تسجيل الدخول

بلير يتحول بلمح البصر من حاكم إلى رجل عادي انتظر بغضب قطارا تأخر والشرطة تستجوبه مجددا
لندن - من إلياس نصرالله: رغم اللغط الكثير الذي سمع حول تنحي رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير عن منصبه اول من امس، والتجريح المتواصل للرجل على أنه جرّ بلاده الى الحرب على العراق عنوة من دون موافقة الشعب أو تقديم التنازل بالموافقة على الدستور الأوروبي من دون استفتاء الشارع، وغيرها من الأقوال التي فيها الكثير من الصحة، يظل تنحي بلير طوعاً عن الكرسي معلماً مهماً في تاريخ المملكة المتحدة ودرساً بليغاً في الديموقراطية يمكن لبريطانيا أن تتباهى به، امام الديموقراطيات الأخرى في العالم.

بلير يتحول بلمح البصر من حاكم إلى رجل عادي انتظر بغضب قطارا تأخر والشرطة تستجوبه مجددا
لندن - من إلياس نصرالله: رغم اللغط الكثير الذي سمع حول تنحي رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير عن منصبه اول من امس، والتجريح المتواصل للرجل على أنه جرّ بلاده الى الحرب على العراق عنوة من دون موافقة الشعب أو تقديم التنازل بالموافقة على الدستور الأوروبي من دون استفتاء الشارع، وغيرها من الأقوال التي فيها الكثير من الصحة، يظل تنحي بلير طوعاً عن الكرسي معلماً مهماً في تاريخ المملكة المتحدة ودرساً بليغاً في الديموقراطية يمكن لبريطانيا أن تتباهى به، امام الديموقراطيات الأخرى في العالم.
فالرجل القوي الذي يملك جيشه قوة جبارة وصواريخ تحمل رؤوساً نووية عابرة للقارات والذي هزت صواريخ جيشه وطائراته ودباباته المدن العراقية عام 2003 وما زالت، تحوّل في لمح البصر الى رجل عادي تماماً. اذ خرج من مكتبه في دوانينغ ستريت 10 مسرعاً نحو القصر الملكي ليسلم أختامه الى الملكة اليزابيث الثانية، واذا به بعد وقت قصير يشاهد وهو يدخل محطة قطارات كينغز كروس وسط لندن ليستقل القطار كأي مسافر عادي الى بلدة دارلينغتون الواقعة في دائرته الانتخابية، حيث كان عليه أن يتوجه الى هناك حيث الناخبين الذين أوصلوه الى مجلس العموم نائباً عنهم وفتحوا الطريق له كي يصبح رئيساً للوزراء، ليشكرهم على ثقتهم به طوال السنين الماضية ويبلغهم أنه قرر التنحي ليس فقط عن رئاسة الوزراء، بل أيضاً عن مقعده البرلماني، فاتحاً المجال أمامهم لاختيار ممثل جديد لهم خلفاً له.
يشار الى أن بلير احتفظ بالمقعد البرلماني حتى اللحظة الأخيرة، بانتظار معرفة ما اذا كانت اللجنة الرباعية المؤلفة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا وروسيا، ستوافق على تعيينه مبعوثاً لها الى الشرق الأوسط، الأمر الذي تم أمس، وسط تكهنات عن معارضة روسيا للتعيين.
وكانت سيارة شحن مخصصة لنقل الأمتعة حضرت في العاشرة من صباح الأربعاء الى مقر رئاسة الوزراء، وبدأ تحميل الموجودات الخاصة لبلير وعائلته المؤلفة من زوجته وابنتهما وأولادهما الثلاثة، فيما أجرى رئيس الوزراء السابق الاجراءات اللازمة لتسليم المنصب لخلفه غوردون براون، ومن ضمن ذلك ظهوره للمرة الاخيرة في البرلمان وتوديع الموظفين في مقر رئاسة الوزراء الذين عمل معهم لمدة عشر سنوات ومن ثم الانتقال الى القصر الملكي ومنه الى المنزل الجديد الذي اشتراه في منطقة ماربل آرش خلف ادجوار رود وسط لندن.
لكن سيارة الجاغوار التي حملت بلير الى منزله الجديد ما لبثت أن عادت أدراجها الى قصر باكنغهام، حيث عرض التلفزيون البريطاني كيف أن براون الذي حضر الى القصر بسيارة فوكسهول حمراء تابعة لوزارة المالية التي احتفظ بملفها في السنوات العشر الماضية، وجد الجاغوار السوداء في انتظاره خارج القصر بدلاً من الفوكسهول. وهكذا كان على بلير، الذي علم وهو في منزله الخاص بقرار اللجنة الرباعية، أن يتدبر أمره في الوصول الى دائرته الانتخابية في شمال انكلترا من دون سيارة خاصة. فقرر أن يستقل القطار حاملاً حقيبته لوحده مثله مثل باقي المسافرين.
وكانت شيري زوجة بلير ترافقه طوال الوقت ولفتت الانتباه في شدة اليها لدى خروجها مع زوجها آخر مرة من مقر رئاسة الوزراء، اذ خاطبت مراسلي وسائل الاعلام الذين تجمهروا ليسجلوا وقائع الحدث العظيم وقالت لهم بتحدٍ واضح: «لا أعتقد أننا سنشتاق اليكم». وروى الصحافيون الذين تابعوا بلير في يومه الأخير خطوة خطوة، أن رئيس الوزراء السابق فوجئ بعد وصوله الى محطة كنغز كروس بأن القطار المتجه الى دارلينغتون تأخر عن موعده وكان عليه الانتظار مثله مثل الآلاف أو الملايين من البريطانيين الذين يعانون يومياً من هذه الظاهرة.
ولاحقاً أعلنت شركة «جي ان اي آر» الخاصة للقطارات أن التأخير نتج عن قيود مفروضة على سرعة القطارات بسبب الفيضانات التي شهدتها بريطانيا خلال الأيام الأخيرة. وشوهد بلير متوتراً وخبط الأرض بقدميه ونزل لاحقاً من القاطرة الى الرصيف قلقاً من احتمال تأخره عن الموعد المحدد للقاء ناخبيه في دائرة سيدجفيلد التي مثلها في البرلمان مدة 24 عاماً، وسط دهشة المارة والمسافرين في كنغز كروس. واندهش طالب مدرسة كان عائداً الى بيته من رؤية رئيس الوزراء على الرصيف فوقف ينظر اليه، حيث سُمع بلير وهو يسأله ساخراً: «هل ترغب أن تصبح حارساً شخصياً لي»؟
في محطة قطارات دارلينغتون، ترجل بلير وشيري حاملين حقائبهما ليجدا أن السيارة التي كان من المفروض أن تكون بانتظارهما لم تصل بعد. وكان نادي تريمدون التابع لحزب العمال أخذ على عاتقه أن يبعث سيارة خاصة لاستقبالهما ونقلهما الى بيتهما الخاص في الدائرة ومنه الى النادي الذي اعتاد بلير أخذ فترات راحة فيه طوال السنين الماضية، لكن سيارة الفوكسهول أوميغا هذه المرة تأخرت مدة خمس دقائق أمضاها بلير وعائلته واقفين في المحطة وتحدثوا الى المسافرين المندهشين من هذه المفاجأة.
في لقائه مع الناخبين، قال بلير انه سيستقيل لأنه ذاهب الى الشرق الأوسط، حيث تنتظره مهمة كبيرة. ونقل عن أحد المقربين منه أن رئيس الوزراء السابق سيسافر بعد عطلة قصيرة الى اسرائيل لتسلم مهام منصبه الجديد مبعوثاً للرباعية ويدخل مكتبه في القدس، حيث من المنتظر أن يقوم بزيارة سريعة لرام الله في يوليو المقبل.
بدت دائرة سيدجفيلد التي استقبل بلير فيها قبل بضعة أشهر صديقه الرئيس جورج بوش بعيدة نائية منسية وكئيبة الى حد بعيد، وسُمع احد أعضاء العمال وهو يقول هامساً «للأسف هذا اليوم هو يوم غوردون براون».
من ناحية ثانية، استجوبت الشرطة امس، بلير للمرة الثالثة في اطار التحقيق الذي تجريه حول فضيحة الأموال مقابل ألقاب الشرف.
ويعتبر بلير، أول رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا تستجوبه الشرطة في اطار تحقيق فساد. وافادت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)، ان النيابة طلبت من شرطة اسكوتلنديارد اجراء تحقيقات اضافية حول القضية قبل أن تقرر ما اذا كانت ستوجه تهماً ضد المخالفين، مشيرة الى أن الشرطة أوقفت واستجوبت عدداً من كبار مساعدي بلير.

--------------------------------------------------------------------------------

السلام
-فعلا لقد اجبر على التنحي، ولم يتنحى من نفسه والغريب ان حزبه حزب العمال هو من اجبره على التنحي،....المهم ان العملية تمت بطريقة ديمقراطية حضارية،...واما الفساد فلا اظن هو الذي كان وراء تنحيته،بالعكس بلير حقق نتائج باهرة جدا ونسبة نمو ،ممتازة غير مسبوقةللاقتصاد البريطاني ......انما الملف العراقي هو الذي كان العبوة "الناسفة" لبلير......شكرا اختى الكريمة على مرورك