العقد الرّابع...!
03-07-2009, 10:00 AM
الــعـقـد الـرابـــع...!

وتفجؤني بصوتها الملائكي:
- أتدري! .. إنك ستدلف وشيكا إلى الواحدة والثلاثين ؟
- أجل سيكون ذلك يوم الجمعة القادم.
وتنبهت كل ذرة في كياني , وأحسست بمثل السفود ينغرز في بؤبؤ الفؤاد .. ما كنت من قبل أدري ما مر السنين ! ولا أعري الأيام المتوثبات في تسارع مذهل أي اهتمام .. زهرة العمر تفوح ريانة بعطرها الأريح , والصدر مفعم بنشوة الدهشة من الحياة بغرائبها الماطلة مثل الطوفان الكاسح !
وطفا إلى ذهني خاطر مخيف وتمتمت بتوتر :
- لقد بدأ العد التنازلي ..
والتقطت آهتي بأذن مرهفة ورمقتني بنظرة ساخرة ثم قالت :
- أنت الآن في عنفوان شبابك ! والشباب يمتد إلى ما بعد الأربعين أحيانا .
حدقت فيها بإمعان وأنا أردد مذهولا : كل شيء إذا ما تم نقصان ... أقصد أنه بدأ العد التنازلي لمرحلة الشباب؟ !– لا تتشاءم .
- لست متشائما وإنما أدهشتني أن أسلخ من عمري ثلاثة عقود بهذه السرعة الجنونية .. و الانعطافات الكبرى في الحياة الإنسان وتزلزله .
وصمتت لتتركني أعانق أحزاني وأرقب شبح الخوف الذي غشيني من كل ناحية وبدأ ينبش بأظافره المعقوفة في الأعماق !
وانداحت الأسئلة في ذهني قلقة :
"ترى هل حققت ذاتي ؟هل أثبت وجودي كإنسان على ظهر هذه الكرة السابحة في الفلك الرهيب ؟"
وانبعث من الماضي صخب هائل قد ملأ أيامي من قبل :
هو ذا أنا طفل أمرح بين الحقول والسواقي الجاريات !
وفراشة تتراقص أمام ناظري ,تستبيح شغفي المتدفق شلالا فضيا ...
وأكبو على ركبتي ..
فيتلقفني العشب الطري
أما حنونا تزرع السلام في صدري
أغنية غجرية... !
وتتململ في الفراش وقد سرى خدر النوم في جسدها المندفن تحت الفراش,
وتتأفف محتجة :
أما زلت مستيقضا ..أطفئ النور !
وتنزلق يدي نحو الزر في تراخ وبرود وأضغطه بامتعاض .
جلباب مدلهم من الظلمة يلفعني ..وتمرح الأشباح من حولي طليقة تستثير حواسي المرهفة هي أشباح أليفة لدي رافقتني في سذاجة الطفولة ,وأرقت ليالي في عنفوان المراهقة ,وأرتني من مظاهر الطبيعة صورا كم قف لها شعر الرأس ورجف القلب !وعندما بدأت تتفتح عيناي على حقيقة الوجود , طردها منطق العقل وبديهيات العلم الجلية إلى حين ..فربضت متوثبة تنتهز فرص الانقضاض الهالك في لحظة ضعف !