التعايش مهمة شبه مستحيلة والتنازل أقسى الحلول!
21-12-2017, 01:08 PM
يحصل وأن يتسبب اختلاف وجهات النظر والأذواق بين المتزوجين في خلافات بسيطة لكنها في النهاية تحل بتنازل أحد الطرفين، أو بحلول وسطية تراعي الذوقين، ومثال ذلك - وعلى سبيل الذكر- كأن يتصادم اختيار الزوج مع اختيار زوجته بخصوص اختيار اسم لمولودهما المنتظر، وهنا يكون التنازل من أحدهما هو أقرب وأسهل الحلول. لكن تخيلوا لو يحدث مثل هذا الخلاف بين زوجين من ديانتين أو ثقافتين مختلفتين، ويكون الصّدام أكبر من مجرد اختلاف في الرغبات والأذواق بل يتعدّاه إلى صراع ثقافتين. ترى كيف سيكون حلّ هذا الإشكال؟

أثار أحد النشطاء بموقع التواصل الاجتماعي ذات المضمون، فاحتدمت الآراء بين من يرى أن التوافق الديني هو الشرط الوحيد لنجاح العلاقة الزوجية، أما اختلاف باقي العناصر الهوياتية كاللغة والعادات والتقاليد فيمكن التعايش معها، بمزج الثقافتين وتلقينهما معا للأبناء دون تعصب وحساسيات، بينما رأى آخرون استحالة ذلك، واعتبروا أن التعايش بين زوجين بثقافتين مختلفتين لا يمكن أن ينجح إلا بتخلي أحدهما عن ثقافته واستبدالها بثقافة شريكه، وهو خيار مجحف لا يرتضيه سوى من لا يشعر بقيمة انتمائه وهويته. فيما ذهب بعضهم إلى أن الوعي والحبّ يذيبان كل الفوارق بما فيها اختلاف الدين.

وبين مختلف الآراء النظرية كانت هناك مداخلات لأشخاص يمكن اعتبارها أكثر أهمية لكونها تروي تجاربهم المعاشة. ومن بينها مداخلة سيدة جزائرية تدعى ناريمان؛ والتي أدلت بدلوها في الموضوع قائلة: "منذ أن تزوجت بزوجي الأردني وأنا أعيش حرب باردة مع أهله من أجل فرض ثقافتي الجزائرية، في الأكل، واللباس، واللهجة.. يريدونني أن أتكلم لهجتهم، وأطبخ أطباقهم وألبس ثيابهم، لكنّهم وجدوني عصية على ذلك لتمسكي بجزائريتي، وسأعمل على أن تكون ثقافة أبنائي جزائرية بامتياز".

واعتبر سمير من سوريا أن تصرف السيدة ناريمان ينمّ عن عقدة عنصرية وتعصّب لأنها تريد إلغاء ثقافة زوجها. ومن ضمن ما جاء في رده أن مبدء تقبل الاختلاف، واحترام حرية الآخر يضمنان التعايش بين الزوجين بغض النظر عن كل الاختلافات حتى الدينية.

وهنا جاء رد السيدة الجزائرية بأنها اتفقت وزوجها في البداية على التعايش بالمناصفة وتقبل الاختلافات غير انها وجدت الأمر صعبا للغاية في مجتمع لا يقبل الإختلاف، ولا بديل عن فرض ثقافتها.

وعقب أحد الناشطين من المغرب على كلامه قائلا: "عن تجربة شخصية خلصت إلى أن كل شيء يمكن تقبله إلا اختلاف الديانة، فرغم أن الرجل المسلم يجوز له الزواج من كتابية إلا أنني شخصيا أعتبره زواجا محكوما عليه بالفشل" ويبرر الناشط المغربي رأيه بالقول "تزوجت من فرنسية ذات أصول مجرية، واتفقنا مسبقا على احترام ديانتي بعضنا، وكنت أعتقد أن الحب الذي جمعنا سيجعلنا نتجاوز كل العراقيل والاختلافات، غير أنني اكتشفت خطئي الكبير بعدما عشت معها تحت سقف واحد، وصل شهر رمضان لأول عام بيننا كنت أشعر بغصة كبيرة لأن زوجتي لا تشاركني فرحة هذا الشهر ولا تستطيع أن تشعر بنفس الشعور الذي أشعر به، وجاء عيد الفطر، ثم عيد الأضحى نفس الوضع المرير، لهذه الأسباب انتصر المنطق على الحب وانفصلنا، فالتعايش بين شخصين من ديانتين مختلفين ممكن بشرط ألا يكونا زوجين، لأن الزوجين مهما اتفقا مسبقا على قضية ديانة الأبناء، تبقى هناك أمور تخلق الفجوة بينهما، ديننا الإسلامي يحمل في أهدافه غايات أخلاقية واجتماعية عظيمة، فحتى العبادات لدى المسلمين وذات طابع جماعي لخلق الألفة والمودة والأنس والإحساس بالقوة بين المسلمين، فكيف يمكن لرجل أن يشعر بالسعادة وهو يصوم شهر رمضان دون أن تشاركه أقرب الناس إليه وهي زوجته؟ فكيف يكون سعيدا إذا كان هو يتجه إلى المسجد بينما تتجه هي إلى الكنيسة !؟"

من زاوية أخرى تنظر سارة (جزائرية أمازيغية) إلى الموضوع حيث تؤكد أن البيئة المحايدة التي يتعايش فيها الزوجان المختلفان ثقافيا أو دينيا تلعب دورا كبيرا في إمكانية التعايش وتستشهد بحالتها تقول: "عندما كنت أعيش مع زوجي في مصر، تركت لغتي لباسي عاداتي الأمازيغية رغم أننا نعيش في بيت مستقل، لكن عندما سافرنا إلى ألمانيا أصبحت أعيش أمازيغية بكل حرية، حتى أبناءنا نشؤوا على الثقافة العربية والأمازيغية، ولم نجد أي مشكلة تعترض حياتنا بسبب هذا الموضوع طالما نعيش في مجتمع محايد، لكن أتوقع لو بقينا في مصر كنت سأقدّم الكثير من التنازلات."

لا ينصح به

بعد أن اجتاحنا تيار التكنولوجيا وأصبح الزواج من خارج حدود الوطن حلم الشباب والشابات على حد سواء، اصبح من الواجب ان نذكر بأن هذا النوع من الزيجات الذي غالبا ما يراهن فيه عن قوة الحبّ وقدرتها على إذابة كل الخلافات والفوارق، يحمل في بدايته الكثير من الورديات، يكشف مع الأيام عن بيئة خصبة لنمو المشاكل بين الزوجين وصدامات الأفكار والأهداف، في رده على سؤال إحدى السيدات حول الزواج المختلط بين حضارتين أو بيئتين مختلفتين يقول الدكتور أحمد صابر مدرب واستشاري : لا ينصح بشكل عام بالزواج من بيئتين مختلفتين، خاصة من بلدين متباعدين، لأنه كلما بعدت المسافة الجغرافية اختلفت الثقافات، فمثلا سكان شمال أفريقيا متوافقون في الكثير من العادات والتقاليد، وهكذا لو ذهبت إلى دول الخليج العربي ودول الشام، وعلى هذا ينصح دائما بالزواج من نفس البلد، وفي حال الزواج من ثقافتين مختلفتين، يجب أن يستعد أحد الزوجين إلى تقديم تنازلات للآخر.

أماني أريس
موقع جواهر الشروق

[/CENTER][/QUOTE]