تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > أرشيف > المنتدى الاسلامي العام

> عبادة القبوريين- تارة تتوجه إلى القبر، وتارة تتوجه إلى صاحب القبر؛

 
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن2
أبو عبد الرحمن2
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 26-10-2008
  • الدولة : الجزائر/ الشلف
  • المشاركات : 1,592
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أبو عبد الرحمن2 is on a distinguished road
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن2
أبو عبد الرحمن2
شروقي
عبادة القبوريين- تارة تتوجه إلى القبر، وتارة تتوجه إلى صاحب القبر؛
17-02-2009, 04:47 AM
عبادة القبور
عبادة القبوريين- تارة تتوجه إلى القبر، وتارة تتوجه إلى صاحب القبر؛ بل وتارة توجه إلى ما حول القبر، فالأبنية المحاطة بالقبور في قبور الأولياء عندهم التي بنيت على القبور وصارت مشاهد تارة تتخذ تلك الستور الحديدية أنها آلهة، فإذا تمسحوا بها رجوا منها البركة واتخذوها وسيلة إلى الله جل وعلا، يعكفون عندها فيتخذون تلك المشاهد أوثانا يعبدونها ويرجونها ويخافونها، وإذا ضم أحدهم إلى صدره تلك المشاهد أو الحديد أو الستور ونحو ذلك فكأنه صار مقرّبا عند الله وقبلت وسيلته تلك، وهذا نوع من أنواع اتخاذ المشاهد أوثانا.
كذلك اتخاذ القبور أوثانا، أو اتخاذ الرجل الصالح الذي هو متبرئ من أولئك ومن عبادتهم له يتخذونهم آلهة مع الله إذا توجهوا إليهم بالعبادة، وقد علمنا أن العبادة معناها واسع، وأنه قد تكون بالصلاة له، أو بدعوته، بسؤاله، بطلبه كشف المدلهمات أو جلب الخيرات، أو الذبح له، أو وضع النذور له ونحو ذلك من أنواع العبادة.
وهذا هو الواقع عند أولئك الذين يعبدون الأوثان وقبور الصالحين.
قال(في الصحيح عن عائشة، أن أُمّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لرسول الله ( كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأرض الْحَبَشَةِ، وما فيها من الصور، فقال عليه الصلاة والسلام: «أُولَئِكِ, إِذَا مات فِيهِمُ الرّجُلُ الصّالِحُ أو العبد الصالح، بَنَوْا عَلَىَ قَبْرِهِ مَسْجِداً، وَصَوّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصّوَرَ أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله») أم سلمة رضي الله عنها لما كانت في الحبشة رأت كنيسة، ورأت في تلك الكنيسة صور الصالحين، فذكرت ذلك لرسول الله ( فقال (أُولَئِكِ, إِذَا مات فِيهِمُ الرّجُلُ الصّالِحُ)، قد يكون نبيا من أنبيائهم أو عبدا من عباد الله الصالحين فيهم، ماذا عملوا معه؟ قال (بَنَوْا عَلَىَ قَبْرِهِ مَسْجِداً) فيجعلون المسجد وهو مكان العبادة في اللغة بما يدخل فيه الكنيسة.
مكان العبادة يقال له مسجد، والمسجد مكان السجود، والسجود هو الخضوع والتذلل لله جل وعلا، فالمسجد يطلق على كل مكان يعبد فيه، كل مكان يتخذ لعبادة الله جل وعلا، كما قال النبي ( «جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً» فمكان العبادة يقال له مسجد.
فالكنيسة هنا قال النبي عليه الصلاة والسلام في شأنها بنوا على قبره مسجدا يعني مكان للعبادة.
فإذن الكنائس بُنيت على القبور -قبور أولئك الصالحين- وصوروا فيها الصور، جعلوا صورة ذلك العبد جعلوا على قبره أو فوق قبره على الحائط؛ لكي يدلوا الناس على عبادة الله بتعظيم ذلك الرجل الصالح وتعظيم قبره، فاتخذوا البناء على القبور الذي هو وسيلة من وسائل الشرك الأكبر ومن البدع التي يحدثها الخلوف بعد الأنبياء، اتخذوا ذلك فوق القبور وتعبّدوا فيها، قال عليه الصلاة والسلام (أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله جل وعلا)، (أولئكِ) الخطاب لأم سلمة، والخطاب إذا توجه إلى مؤنث تكسر فيه الكاف -كاف الخطاب- (أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله) من هم شرار الخلق عند الله؟ هم الذين عظّموا الصالحين فبنوا على قبورهم مساجد، هل في هذا الحديث أنهم توجهوا بالعبادة لأولئك الصالحين؟ لا؛ إنما عظموا قبور الصالحين وجعلوا لهم صورا، فجمعوا بين فتنتين فتنة القبور وفتنة الصور.
وفتنة الصور وسيلة من وسائل حدوث الشرك.
وكذلك فتنة القبور بالبناء عليها، وبتعظيمها، وبإرشاد الناس لها، هذا وسيلة إلى أن يعتقد في صاحب القبر أن له شيئا من خصائص الإلهية، أو أنه يتوسط عند الله جل وعلا في الحاجات، كما حصل ذلك فعلا.
قال المصنف الإمام رحمه الله (فهؤلاء جمعوا بين فتنتين فتنة القبور وفتنة التماثيل) وهذا هو الواقع، وهذا التغليظ في أنهم شرار الخلق عند الله.
هذا نفهم منه التحذير التحذير عند الأمة أن يبنوا على قبر أحد مسجدا لأنه إن بُني على قبر أحد مسجد فإنه من بنى ذلك ودل الخلق على تعظيم ذلك القبر فإنه من شرار الخلق عند الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراع بذراع».
فإذا وجه الدلالة من هذا الحديث أنه قال (أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله) وهذا تغليظ فيمن عبد الله في الكنيسة التي فيها القبور و الصور، والقبور والصور من وسائل الشرك بالله جل وعلا.
قال(ولهما عنها) يعني عن عائشة (قالت: لما نزل برسول الله () يعني نزل به الموت (طَفِقَ يَطْرَحُ خُمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ. فَإِذَا اغْتَمّ بها كشَفَهَا فقال وهو كذلك: «لَعْنَة اللّهُ على الْيَهُودَ وَالنّصَارىَ. اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ») هذا الحديث من أعظم الأحاديث التي فيها التغليظ في وسائل الشرك وبناء المساجد على القبور واتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد.
ووجه ذلك أنه عليه الصلاة والسلام وهو في ذلك الغم وتلك الشدة ونزول سكرات الموت به عليه الصلاة والسلام يعانيها لم يفعل عليه الصلاة والسلام؛ بل اهتمَّ اهتماما عظيما وهو في تلك الحال بتحذير الأمة من وسيلة من وسائل الشرك، وتوجيه اللعن والدعاء على اليهود والنصارى بلعنة الله؛ لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، سبب ذلك أنه عليه الصلاة والسلام يخشى أن يُتخذ قبره مسجدا كما اتخذت قبور الأنبياء قبله مساجد.
ومن اتخذ قبور الأنبياء مساجد؟ شرار الخلق عند الله من اليهود والنصارى الذين لعنهم النبي عليه الصلاة والسلام، فقال (لَعْنَة اللّهُ على الْيَهُودَ وَالنّصَارىَ)، واللعنة هي الطرد والإبعاد من رحمة الله، وذلك يدل على أنهم فعلوا كبيرة من كبائر الذنوب وهذا كذلك؛ فإن البناء على القبور واتخاذ قبور الأنبياء مساجد هذا من وسائل الشرك وهو كبيرة من الكبائر، قال: (اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)، فإذن سبب اللعن أنهم اتخذوا قبور الأنبياء مساجد، والنبي عليه الصلاة والسلام يلعن ويحذر وهو في ذلك الموقف العصيب، فقام ذلك مقام آخر وصية أوصى بها عليه الصلاة والسلام ألا تُتخذ القبور مساجد فخالف كثير من الفئام في هذه الأمة خالفوا وصية عليه الصلاة والسلام.
قال (اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) اتخاذ القبور مساجد يكون على أحد ثلاثة صور:
الصورة الأولى: أن يسجد على القبر؛ يعني يجعل القبر مكان سجوده، (اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) يعني جعلوا القبر مكان السجود، هذه صورة، وهذه الصورة في الواقع لم تحصل بانتشار؛ لأن قبور الأنبياء في اليهود والنصارى لم تكن مباشِرة للناس يمكن أن يصلوا على القبر وأن يسجدوا عليه؛ بل كانوا يعظمون قبور أنبيائهم فلا يصَلُّوا عليها مباشرة؛ لكن قوله (اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) أبلغ صورة أن يتخذ القبر نفسه مسجدا يعني يصلي عليه مباشرة، وهذه أفضع تلك الأنواع، وهي التي تدل على أعظم وسيلة من وسائل الشرك والغلو بالقبر.
الصورة الثانية: أن يصلي إلى القبر، أن يتخذ القبر مسجدا؛ يعني أن يكون أمام القبر يصلي إليه، فإنه اتخذ القبر -وما حوله له حكمه- اتخذه مكانا للتذلل والخضوع، والمسجد لا يعنى به مكان السجود ووضع الجبهة على الأرض فقط وإنما يعني به مكان التذلل والخضوع، فاتخذوا قبورهم مساجد يعني جعلوها قبلة لهم، ولهذا نهى النبي ( أن يصلى إلى القبر لأجل أن الصلاة إليه وسيلة من وسائل التعظيم، وهذا يوافق قول الشيخ رحمه الله في الباب (باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح) قوله عند قبره نفهم من هذه الصورة التي هي أن يكون أمامه القبر بينه وبين القبلة تعظيما للقبر.
الصورة الثالثة: أن يتخذ القبر مسجدا بأن يجعل القبر في داخل بناء وذلك البناء هو المسجد, فإذا دفن النبي قام أولئك بالبناء عليه، فجعلوا حول قبره مسجدا واتخذوا ذلك المكان للتعبد وللصلاة فيه، هذه هي الصورة الثالثة، وهي أيضا موافقته لقول الشيخ رحمه الله (عند قبر رجل صالح).
وهذا يبين لك بعض المناسبة في إيراد هذا الحديث تحت الباب.
قال: (قالت عائشة: يُحَذّرُ مَا صَنَعُوا) يعني ما سبب اللعن؟ لماذا لعن النبي عليه الصلاة والسلام اليهود والنصارى في ذلك المقام العظيم -وهو أنه في سكرات الموت-؟ السبب أنه يريد أن يحذر الصحابة من ذلك، قالت (يُحَذّرُ مَا صَنَعُوا) وقد قبل الصحابة رضوان الله عليهم تحذيره وعملوا بوصيته.
قالت: (وَلَوُلاَ ذَلكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ)، (أُبْرِزَ قَبْرُهُ) يعني أُظهر وجعل قبره مع سائر القبور في البقيع أو نحو ذلك؛ ولكن كان من العلل التي جعلتهم لا ينقلونه عليه الصلاة والسلام من مكانه الذي يُتوفى فيه قوله هنا عليه الصلاة والسلام («لَعْنَة اللّهُ على الْيَهُودَ وَالنّصَارىَ. اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذّرُ مَا صَنَعُوا، ولَوُلاَ ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ) فهذه أحد العلتين.
والعلة الثانية قول أبي بكر ( إنه سمع النبي ( يقول: «إنّ الأنبياء يُقبرون حيث يُقبضون».
قالت (غَيْرَ أَنّهُ خَشِي) هنا أو (خُشي) تُروى بالوجهين، (غَيْرَ أَنّهُ خَشِي) يعني عليه الصلاة والسلام (أَنّ يُتّخَذَ مَسْجِداً) يعني أن يتخذ قبره مسجدا، ويجوز أن ويجوز أن تقرأها (غَيْرَ أَنّهُ خُشِي أَنّ يُتّخَذَ مَسْجِداً) يعني خشي الصحابة أن يتخذ قبره مسجدا، وهذا تنبيه على إحدى العلتين.
الصحابة رضوان الله عليهم قبلوا هذه الوصية، وجعلوا دفنه عليه الصلاة والسلام في مكانه، وحجرة عائشة التي دُفن فيها عليه الصلاة والسلام كانت عائشة تقيم أو أقامت جدارا بينها وبين القبور، فكانت غرفة عائشة فيها قسمان قسم فيه القبر وقسم هي فيه.
كذلك لما توفي أبو بكر ( ودُفن بعد رسول الله ( -من جهة الشمال-، كانت أيضا في ذلك المقام في جزء من الغرفة من الحجرة.
ثم بعد ذلك لما دفن عمر تركت الحجرة رضي الله عنها.
ثم أغلقت الحجرة، فلم يكن ثم باب فيها يدخل وإنما كان فيها نافذة صغيرة، وكانت الحجرة -كما تعلمون- من بناء ليس حَجَر ولا من بناء مُجَصّص وإنما كانت من البناء الذي كان في عهده عليه الصلاة والسلام من خشب ونحو ذلك.
ثم بعد ذلك لما جاءت الزيادة في المسجد النبوي في عهد الوليد بن عبد الملك، وكان أمير المدينة يوم ذاك عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وأخذوا شيئا من حُجَر زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، بقيت حجرة النبي عليه الصلاة والسلام كذلك، فأخذوا من الروضة -روضة المسجد- أخذوا منها شيئا وجعلوا عليه بناء، فبنوه من ثلاث جهات، جدار آخر غير الجدار الأول، بنوه من ثلاث جهات، وجعلوا الجهة التي تكون شمالا -يعني من جهة الشمال- جعلوها مسنمة؛ جعلوها مثلثة قائمة هكذا، وصار عندنا الآن جداران:
الجدار الأول مغلق تماما، وهو جدار حجرة عائشة.
والجدار الثاني الذي عُمِل في زمن عمر بن عبد العزيز رحمه الله ورضي عنه في زمن الوليد بن عبد الملك، جعلوا جهة الشمال -وهي عكس جهة القبلة- جعلوها مسنمة؛ لأنه في تلك الجهة جاءت التوسعة وسعوها من جهة الشمال، فخشوا أن يكون ذلك الجدار مربعا يعني مسامتا للمستقبِل؛ فيكون إذا استقبله أحد استقبال للقبر، فجعلوه مثلثا يبعد كثيرا عن الجدار الأول وهو جدار حجرة عائشة؛ لأجل أن لا يمكن أحد أن يستقبل لبعد المسافة؛ ولأجل أن الجدار صار مثلثا.
ثم بعد ذلك بأزمان جاء جدار ثالث أيضا وبُني حول ذينك الجدارين، وهو الذي قال فيه ابن القيم رحمه الله تعالى في النونية في وصف دعاء النبي ( في قوله «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد» قال:
فأجاب رب العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجدران حتى غدت أرجاؤه بدعائه في عزة وحماية وصيان فالنبي عليه الصلاة والسلام صار قبره في ثلاثة جدران، وكل جدار ليس فيه باب، ولا يمكن لأحد حتى في زمن الصحابة أن -يعني في زمن المتأخرين منهم في عهد الوليد وما قبله- لا يمكن أن يدخل ويقف على القبر بنفسه؛ لأنه صار ثَم جداران وكل جدار ليس له باب.
ثم بعد ذلك وضع الجدار الثالث وهذا الجدار أيضا كبير مرتفع إلى فوق، وُضعت عليه القبة فيما بعد، وهذا الجدار أيضا ليس له باب.
فلا يستطيع الآن أحد أن يدخل إلى القبر أو أن يصل القبر أو أن يتمسح بالقبر أو أن يرى قبر النبي عليه الصلاة والسلام.
ثم بعد ذلك وضع السور الحديدي هذا، وهذا السور الحديدي بينه وبين الجدار الثالث -الذي ذكرتُ لكم- بينه نحو متر ونصف في بعض المناطق ونحو متر في بعضها وبعضها نحو متر وثمانين إلى مترين في بعضها، يضيق ويزداد؛ لكن من مشى فإنه يمشي بين ذلك الجدار الحديدي وذلك الجدار الثالث.
فقبر النبي عليه الصلاة والسلام، عمل المسلمون بوصيته عليه الصلاة والسلام، وأُبعد تماما فلا يمكن أن يصل أحد إلى القبر، ولا يمكن أيضا أن يُتخذ ذلك القبر مسجدا.
ولهذا لمّا جاء الخرافيون في الدولة العثمانية جعلوا التوسعة التي هي من جهة الشرق جعلوا فيها ممر لكي يمكن من يريد أن يطوف بالقبر أو أن يصلي في تلك الجهة، ذلك الممر الشرقي -الذي هو قدر مترين أو نحو ذلك أو يزيد قليلا-، ذلك الممر الشرقي في عهد الدولة السعودية الأولى وما بعدها مُنع من الصلاة فيه، فكأنه أُخرج من كونه مسجدا؛ لأنه إذا كان من مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز أن يمنعوا أحدا من الصلاة فيه، فلما منعوا أحدا من الصلاة فيه جعلوا له حكم المقبرة ولم يجعلوا له حكم المسجد، فلا يمكن لأحد أن يصلي فيه بل يغلقونه وقت الصلاة أمّا وقت السلام أو وقت الزيارة فإنهم يفتحونه للمرور.
فإذن تبين بذلك أن قبر النبي عليه الصلاة والسلام لم يُتخذ مسجدا، وإنما دخلت الغرف في التوسعة في عهد التابعين في المسجد؛ ولكن جهتُها الشرقية خارجة عن المسجد فصارت كالشيء الذي دخل في المسجد؛ ولكن حيطان متعددة تمنع أن يكون القبر في داخل مسجد النبي (، وإنما أربع جدارات تفصل بين المسجد وبين قبر النبي ( يعني مكان الدفن.
وأعظم من ذلك مما يدل على أخذ الصحابة والتابعين ومن بعدهم بوصية النبي ( هذه، وسد الطرق الموصلة إلى الشرك به عليه الصلاة والسلام، وباتخاذ قبره مسجدا: أنهم أخذوا من الروضة الشريفة أخذوا من الروضة التي هي روضة من رياض الجنة كما قال عليه الصلاة والسلام «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» أخذوا منها قدر ثلاثة أمتار لكي يقوم الجدار الثاني ثم يقوم الجدار الثالث ثم يقوم السور الحديدي وأكثر من ثلاثة أمتار، فهذا من أعظم التطبيب وهو أنهم أخذوا من الروضة وأجازوا أن يأخذوا من المسجد لأجل أن يحمى قبر النبي عليه الصلاة والسلام من أن يتخذ مسجدا.
وهذا ولا شك من أعظم الفقه فيمن فعل ذلك، ومن رحمة الله جل وعلا في هذه الأمة، ومن إجابة دعوة النبي عليه الصلاة والسلام بقوله فيما سيأتي بعد هذا الباب «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد».
إذن فقوله عليه الصلاة والسلام («لَعْنَة اللّهُ على الْيَهُودَ وَالنّصَارىَ اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذّرُ مَا صَنَعُوا) فإنه عليه الصلاة والسلام لم يتَّخذ قبره مسجدا.
واليوم الموجود قد يكون صورته عند غير المتأمل وغير الفقيه صورته صورة قبر في داخل مسجد، وفي الحقيقة ليست صورته وليست حقيقته قبر في داخل المسجد؛ لوجود الجدران المختلفة التي تفصل بين المسجد وبين القبر؛ ولأن الجهة الشرقية منه ليست من المسجد، وهذا لمّا جاءت التوسعة الأخيرة كان مبتدؤها من جهة الشمال بعد نهاية الحجرة بكثير حتى لا تكون الحجرة في وسط المسجد من جهة أنه يكون ثمة توسعة من جهة الشرق وثم الروضة من جهة الغرب فتكون وسط المسجد فيكون ذلك من اتخاذ قبره مسجدا عليه الصلاة والسلام.
المقصود من هذا البيان المهم -الذي ينبغي أن تعيه جيدا- أن قبر النبي عليه الصلاة والسلام ما أتخذ مسجدا ولكن وصيته عليه الصلاة والسلام من التحذير قد أتخذ بها في مسجده وفي قبره؛ ولكن خالفتها الأمة في قبور الصالحين من هذه الأمة فاتخذوا قبور بعض آل البيت مساجد وعظموها كما تُعظم الأوثان.
قال (ولمسلم عن جندب بن عبد الله، قال: سَمِعْتُ النّبِيّ ( قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ, وَهُوَ يَقُولُ: «إِنّي أَبْرَأُ إِلَى الله أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ, فَإِنّ الله قَدِ اتّخَذَنِي خَلِيلاً, كَمَا اتّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً, وَلَوْ كُنْتُ مُتّخِذاً مِنْ أُمّتِي خَلِيلاً لاَتّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً.») سبب ذلك أن الخلة هي أعظم درجات المحبة وهي التي تتخلل الروح وتتخلل القلب وشغاف الصدر بحيث لا يكون ثَم مكان لغير ذلك الخليل، لهذا النبي عليه الصلاة والسلام ليس له من أصحابه خليل، قال (وَلَوْ كُنْتُ مُتّخِذاً مِنْ أُمّتِي خَلِيلاً لاَتّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً) وجه الشاهد من هذا الحديث قوله بعد ذلك (أَلاَ وَإِنّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ, أَلاَ فَلاَ تَتّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ. فإِنّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ) وهذا أيضا جاء في رواية أخرى أيضا «كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد» وهذا هو الذي وقع في هذه الأمة، وهذا وسيلة من وسائل الشرك، مناسبته للباب ظاهرة من أن تحريم اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد مع أنه قد يكون العابد لا يعبد إلا الله لأنها وسيلة من وسائل الشرك الأكبر، والوسائل تفضي إلى ما بعدها، وقد تقرر في القواعد الشرعية وأجمع عليها المحققون أنّ سد الذرائع الموصلة إلى الشرك وإلى المحرمات واجبة، فإن الذريعة التي توصل إلى محرم يجب سدُّها لأن الشريعة جاءت لسد الأصول وسد الذرائع بسد أصول المحرمات وسد الذرائع إليها، فيجب أن يُغلق كل باب من أبواب الشرك بالله ومن ذلك اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد.



مقتطف من كتاب
كفاية المستزيد بشرح كتاب التوحيد (2)
الذي هو حق الله على العبيد
للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
حفظه الله تعالى
قال الله عزوجل :وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .الآية رقم [126] من سورة [البقرة]
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "منْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا". أخرجه البخاري

فائدة من الاية والحديث أن إبراهيم عليه السلام أول مادعا الامن قبل الرزق والرسول صلى الله عليه وسلم بدا بالامن قبل الرزق ولو كان الرزق قليل يكفي يوم فكأنما حزيت له الدنيا
فهل من معتبر ؟
  • ملف العضو
  • معلومات
mourad_2009
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 01-02-2009
  • المشاركات : 32
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • mourad_2009 is on a distinguished road
mourad_2009
عضو نشيط
رد: عبادة القبوريين- تارة تتوجه إلى القبر، وتارة تتوجه إلى صاحب القبر؛
17-02-2009, 08:51 AM
سبحان الله يا ليت قومي يعلمون هده هي دعوة الحق التي يسمونها بهتانا بالوهابية لينفروا الناس عن الحق أين أنتم أيها القبورية هل تسمعون أنضروا الى الأدلة السلفية و لا تاخدكم الحمية _ اللهم اهدي قومي فانهم لا يعلمون_
 
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
حكاية صاحب الفكرة وصاحب المال وقصة الاحتيال الظريف للكاتب الصحفي كمال قرور
الإمام أبو حامد الغزالي
الساعة الآن 06:25 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى