السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جمعة مباركة على الجميع
و يتجدّد لقائي مع أحبّتي و الّذين إخترتهم أن يشاركوني بعض ذكرياتي و تبقى تسعدني داائما مداخلاتهم و ردودهمcupidarrow
باتريك هداه الله
ذات يوم ذهبت إلى مكتب المقتصدة الإجتماعيّة لأستفسر عن أمر، فوجدت أمام بابها رجلا ينتظرها هو الآخر، ألقيت عليه التّحيّة فردّ عليها مبتسما، كنت أشعر بنظاراته المصوّبة نحوي فتجاهلتها و أنحيت برأسي إلى الأسفل.
كان الهدوء يسود المكان و إذ به يسألني: في أيّ غرفة أنت؟
أجبته الغرفة رقم أربعة
ردّ: أنا غرفتي رقم سبعة
و تهاطلت عليّ أسئلته و الّتي وددت لو أنّي لم أقابله
و لكن عندما حدّثني عن نفسه شعرت بحزنه العميق كون أسرته لا تزوره إلاّ مرّتين في العام، و إن زاروه فلأجل تسويّة بعض الأوراق ليس إلاّ.
أردف قائلا: أ رأيت الفرق فأنت أسرتك تزورك تقريبا يوميّا و تتلقّين زيارات عديدة و و و. كانت تلك الزّيّارات تثيره و أنا لا أدريcupidarrow
قاطعته: لكن أنا غريبة هنا و جئت من بلد آخر بعيدة عن الأهل.
فاستغرب و سألني: و من هؤلاء الزّوّار إذا؟
أجبته: هم مسلمون مثلي سمعوا بي فأتوا لزيارتي لأنّ زيارة المريض في ديننا الإسلامي لها أجر عظيم.
و جاءتني الفرصة لأحدّثه عن الإسلام علّ الله يهديه يوما إليه.
و قبل أن أنصرف لتأخّر المقتصدة و كان موعد تماريني الرّياضيّة قد حان، إستأذنت منه و قلت له:
لا تعتبر نفسك وحيدا يُمكنك زيارتي في غرفتي متى شئت و ستتعرّف بدورك على زوّاري.
فسعِد جدّا و انصرفت حامدة ربّي على نعمة الإسلام مستغربة كيف لا يزوره أهله؟؟؟
باتريك هذا البلجيكي الّذي حاز على الحزام الأسود في الكراتي و الّذي كان ينوي السّفر إلى الفتنام و الإقامة هناك أظنّه أراد أن يقابل الإحسان بالإحسان بعد أن كنت سببا في تعرّفه على الممرّضين المغاربة و الّذين أتوا من المغرب قصد تربّص يدوم سنتين، و كذا تعرّفه على أشخاص آخرين عرض عليّ مرّة أن نذهب إلى مطعم و نقوم بجولة في المدينة، صراحة فاجأني بعرضه و في نفس الوقت أحرجني فرددت عليه: لا داعي فما قمت به لم أبتغ وراءه مقابلا أعتبرك كأخ لي أقصد الإنسانيّة لأنّه ليس مسلماcupidarrow، لكنّه أصرّ فما كان منّي إلاّ أنّني أسرعت و إقترحت عليه أن نذهب جميعا رفقة الممرّضات المغربيّات فوافق و تنفّست بعدها الصّعداء، لأنّه كان يستحيل عليّ أن أذهب معه بمفردي و كذا أن أردّ دعوته، و أنا أعلم أنّ الكافر لو قدّم لك كأس ماء فقد كرّمك فما بالكم ببتريك الّذي سيكون حقّ سيّارة الأجرة و المطعم على حسابه الخاص.
المهم إتّصلت بعدها مباشرة بماجدة و أخبرتها أن تُبلغ ليلى و سهير أنّهنّ مدعوات للغداء في المطعم و ترجّوتهنّ أن يقبلن فقبِلن و لله الحمد.
وصلت سيّارة الأجرة ركبنا و إتّجهن إلى مطعم مغربي معروف و تركنا الإختيار لصاحب الدّعوة فاختار لنا طبق كسكس بالخضر و اللّحم لأنّه يحبّه و سلطات و أشياء أخرى. صراحة أنا ما دخلت مطعما في حياتي من قبل و كم كنت محرجة فتظاهرت بالأكل أمام باتريك و الحمد لله أنّ الأخريات أكلن و كنّا يُدردشن معه.
بعد الأكل ذهبنا لزيارة بعض المحلاّت فلفت نظري آيات قرآنيّة جميلة ففهِم باتريك أنّها أعجبتني فاشتراها لي و زادني خجلا على خجل ها هي ذي:
عارضت لكنّه أصرّ فدعوت له في قرارة نفسي أن يهديه الله إلى الإسلام.
أمضينا وقتا ممتعا و تمنّيت أن تكون خاتمته مسكا لكنّها كانت عكس ذلك و السّبب أنّه عند عودتنا و دخولنا باب المستشفى ذهبت المغربيّات دون أن يُقدّمن كلمة شكر لباتريك فلاحظت تأثّر باتريك الّذي صارحني مباشرة بذلك فقلت له مسرعة: أ ليست هذه الفسحة من أجلي؟ و ها أنا أشكرك من أعماقي عليها و لن أنساها ما حييت.
تبسّم إبتسامة بدت لي باهتة و إفترقنا كلّ واحد منّا إتّجه إلى غرفته.
عند دخولي إتصلت مباشرة بماجدة و لمتها على تصرّفهنّ ذلك و أنّه أحزن باتريك و كان من واجبهنّ شكره على الأقلّ. ردّت أنّهنّ لم يقصدن ذلك و قالت ستتّصل به و تكلّمه.
أنهى باتريك علاجه و ترك المستشفى و لكن أذكر مرّة عاد للفحوصات و زارني وقت الغداء عندما كنت سأبدأ الأكل، طرق الباب فدخل و رأيته، ألقى التّحيّة و أخبرني أنّه جاء ليطمئنّ عليّ، شكرته و قلت له: أكيد لم تتغدّ. فعرضت عليه أكلي و الصّراحة كنت جدّ جائعة cupidarrow.
فبدا لي أكثر جوعا منّي حيث أكل كلّ شيئ ثمّ إنصرف.
إبتسمت بعدها و قلت: سبحان الله رزق حدّ ما ياكله حدّcupidarrow
مضت بعض الدّقائق لأسمع طرقا على الباب و إذ بي صديقاتي أتين يتغدّينا معي، فإندهشت غفران و هي يونانيّة مسلمة عندما رأت صينيّة الأكل ممسوحة ههههههه
فقلت: سبحان الله و أخبرتها بما حدث مع باتريك و أنّ الله جازاني مباشرة على فعلي و رزقني أحسن بكثييير ممّا تبرّعت به.cupidarrow
فضحكن جميعا و بقي هذا اليوم راسخا في ذاكرتي كغيره من الأيّام.
و للحديث ..بقيّةcupidarrow