خطر البدع. لقد تركنا رسول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وما في السماء طا
05-03-2009, 07:23 AM
خطر البدع
الابتداع في الدين من أخطر ما يهدد دين المسلمين ، فإن حقيقته هدم للدين ، وقـدح في جناب خاتـم المرسلين ، واغتصاب لحق التشريع الذي هو من حقوق رب العالمين ، وإفساد للعبادة المتقرب بها إلى رب الأولين والآخرين ، وتشويه للدين الخالد ، وصد عن سبيله المستقيم ، وطريق إلى تشتيت الأمة ووقوع الخلاف والشقاق بين أبنائها وجعلهم مزقا شتى كل حزب بما لديهم فرحون ، وكفى بالبدعة بؤسا وضلالا أن محدثها متعرض للطرد من رحمة اللّه التي وسعت كل شيء .


فهي هدم للدين إذ لم تنجم بدعة من البدع إلا وأميتت في مقابلها سنة من سنن الدين حتى تفشو البدع وتندرس معالم الدين ، عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - قال : " ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة ، وأماتوا فيه سنة ، حتى تحيا البدع وتموت السنن " . وعن حسان بن عطية قال : " ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع اللّه من سنتهم مثلها . . " وروي عن حذيفة بن اليمان - رضي اللّه عنه - أنه أخذ حجرين فوضع أحدهما على الآخر ثم قال لأصحابه : هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور ؟ قالوا : يا أبا عبد اللّه ، ما نرى بينهما إلا قليلا ، قال : والذي نفسي بيده ، لتظهرن البدع حتى لا يرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور .

وقد شرع اللّه دينا قويما وصراطا مستقيما وجعل للناس عبادات مختلفة ، في أدائها صلاح لدينهم ودنياهم وجعل فيها من الحكم ما يحير عقول الألباء وإذا فعلها المسلمون كما شرعها اللّه فإن تلك الحكم تظهر قائمة للعيان وتكون سببا في دخول الناس في دين اللّه أفواجا ، ولكن البدع تطمس هذه الحكم وتشوه هذه العبادات وإن الناظر اليوم للمجتمعات المسلمة يرى عجبا من البدع التي تحجب نور الإسلام فشركيات متنوعة قد حجبت أصل الدين : التوحيد ، وعنصريات مختلفة مزقت الإخوة الإسلامية ، وتعصـب وتقليد قـام مقام التحرر الفكـري وصفاء المصادر ، وبدع متنوعة في العبادات قد أذهبت حكمتها التي شرعها اللّه من أجلها .

والبدع طريق إلى تشتيت الأمة المسلمة ، وها هي الأمة الإسلامية اليوم قد افترقت إلى فرق شتى مختلفة وطرق متباينة وأحزاب متنافرة كل حزب بما لديهم فرحون ، وسبب ذلك نكوص أبناء الأمة وتنكبهم عن الصراط المستقيم فتفرقوا في سبيل الشيطان ، روى الإمام أحمد والنسائي عن عبد اللّه بن مسعود - رضي الله عنه - قال : خط لنا رسول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم خطا بيده ثم قال : هذا سبيل اللّه مستقيما ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله ، ثم قال : وهذه سبل متفرقة ليس من سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ " .

وهي - أيضا - قدح في تمام بلاغ خاتم المرسلين فلسان حال أصحاب البدع قائل : إن هناك خيرا لم يدلنا عليه ، وحاشاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فإنه ما ترك خيرا إلا دل أمته عليه ولا شرا إلا حذرها منه ، عن أبي الدرداء - رضي اللّه عنه - قال : لقد تركنا رسول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وما في السماء طائر يطير بجناحيه إلا ذكرنا منه علما ، وعن أبي ذر - رضي اللّه عنه - قال : تركنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما قال : فقال رسول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد عن النار إِلا وقد بين لكم . وإضافة إلى هذا القدح المشين فإن المبتدع مغتصب لحق التشريع ، فمسلكه في تشريع ما لم يأذن به اللّه من إيجاب فعل أو استحبابه مسلك الذين اغتصبوا حق التشريق لأنفسهم وهو لا يكون إلا للّه ، فهو قد وضع نفسه موضع من يرى أن الحدود التي رسمها اللّه ليتقرب بها العباد إليه إما ناقصة فيشرع ما يتمها وإما أن محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد قصر في إبلاغها ، قال ابن الماجشون : سمعت مالكا يقول : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ، فقد زعم أن محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم خان الرسالة ، لأن الله يقول : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ فما لم يكن يومئذ دينا ، فلا يكون اليوم دينا .

وعن الزبير بن بكار قال سمعت مالك بن أنس ، وأتاه رجل فقال : يا أبا عبد اللّه من أين أحرم ؟ قال : من ذي الحليفة ، من حيث أحرم رسول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فقال : إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر قال : لا تفعل ، فإني أخشى عليك الفتنة ، فقال : وأي فتنة في هذا ؟ إنما هي أميال أزيدها . قال : وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ؟ فإن اللّه يقول : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ولأثر البدعة السيئ استحق محدثها لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين عن علي بن أبي طالب - رضي اللّه عنه - مرفوعا : من أحدث حدثا أو آوى محدثا لعنه اللّه والملائكة
والناس أجمعون



مقتطف من كتاب
البدع والمخالفات في الحج
إعـداد
الدكتور/ عبد المحسن بن محمد السميح

الأستـاذ/ خالد بن عيسى العسـيري

الأستـاذ/ يوسف بن عبد الله الحاطي

قال الله عزوجل :وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .الآية رقم [126] من سورة [البقرة]
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "منْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا". أخرجه البخاري

فائدة من الاية والحديث أن إبراهيم عليه السلام أول مادعا الامن قبل الرزق والرسول صلى الله عليه وسلم بدا بالامن قبل الرزق ولو كان الرزق قليل يكفي يوم فكأنما حزيت له الدنيا
فهل من معتبر ؟