انقلاب تمهيدي
25-03-2018, 03:07 PM
بقلم: رمضان بوشارب
انقلاب تمهيدي
ما من حكم يطول إلا ويزول، وزوال الحكم إما بزوال الحكَّام ، أو بغضب من يحكمهم الحكام، أو بزوال سياسي عن طريق تغيير إيديولوجيات النُّظُم القائمة، والتي مفتاح الانقلابات فيها لن يكون إلا بالتعددية الحزبية، والتي هي مدرسة سياسية بحتة، من خلالها يتمرس أناس جيء بهم خصيصا لتكسير هاته النظم وذلك بزرعهم بداخلها كموالين، ثم استغلال هذه التعددية كوسيلة للضغط على الشعب، بإرغامه على صنع ثورة ضد النظم القائمة، بطريقة غير مباشرة، وهذا بانتهاج سياسة التجوال السياسي، لمن عرفوا خبايا هاته النظم فحفظوا سراديبها.
إن التعددية التي تتماشى ومتغيرات سياسات المعارضة، في الدول الاستعمارية، هي الأداة الأنجع لتلك الدول التي تحركها، لتتلاعب بالسياسة الداخلية لدول مُسْتَعَمَرَة وأخرى تحت السيطرة والوصاية، وهي الوحيدة التي من شأنها التي لها قوة الوقوف في وجه القرارات الفردية للحكام ، سواء أكانت لأنظمة استبدادية أو ديكتاتورية أو ملكية، ولن تقف في وجه تلك القرارات إلا وفقط إذا كانت تشكل خطرا قائما على مصالحها الخاصة.
وهذا ما حدث بالفعل وما سيحدث في بعض من البلاد العربية، لأن استراتيجيات تغيير الأحكام وصنع الحُكَّام في حركية دائمة لا تتوقف، منها من تعمل على التوريث، فتسعى لخراب البلاد والعباد، فقط من أجل أن تصنع رجلا يخدمها، وأخرى تضع المتاريس في طريق من لا يخدمها، والشعوب هي من تدفع ثمن صراع هاته المصالح.
ربما هذا معروف ومُسَلَّمٌ به، لكن الانقلاب التمهيدي الذي يجهله الكثير منا، هو تلك التغييرات البسيطة والخفية التي تطرأ شيئا فشيئا ، تماما كالنفخ في البالون،هاته التغييرات التي تُحْدِثها أطراف من قلب النظام، بِنِيَة قلب النظام، والتي ترتكز على التلاعب بقوانين وأسس معمول بها، من شأنها أن تتلاعب بمشاعر المواطنين فتثير حفيظته، وذلك بتغيير رجال الدولة ووقف ديمومة المشاريع والبرامج، التحكم في رجال الأعمال وإعطائهم سلطة الشريك السياسي الفاسد ، التلاعب بالقدرة الشرائية للشعب، التلاعب والمساس بالدين والهوية ، وكذا التربية الوطنية .
إن الانقلاب التمهيدي، هو انقلاب يأتي تحت غطاء انقلاب اقتصادي (فساد اقتصادي) وهو بمثابة تهيئة أرضية لحكم جديد قادم من هناك، القصد منه تحديث الاستعمار وتهيئة المستعمرات وما يتماشى وعصرنه الدول الاستعمارية.
الصور المرفقة
نوع الملف: png بوشارب رمضان.png‏ (56.8 كيلوبايت, المشاهدات 0)