رد: مبادئ أصول الدين
13-09-2014, 06:23 PM
اقتباس:
الجزاء على العمد" تابع"2 أمّا منكرو الأديانِ القانعون بالوجودِ المادي المحدود الطرفين بالعدم المطلق فأولئك همُ الخاسرون نعمة الحياة من كل الوجوهِ لأنّ القانون الوضعي على ما به من دوام قبول النقض لا يقضي بالجزاء على عمل من الأعمال مطلقًا إلاّ بعد ثبوته، فهو عديم السلطة على من لم يثبت عليه أو منه فعل شيءٍ خيريًّا كان أو شريًّا، وليس له على الضمائر والأمور المستترة من قوةٍ أو سلطة، فهو مفقود الحكم على من لم يثبت عليه العمل، وهذا أساس عظيم يدعو إلى التوسع في الكذب، والغش، والتزوير، والخيانة، وارتكاب جميع القبائح، واختيار الفضائح، وإتقان صنعة الدسائس العظيمة للتسلط على الأنفس والأموال، والأعراض، واتخاذ الاحتياط الضروري لعدم الوقوع في يد القانون يثبوت الجناية، أو الجنحة .. إلخ. إن ذات القانون الوضعي سريع التبدل فليس ثمة له تسلط على الملكات الراسخة في النفوس وهو بالطبع موضوع للحيلولة بين الظالمين والمظلومين، فهو يصد منافع الفريق الأول فهو مبغوض عنده، وبالطبع إن أغلب الظالمين هم الأقوياء والمظلومين همُ الضعفاء. فالقوة والحالة هذه هي ضد القانون فلا يقوم إلاّ بتعضيد القوة القاهرة من الجند والبوليس والمأمورين بإجماعهم ولكن ذلك كله لا يرد الجاني ولا يخفيه ما دام مقتدرًا على كتمان أعماله ولهذا لا يقوى المجتمع الذي لم يكن ذا دينٍ مشروع إلهي على حفظ مركزه مدة من الزمان. أما معشر مجتمع المسلمين بحق فليسوا على شيءٍ من ذلك، لأنّ الشرع الإلهي لم يقف عند الحكم بالثبوت فقط لأن ذلك استهداف بالمجتمع إلى المخاطر العظيمة بل قضى على الأفراد بوجوب مكارم الأخلاق، وحسن النية، وسلامة القصد، وتجنب المكاره، وإبان كلما يجب إتباعه وتركه ورتب لكل عملٍ جزاءً وفقًا وقرر أنّ الله يطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فاعتقد المعتقد أن الله لا تخفي عليه خافية، فهو ــــ أي الفرد ـــــ لا يخاف القاضي أو الحكام والمأمورين أكثر من خوفه من الله، ولو كان في فلاة من الأرض فإن علمه بأن اللهَ رقيبٌ عليه، قريبٌ منه يحصى عليه كلما عمل من خيرٍ أو شرٍّ فلا يفتقر الشرع الإسلامي المحمدي إلى ما يعضده من القوة إلاّ عند بعض الجهلة أو ضعيفي العقيدة، ثم أن الشرع الإلهي مقدسٌ عند القوي والضعيف فلا يخشى الضعيف التمسك به على أن يجور عليه، ولا يطمع القوي أن يبدل الشرع حكمه برعاية له،فيأمن الضعيف ويكف القوي ليأس الطرفين من إمكان تبديله. ولما كانت أعظم الجنايات لا تقع إلاّ خفية كانت الهيئة الإحتماعية في ديار الإسلام آمنة من أعظم المخاطر وبهذه العدالة لا يبقى محل للاحتيال على التخلص من الحكم الشرعي لاعتقاد الظالم أنّ ذلك الاحتيال لا يفيده إلاّ تأجيل الجزاء بأضعافٍ ما كان يُجزى به في الدار العاجلة. نعم قد يوجد مسائل يسمونها حيلاً شرعيةً ويقضي بها بعضهم ولكن ذلك خارجٌ عن الدين الإسلامي دخيلٌ على قواعده بسوء الاستعمال فلا حجة بها ولا بالذي قد تعودها،فإن الله لا يقبل إلاّ الدين الخالص كما قال جل في علاه: " ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار " كما أن الله قد حذّر من يتعدى حدوده فقال سبحانه وتعالى: "ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه " ووعد الذين يكذبون على الله في كتابه بالويل فقال اصدق من قائل: " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون". |