تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
غريب الاثري
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 26-09-2007
  • العمر : 48
  • المشاركات : 799
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • غريب الاثري is on a distinguished road
غريب الاثري
عضو متميز
Re: هؤلاء هم الأشاعرة .. الحلقات الأولى
01-06-2009, 03:44 PM
فصل


أمثلة على مخالفة الأشاعرة لعقيدة أهل السنّة أهل الحديث والأثر


قال الشيخ عبد الرحمن:
((فمذهب الأشاعرة يتضمن أمورًامخالفة :
كنفي كثير من الصفات حيث لا يثبتون إلا سبعًا من الصفات))

التعليق:
إنّ ممّا خالف فيه الأشاعرةُ أهلَ السنّة والجماعة نفيُهم –أي الأشاعرة- جميع صفات ذات الله تعالى كالساق والوجه والأصابع واليدين والعينين والوجه .. وكذلك ينفون أغلب صفات الأفعال لله تعالى –المتعلّقة بمشيئته- كالضحك والغضب والفرح والمكر بالماكرين والاستهزاء بالمنافقين والنّزول إلى السماء الدّنيا والاستواء على العرش والمجيء لفصل الخطاب يوم القيامة وغيرها من الصفات الفعلية .. ولا يُثبتون لله تعالى إلا سبعاً من الصفات ويقولون: هي الصفات التي أوجبها العقلُ !!

وهي الصفات التي لا يتصوّرُ العقل إلهاً من دونها!! وهي: السمع والبصر والكلام والحياة والقدرة والإرادة والعلم. وزاد بعضهم صفة البقاء فجعلها الثامنة !! انظر (كفاية الطالب الرباني ص 57 هامش)

فإثباتُ هذه الصفات عند الأشاعرة ليس من باب تصديق الأخبار الدالّة على ذلك ولكن من باب تصديق عقولهم القاصرة التي لم تستطع تقبُّل أكثر من ذلك !!

فالعقل –عندهم- يستطيعُ أن يتصوّر إلهاً من غير يد ! أو من غير عينين !! أو من غير وجه !! ولكن لا يتصوّر إلهاً من غير سمع ولا بصر ولا كلام ولا حياة ولا إررادة .. الخ الصفات التي تفضّلت بها عقولهم فأثبتتها لله تعالى !! فلذلك تجدهم يُسمّون ما أثبتوا لله تعالى من الصفات بالصفات العقلية وأمّا الصفات التي عطّلوا الله تعالى منها ونفوها عنه ورفضوا وصفه تعالى بها فيسمونها الصفات الخبرية !! أي: الثابتة في الكتاب والسنّة !!

قال الشيخ عبد الرحمن:
((ويقولون : إنالإيمان هو مجرد التصديقويخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان، وهذا مذهب المرجئة))

التعليق:
حقاً هذا هو مذهب المرجئة الخبثاء !!
وهو مخالف لما دلّت عليه النّصوص الشرعية من أنّ الإيمان قول وعمل واعتقاد لا يُجزئُ أحدها عن الآخر .. وأنّ الإيمان يزيد وينقص وأنّ أهله متفاضلون فيه فليس إيماني كإيمان الصحابة فضلا عن جبريل !!

يقول صاحب الجوهرة –في دين الأشاعرة-:


وفسر الإيمان بالتصديق*** والنطق فيه الخلف بالتحقيق



وقال الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري في شرحه على رسالة القيرواني المسمّى: ((الثمر الدّاني ص 10 دار الفكر1424هـ)):

(من ذلك) أي الواجب (الإيمان بالقلب) أي التصديق بالقلب (والنطق باللسان) أي النّطق بالشهادتين. وظاهره أنّ الإيمان مركّب منهما، وظاهر كلامه –أي الإمام ابن أبي زيد القيرواني- الآتي أنّ الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب وعمل بالجوارح، أنّه مركّبٌ من الثلاثة، ونُسب للمعتزلة، وهذا كلّه باعتبار جريان الأحكام وإلا فالتّصديق وحده ينجي صاحبه من الخلود في النّار .. )) اهـ

فانظر يا هداك الله إلى نسبته القول بأنّ الإيمان قول وعمل واعتقاد للمعتزلة الضلال !! ثمّ زعمه أنّ كون الإيمان مركّبٌ من الثلاثة ليس حقيقيا وإنّما باعتبار جريان الأحكام .. يعني أنّ كون القول والعمل من الإيمان مجازا وليس حقيقة !!

ثمّ انظر إليه كيف جعل مجرّد التّصديق ينجي صاحبه من الخلود في النّار !!

وبناءاً على قوله المنكوس هذا فإنّ أبا جهل وأبا لهب ناجون من الخلود في جهنّم !! فقد أخبر الله تعالى عن مشركي قريش أنّهم لا يُكذّبون النّبيّ صلى الله عليه وسلّم !! وليس يبعُد عليك أخي القارئ الكريم تصديق أبو طالب عمّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ولكنّه لم ينطق بكلمة التوحيد فكان من أصحاب الجحيم !!

فعن أيّ سنّة يتحدّثون وإلى أيّ جماعة ينتسبون ؟!

وبمثل قول الأبي قال صاحب (كفاية الطالب الرباني)

قال الإمام حرب –صاحب الإمام أحمد- رحمهما الله: (( .. هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحابالنبي إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة و سبيل الحق))

قال:((وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم وعبد الله بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم كمن جالسنا وأخذنا عنهم العلم و كان من قولهم أن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة.

والإيمان يزيد وينقص ويستثنى من الإيمان غير أن لا يكون الاستثناء شكا إنما هي سنة ماضية عند العلماء.
فإذا سئل الرجل (أمؤمن أنت)؟
فانه يقول انا مؤمن إن شاء الله أو مؤمن أرجوا.
ويقول آمنت بالله و ملائكته وكتبه ورسله.
ومن زعم أن الإيمان قول بلا عمل فهو مرجىء.
ومن زعم أن الإيمان هو القول والأعمال شرائع فهو مرجئ.
ومن زعم أن الإيمان يزيد و لا ينقص فقد قال بقول المرجئة.
ومن لم ير الاستثناء في الإيمان فهو مرجئ.
ومن زعم أن إيمانه كإيمان جبريل والملائكة فهو مرجئ.
ومن زعم أن المعرفة في القلب وأن لم يتكلم بها فهو مرجئ ))

قال الإمام ابن القيّم رحمه الله ((قلت:حربٌ هذا صاحب أحمد وإسحاق وله عنهما مسائل جليلة وأخذ عن سعيد بن منصور وعبد الله بن الزبير الحميدي وهذه الطبقة وقد حكى هذه المذاهب عنهم واتفاقهم عليها ومن تأمل المنقول عن هؤلاء وأضعاف أضعافهم من أئمة السنة والحديث وجده مطابقا لما نقله حرب ولو تتبعناه لكان بمقدار هذا الكتاب مرارا ..)) (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص 304 و 308 دار الفكر ط1، 1422)

وقال الإمام القدوة محمد بن الحسين الآجرّي رحمه الله في كتابه العظيم ((الشريعة ص96 دار الحديث تحقيق: فريد الجندي)):
((اعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم - أن الذي عليه علماء المسلمين: أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح.

ثم اعلموا : أنه لا تجزىء المعرفة بالقلبوالتصديق، إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً، ولا تجزىء معرفة بالقلب ونطق باللسان، حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الخصال الثلاث: كان مؤمناً.
دل على ذلك الكتاب والسنة، وقول علماء المسلمين ..)) ثمّ شرع يذكر الأدلّة على ذلك.

وقال الإمام البخاري رحمه الله:
((لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم أهل الحجاز ومكة والمدينة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد والشام ومصر لقيتهم كرات قرنا بعد قرن ثم قرنا بعد قرن أدركتهم وهم متوافرون منذ أكثر من ست وأربعين سنة أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين والبصرة أربع مرات في سنين ذوي عدد بالحجاز سنه أعوام ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع محدثي أهل خراسان .. ))
ثم شرع في ذكر أسماء عدد من الأئمّة الذين أخذ عنهم الإمام البخاري العلم والحديث والسنّة ثمّ قال:
(( .. واكتفينا بتسمية هؤلاء كي يكون مختصرا وأن لا يطول ذلك فما رأيت واحدا منهم يختلف في هذه الأشياء:
· أن الدين قول وعمل، وذلك لقول الله ((وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتواالزكاة وذلك دين القيمة))...))

وبسبب هذا القول البدعي من الأشاعرة فإنّك لا تجدهم –أي الأشاعرة-يتكلّمون على توحيد الألوهية والعبادة بل يقتصرون على توحيد الربوبية لأنّ الأعمال عندهم ليست من الإيمان وهم يفسّرون لا إله إلا الله بلا ربّ إلا الله !!
أو لا قادر على الاختراع إلا الله !!
أو لا فاعل موجود إلا الله !!
أمّا أهل السنّة فيفسّرونها بلا معبود حقٌّ إلا الله.

فلذلك تجد المجتمعات التي ينتشر فيها مذهب الأشاعرة ينتشرُ فيه الفسق والفجور والبدع والشرك بكلّ ألوانه !!
فيكفي أن تقول لا إله إلا الله فتصير كامل الإيمان وإن صدر منك ما صدر !
فهنئاً لأهل المعاصي والفجور !! وصدق الإمام القحطاني رحمه الله حين قال مخاطباً الأشاعرة:

إن حلّ مذهبكم بأرض أجذبت*****أو أصبحت قفراً بلا عمران


وكم تعجبني كلمة للشيخ السلفي الفاضل أبو عبد الباري عبد الحميد العربي الجزائري حفظه الله قرأتها له قديما يقول فيها: (( بناءاً على تعريفهم للإيمان الخاطئ فقد أخرجوا توحيد الألوهية من تقسيمهم للتوحيد، فالتوحيد عند الأشاعرة هو أنّ الله واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في أفعاله لا شريك له، وواحد في صفاته لا نظير له، وهذا التعريف لم يتضمّن توحيد الألوهية، فلذلك أيّ مجتمع ينتشر فيه المعتقد الأشعري تجد فيه توحيد الألوهية مختلاً وسوق الشرك والبدع رائجة، لأنّ السواد الذي يقطن البلاد التي يغلب عليها المعتقد الأشعري لم يعلم أنّ الله واحد في عبادته لا شريك له فتجده يإن من وطأة البدع والشركيات وبناء القباب وإقامة المواليد، ...)) (من مقال له بعنوان: بعض ما خالف فيه الأشاعرة أهل الأثر وأثر ذلك في المجتمع).
  • ملف العضو
  • معلومات
غريب الاثري
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 26-09-2007
  • العمر : 48
  • المشاركات : 799
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • غريب الاثري is on a distinguished road
غريب الاثري
عضو متميز
Re: هؤلاء هم الأشاعرة .. الحلقات الأولى
01-06-2009, 03:45 PM
قال الشيخ عبد الرحمن:
((ومنأصول مذهبهم : نفي تأثير الأسباب في مسبباتها))

التعليق:
وهذا من المخزيات المُضحكات ... بل قد وصل بهم الغباء حتى صرّحوا بأنّ من قال أنّ النّارُ تُحرقُ بطبعها فقد كفر !!
وما ذلك إلا امتداداً لتأثّرهم بالجبرية الذين يقولون إنّ العبد مجبور على أفعاله سواء كانت خيرا أو شراً !! وليس الله بظلام للعبيد فإنّه يتصرّفُ في ملكه كيف ما يشاء و((لا يُسألُ عمّا يفعل وهم يُسألون)) !!

يقول قائلهم:

والفعل في التأثير ليس إلا **** للواحد القهّار جلّ وعلا


ومن يقل بالطبع أو بالعلّة **** فذاك كفر عند أهل الملّة


ومن يقول بالقوة المودعة **** فذاك بدعي فلا تلتفت !!



يقول الشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير حفظه الله:
((...السفارينية في العقيدة، في بيان عقيدة السلف، وإن كان دخلها لوثة لكنها خفيفة، حينما يقرر أن المتواتر يفيد العلم، يقول: والعلم يحصل عنده لا به، إيش معنى يحصل عنده لا به؟
الشبع يحصل عند الأكل لا به، الري يحصل عند الشرب لا به، الكلام هذا فيه محظور وإلا ما فيه محظور؟

نعم، هذا على مذهب الأشاعرة في نفي تأثير الأسباب، أن وجود الأسباب كعدمها لا قيمة لها، ولذلك لو تشرب بئر ما كان ريك به إنما كان ريك عنده، لو تأكل إناء كبير من الطعام وينتفخ بطنك كان شبعك عند الأكل لا به، الأكل سبب، الشرب سبب، والري والشبع حصل عنده لا به، هم يلغون الأسباب، ويجعلون وجودها مثل عدمها، يقابلهم المعتزلة، المعتزلة يرون أن للأسباب تأثيراً مستقلاً، مستقل تأثير الأسباب،

وأهل السنة يقولون: إن الأسباب مؤثرة بلا شك، لكنها الله -سبحانه وتعالى- وهو المسبب هو الذي جعل لهذه الأسباب تأثيراً، ولذا قد يتخلف المسبب عند وجود السبب، قد يتخلف المسبب عند وجود السبب لوجود مانع مثلاً، لا سيما في الأسباب المعنوية والحسية أيضاً، قد تلبس في الشتاء مائة ثوب ويدخلك البرد، وقد تغتسل بالماء البارد بثيابك في الشتاء ولا يضرك، لكن لا نقول: إن هذا هو الأصل هو المطرد، نقول: لا هذا خلاف الأصل؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- جعل لهذه الأسباب تأثيراً لا على جهة الاستقلال، والمسبب هو الله -جل وعلا-.

يعني الأشاعرة فيهم أصحاب عقول كبار كبار، يعني لو نظرت إلى عقل مثلاً الرازي أو الباقلاني أو غيره من الكبار لكن يقعون في مثل هذه الأشياء، يقول لك: ممكن أن تشوف وأنت كفيف، كفيف جالس في المسجد تشوف اللي يحدث بأمريكا، يعني عباراتهم من كتبهم يقولون: يجوز أن يرى أعمى الصين البقة في الأندلس، يقولون هذا الكلام؛ لأن البصر سبب، يعني في كتبهم هذا يقولون، يعني ما هو بمحض افتراء، أنا لو أقول هنا في الرياض: ....أمريكا قيل: هذا تنظير من عندك، في كتبهم يقولون: يجوز أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس، البقة صغار البعوضة، لماذا؟ لأن البصر سبب والأسباب لا قيمة لها، يعني وجودها مثل عدمها.
ولذلك قال السفاريني: ويحصل العلم عنده لا به، وهذه لوثة من مذهب الأشعرية، وأنتم تعرفون أنه يقرر في بداية الكتاب السفاريني أن مذهب أهل السنة ثلاث فرق: الأثرية، وإمامهم أحمد بن حنبل، والأشعرية وإمامهم أبو الحسن، والماترودية وإمامهم أبو منصور.
المقصود أن هذه لوثة ولا يوافق على هذا لا يوافق على هذا...)) اهـ من شرح نظم (اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون) (رقم 3)

وقال الحافظ أبو محمّد بن حزم في الجزء الخامس من كتابه ((الفصل)):
((الكلام في الطبائع:
قال أبو محمد: ذهبت الأشعرية إلى إنكار الطبائع جملة و قالوا ليس في النار حر ولا في الثلج برد ولا في العالم طبيعة أصلاً.
و قالوا إنما حدث حر النار جملة وبرد الثلج عند الملامسة.
قالوا ولا في الخمر طبيعة إسكار ولا في المني قوة يحدث بها حيوان ولكن الله عز وجل يخلق منه ما شاء وقد كان ممكنا أن يحدث من مني الرجال جملا ومن مني الحمار إنسانا ومن زريعة الكزبر نخلا.

قال أبو محمد: ما نعلم لهم حجة شغبوا بها في هذا الهوس أصلاً وقد ناظرت بعضهم في ذلك فقلت له:إن اللغة التي نزل بها القرآن تبطل قولكم لأن من لغة العرب القديمة ذكر الطبيعة والخليقة والسليقة والبحيرة والغريزة والسجية والسيمة والجبلة بالجيم ولا يشك ذو علم في أن هذه الألفاظ استعملت في الجاهلية وسمعها النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكرها قط ولا أنكرها أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولا أحد ممن بعدهم حتى حدث من لا يعتد به ...)) اهـ


قال الشيخ عبد الرحمن:
((ومن ذلك نفي تأثير قدرة العبد فيأفعاله))

وهذا فرعٌ على ما سبق من دجل .. وأهل السنّة والجماعة يعتقدون أنّ الله هو الخالق لكلّ شيء ومن ضمنها أفعال العباد .. فالله خالق أفعال العباد والعباد فاعلون لها حقيقة.. وقد لا يُحسنُ بعض القرّاء فهم هذه المسألة فأنصحهم بالرجوع إلى كتاب ((الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد)) للعلامة الفوزان حفظه الله تعالى لتعلّم مراتب الإيمان بالقدر عند أهل السنّة والجماعة.

وهذا كلام مختصر حول هذه المراتب:
اعلم رحمك اللهأنَّ الإيمان بالقدر لا يصح إلا بالإيمان بمراتبه التي دلّ عليها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهي أربعة :

الأولى : الإيمان بعلم الله عز وجل الأزلي المحيط الشامل لما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون .

الثانية : الإيمان بالكتابة ، وأنَّ الله عز وجل كتب مقادير الخلائق ، وكلَّ ما هو كائن ، وهذه الكتابة تمت قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، كما ثبت في الحديث:((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات بخمسين ألف سنة)).

الثالثة : الإيمان بالمشيئة ، وأنَّ الأمور كلَّها بمشيئة الله ، وأنَّه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فالملك ملكُ الله ، ولا يمكن أن يكون فيه شيء إلا بمشيئته ، لا ذرة ولا حركة ولا سكون إلا بمشيئته سبحانه .

الرابعة : الإيمان بالخلق والإيجاد ، وأنَّ الله خلق كلَّ شيء ، بما في ذلك أفعال العباد ، قال تبارك وتعالى : ((اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)) ، وقال
((وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)).

وقد جمع بعض أهل العلم هذه المراتب الأربعة في بيت من الشعر فقال :


علمٌ كتابةُ مولانا مشيئتُه ***** وخلقُه وهو إيجادٌ وتكوينٌ


فمن لم يؤمن بمراتب القدر الأربعة فليس بمؤمن بالقدر .

هذا وقد صرّح أئمّة الأشاعرة بالقول بالجبر وأنّ الإنسان مجبور ومن أولئك عبد القاهر البغدادي صاحب ((الفرق بين الفرق)) والفخر الرازي صاحب ((التفسير الكبير)) فقد قال ما معناه: ((إنّ الإنسان مجبور في صورة مُختار)) !!!

فهنيئاً مرّة ثانية لأصحاب المعاصي والفجور !!

وقد حاول الأشاعرة دفع هذه الحقيقة المنتنة عنهم وحاولوا جاهدين مسح هذا العار من على جباههم فخرجوا بنظرية مُبتدعة غامضة لم يفهموها –هم أنفسهم- فضلا عن غيرهم !!

وسمّوا هذه النظرية بـ ((نظرية الكسب)) وخلاصتُها: ((أنّ العبد إذا صمّم عزمه فالله تعالى يخلق الفعل عنده، والعزم أيضاً فعلٌ يكون واقعاً بقدرة الله تعالى، فلا يكون للعبد في الفعل مدخل على سبيل التأثير وإن كان له مدخلٌ على سبيل الكسب ..)) والحقّ أنّ الكسب عند الأشاعرة هو تعلّق القدرة الحادثة بالمقدور في محلّها من غير تأثير ...

وقولهم هذا مبنيٌّ على ضلال آخر وهو قولهم أنّ الاستطاعة –أي استطاعة العبد على أفعاله- تكون مع الفعل ولا يجوز أن تتقدّمه ولا أن تتأخّر عنه، وما يفعله الإنسان فهو كسبٌ له ..

أمّا أهل السنّة فيُثبتون للعبد استطاعة بمعنى الوسع والقدرة وسلامة الآلات، وهذه قد تتقدّم على الفعل أو تقارنه، ولا يجبُ بها الفعل، لكن خطاب الشرع مرتبط بها، وأمّا الاستطاعة التي يجب بها الفعل وهي بمعنى التوفيق، فهذه بإرادة الله وحده، وهي التي تقارن الفعل .. (انظر اعتقاد أهل السنّة للدكتور محمّد الخميّس ص 54 وما بعدها، دار الصميعي)

ورحم الله القائل:

مما يُقـال ولا حقيقة تحـتـه ****معقولة تدنوا إلى الأفهـام


الكسب عند الأشعري والحال****عند البهشمي وطفرة النظام
  • ملف العضو
  • معلومات
تأمل عقل
مشرف سابق
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,869
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • تأمل عقل will become famous soon enough
تأمل عقل
مشرف سابق
رد: هؤلاء هم الأشاعرة .. الحلقات الأولى
03-06-2009, 09:07 PM
البحث في الأشاعرة والفرق الكلامية ,والمذاهب الفقهية ,إما أن يكون بحثا تاريخيا ,يكون الباحث عن الحقيقة همه عرض مختلف الأخبار من مصادرها ,دون إصدار حكم عليها.وتبقى المعلومات تاريخية معرضة للشك.
إن كان البحث للدفاع عن الموضوع(الفرقة)أو تفنيده،المطلوب عرضها كما هي ,ببراهينها ,وحججها وما استندت إليه من معطيات,ثم ننتقدها بمنطقا ,تتهاوى تلقائيا.
لكن ما عرض بتفصيل هو حملة ضد الأشاعرة,كأنهم حزب سياسي موجود الآن يهددنا في وجودنا.(متناسين الدور الوسطي الذي اتخذته ,معارضة للمعتزلة والجبرية,وقد كان أبوحامد الغزالي...يبقى خبر تاريخي)
ومن أعطى لنا ميزان الحكم على الفرق ,وأصحابها وقادتها موتى.؟
لنترك التاريخ للتاريخ,ولنضع كتب الفرق بكل اتجاهاتها في المتحف,نزورها ونتصفها عندما نريد الإعتبار بسلبيات السلف.
ولاننبش القبور .
الأمم التي تتحضرتنظر بنظرة خاطفة للوراء ,وتقفز للامام ,أي تتخذ المستقبل مرجعيتها(وقصة سيدنا يوسف نموذجا)وبينما الأمم التي تحتضرمثلنا نحن نتراجع للوراء ,ولاننظر أمامنا ,بل عين بصيرتنا على الناس ومن أين هم ...من هو من الفرقة الناجية ومن هو...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل واحد يكتب مايفيدنا اليوم للغد ,وليس ما يجعلنا ساديين نتلذذ بالحكم على الغير أنه في جهنم ...
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية iAyOuB
iAyOuB
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 04-05-2009
  • الدولة : غ ة ب ر
  • المشاركات : 1,054
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • iAyOuB is on a distinguished road
الصورة الرمزية iAyOuB
iAyOuB
عضو متميز
  • ملف العضو
  • معلومات
غريب الاثري
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 26-09-2007
  • العمر : 48
  • المشاركات : 799
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • غريب الاثري is on a distinguished road
غريب الاثري
عضو متميز
Re: هؤلاء هم الأشاعرة .. الحلقات الأولى
12-06-2009, 04:16 PM
قال الشيخ عبد الرحمن:
ومن ذلك قولهم : بأن كلام الله معنى نفسي لا يسمع من الله؛ لأنه ليس بحرف، ولاصوت، وأن هذا القرآن عبارة عن كلام الله ليس هو كلام الله حقيقة؛ فموسى لم يسمعكلام الله من الله، بل إن الذي سمعه كلامٌ خلقه الله في الشجرة وهو عبارة عن المعنى النفسي، وهذا من أعظم التنقص لله، حيث يتضمن هذا القول تشبيه الله بالأخرس، ...

التعليق:
اعلم رحمك الله أنّ القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق تكلّم به حقيقة لا مجازاً بصوت لا يُماثله أصوات المخلوقين، سمعه منه جبريلُ فوعاهُ فأقرأهُ محمّداً صلى الله عليه وسلّم، من الله بدأ وإليه يعودُ في آخر الزمان.

هذه عقيدتنا في القرآن أنّه كلام الله الحقيقي معناهُ ولفظهُ.


يقول الإمام القحطاني رحمه الله:

إنّ الذي هو في المصاحف مثبتٌ **** بأنامل الأشياخ والشبّان


هو قول ربّي آيه وحروفه **** ومدادنا والرقُّ مخلوقان


من قال في القرآن ضد مقالتي **** فالعنهُ كلّ إقامة وأذان




وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى في شرحه على كتاب التوحيد: (إعانة المستفيد ص 2/31):
((وفي قوله: (قال) إثبات أن الله يتكلّم، فصفة الكلام ثابتةٌ لله، يتكلّم متى شاء إذا شاء سبحانه وتعالى؛ كلاماً يليق بجلاله، ليس مثل كلام المخلوقين، فكيفيّته وكُنْهُه لا يعلمهما إلاَّ الله سبحانه وتعالى، لكنه ثابتٌ لله من صفات الأفعال التي يفعلها الله إذا شاء سبحانه وتعالى.

ففيه: ردٌّ على الجهمية والمعتزلة والأشاعرة الذين ينفون الكلام عن الله سبحانه وتعالى)). اهـ



ولكنّ الأشاعرة لم يعتقدوا في القرآن ما اعتقدناهُ بل قالوا عن القرآن إنّه نوعان: ألفاظٌ ومعان ..
فالألفاظ مخلوقةٌ وإنّما سمّي القرآن كلام الله مجازاً لا حقيقةً !! وإنّما أضافه الله إليه فقال ((وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)) الآية، إضافة تشريف لا إضافة صفة إلى موصوف !!

والمعاني أزليةٌ قديمة قدم الله تعالى قائمةٌ بذات الله تعالى وهي معنى واحدٌ لا ينفكُّ عنه ولا يتبعّضُ ولا يتجزّأ إن عُبّر عنه بالعبرانية كان توراةً وإن عُبّر عنه بالسريانية كان إنجيلاً وإن عُبّر عنهُ بالعربية صار قرآناً !!! وأنّه لا يتعلّق بمشيئة الله وقدرته.

و قالوا إنّ هذا القرآن هو تعبير عن كلام الله النّفسي المسموع !!

وهذا القول منهم أبعد عن النّقل والعقل معاً ! فالكلام النّفسي لا يُسمعُ ! ولم يقُل بهذا الهُراء غير الأشاعرة. حتى إنّ الماتريدية -وهي ربيبة الأشعرية- قالوا: هو –أي القرآن- كلام الله النّفسي لا يُسمعُ، فموسى عليه السلام وغيره من الأنبياء لم يسمعوا كلام الله، وإنّما سمع موسى صوتاً مخلوقاً في الشجرة !!

فقول الماتريدية هذا –على ضلاله- أقرب إلى العقل من قول الأشاعرة !!

قال القرافي: معنى الكلام النّفسي أنّ كلّ عاقل يجدُ في نفسه الأمر، والنّهي، والخبر ...، وهو غير مختلف، ثمّ يُعبّر عنه بعبارات، ولغات مختلفة، فالمُختلفُ هو الكلام اللساني، وغير المختلف هو الكلام النّفسي القائم بذات الله القائم بذات الله تعالى! اهـ (البحر المحيط 1/444)

فهم -بهذا الكلام الباطل- يجعلون الله جلّ جلاله عاجزٌ عن الكلام متى شاء بما شاء كيفما يشاء !!

فالله عزّ وجلّ عند الأشاعرة والماتريدية لا يتكلّم بمشيئته وقدرته، وليس فيما يقوم به شيء يكون بمشيئته وقدرته، لامتناع قيام الأمور الاختيارية به عندهم، لأنّها في زعمهم حادثة والله تعالى لا يقوم به حادثٌ في زعمهم، ولهذا تأوّلوا –بل حرّفوا- النّصوص التي تُناقض أصلهم وتجتثُّه من جذوره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (درء التعارض 2/18):
((أمّا مسألة قيام الأفعال الاختيارية به –أي الله- فإنّ ابن كلاب والأشعري وغيرهم ينفونها، وعلى ذلك بنوا قولهم في مسألة القرآن...))

فما دليلهم على ما يعتقدون ؟!

هُنا يتدخّلُ الشاعرُ النّصراني الأخطل فيُجيبُك:

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما*****جُعل اللسان على الفؤاد دليلا


فهؤلاء هم الأشاعرة !! يأخذون دينهم واعتقادهم من شعر منسوب للنّصارى !! فأيّ جماعة هم وأيّ سنّة هم عليها ؟؟!!

والذي أعتقدهُ –من باب قوله تعالى ((لا يجرمنّكم شنئانُ قوم ..))- أنّ الأخطل النّصراني مسكين قد مُسح فيه السكّين –كما نقول نحنُ الجزائريّون- فكلّ ما يُنسبُ إليه هو من اختراع الأشاعرة أنفسهم ولا تصحُّ نسبة شيء من هذا الهراء إليه ..

يقول العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله رادّا على استدلال الأشاعرة بما يُنسبُ للأخطل:
(( ... أما اللغوي فلأن الاستواء في اللغة يأتي بمعنى الاستيلاء قال الشاعر – حسب كلامهم - :

قد استوى بشر على العراق *** من غير سيف ودم مهراق


(قد استوى بشر على العرق) يعني استولى بشر على العراق ، من القائل ؟
قالوا هذا البيت قاله الأخطل .
بحث أهل العلم في ديوان الأخطل الذي يرويه المعروفون فلم يجدوا هذا البيت في ديوانه ، فمن نسبه للأخطل ؟
لم ينسبه إلا المعتزلة إليه ، قال الأخطل ، لماذا خصوا الأخطل ؟
حتى يجعلوه في حدود من يحتج بشعرهم لأن شعر العرب يحتج به إلى سنة 150 للهجرة وما بعد ذلك لا يحتج بالشعر لأنه كثر فيه الموَلًّد واستعمال الألفاظ غير العربية ، فاختاروا الأخطل لذلك ولاختلاف نسخ ديوانه ، إلى آخره وهو لا يوجد في شيء من ذلك ، وقد أورده – أورد هذا البيت – صاحب كتاب الصحاح الجوهري وغُلِّط في ذلك ولم يعزه إلى ديوان معروف برواية عالم معروف ، وهذا ما من شك أنه على أصولهم يبطل ، لماذا ؟
لأننا نقول لهم أيها المبتدعة وأيها الأشاعرة وأيها المعتزلة إذا كان استوى بمعنى استولى واحتججتم فيه بذلك بما يثبت عقيدة وأنتم من المعروف لديكم أنكم تقولون ليس خبر الآحاد بحجة في العقائد ، حديث النبي صلى الله عليه وسلم يقولون لا يحتج به في باب العقيدة لماذا ؟
قالوا:لأنه نقل آحاد وإن صح السند وعلمنا الرجال وهم ثقات لكن هم أفراد والأفراد يجوز عليهم الغلط ، فردّوا أحاديث الصفات لأجل نقل الآحاد ،

فنقول : ألا حكمتم على أنفسكم بمثل ما اعترضتم به ، فهذا البيت لم ينقله أحد ، ليس ثَمّ إسناد إلى الأخطل أصلا وإنما هي نسبة من غير صحة ولو صح الإسناد فمقتضى كلامكم أنه لا يؤخذ بهذا ، لا يؤخذ بنقل الآحاد ، لا بد يكون نقلا مشتهرا ، مع أنه ليس موجودا في كتب الأخطل وليس ثم إسناد إليه فهو إذن أدنىوأدنى من مرتبة نقل الآحاد ، فعلى مقتضى أصولهم يجب عليهم إذا كانوا منصفين أن يبطلوا الاحتجاج بذلك)) شرح الواسطية شريط 2.

هذا وقد استشكل الآمدي -وهو من أئمّة الكلام الأشاعرة- كون القرآن أزليٌّ قديمٌ فقال: (( إني نظرت في هذا القول وهو أنّ كلام الله قديم، وأنّ القرآن قديم، وأنه حين أوحي إلى محمد عليه الصلاة والسلام إنما أوحي بالعبارة وبما ألقي في نفس جبريل، فأشكل علي أنّ القرآن فيه آيات كثيرة فيها التعبير عنه بلفظ الماضي ((قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا))، وهل كان ثم مجادِلة؟
وهل كان ثمّ زوج؟
وهل كان ثمّ صوت حتى يسمع الله؟
قال (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ) فإذا كان الله قال هذا القول في الأزل ولا زوجة ولا مجادِلة ولا قول، فما الذي سمع؟
فيلزم منه أن قوله (قَدْ سَمِعَ) وكل أفعال الماضي في القرآن أنها غير مطابقة للواقع، وهذا هو الكذب،...)) اهـ

وهذا لاشك أنه رد منطقي جميل لأنه يلزمهم على أصولهم ولا فرار لهم منه. من الدرس العاشر من شرح الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ.

طيّب .. فإذا كان القرآن هو معنى قائم بذات الله تعالى وأنّهُ أزليٌّ –قديمٌ- كما يعتقد الأشاعرة الضلال فمن الذي عبّر عنه ؟!

هنا اختلف الأشاعرة إلى فريقين .. فريق قال إنّ من عبّر عن كلام الله النّفسي هو جبريل ! استدلالا بقوله تعالى ((إنّه لقول رسول كريم)) !!!
وفريق صرّح بأنّه النّبي صلى الله عليه وسلّم استدلالا بقوله تعالى ((إنّه لقول رسول كريم)) كذلك !!! وبذا صرّح الباقلاني والجويني من مُتقدّمي أئمّتهم في الضلال.

وتأوّلوا قول الله تعالى ((نزل به الروح الأمين)) الآية بأنّه نزول إعلام وإفهام لا نزول حركة وانتقال ! وذلك بناءاً على عقيدتهم في نفي علوّ الله تعالى على خلقه!!

ولذلك تجد بعض المبتدعة ممّن يُعطون الإجازات على بعض القراءات يوقفون الإسناد إلى اللوح المحفوظ لا إلى الله تعالى !! وذلك لاجتناب إضافة الكلام إلى الله تعالى تنزيهاً منهم لله تعالى في زعمهم !! فالقرآن عندهم إنما هو عبارةٌ عن كلام الله ، يقول بعضهم : خلقه الله في اللوح المحفوظ ، وأخذه جبريل من اللوح المحفوظ مباشرة. (انظر تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي ص 199-200 للشيخ عبد الرزاق البدر))

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مجيباً على شبهة الأشعرية:
((وفي إضافته تعالى إلى هذا الرسول تارة وإلى هذاتارة دليل على أنه إضافة بلاغ وأداء لا إضافة إحداث لشيء منه وإنشاء كما يقول بعضالمبتدعة الأشعرية من أن حروفه ابتداء جبريل أو محمد مضاهاة منهم في نصف قولهم لمنقال إنه قول البشر من مشركي العرب)) اهـ

وأما ما ادّعاه الأشاعرة الجهمية أنّ تسمية الله تعالى للقرآن ((كلام الله)) هو من قبيل المجاز لا الحقيقة وأنّ إضافة الكلام إليه تعالى إضافة تشريف لا إضافة صفة إلى موصوف فمردود وباطل ومحال !!

ذلك أنّ ((المضافات إلى الله نوعان: أعيان، وصفات:
فالصِّفات إذا أُضيفت إليه؛ كالعلم والقدرة والكلام والحياة والرِّضا والغضب ونحو ذلك دلَّت الإضافة على أنَّها إضافة وصف له قائم به ليست مخلوقة لأنَّ الصِّفة لا تقوم بنفسها؛ فلا بدَّ لها من موصوف تقوم به، فإذا أُضيفت إليه عُلِم أنَّها صفة له، لكن قد يعبَّر باسم الصِّفة عن المفعول بها؛ فيسمَّى المقدور قدرة والمخلوق بالكلمة كلاماً والمعلوم علماً والمرحوم به رحمة؛ كقول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم: ((إنَّ الله خلق الرَّحمة يوم خلقها مئة رحمة...))[رواه البخاري في (الرقاق، باب الرجاء مع الخوف، 6469، 7 / 183) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.] ويُقال للمطر والسَّحاب: هذه قدرة قادر وهذه قدرة عظيمة، ويُقال في الدُّعاء: غفر الله لك علمه فيك؛ أي: معلومه.

وأما الأعيان إذا أُضيفت إلى الله تعالى؛ فإمَّا أن تُضاف بالجهة العامَّة التي يشترك فيها المخلوق، مثل كونها مخلوقة ومملوكة له ومقدورة ونحو ذلك؛ فهذه إضافة عامَّة مشتركة؛ كقوله: ((هذا خَلْقُ اللهِ))[لقمان: 11].
وقد يضاف لمعنى يختصُّ بها يميَّز به المضاف عن غيره، مثل: بيت الله، وناقة الله، وعبد الله، وروح الله؛ فمن المعلوم اختصاص ناقة صالح بما تميَّزت به عن سائر النياق، وكذلك اختصاص الكعبة، واختصاص العبد الصالح الذي عبد الله وأطاع أمره، وكذلك الرُّوح المقدَّسة التي امتازت بما فارقت به غيرها من الأرواح؛ فإنَّ المخلوقات اشتركت في كونها مخلوقة مملوكة مربوبة لله يجري عليها حكمه وقضاؤه وقدره، وهذه الإضافة لا اختصاص فيها ولا فضيلة للمضاف على غيره، وامتاز بعضها بأنَّ الله يحبُّه ويرضاه ويصطفيه ويقرِّبه إليه ويأمر به أو يعظِّمه ويحبُّه؛ فهذه الإضافة يختصُّ بها بعض المخلوقات؛ كإضافة البيت والناقة والرُّوح وعباد الله من هذا الباب...))

فبان بهذا الكلام –إن شاء الله تعالى- أنّ المُضافات إلى الله تعالى على قسمين:
قسمٌ قائمٌ بنفسه ولا يحتاجُ إلى غيره ليقوم به كالكعبة والأرض والعبد والروح وغيرها .. فهذه إذا أضيفت إلى الله تعالى كقوله تعالى : ((أرض الله)) و ((عبد الله)) و ((روح الله)) فهي إضافة تشريف وامتياز وتخصيص.

وقسمٌ لا يقوم بنفسه كالعلم والبصر والكلام والسمع والوجه واليد والقدرة والاستواء وغيرها .. فهذه إذا أضيفت إلى الله تعالى كقوله تعالى ((حتى يسمع كلام الله)) و ((ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام)) و ((بل يداه مبسوطتان)) فهي إضافة صفة إلى موصوف.

وبان بهذا أيضاً ضلال الأشاعرة وكذبهم وتدليسهم وتلبيسهم على المسلمين في زعمهم أنّ ألفاظ القرآن مخلوقةٌ وإنّما سمّي القرآن كلام الله على المجاز لا على الحقيقة !! وإنّما أضافه الله إليه فقال ((وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)) الآية، إضافة تشريف لا إضافة صفة إلى موصوف !!

((وأمَّا سلف المسلمين من الصَّحابة والتَّابعين لهم بإحسان، وأئمَّة المسلمين المشهورون بالإمامة فيهم كالأربعة وغيرهم، وأهل العلم بالكتاب والسُّنَّة؛ فيفرِّقون بين مملوكاته وبين صفاته؛ فيعلمون أنَّ العباد مخلوقون، وصفات العباد مخلوقة، وأجسادهم، وأرواحهم، وكلامهم، وأصواتهم بالكتب الإلهية وغيرها، ومدادهم، وأوراقهم، والملائكة، والأنبياء وغيرها، ويعلمون أنَّ صفات الله القائمة به ليست مخلوقة؛ كعلمه، وقدرته، وكلامه، وإرادته، وحياته، وسمعه، وبصره، ورضاه، وغضبه، وحبِّه، وبغضه، بل هو موصوف بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسله، ولا يحرفون الكَلِم عن مواضعه، ولا يتأوَّلون كلام الله بغير ما أراده، ولا يمثِّلون صفات الخالق بصفات المخلوق؛ بل يعلمون أنَّ الله سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله؛ بل هو موصوف بصفات الكمال، منزَّه عن النَّقائص، وليس له مِثْل في شيء من صفاته، ويقولون: إنَّه لم يزل ولا يزال موصوفاً بصفات الكمال، لم يزل متكلِّماً إذا شاء بمشيئته وقدرته، ولم يزل عالماً، ولم يزل قادراً، ولم يزل حيّاً سمعياً بصيراً، ولم يزل مريداً؛ فكلُّ كمال لا نقص فيه يمكن اتِّصافه به فهو موصوف به، لم يزل ولا يزال متَّصفاً بصفات الكمال منعوتاً بنعوت الجلال والإكرام سبحانه وتعالى).((الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح لابن تيمية)) (2 / 158 – 164 باختصار).

وبالجملة فإنّ((الصِّفات لها ثلاث اعتبارات: تارة تعتبر مضافة إلى الربِّ، وتارة تعتبر مضافة إلى العبد، وتارة تعتبر مطلقة لا تختصُّ بالربِّ ولا بالعبد.
فإذا قال العبد: حياة الله وعلم الله وقدرة الله وكلام الله ونحو ذلك؛ فهذا كلُّه غير مخلوق ولا يماثل صفات المخلوقين،
وإذا قال: علم العبد وقدرة العبد وكلام العبد؛ فهذا كلُّه مخلوق ولا يماثل صفات الربِّ،
وإذا قال: العلم والقدرة والكلام؛ فهذا مجمل مطلق لا يقال عليه كلُّه أنَّه مخلوق ولا أنَّه غير مخلوق؛ بل ما اتَّصف به الربُّ من ذلك فهو غير مخلوق، وما اتَّصف به العبد من ذلك فهو مخلوق؛ فالصِّفة تتبع الموصوف، فإن كان الموصوف هو الخالق؛ فصفاته غير مخلوقة، وإن كان الموصوف هو العبد المخلوق؛ فصفاته مخلوقة) ((مجموع الفتاوى لابن تيمية)) (12 / 66).

ورحم الله الإمام الطحاوي القائل في عقيدته: (( فَمَنْ سَمِعَهُ أي القرآن - فَزَعَمَ أَنَّهُ كَلامُ البَشَرِ فَقَد كَفَر، وَقَد ذَمَّهُ اللَّهُ وَعَابَهُ، وَأَوعَدَهُ بِسَقَرَ، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى ((سَأُصْلِيهِ سَقَرَ)) ، فَلَمَّا أَوْعَدَ اللَّهُ بِسَقَرَ لِمَنْ قَالَ ((إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ))، عَلِمْنَا وَأَيْقَنَّا أَنَّهُ قَوْلُ خَالِقِ الْبَشَرِ، وَلَا يُشْبِهُ قَوْلَ الْبَشَرِ)).
التعديل الأخير تم بواسطة غريب الاثري ; 12-06-2009 الساعة 04:19 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: هؤلاء هم الأشاعرة .. الحلقات الأولى
12-06-2009, 05:11 PM
والله لقد صدق شيخنا الغزالي رحمه الله (في قلوبكم حقد كبير علي المسلمين ، وعلي كل من يقول لاإله إلا الله محمد رسول الله .من ينظر إلي مهاجمتكم الأشاعرة يطن انه امام عباقرة هظموا أقوال الأشاعرة كما فعل أبوحامد الغزالي رحمه الله في (تهافت الفلاسفة)فإذا به امام سذج لهم فكر الأعراب وعقلية رعاة الغنم .
.سبحان الله القحطاني صاحب النونية يتقرب إلي الله بالتسخط علي الأشاعرة بدل إرضائهم.
الحمد لله .مازال في الأمة الأزهر ولازال فيها فطاحلة الأشاعرة في كل مكان وكل زمان .تمتليء بهم الجامعات والزوايا والمؤسسات الدينية الرسمية فموتوا غيظا .
الوهابية التي تغازل الطغاة وتؤسس لفكر الانبطاح وتعين اليهود والنصاري بشتي الوسائل لتحطيم المسلمين لن تفلح بإذن الله .
وإن كانت لكم نية حسنة في خدمة دين الله فأتوا البيوت من ابوابها ، واخرجوا من هذا الوحل النجس .
يامن تهاجمون الأشاعرة لن تمروا من هنا ولن يكون لكم مكان بين الجزائريين بإذن الله .لأنكم تحملون بذور الفناء والفتنة.وكل عاقل يدرك ذالك ببساطة.
  • ملف العضو
  • معلومات
غريب الاثري
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 26-09-2007
  • العمر : 48
  • المشاركات : 799
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • غريب الاثري is on a distinguished road
غريب الاثري
عضو متميز
Re: هؤلاء هم الأشاعرة .. الحلقات الأولى
28-06-2009, 03:26 PM
قال الشيخ عبد الرحمن:
ولايزكي هذه الأقوال إن قال بها بعض الأكابر والفضلاء من أهل العلم فإنهم غير معصومين،وما قالوه من هذه الأقوال المخالفة لمذهب السلف الصالح هو مما يعد من أخطائهم التيلا يتابعون عليها، وهم في ذلك مجتهدون ومأجورون، والواجب على المسلم أن يحكِّم كتابالله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وألا يتعصب لإمام، أو مذهب، فكلٌّ يؤخذ منقوله ويرد، إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم,,,

التاريخ : 11/8/1426 عبدالرحمن بن ناصر البراك

التعليق:
أمّا كون صدور هذه العقائد أو بعضها من بعض الأئمّة يُعدُّ خطأً فصحيح وهم لا يُتابعون على ما وقعوا فيه من الأخطاء في أبواب الفقه كباب المياه والطهارة فضلا عن أصول الاعتقاد !!

ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يجوز الاجتهادُ في أمور الاعتقاد حتى نقول إنّ للمخطئ أجراً وإنّ للمُصيب أجرين ؟!

الجواب: أنّه تقرر عند علمائنا أنّ الاجتهاد لا يكون مع نصّ وأنّ الغيبيات وأمور الاعتقاد من المسائل التوقيفية التي لا مجال للعقل أن يتحكّم فيها قبولا وردّاً وعليه فلا يجوز الاجتهاد في الغيبيات وأمور الاعتقاد، فإذا تقرّر هذا فلا مجال لوصف المصيب بأنّه مصيب والمخطئ أنّه مخطئ، بل الكلُّ مخطؤون !
ويشهدُ لهذا القول ما يُروى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ومن أخطأ فليتبوّء مقعده من النّار)) .

وفي ذلك يقول بقية السلف العلامة الدكتور صالح الفوزان حفظه الديّان معقباً على قول الصوفي البوطي: ((إنّ من قواعد هذا المنهج ما قد يخضع فهنه للجتهاد، ومن ثمّ فقد وقع الخلاف ..)) فقال بقية السلف: ((فهل الإسلام قابل للاختلاف ؟!
كلا، بل إنّ أصول الإسلام والغقيدة ليست مجالا للاجتهاد والاختلاف، وإنّما هذا في المسائل الفرعية.
فمن خالف في أصول الدّين وعقيدته فإنّه يكفُر أو يُضلّلُ بحسب مخالفته، لأنّ مدارها على النّص والتوقيف.)) (تعقيبات على كتاب السلفية ليس مذهبا ص 12-13 مكتبة الهدي المحمّدي)

وقال أيضاً في موضع آخر: ((أمّا مسائل العقيدة فلا مجال للاجتهاد فيها وإنّما مدارها على التوقيف، ومن خالف فيها ضلّل أو كفّر بحسب مخالفته.
وقد ضلّل السلف القدرية والخوارج والجهمية، وحكموا على بعضهم بالكفر لمخالفتهم منهج السلف)) (نفس المصدر ص14)

أمّا قول الشيخ عبد الرحمن حفظه الله ((والواجب على المسلم أن يحكِّم كتابالله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وألا يتعصب لإمام، أو مذهب، فكلٌّ يؤخذ منقوله ويرد، إلا الرسول صلى الله عليه وسلم)). فهو كلام يكتب بماء الذّهب كما يقولون. فإنّه يحلّ الإشكال القائم عند كثير من الدّعاة إلى الله على غير بصيرة وعلى خلاف منهاج النّبوة الذين إذا واجهتهم بهذه الحقائق عن الأشاعرة الضلاّل قالوا: إنّ ابن حجر والنّووي وابن الجوزي والعزّ بن عبد السلام والقرطبي وغيرهم كانوا أشاعرة –وقد صدقوا في نسبة بعضهم إلى الأشاعرة وكذبوا في آخرين- فإنّ الحقّ لا يُعرف بالرجال ولكنّ الرجال يُعرفون بالحقّ .

ونحنُ –ولله الحمد- لسنا من مقدسي الرجال والمشايخ كالصوفية الأشرار والروافض الفجّار حاشا وكلا، بل نقول كما قال الأوّلون: كلٌّ يؤخذ من قوله ويُترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فهؤلاء الأئمّة الذين صدر من بعضهم بعض الموافقة لما عليه الأشاعرة من دين مشين يُحتجُّ لهم ولا يُحتجُّ بهم فإنّ الله لم يجعل العصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

ومن نفائس كلام الإمام الفقيه العربي بن بلقاسم التبسي الجزائري رحمه الله تعالى مما يخدم الموضوع الذي نحن بصدده قوله عليه رحمة الله: ((وممّا لا نزاع فيه عند أهل السنّة أنّ العقل أو العادة أو الشهوة لا حكم لها في دين الله المعصوم، وإنّما العقل آلة خلقها الله ندرك بها. ولا حجّة بحكمه إلا في أصول الدّين (الاعتقادات).
ومن المقرّر: إن كنتََ ناقلاً فالصحّة، وإن كنتَ مدّعياً فالدّليل. وانّ غير المعصوم محكوم بهذه القاعدة بلغتت ما بلغت مكانته أو علمه أو صلاحه)) (بدعة الطرائق في الإسلام ص 22 دار البعث قسنطينة/ تحقيق: د. الشرفي)

وقال أيضا عليه رحمات الله: ((ومن المُدوّن في علمي العقائد والسنن أنّ ردّ النّصوص استهزاءاً بها، أو إيثاراً لغيرها عليها كُفرٌ.
ومن المذكور في علمي الفروع والخلافيات: أنّ ترك السنن وتقليد الرجال: بدعة وضلالة.
ومن المدوّن أيضاً: أنّ السلف في القرون الثلاثة كانوا يقتدون بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وإنّ المذاهب الاسلامية المعتبرة كانوا يتّبعون الوارد، وخلافهم في مسائلهم تابع لما بين أيديهم من السنن والآثار. وإذا ثبت الحديث فهو مذهب الجميع.
وأنّه لا يُعلمُ إمامٌ يُعرضُ عن سنّة تبيّنت اتّكالاً على أنّ صالحاً أو عالماً خالفها. فإنّ اقلّ ما يقتضي ذلك الفسوق. جعلنا الله ممّن يسمع القول فيتّبع أحسنه.)) اهـ (نفس المصدر ص23)

فإذا تبيّن هذا وترسّخ في الأذهان فاعلم أخي القارئ بارك الله فيك أنّ الموقف الصحيح من أخطاء بعض الأئمّة الفقهاء والمحدّثين في المسائل الاعتقاد أنّ ما صدر منهم خطأ محضٌ يجب التنبيه عليه والتحذير منه والردّ عليه ويجب في المقابل حفظ كرامة من صدر منه هذا الخطئ والترحّم عليه وسؤال العفو له من الله تعالى فإنّ خطأه هذا يكادُ لا يظهرُ أمام حسناته وفضائله..

وهذا شيخ الإسلام ابن باز رحمه الله تعالى يقول في تقدمته على الكتاب الجليل (فتح الباري 1/4) للحافظ الكبير ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: ((وقد وجدنا للشارح رحمه الله أخطاءً لا يحسن السكوت عنها، فكتبنا عليها تعليقاً يتضمّنُ تنبيه القارئ على الصواب وتحذيره من الخطأ)) اهـ

فأنت ترى أنّ الإمام ابن باز رحمه الله تعالى حذّر من أخطاء ابن حجر في الفتح ومع ذلك فقد شرحه رحمه الله تعالى ودرّسه ونصح به ونقل عنه في كثير من مؤلّفاته وفتاويه.

وحاشا لله أن نشابه الحدّادية الغلاة الذين أحرقوا فتح الباري وشرح صحيح مسلم للنووي رحمه الله تعالى أمام الملأ !!
حاشا وكلا.. ليس هذا الطريقُ طريقنا ولا ذاك المنهج منهجنا ..

يقول فقيه الزمان الشيخ محمّد بن عثيمين رحمه الله تعالى: ((الآن يوجد بعض النّاس تعلم أنّ له قدم صدق في الحقّ والدفاع عنه، فيخطئ في مسألة واحدة من مسائل الأصول التي هي أصول، فتُمحى كل حسناته، ونضرب لهذا مثلا: بالحافظ ابن حجر رحمه الله، لا يشك في أنّ له قدم صدق في إحياء السنّة ونشرها والدفاع عنها، ومع ذلك سمعنا أنّ البعض يقول: يجب إحراق فتح الباري لأنّه مؤوّل، وهذا غلط عظيم، بل يجب أن نأخذ ما فيه من الحقّ، ونعلّق على ما فيه ممّا ينافي هذا الحقّ.)) اهـ ((تعليق على اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ص 51 مكتبة الصفا)).




فصل


هل الأشاعرة كُفّار !؟


اعلم رحمك الله أنّ جمهور العلماء على عدم تكفير الأشاعرة إلا أنّ بعض أهل العلم السابقين حكموا على الأشاعرة بالكفر وأخرجوهم من زمرة المُسلمين بسبب اعتقادهم الباطل ومذهبهم الفاسد ومن أولئك الحافظ أبو نصر السجزي رحمه الله وغيره فقد أكفرهم باسمهم الصريح ! وحكى إجماع الفقهاء على تكفير من قال بقول الأشعري في القرآن الكريم –أي أنّه حكاية عن كلام الله لا أنّه كلام الله الحقيقي كما مرّ بك آنفاً- (انظر رسالة السجزي ص15) وكذا الحافظ الهمام ابن حزم الأندلسي رحمه الله تعالى فقد حكم على من العتقد اعتقاد الأشعري في كلام الله تعالى بالكفر المخرج من الملّة (انظر الفصل له 3/4-5 و 4/159)

ومن أهل العلم من عرّض بهم ولم يُصرّح بهم – أي باسمهم الصريح- كما صنع الإمام الحافظ اللالكائي في كتابه ((شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة)) والإمام البربهاري وغيرهما من أهل العلم ..
(انظر في ذلك: الأزمة العقيدية بين الأشاعرة وأهل الحديث (ص52)، للدكتور خالد كبير علال، وهو كتاب غزير المادّة إلا أنّ فيه أخطاءاً ليست بالهيّنة ! وسأُفردها بردّ إن شاء الله تعالى)

والذي أعتقدُهُ وأدينُ لله به هو التفصيل في ذلك فليس كلّ من كان على عقيدة الأشاعرة كان كافرا بل يجب التفصيل في مثل هذه الأمور الدقيقة الحساسة فليس كلّ من وافق الأشاعرة في بعض اعتقادهم كتأويل الصفات وغيرها يُحكم بكفره بل يجب التفريق بين ردّ الصفة جحودا وعنادا ونفياً لها وبين ردّها تأويلاً .. وكذلك يجب التفريق بين تأويل الصفة تأويلا سائغاً في لغة العرب وبين تأويل الصفة تأويلاً غير سائغ في لغة العرب وهو ما يعرف بالتأويل البعيد وهكذا ..

كذلك يجب التنبّه إلى أنّ ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه بل لابد من توفّر جميع الشروط وانتفاء جميع الموانع ...

يقول العلامة السعدي رحمه الله:

ولا يتمّ الحكم حتى تجتمع **** كلّ الشروط والموانع ترتفع


يقول فضيلة الشيخ العلامة محمّد أمان الجامي رحمه الله :
((أجمع أهل العلم على أنه من نفى صفة ثابتة بالكتاب والسنة فهو يكفُر، لكن مسألة الكفر بالنسبة للقاعدة : نحن نُطلق هكذا ونؤمن بهذه القاعدة، إلا أنّ الأفراد : قد ينفي الإنسان صفةً ولا يكفُر، أي : كفر المعيَّن يُتَحَفَّظُ فيه، لأن هذا المعيَّن قد تكون له شبهة، ويُعذر بجهل كأن كانت الصفة خفية، كأن عاش في بيئة بين المعتزلة أو بين الأشاعرة الذين يؤوِّلون وينفون الصفات نشأ هناك ولا يعلم من الدين إلا ما يسمع من المعتزلة ومن الأشاعرة ومن علماء الكلام، يحسب أن هذا هو الدين نفسه هو الدين الذي جاء به النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ؛ طالما يعيش في تلك البيئة الفاسدة يُعذر حتى يخرج فيعلم فتقوم عليه الحجة إن تعصّب بعد ذلك قال : أنا لا أترك ما وجدت عليه شيوخي وإن كانت الصفة ثابتة بالكتاب والسنة لكن لا أغيِّر ولا أبدِّل ما كنت عليه؛ بعد علمه يُحكم بكفر، وقبل ذلك لا .

لذلك : هذه القاعدة : ((من شبّه الله بخلقه فهو كافر، ومن نفى صفةً ثابتة بالكتاب والسنة فهو كافر)) هذه قاعدة، قد يخرُج من هذه القاعدة أفرادٌ من الناس بأعذار لوجود أعذارٍ لهم إما شبهة مانعة من فهم ما جاء به رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ أو جهل يعيش في بادية بعيدًا من أهل العلم ولا صلة له بهذا البحث، عُرضت عليه صفة تصوّر، لَمّا قيل له ((إن ربنا ينـزل كلَّ أخر ليلة)) تصوّر نزولاً كنـزول المخلوق، ولم يجد من يوجِّهه ويعلِّمه أنه ينـزل نزولاً يليق به لا كنـزول المخلوق ويأتي لفصل القضاء يوم القيامة كما يليق به لا كمجيء المخلوق، لم يجد معلِّمـًا يوجِّهه هذا التوجيه، فوجئ بصفات هذه الصفة ونفى واستنكر؛ هذا يعلَّم ولا يُعلن بكفره حالاً، لا بد من التعليم وإقامة الحجة عليه .

أو ـ كما قلنا ـ عاش في بيئة أشعرية تُعلن بأن الله ليس فوق العرش ولا تحت العرش ولا على يمينه ولا على شماله، أي : النفي المطلق ـ نفيٌ لله تعالى ـ، ولا تجوز الإشارة الحسيّة إلى السماء، من أشار إلى السماء إشارة حسيّة واعتقد بأن الله في العلو كافر، وإن لم يعتقد فهو فاسق؛ درَس هذا المنهج، والأساتذة تخرّجوا على منهج المنهج، وخرّجوا التلاميذ على هذا المنهج، ولم يسمعوا شيئـًا غيرَ هذا؛ إذًا : هؤلاء التلاميذ ينبغي أن نعذرهم حتى يخرجوا من تلك البيئة ويتعلّموا؛ وهذا ما حصل لكثير من الذين تخرّجوا على ذلك المنهج وبعد خروجهم من تلك البيئة تغيّروا وفهِموا وأثبتوا صفات الله ـ تعالى ـ وألّفوا في ذلك، وهذا شيء كثير، أمثلة كثيرة لا يسع الوقت لذكرها)). (من شرحه على القواعد المثلى))


فالحاصل أنّ فمن أقيمت عليه الحجّة وبيّنت له المحجّة فأصرّ وعاند واستكبر وقال: أنا لا أترك ما وجدت عليه شيوخي وإن كانت الصفة ثابتة بالكتاب والسنة لكن لا أغيِّر ولا أبدِّل ما كنت عليه فهذا يحكم بكفره ولا كرامة .

وهذا التقرير من الإمام الجامي رحمه الله تعالى موافقٌ أشدّ الموافقة لتقرير الإمام الشافعي ررحمه الله تعالى حين قال: (( لله أسماء وصفات لا يسعُ أحداً ردُّها، ومن خالف بعد ثبوت الحجّة فقد كفر، أمّا قبل قيام الحجّة فإنّه يُعذر بالجهل، لأنّ علم ذلك لا يُدركُ بالعقل ولا الرؤية والفكر)) (فتح الباري)) لابن حجر (13/407).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((من شكّ في صفة من صفات الله تعالى ومثله لا يجهلها فمُرتدٌّ، وإن كان مثله يجهلها فليس بمرتدّ، ولذلك لم يكفّر النّبي صلى الله عليه وسلّم الرجل الذي الشاكّ في قدرة الله وإعادته، لأنّه لا يكون إلا بعد الرسالة)) الفتاوى الكبرى له (4/606).

ويكفي الأشاعرة موعظة -حتى وإن لم تكن بدعتهم مكفّرة- ما قاله الإمام الطرطوشي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه الجليل ((البدع والحوادث)) بعد أن ذكر قوله تعالى ((فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون))، قال رحمه الله: ((قال علماؤنا رضي الله عنهم: إذا كان تغيير كلمة في باب التوبة وذلك أمرٌ يرجعُ إلى المخلوق يوجبُ كلّ ذلك العذاب فما ظنّك بتغيير ما هو خبر عن صفات المعبود ؟)) (ص15 دار الكتب العلمية/ ت: محمّد حسن إسماعيل)
التعديل الأخير تم بواسطة غريب الاثري ; 01-07-2009 الساعة 04:29 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: هؤلاء هم الأشاعرة .. الحلقات الأولى
28-06-2009, 05:57 PM
سبحان الله .الواحد منك كما قال شيخنا الغزالي رحمه الله : يقرأ العلم يوم السبت ويصبح شيخا يوم الأحد ويصير مفتيا يوم الاثنين ويتحدي العلماء يوم الثلاثاء أو كما قال .
ماتبثه هنا من سموم هل هو من العلم أم مجرد انطباعات إنسان حقود في قلبه من الشرور مالله به عليم فلم يجد كيف ينفس عن ضغائنه سوي بالتطاول علي العلماء .
علي أي أساس ؟ تبني هذه المقالات الظالمة.هل جمعت كل أقوال العلماء .هل أحضرت من الادلة ما لامطعن فيه.
أين الإشكال إذا قال علماؤنا لانأخذ بالآحاد في العقائد؟ أليس في كتاب الله وسنة رسوله المتواترة وغن كانت قليلة مايكفينا؟
من قال لك إن علماء الأشاعرة يثبتون سبع صفات فقط .إنهم يؤولون باقي الصفات ولم ينفوها فتريث قليلا قبل إطلاق الأحكام.
من الطامات الذي اتيت بها هنا (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) أن الأشاعرة ليسوا من اهل السنة والجماعة وكان الجنة والنار بأيدكم .وكانكم تملكون ترخيصا رسميا من رسول الله ياحمقي يامغفلون.
حتي المعتدلة من الشيعة والإباضية هم إخواننا في الدين.فمن أين اتيت بالدليل القاطع ان الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة . من قال لك أن فتاوي شيوخكم عندنا معتبرة .البريك الحوالي والمدخلي والفوزان وغيره.
تتمسحون بابن تيمية وابن القيم والذهبي وابن كثير وانا أدعوك لقراءة كتب هؤلاء بدقة قبل إطلاق الاحكام.
ليكن في علمك ان فرية أن الأشاعرة ليسوا من اهل السنة والجماعة تسء إليكم وليس في هذا أي شرف لكم .لأنكم تدفعون السواد الأعظم من الأمة لمحاربتكم .
من أنت حتي تقول عن الأشاعرة خبثاء أغبياء ثم زاد بك الغرور ودفعك الشيطان إلي القول بتكفير بعضهم .
لست أدري من يصدق تناقضاتكم الفضيعة.تقولون أنكم تحاربون التكفير وأنتم أشد بغضا لأحب الخلق إلي الله وهم علماء الأشاعرة.وتحكمون علي بعضهم بالكفر .
هل تعرف انت أصلا الأشاعرة المعاصرين .
لعلك لاتحفظ جزءا من كتاب الله ولم تتلمذ إلا علي الأشرطة والمطويات والنت ثم تتطاول علي الجبال الشماء .
سبحانك هذا بهتان عظيم.
نعرف علماءنا من الصحابة الأجلاء الكرام إلي التابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة ونقرأ في سير تراجم العلماء حتي عصرنا الحاضر ولم نر أناسا امثالكم .لقد اختلف العلماء في الأصول الفروع ولا يزالون مختلفين ولم تنبت بينهم مثل هذه النبتة القبيحة.حشف وسوء كيلة جهل وتطاول .قسوة ووقاحة .بداوة فكرية وتنطع .
تناقض من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار ثم اتهام للآخرين .
حين نقرأ مقالة خبيثة كهاته لانملك سوي ان نرد باطلكم والله يتولاكم .
غريب الأثري.أي معني لاتباع الأثر هنا وأنت توزع ألقابك الوقحة علي خيرة الناس .والله هذا هو الإفلاس.
  • ملف العضو
  • معلومات
غريب الاثري
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 26-09-2007
  • العمر : 48
  • المشاركات : 799
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • غريب الاثري is on a distinguished road
غريب الاثري
عضو متميز
Re: هؤلاء هم الأشاعرة .. الحلقات الأولى
29-06-2009, 04:08 PM
لعلك لم تقرأ الموضوع كاملا أو لعلّ التعصّب أعماك ؟؟ لا عليك فأنا أعرف من أمثالك الكثير ...

قلتُ في موضوعي الذي فضحتكم فيه:

وهذا التقرير من الإمام الجامي رحمه الله تعالى موافقٌ أشدّ الموافقة لتقرير الإمام الشافعي
ررحمه الله تعالى حين قال: (( لله أسماء وصفات لا يسعُ أحداً ردُّها، ومن خالف بعد ثبوت الحجّة فقد كفر، أمّا قبل قيام الحجّة فإنّه يُعذر بالجهل، لأنّ علم ذلك لا يُدركُ بالعقل ولا الرؤية والفكر)) (فتح الباري)) لابن حجر (13/407).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((من شكّ في صفة من صفات الله تعالى ومثله لا يجهلها فمُرتدٌّ، وإن كان مثله يجهلها فليس بمرتدّ، ولذلك لم يكفّر النّبي صلى الله عليه وسلّم الرجل الذي الشاكّ في قدرة الله وإعادته، لأنّه لا يكون إلا بعد الرسالة)) الفتاوى الكبرى له (4/606).

ويكفي الأشاعرة موعظة ما قاله الإمام الطرطوشي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه الجليل ((البدع والحوادث)) بعد أن ذكر قوله تعالى ((فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون))، قال رحمه الله: ((قال علماؤنا رضي الله عنهم: إذا كان تغيير كلمة في باب التوبة وذلك أمرٌ يرجعُ إلى المخلوق يوجبُ كلّ ذلك العذاب فما ظنّك بتغيير ما هو خبر عن صفات المعبود ؟)) (ص15 دار الكتب العلمية/ ت: محمّد حسن إسماعيل
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 06:56 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى