بعد خمسون سنة نعود إلى معرض اللوحات الفنية
06-07-2012, 07:13 AM
لا يختلف اثنان على أن التاريخ لوحة فنية رسمتها الحضارات والشعوب ،واحتضنتها الأجيال لتكون رمزا لها ،فلكل شعب لوحته الفنية كما لكل شعب تاريخه .اختلفت اللوحات في متحف الحياة وسط اختلا ف في الألوان فهناك من الشعوب من رسمت لوحاتها بألوان زاهية فأصبح تاريخها مفخرة لأبنائها بل صار قبلة لكل زوار المتحف ،وهناك من اختارت الرسم بألوان ضاربة في السواد لا تتجاوز الليل في حلكته ليصبح تاريخها مشؤوما يرمز للإشمئزاز بأبشع صوره.
لم يكن تاريخ الجزائر سوى لوحة فنية صنعتها أنامل أبنائها وبألوانها الزاهية الذهبية راحت تستقطب كل هاو للفن وتنير الطريق لكل متطلع إلى التفوق والنجاح ،بل إن تاريخ الجزائر ماهو إلا نجمة سطعت في سماء الماضي وراحت تضيء الحاضر بنورها وستخترق المستقبل بأشعتها لا محالة .
مما أتعجب منه أيها القارئ الكريم أمر أولائك الذين خانتهم أبصارهم فراحوا يصورون تاريخ الجزائر على أنه مجرد أحداث مرت وأنه لا يجب الإطالة في النضر إلى الخلف عبر "الريتروفيزور"(rétroviseur).
عن أي "ريتروفيزور" تتحدث؟وعن أي صورة تتحدث؟ بل وعن أي تاريخ تتحدث؟
لا ياسيدي تاريخ الجزائر أكبرمن "الريتروفيزور"في سيارتك وأكبر من السيارة وأكبر منا نحن أنفسنا ولتعلم أن تاريخ الجزائر ليس كلمة واحدة كتبت مقلوبة الشكل لتتمكن من قرائتها عبر المرآة العاكسة كقراءتك لكلمة "إسعاف "مثلا .
إن تاريخ الجزائر مجلدات ألفها أبطالها ونصوص راسخة وشواهد لا يمكن طمسها ولا الشك في مصداقيتها ،وتاريخ الجزائر لوحة فنية صنعتها إرادة الفنان لتكون رمزا للتحرر تحتاج إلى دراية وخبرة بالفن لقرائتها وفهم معناها كما تحتاج إلى وقفة مطولة أطول من تلك التى تقابل فيها لوحة فنان بارع في متحف عالمي .
لهذا فأدنى شيء يتوجب علينا فعله الآن هو ركن السيارة والنزول منها والنضر إلى التاريخ بتمعن تخليدا للذين ضحوابالنفس والنفيس من أجل رسم تلك اللوحة التي لا زالت تبهرالعدو بأسرارها ،لأنه وبكل بساطة دراسة التاريخ ماهي إلا تمجيد للماضي ونجاح في الحاضر وخدمة للمستقبل .