تسجيل الدخول

بقلم : زكرياء بوخزة


مصر فازت باللقب الإفريقي و الجزائر تأهلت إلى المونديال ، قسمة تجعلنا نتفائل بنهاية الأيام السوداء بين شعبين عريقين هما مصر و الجزائر اللذان كانا ضحية إعلام جائع يبحث عن الإثارة هنا وهناك ، تتويج مصر بالكان 2010 كان بمثابة الماء الذي أطفأ نار الإعلام الثائر التي وصلت نيرانه إلى إصابة علاقات متينة بناها التاريخ و الدين و اللغة .
بعد هذا كله يفترض أننا طوينا صفحة الماضي الحزين ، و التفكير من الآن في التكفير عن الخطايا التي ستدفع ثمنها غاليا الأجيال اللاحقة من البلدين ، إذن نحن اليوم أمام فرصة سانحة لمصالحة التاريخ المجيد بين البلدين وعلى الإعلام أن يلعب بعيدا عنا بعد أن سقط قناعه بسقوط جدار المودة والرحمة بين شعبين هما مصر و الجزائر .
ما يفرح القلب و يثلج الصدر أن الإعلام المصري الذي تفنن بالأمس القريب بتغذية القطيعة و حجب الحقيقة وبسط الخديعة ، هاهو اليوم يعود إلى جادة الصواب و آمن أن الفأس لم تقع بعد على الرأس وأن ما جرى لن يكون إلا درسا للإعلام و للشعبين وسبيل لإعادة المياه إلى مجاريها ، ومنه جاءت المطالبة بالتهدئة و الدعوة إلى الإخاء من جانب الإعلام المصري .
الإعلام الجزائري الذي يتحمل جزءا من المسؤولية فيما جرى و إن كان ليس بقدر نظيره إلا أنه اليوم جعلنا في قمة الدهشة. فبعد أن حسم كل شيء في أنغولا و راح الإعلام والشعب المصري يزغرد بفرحة الانتصار، وهتف الشعب و الإعلام الجزائري رضا لما صنع أشبال سعدان ، تفاجئنا أن بعض الصحف الجزائرية و التي لا تمثل الإعلام الجزائري و لن تمثله بأي حال من الأحوال أنها تحاول رسم خطة جديدة لإعادة الأيام السوداء بين الشقيقين من خلال عناوين مثيرة مقززة تنمي عن الكراهية و الفتة و البغضاء ، ولا أحصي هنا كل الصحف الجزائرية بل لا تعدو أن تكون صحيفة واحدة أصبحت ترى من الإثارة نبراسا لها ورأت أن الماضي الحزين بين الشعبين من قبل القاهرة إلى أم درمان كان بالنسبة لها قمة الانتعاش عندما تلذذت بكل ما يحلو لها من عناوين مثيرة يعمق مقروئيتها من جهة ، و لا تدري أنها تعمق الهوة بين رمزين ومنارتين هما مصر و الجزائر .
لا نلومها يوم أم درمان لأنها كانت في موقع دفاع على حد وصف البعض ، لكن ماذا نسمي ما يحدث اليوم عندما تفتتح صفحتها الأولى و مقالاتها بعناوين يجعلنا أمام طبق من الخداع و النفاق و دكان حقيقي للفتنة .
ليس بهذه الأمور يسمو الإعلام و لا يمكن أن يستمر إلا وسترى أنه إعلاما تافها بكل ما حمله هذه الكلمة من معنى .
فدكاكين الفتنة في مصر أوصدت أبوبها ، فماذا عن دكاننا الذي يصر على مواصلة اللعبة القذرة ، و أملنا أن يفهم أشقائنا في مصر أنه إعلام لا يمثل الجزائريين ولا الإعلام الجزائري .
فالإعلام الجزائري لا يمكن أن يتمثل إلا في تلك الصحف الرصينة التي أحسنت التصرف أثناء الأزمة وكانت مثالا للإعلام الهادف وعنوانا للإحترافية المهنية بتصديها المعقول و الإحترافي لأشباه الإعلاميين الذين أراد الفتنة من الجانب الأخر ، لكن اليوم على هذه الصحف الرصينة أن تتصدى لمن يحيك خطط الفتنة الآن ، وهذه المرة ليس الإعلام المصري ،
فالعاقل يجب أن يدرك أن الخطيئة لن تكون إلا درسا لرسم الحقيقة و البادئ بعد الحقيقة هو الظالم.

جزاك الله كل خير