شكرا لك تشافيز وشكرا لك اودوغان نيابة عن كل العرب المسلمين .
07-01-2009, 01:43 PM
السلام عليكم


كثير من الزعماء 'غير العرب' تمنيناهم ان يكونوا عربا، في زمن القحط والهوان الذينعيشه حاليا، بعضهم افارقة مثل نيلسون مانديلا، وبعضهم امريكيون لاتينيون مثل هوغوتشافيز رئيس فنزويلا، واليوم نضيف ضيفا جديدا الى قائمة تمنياتنا اسمه رجب طيباردوغان رئيس وزراء تركيا.
السيد اردوغان طاف بالمنطقة العربية لاثارة نخوةالزعماء العرب، وحثهم على التصدي للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، والبحث عن طريقةلوقف المجازر التي يتعرض لها العزل الذين يقصفون بالصواريخ من الجو والبحر والبر،في ظل حصارخانق وانعدام كل اسباب الحياة الأساسية. ومن المؤسف انه لم يجد اي نخوةاو كرامة لدى معظم الزعماء العرب الذين التقاهم.
بالأمس طفح كيل السيد اردوغان،وكشف عن معدنه الاسلامي الاصيل، عندما شن هجوما غير مسبوق على الدولة العبريةوقياداتها، واعلن دون تردد انحيازه الى اشقائه الذين تذبحهم آلة الدمار الاسرائيليةفي قطاع غزة، وذّكر اليهود بأن الامبراطورية العثمانية الذي هو احد احفادها وفرتلهم الحماية عندما تعرضوا للقتل والاضطهاد، وقال انهم الآن يطحنون عظام الابرياءوالاطفال ويديرون ظهورهم لكل ثقافات التعايش.
واكد امام اجتماع لحزبه ان ما يجريحاليا في قطاع غزة هو بقعة سوداء في تاريخ اليهود والانسانية عامة.
هذا الكلامالذي يصدر عن زعيم دولة تركية علمانية تريد الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، واقامةعلاقات وثيقـــة مع الغــرب، لم يصـــدر عن اي زعيم عربي مـــن دول الاعتدال اوالممانعة على حـــد سواء، لانهـــم ما زالوا يمسكون العصا من الوسط، ويخشون سطوةاللوبي الاسرائيلي والغضب الامريكي.
من المؤسف ان جميع الذين يتحركون حاليا لوقفالمجازر الوحشية في حق اشقائنا واهلنا في قطاع غزة هم من غير العرب، وكأن هذه الامةغير موجودة على خريطة الفعل، لا بل الخريطة الانسانية، وكأن هذه 'المجازر الوحشية' على حد وصف السيد اردوغان، لا تعني القادة العرب ولا تحرك شعرة كرامة فيرؤوسهم.

الزعماء العرب يستطيعون ان يفعلوا الكثير، لو ارادوا وقف هذاالعدوان البشع والدموي. فالمملكة العربية السعودية هزت مصداقية اعظم قضاء مستقل فيالعالم، ومرّغت سمعته في الارض عندما هددت بوقف التنسيق الامني مع بريطانيا اذا لمتوقف تحقيقاتها في عمولات ورشاوى صفقة اسلحة اليمامة ، المتورط فيها بعض ابناءالاسرة الحاكمة. اما الجماهيرية الليبية فقد اذلت سويسرا واوقفت النفط عنها، وهددتبسحب الارصدة من بنوكها اذا لم تتوقف الحكومة السويسرية عن مقاضاة احد ابناء الزعيمالليبي بتهمة الاعتداء على بعض الخدم العاملين لدى اسرته اثناء وجوده فيسويسرا.
الطائرات الاسرائيلية ذبحت بالأمس اربعين فلسطينيا، معظمهم من الاطفالعندما القت بصواريخها على مدرسة تابعة لوكالة غوث اللاجئين التجأوا اليها طلباللأمان، بعد ان نسفت بيوتهم في جباليا وبيت حانون ومناطق اخرى. صور اشلاء الاطفالتحرك صخور جبال الهــملايا، ولكن يبدو ان قلوب الزعماء العرب اكثر صلابة، وتحصينامن اي تعاطف مع هؤلاء الضحايا واهاليهم.
دماء هؤلاء في رقبة الرئيس المصري حسنيمبارك اولا، ثم كل الزعماء العرب ثانيا، لانهم مصرّون على صمتهم وادارة ظهورهم لهذهالمجازر، في لا مبالاة مخجلة.
نقول الرئيس مبارك اولا، لانه يغلق الحدودبالكامل، ويعطي اوامره لقواته التي عزز وجودها على الجانب الآخر، باطلاق النار علىكل هارب بحياته واطفاله الى ارض مصر المباركة طلبا للأمان.
لا نريد من الرئيسمبارك ان يرسل الدبابات والطائرات، وان يحارب هذا العدوان الهمجي، وان كان هذاواجبه، فأهل غزة يقعون تحت مسؤولياته القانونية والاخلاقية باعتبارهم كانوا خاضعينللادارة المصرية عندما جرى احتلال قطاعهم، ما نريده فقط ان يفتح الحدود وان يسمحللأطباء والمواد الاساسية بالوصول الى من هم بحاجة ماسة اليها.

باكستان فتحتحدودها للمهاجرين الافغان، طوال العقود الماضية، ويوجد على اراضيها ثلاثة ملايينمنهم، والكونغو الفقيرة المعدمة استقبلت مليوني لاجئ، اما السودان، وقبل اكتشافالنفط، فقد استوعب اكثر من اربعة ملايين اريتري واثيوبي وأوغندي.
سورية استقبلتمليوني عراقي، والاردن مليونا ونصف المليون، فلماذا يغلق الرئيس مبارك الحدود بهذهالطريقة الوحشية امام الاطفال والمدنيين، ويتفرج في الوقت نفسه من منتجعه الفخم فيشرم الشيخ على الطائرات والزوارق والدبابات الاسرائيلية وهي تطحن عظام الاطفالوالنساء؟
هذه ليست مصر التي نعرفها، فأبناء مصر شرفاء شجعان ابطال كشفواعنمعادنهم الاصيلة في كل معارك الامة وانتصروا لكل مظلوم وقدموا آلافالشهداء.

الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لن يرفع الرايات البيضاء، وسيظل يقاومهذا العدوان الوحشي نفسه، وبصدور ابنائه العامرة بالايمان وقيم العدالة، ومن يراهنعلى رضوخه للهوان والذل الاسرائيلي يرتكب خطأ فادحا. فهؤلاء هم الذين طردواالاسرائيليين مهزومين من قطاع غزة قبل خمس سنوات، وهم الذين سيجعلونهم يدفعون ثمناغاليا في عودتهم الحالية.
انهم 'صفوة الصفوة' يحملون في دمائهم جينات امة عربيةاسلامية عريقة، لا يترددون في التضحية، ويرفضون الردة، والتنكر لانتمائهم العربيالاسلامي، رغم الخذلان الذي يواجهونه، من قبل من يملكون الجيوش الجرارة، والجنرالاتالعظام اصحاب اوسمة الشجاعة الذين لم يخوضوا معركة واحدة.

مرة اخرى نقول انالعالم الغربي سقط في اختبار غزة الاخلاقي، فكيف نتوقع منه ان ينجح وهو الذي ايدالعدوان على العراق وصفق لمقتل مليون ونصف المليون من ابنائه، وحصاره قبل ذلك؟ انهعالم منافق مزدوج المعايير لا يمكن الا ان ينتصر للعدوان والنازيين الاسرائيليينالجدد.
ومع هذا النفاق الغربي سقط ايضا حل الدولتين وخريطة الطريق، وعمليةانابوليس، ولم يعد هناك الا حل الدولة الواحدة فقط ووفق الثوابت العربيةوالاسلامية.
نطالب بطرد توني بلير المبعوث الدولي وكل المبعوثين الغربيين الذينلا يدينون هذه المجازر، ويترددون في قول الحقيقة بالطريقة التي يجب ان تقال. امامسك العصا من الوسط، والتركيز بشكل ممل ومعيب على صواريخ المقاومة وتحميلها مسؤوليةما يحدث مثلما فعل الرئيس الفرنسي ساركوزي فهذا ليس تواطؤا مع العدوان وانما مشاركةفيه.

عبد الباري عطوان - جريدة القدس العربي 07/01/2008