محسن يشتري حانة ويحولها إلى مسجد في تيزي وزو
04-02-2018, 02:10 AM
رانية مختاري
في سابقة غريبة من نوعها، شهدت قرية ايبوهاثن في بوغني جنوب ولاية تيزي وزو، حادثة تجعل المطلع عليها ينحني تقديرا لمحسن، حوّل مكانا كان مبعثا للفساد والانحراف لسنوات عدة، إلى موقع يشع بالنور والهداية، جمع فيه بين النقيضين في مكان واحد بشكل انتصر فيه للصلاح رغم اللعاب الذي أسالته مداخيل الحانة مقابل مجانية استغلال المسجد.
انجاز حانة وسط قرية بحجم دوار في ايبوهاثن ببونوح جنوب ولاية تيزي وزو، لم يكن بالأمر السهل والمهضوم لدى السكان الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب، بعدما حولت يوميات شبابهم إلى جحيم لا يطاق، نظرا لمخلفات الخمور عليهم، فالانحراف والفساد كان سيد الموقف لعدة سنوات، إذ لم تخل يومياتهم من الشجارات والخلافات الناجمة عن تصرفات السكارى، حيث كان الخوف يسود المكان قبيل إسدال الليل لخيوط ظلامه الأولى.
الوضع الذي طالب السكان حينها بتغييره، لم يكن يرقى للدرجة التي ألت إليها الأمور حاليا، حيث ناشدوا المسؤولين التدخل لوقف نشاط الحانة داخل محيط القرية، إلا انه لا حياة لمن تنادي، وشاءت الأقدار أن يحل الفرج بشكل غير متوقع، حين تاهت اللجنة الدينية للقرية في رحلة بحث عن موقع لبناء مسجد في ايبوهاثن، إلا أن مساعيها باءت بالفشل هي الأخرى، خصوصا بعد تراجع محسنة كانت قد وعدت بالتبرع بقطعة أرضية، ما جعل اللجنة تطلب المعونة من محسن معروف لدى العامة، هذا الأخير الذي لم يتردد في مد يد العون، حيث وقع الاختيار على الموقع المراد انجاز هذا المسجد فيه، وهو بناية من طابقين كان صاحبها قد اجّر إحدى محلاتها لمواطن حولها من مقهى إلى مخمرة، وقد قام المحسن بدفع سنتين كان التاجر قد دفعها كأجر مسبق، ليقوم بعدها بدفع قيمة المنزل كلية والتبرع به كوقف للقرية تشرف على تسييره الجنة الدينية. السكان أعربوا عن امتنانهم وشكرهم الكبير للمحسن الذي اوجد بحنكة وسخاء، مسجد "التقوى" وسطهم، بعدما كان موقعه مرتعا للفساد والانحراف، تحول إلى مكان للعبادة والراحة النفسية.
وأن تتحول الحانة إلى قاعة رياضية أو مرفق شباني آو تغلق نهائيا، لم يكن ليثير الدهشة والغرابة، بقدر تحوله من النقيض إلى النقيض، فبعدما كان السكان يتحاشون مجرد المرور بالقرب من موقع الفساد هذا، حوله أهل الخير إلى مبعث للنور والإيمان في منطقة القبائل، التي كانت ولا تزال حصنا منيعا للدين الإسلامي وخطوة تحسب لصاحبها بشهادة الأجيال.