سوريا تفضح تواطؤ دول الجوار عليها وتتحدى "المؤامرة"
14-01-2018, 10:04 PM



تونس: محمد.ش



استحقت المرأة أن تكون نجمة اليوم الثالث لمهرجان المسرح العربي من تونس عبر عروض ثلاثة، توقفت عند الراهن العربي المشترك بتجلياته واختلافاته، بين حرية وكبت وحرب وحب جمعت تونس بسوريا والأردن.
بقاعة المونديال، عادت مسرحيّة "فريدم هاوس" للمخرج التونسي شاذلي العرفاوي لتستحضر فاصلا من تاريخ تونس، عبر تقديم مدينة العسكريّة على الخشبة وعلاقتها، من خلال ممثلتين من ملهى ليلي وفقا لرؤية فلسفية كان يمكن أن تأخذ منحى دراميا أخرا، غير أن المخرج اختار صناعة منظومة عسكرية برؤية فلسفية وفقا لأطر مسرح الكوميديا السوداء وطريقة الكاريكاتير التي تقودنا إلى تجنيد الفتاتين لتعرية الجيش، ثم نهاية الديكتاتور بطريقة درامية عابثة في النهاية.
"فريدم هاوس" الباحث عن الحرية في البيت استعمل تقنيات سينمائية خاصة في الانارة التي تتحول من الثكنة إلى الشارع، غير أنه سقط في اللوحة الرابعة عندما حاول قلب الأحداث ضمن ما يسمى بالتغريب، وهو ما اعترف به بعد نهاية العرض قائلا إنه يشتغل على تطوير العمل.
من جانبه، فتح المسرح القومي السوري بمسرح "الريو" نيران النقد على دول الجوار التي زادت متاعب الوطن، عندما أغلقت أبوابها وفرضت تأشيرات على المواطن السوري الباحث عن الأمن والأمان، ليدخل عرض "هن" مسابقة المهرجان بتوقيع للكاتبة والمخرجة والممثلة السوريّة آنا عكاّش التي قدمت مرآة لما يحدث في سوريا دون أن تهتم بالمسؤول عن الوضع المتردي في دمشق وجبل قسيون، وهو ما تجلى عبر أداء متقن لخمس ممثلات، مع الاشارة إلى تغيير ممثلتين في الوقت بدل الضائع، بسبب غياب اضطراري جعل المخرجة تؤدي دور الممثلة على الخشبة.
قضيّة الحرب والحب تجلت في العرض الواقعي الوثائقي مع تسجيل الهدوء الذي ميز العرض، دون انفعال ودون استجداء للعاطفة أو بكاء على الأطلال، بل بعقلانية متفردة فنية جمالية في حوار نسوة على كراسي خمسة صاحبتها خمسة مرايا وخمس طبلات، كما عمدت المخرجة إلى نقل الصور الفوتوغرافية الحقيقية تعبيرا عن الذاكرة السورية الجمعية وربطت بين علاقة الأم التي فقدت ابنا وحرصت على إبعاد ابنها الثاني إلى الغربة حماية له قائلة "واحد لي وواحد للوطن... لماذا أنا فقط يا وطن؟"، ثم الحبيبة التي تفقد حبيبها والعشيقة التي تتمنى حبا يقيها غدر الزمن والطالبة الباحثة عن مستقبل مشرق، وأخيرا الخالة الجارة والبنت الصغيرة المفتشة عن طفولتها في غياب الرجل الساكن فيهن، قبل الختام برسائل حب وأمل وتحدي للظروف من أجل الحياة.
المرأة حضرت بقوة في اليوم الثالث، ولأول مرة غابت فيزيائية الجسد عن عروض المخرجة المسرحية الأردنية مجد القصص التي تحتفظ بعلاقات رائعة مع الجزائر، لتحضر إلى تونس بعرض "أوركسترا" الغنائي الذي جمع الدراما بالموسيقى طيلة العرض مع توظيف فنان مغني على هامش الخشبة.
مجد حولت الخشبة إلى دار عجزة استحضرت مآسي سيدات خمس من الملتزمة المتحررة المناضلة الزوجة والعاشقة، وهن الشخصيات اللائي حضرن في نص الروائية سميحة خريس، بأداء كل من زيد خليل مصطفى ونهى سمارة وبيسان كمال خليل وسارة الحاج ودعاء العدوان وميس الزعبي، صمم رقصاته آني قوره ليان، كما وضع موسيقاه التصويرية محمد طه وأدى فقراته الغنائية على الغيتار الفنان يزن أبو سليم.
ختام الأوركسترا كان بمحاكمة الرجل الزوج والحبيب والخائن والمناضل، مع محاولة لدفعه للخروج من حياتهن، لكن الطبيعة تستدعي العكس فيظل الرجل جزءا منهن وهن جزءا منه عبر كوميديا سوداء ساخرة توقفت عن الانفصام العربي على مستوى المجتمعات العربية.