكترث كثيرا لعواقب أفعاله..فلم يُحاسب أبدا من قبل وهذا ما يجعله يعيد الكرة مرارا وتكرارا....ولا ننسى أنهم يحاربون من أجل بقائهم، فمن السذاجة الطمع في مروءتهم وتخلقهم!عِلما أن من طقوسهم أكل الخبز ممزوج بدماء أطفال الأعداء...الكيان الصهيوني لا يردعه إلا أن يصاب في العمق وتُقصف مدنه ومدنييه، عِلما أن لا مدني لدى الصهاينة فكلهم مجندون (على الأقل أغلبهم)...
وقد فهم ذلك المجاهدون الفلسطنيون ولأجل ذلك لم يكفّوا عن دكّ المستعمرات بالصواريخ حتى لو إعتقد الكثيرون أنها عبثية..لكنها ذات أثر نفسي رهيب على الصهاينة...