رد: مكتبتي
11-10-2012, 06:11 PM
ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم وأسبابه
فتوفي عبدالمطلب بعد الفيل بثماني سنين كذلك حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن عبدالله بن أبي بكر وكان عبدالمطلب يوصي برسول الله صلى الله عليه و سلم عمه أبا طالب وذلك أن أبا طالب وعبدالله أبا رسول الله صلى الله عليه و سلم كانا لأم فكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد جده وكان يكون معه ثم إن أبا طالب خرج في ركب من قريش إلى الشام تاجرا فلما تهيأ للرحيل وأجمع السير ضب به رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يزعمون فرق له أبو طالب فقال والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدا أو كما قال فخرج به معه فلما نزل الركب بصرى من أرض الشأم وبها راهب يقال له بجيرى في صومعة له وكان ذا علم من أهل النصرانية ولم يزل في تلك الصومعة مذ قط راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيما يزعمون يتوارثون كابرا عن كابر فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى صنع لهم طعاما كثيرا وذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في صومعته عليه غمامة تظله من بين القوم ثم أقبلوا حتى نزلوا في ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى استظل تحتها فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته ثم أرسل إليهم فدعاهم جميعا فلما رأى بحيرى رسول الله صلى الله عليه و سلم جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته فلما فرغ القوم من الطعام وتفرقوا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أشياء في حاله في يقظته وفي نومه فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يخبره فيجدها بحيرى موافقة لما عنده من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه ثم قال بحيرى لعمه أبي طالب ما هذا الغلام منك قال ابني فقال له بحيرى ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا قال فإنه ابن أخي قال فما فعل أبوه قال مات وأمه حبلى به قال صدقت ارجع به إلى بلدك واحذر عليه يهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا فإنه كائن له شأن عظيم فأسرع به إلى بلده فخرج به عمه سريعا حتى أقدمه مكة
وقال هشام بن محمد خرج أبو طالب برسول الله صلى الله عليه و سلم إلى بصرى من أرض الشأم وهو ابن تسع سنين
حدثني العباس بن محمد قال حدثنا أبو نوح قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبي موسى قال خرج أبو طالب إلى الشأم وخرج معه رسول الله صلى الله عليه و سلم في أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا
(1/519)
________________________________________
يخرج إليهم ولا يلتفت قال فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين هذا يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ قريش ما علمك قال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم تبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدون إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من عضروف كتفه مثل التفاحة
ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به كان هو في رعية الإبل قال أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة فقال انظروا إليه عليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة فلما جلس مال فيء الشجرة عليه فقال انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه قال فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم ألا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه فالتفت فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال ما جاء بكم قالوا جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليها ناس وإنا اخترنا خيرة بعثنا إلى طريقك هذا قال لهم هل خلفتم خلفكم أحدا هو خير منكم قالوا لا إنما اخترنا خيرة لطريقك هذا قال أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا لا فتابعوه وأقاموا معه قال فأتاهم فقال أنشدكم الله أيكم وليه قالوا أبو طالب فلم يزل يناشده حتى رده وبعث معه أبو بكر رضي الله تعالى عنه بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن محمد بن عبدالله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه محمد بن علي عن جده علي بن أبي طالب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يحول الله بني وبين ما أريد من ذلك ثم ما هممت بسوء حتى أكرمني الله عز و جل برسالته فإني قد قلت ليلة لغلام من قريش كان يرعى معي بأعلى مكة لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر بها كما يسمر الشباب فقال أفعل فخرجت أريد ذلك حتى إذا جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالدفوف والمزامير فقلت ما هذا قالوا فلان بن فلان تزوج بفلانة بنت فلان فجلست أنظر إليهم فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس قال فجئت صاحبي فقال ما فعلت قلت ما صنعت شيئا ثم أخبرته الخبر قال ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك فقال أفعل فخرجت فسمعت حين جئت مكة مثل ما سمعت حين دخلت مكة تلك الليلة فجلست أنظر فضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فأخبرته الخبر ثم ما هممت بعدها بسوء حتى أكرمني الله عز و جل برسالته
(1/520)
________________________________________
ذكر تزويج النبي صلى الله عليه و سلم خديجة رضي الله عنها
قال هشام بن محمد نكح رسول الله صلى الله عليه و سلم خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة وخديجة يومئذ ابنة أربعين سنة
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سملة عن ابن إسحاق قال كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستتجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشأم تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله منها رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدما الشأم فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان فأطلع الراهب رأسه إلى ميسرة فقال من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة فقال له ميسرة هذا رجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم باع رسول الله صلى الله عليه و سلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد أن يشتري ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة فكان ميسرة فيما يزعمون إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظللانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعفت أو قريبا من ذلك وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامته فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت له فيما يزعمون يابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت عليه نفسها وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا كل قومها كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليها
فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر ذلك لأعمامه فخرج معه حمزة بن عبدالمطلب عمه حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها فولدت له ولده كلهم إلا إبراهيم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وبه كان يكنى صلى الله عليه و سلم والطاهر والطيب فأما القاسم والطاهر والطيب فهلكوا في الجاهلية وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه و سلم
حدثني الحارث قال حدثنا محمد بن سعد قال حدثنا محمد بن عمر قال حدثن معمر
(1/521)
________________________________________
وغيره عن ابن شهاب الزهري وقد قال ذلك غيره من أهل البلد إن خديجة إنما كانت استأجرت رسول الله صلى الله عليه و سلم ورجلا آخر من قريش إلى سوق حباشة بتهامة وكان الذي زوجها إياه خويلد وكان التي مشت في ذلك مولاة مولدة من مولدات مكة
قال الحارث قال محمد بن سعد قال الواقدي فكل هذا غلط
قال الواقدي ويقولون أيضا إن خديجة أرسلت إلى النبي صلى الله عليه و سلم تدعوه إلى نفسها تعني التزويج وكانت امرأة ذات شرف وكان كل قريش حريصا على نكاحها قد بذلوا الأموال لو طمعوا بذلك فدعت أباها فسقته خمرا حتى ثمل ونحرت بقرة وخلقته بخلوق وألبسته حلة حبرة ثم أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في عمومته فدخلوا عليه فزوجه فلما صحا قال ما هذا العقير وما هذا العبير وما هذا الحبير قالت زوجتني محمد بن عبدالله قال ما فعلت أنى أفعل هذا وقد خطبك أكابر قريش فلم أفعل
قال الواقدي وهذا غلط والثبت عندنا المحفوظ من حديث محمد بن عبدالله بن مسلم عن أبيه عن محمد بن جبير بن مطعم ومن حديث ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة ومن حديث ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن عمها عمرو بن أسد زوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم وأن أباها مات قبل الفجار
قال أبو جعفر وكان منزل خديجة يومئذ المنزل الذي يعرف بها اليوم فيقال منزل خديجة فاشتراه معاوية فيما ذكر فجعله مسجدا يصلي فيه الناس وبناه على الذي هو عليه اليوم لم يغير وأما الحجر الذي على باب البيت عن يسار من يدخل البيت فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يجلس تحته يستتر به من الرمي إذا جاءه من دار أبي لهب ودار عدي بن حمراء الثقفي خلف دار ابن علقمة والحجر ذراع وشبر في ذراع
(1/522)
________________________________________
ذكر باقي الأخبار عن الكائن من أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن ينبأ وكان بين مولده ووقت نبوته من الأحداث في بلده
قال أبو جعفر قد ذكرنا قبل سبب تزويج النبي صلى الله عليه و سلم خديجة واختلاف المختلفين في ذلك ووقت نكاحه صلى الله عليه و سلم إياها وبعد السنة التي نكحها فيها رسول الله هدمت قريش الكعبة بعشر سنين ثم بنتها وذلك في قول ابن إسحاق في سنة خمس وثلاثين من مولد رسول الله صلى الله عليه و سلم
وكان سبب هدمهم إياها فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق أن الكعبة كانت رضمة فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها وذلك أن نفرا من قريش وغيرهم سرقوا كنز الكعبة وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة
وكان أمر غزالي الكعبة فيما حدثت عن هشام بن محمد عن أبيه أن الكعبة كانت رفعت حين غرق قوم نوح فأمر الله إبراهيم خليله عليه السلام وابنه إسماعيل أن يعيدا بناء الكعبة على أسها الأول فأعادا بناءها كا أنزل في القرآن وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( 1 ) فلم يكن له ولاة منذ زمن نوح عليه السلام وهو مرفوع ثم أمر الله عز و جل إبراهيم أن ينزل ابنه إسماعيل البيت لما أراد الله من كرامة من أكرمه بنبيه محمد صلى الله عليه و سلم فكان إبراهيم خليل الرحمن وابنه إسماعيل يليان البيت بعد عهد نوح ومكة يومئذ بلاقع ومن حول مكة يومئذ جرهم والعماليق فنكح إسماعيل عليه السلام امرأة من جرهم فقال في ذلك عمرو بن الحارث بن مضاض ... وصاهرنا من أكرم الناس والدا ... فأبناؤه منا ونحن الأصاهر ...
فولي البيت بعد إبراهيم إسماعيل وبعد إسماعيل نبت وأمه الجرهمية ثم مات نبت ولم يكثر ولد إسماعيل فغلبت جرهم على ولاية البيت فقال عمرو بن الحارث بن مضاض ... وكنا ولاة البيت من بعد نابت ... نطوف بذاك البيت والخير ظاهر ...
فكان أول من ولي من جرهم البيت مضاض ثم وليته بعده بنوه كابرا بعد كابر حتى بغت جرهم بمكة واستحلوا حرمتها وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها وظلموا من دخل مكة ثم لم يتناهوا حتى جعل الرجل منهم إذا لم يجد مكانا يزني فيه يدخل الكعبة فيزني فزعموا أن أسافا بغى بنائلة في جوف الكعبة فمسخا حجرين وكانت مكة في الجاهلية لا ظلم ولا بغي فيها ولا يستحل حرمتها ملك إلا هلك مكانه
(1/523)
________________________________________
فكانت تسمى الناسة وتسمى بكة تبك أعناق البغايا إذا بغوا فيها والجبابرة
قال ولما لم تتناه جرهم عن بغيها وتفرق أولاد عمرو بن عامر من اليمن فانخزع بنو حارثة بن عمرو فأوطنوا تهامة فسميت خزاعة وهم بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة وأسلم ومالك وملكان بنو أفصى بن حارثة فبعث الله على جرهم الرعفا والنمل فأفناهم فاجتمعت خزاعة ليجلوا من بقي ورئيسهم عمرو بن ربيعة بن حارثة وأمه فهيرة بنت عامر بن الحارث بن مضاض فاقتتلوا فلما أحس عامر بن الحارث بالهزيمة خرج بغزالي الكعبة وحجر الركن يلتمس التوبة وهو يقول ... لا هم إن جرهما عبادك ... الناس طرف وهم تلادك ... بهم قديما عمرت بلادك ...
فلم تقبل توبته فألقى غزالي الكعبة وحجر الركن في زمزم ثم دفنها وخرج من بقي من جرهم إلى أرض من أرض جهينة فجاءهم سيل أتي فذهب بهم فذلك قول أمية بن أبي الصلب ... وجرهم دمنوا تهامة في الدهر ... فسالت بجمعهم إضم ...
وولي البيت عمرو بن ربيعة وقال بنو قصي بل وليه عمرو بن الحارث الغبشاني وهو يقول ... ونحن ولينا البيت من بعد جرهم ... لنعمره من كل باغ وملحد ...
وقال ... واد حرام طيره ووحشه ... نحن ولاته فلا نغشه ...
وقال عامر بن الحارث ... كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر ... بلى نحن كنا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود العواثر ...
وقال ... يا أيها الناس سيروا إن قصركم ... أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا ... كنا أناسا كما كنتم فغيرنا ... دهر فأنتم كما كنا تكونونا ... حثوا المطي وأرخوا من أزمتها ... قبل الممات وقضوا ما تقضونا ...
يقول اعملوا لآخرتكم وافرغوا من حوائجكم في الدنيا فوليت خزاعة البيت غير أنه كان في قبائل مضر ثلاث خلال الإجازة بالحج للناس من عرفة وكان ذلك إلى الغوث بن مر وهو صوفة فكات إذا كانت الإجازة قالت العرب أجيزي صوفة والثانية الإفاضة من جمع غداة النحر إلى منى فكان ذلك إلى بني زيد بن عدوان فكان آخر من ولي ذلك منهم أبو سيارة عميلة بن الأعزل بن خالد بن سعد بن الحارث بن وابش بن زيد والثالثة النسيء للشهور الحرم فكان ذلك إلى القلمس وهو حذيفة بن فقيم بن عدي من بني مالك بن كنانة ثم بنيه حتى صار ذلك إلى آخرهم أبي ثمامة وهو جنادة بن عوف بن أمية بن قلع بن حذيفة وقام عليه الإسلام وقد عادت الحرم إلى أصلها فأحكمها الله وأبطل النسيء فلما كثرت معد تفرقت فذلك قول مهلهل
(1/524)
________________________________________
غنيت دارنا تهامة في الده ... ر وفيها بنو معد حلولا ...
وأما قريش فلم يفارقوا مكة فلما حفر عبدالمطلب زمزم وجد الغزالين غزالي الكعبة اللذين كانت جرهم دفنتهما فيه فاستخرجهما وكان من أمره وأمرهما ما قد ذكرت في موضع ذلك فيما مضى من هذا الكتاب قبل
رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق قال وكان الذي وجد عنده الكنز دويكا مولى لبني مليح بن عمرو من خزاعة فقطعت قريش يده من بينهم وكان ممن اتهم في ذلك الحارث بن عامر بن نوفل وأبو إهاب بن غزيز بن قيس بن سويد التميمي وكان أخا الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف لأمه وأبو لهب بن عبدالمطلب وهم الذين تزعم قريش أنهم وضعوا كنز الكعبة حين أخذوه عند دويك مولى بني مليح فلما اتهمتهم قريش دلوا على دويك فقطع ويقال هم وضعوه عنده
وذكروا أن قريشا حين استيقنوا بأن ذلك كان عند الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خرجوا به إلى كاهنة من كهان العرب فسجعت عليه من كهانتها بألا يدخل مكة عشر سنين بما استحل من حرمة الكعبة فزعموا أنهم أخرجوه من مكة فكان فيما حولها عشر سنين وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم فتحطمت فأخذوا خشبها فأعدوه لسقفها وكان بمكة رجل قبطي نجار فتهيأ لهم في أنفسهم بعض ما يصلحها وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي يطرح فيها ما يهدى لها كل يوم فتشرف على جدار الكعبة فكانوا يهابونها وذلك أنه كان لا يدنوا منها أحد إلا احزألت وكشت وفتحت فاها فبينا هي يوما تشرف على جدار الكعبة كما كانت تصنع بعث الله عليها طائرا فاختطفها فذهب بها فقالت قريش إنا لنرجو أن يكون الله عز و جل قد رضي ما أردنا عندنا عامل رقيق وعندنا خشب وقد كفانا الله [ أمر ] الحية وذلك بعد الفجار بخمس عشرة سنة ورسول الله صلى الله عليه و سلم عامئذ ابن خمس وثلاثين سنة
فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم فتناول من الكعبة حجرا فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا ولا تدخلوا فيها مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس
قال والناس ينحلون هذا الكلام الوليد بن المغيرة حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد بن إسحاق عن عبدالله بن أبي نجيح المكي أنه حدث عن عبدالله بن صفوان بن أمية بن خلف أنه رأى ابنا لجعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم يطوف بالبيت فسأل عنه فقيل له هذا ابن لجعدة بن هبيرة فقال عند ذلك عبدالله بن صفوان جد هذا يعني أبا وهب الذي أخذ من الكعبة حجرا حين اجتمعت قريش لهدمها فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال عند ذلك يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا لا تدخلوا فيها مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد
وأبو وهب خال أبي رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان شريفا
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد بن إسحاق قال ثم إن قريشا تجزأت الكعبة فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وتيم
(1/525)
________________________________________
وقبائل من قريش ضموا إليهم وكان ظهر الكعبة لبني جمح وبني سهم وكان شق الحجر وهو الحطيم لبني عبدالدار بن قصي ولبني أسد بن عبدالعزى بن قصي وبني عدي بن كعب
ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه فقال الوليد بن المغيرة أنا أبدؤكم في هدمها فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول اللهم لم ترع اللهم لا نريد إلا الخير ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس به تلك الليلة وقالوا ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله ما صنعنا هدمنا
فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله فهدم والناس معه حتى انتهى الهدم إلى الأساس فأفضوا إلى حجارة خضر كأنها أسنة آخذ بعضها ببعض
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد بن إسحاق عن بعض من يروي الحديث أن رجلا من قريش ممن كان يهدمها أدخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما فلما تحرم الحجر انتقضت مكة بأسرها فانتهوا عند ذلك إلى الأساس
قال ثم إن القبائل جمعت الحجارة لبنائها جعلت كل قبيلة تجمع على حدتها ثم بنوا حتى إذا بلغ البنيان موضع الركن اختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوزوا وتحالفوا وتواعدوا للقتال فقربت بنو عبدالدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم من الجفنة فسموا لعقة الدم بذلك فمكثت قريش أربع ليال أو خمس ليال على ذلك ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا وتناصفوا فزعم بعض الرواة أن أبا أمية بن المغيرة كان عامئذ أسن قريش كلها قال يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه فكان أول من دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما رأوه قالوا هذا الأمين قد رضينا به هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال هلم لي ثوبا فأتي به فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه بيده ثم بنى عليه وكانت قريش تسمي رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن ينزل عليه الوحي الأمين
قال أبو جعفر وكان بناء قريش الكعبة بعد الفجار بخمس عشرة سنة وكان بين عام الفيل وعام الفجار عشرون سنة
واختلف السلف في سن رسول الله صلى الله عليه و سلم حين نبيء كم كانت فقال بعضهم نبئ رسول الله صلى الله عليه و سلم بعدما بنت قريش الكعبة بخمس سنين وبعدما تمت له من مولده أربعون سنة
ذكر من قال ذلك
حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال حدثنا آدم قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا أبو جمرة الضبعي عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم لأربعين سنة
حدثنا عمرو بن علي وابن المثنى قالا حدثنا يحيى بن محمد بن قيس قال سمعت ربيعة بن أبي عبدالرحمن يذكر عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث على رأس أربعين
(1/526)
________________________________________
حدثنا العباس بن الوليد قال أخبرني أبي قال حدثن الأوزاعي قال حدثني ربيعة بن أبي عبدالرحمن قال حدثني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث على رأس أربعين
حدثني ابن عبدالرحيم البرقي قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال حدثني ربيعة بن أبي عبدالرحمن قال حدثني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث على رأس أربعين
حدثني أبو شرحبيل الحمصي قال حدثني أبو اليمان قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن أنس بن مالك قال أنزل على النبي صلى الله عليه و سلم وهو ابن أربعين
حدثنا ابن المثنى قال حدثنا الحجاج بن المنهال قال حدثنا حماد قال حدثنا عمرو بن دينار عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو ابن أربعين
حدثنا ابن المثنى قال حدثنا الحجاج عن حماد قال أخبرنا عمرو عن يحيى بن جعدة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لفاطمة إنه كان يعرض علي القرآن كل عام مرة وإنه قد عرض علي العام مرتين وإنه قد خيل إلي أن أجلي قد حضر وأن أول أهلي لحاقا بي أنت وإنه لم يبعث نبي إلا بعث الذي بعده بنصف من عمره وبعث عيسى لأربعين وبعثت لعشرين
حدثني عبيد بن محمد الوراق قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا هشام قال حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم لأربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة
حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو أسامة ومحمد بن ميمون الزعفراني عن هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنزل عليه وهو ابن أريعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة
وقال آخرون بل نبئ حين نبئ وهو ابن ثلاث وأربعين سنة
ذكر من قال ذلك
حدثنا أحمد بن ثابت الرازي قال حدثنا أحمد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس قال أنزل على النبي صلى الله عليه و سلم وهو ابن ثلاث وأربعين سنة
حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال أنزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم الوحي وهو ابن ثلاث وأربعين سنة
حدثنا ابن المثنى قال حدثنا عبدالوهاب قال حدثنا يحيى بن سعيد قال سمعت سعيدا يعني ابن المسيب
يقول أنزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم الوحي وهو ابن ثلاث وأربعين سنة
(1/527)
________________________________________
ذكر اليوم الذي نبئ فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم من الشهر الذي نبئ فيه وما جاء في ذلك
قال ابو جعفر صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بما حدثنا به ابن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن غيلان بن جرير أنه سمع عبدالله بن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن صوم الاثنين فقال ذلك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل علي فيه
حدثنا احمد بن منصور قال حدثنا الحسن بن موسى الأشيب قال حدثن أبو هلال قا حدثنا غيلان بن جرير المعولي قال حدثنا عبدالله بن معبد الزماني عن أبي قتادة عن عمر رحمه الله أنه قال للنبي صلى الله عليه و سلم يا نبي الله صوم يوم الاثنين قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم أنزلت علي فيه النبوة
حدثنا إبراهيم بن سعيد قال حدثنا موسى بن داود عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عن ابن عباس قال ولد النبي صلى الله عليه و سلم يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين
قال أبو جعفر وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم
واختلفوا في أي الأثانين كان ذلك فقال بعضهم نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه و سلم لثماني عشرة خلت من رمضان
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار عن أيوب عن أبي قلابة عبدالله بن زيد الجرمي أنه كان يقول فيما بلغه وانتهى إليه من العلم أنزل القرقان على رسول الله صلى الله عليه و سلم لثماني عشرة ليلة خلت من رمضان
وقال آخرون بل أنزل لأربع وعشرين ليلة خلت منه
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق قال حدثني من لا يتهم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بن دعامة السدوسي عن ابي الجلد قال نزل الفرقان لأربع وعشرين ليلة خلت من رمضان
وقال آخرون بل نزل لسبع عشرة خلت من شهر رمضان واستشهدوا لتحقيق ذلك بقول الله
(1/528)
________________________________________
عز و جل وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ( 1 ) وذلك ملتقى رسول الله صلى الله عليه و سلم والمشركين ببدر وأن التقاء رسول الله صلى الله عليه و سلم والمشركين ببدر كان صبيحة سبع عشرة من رمضان
قال أبو جعفر وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم من قبل أن يظهر له جبريل عليه السلام برسالة الله عز و جل إليه فيما ذكر عنه يرى ويعاين آثارا وأسبابا من آثار من يريد الله إكرامه واختصاصه بفضله فكان من ذلك ما قد ذكرت فيما مضى من خبره عن الملكين اللذين أتياه فشقا بطنه واستخرجا ما فيه من الغل والدنس وهو عند أمه من الرضاعة حليمة ومن ذلك أنه كان إذا مر في طريق لا يمر فيما ذكر عنه بشجر ولا حجر فيه إلا سلم عليه
حدثني الحارث بن محمد قال حدثنا محمد بن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثنا علي بن محمد بن عبيدالله بن عمر بن الخطاب عن منصور بن عبدالرحمن عن أمه عن برة بنت أبي تجراة قالت إن رسول الله صلى الله عليه و سلم حين أراد الله كرامته وابتداءه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى لا يرى بيتا ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية فلا يمر بحجر ولا شجرة إلا قالت السلام عليك يا رسول الله فكان يلتفت عن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى أحدا
قال أبو جعفر وكانت الأمم تتحدث بمبعثه وتخبر علماء كل أمة منها قومها بذلك وقد حدثني الحارث قال حدثنا محمد بن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني علي بن عيسى الحكمي عن أبيه عن عامر بن ربيعة قال سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول أن أنتظر نبيا من ولد إسماعيل ثم من بني عبدالمطلب ولا أراني أدركه وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهده أنه نبي فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك قلت هلم قال هو رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ولا بكثير الشعر ولا بقليله وليست تفارق عينيه حمرة وخاتم النبوة بين كتفيه واسمه أحمد وهذا البلد مولده ومبعثه ثم يخرجه قومه منها ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره فإياك أن تخدع عنه فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم فكل من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون هذا الدين وراءك وينعتونه مثل ما نعته لك ويقولون لم يبق نبي غيره
قال عامر فلما أسلمت أخبرت رسول الله صلى الله عليه و سلم قول زيد بن عمرو وأقرأته منه السلام فرد عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وترحم عليه وقال قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عمن لا يتهم عن عبدالله بن كعب مولى عثمان أنه حدث أن عمر بن الخطاب بينا هو جالس في الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ أقبل رجل من العرب داخل المسجد يريد عمر يعني ابن الخطاب فلما نظر إليه عمر قال إن الرجل لعلى شركه بعد ما فارقه أو لقد كان كاهنا في الجاهلية فسلم عليه الرجل ثم جلس فقال له عمر هل أسلمت فقال نعم فقال هل كنت كاهنا في الجاهلية فقال الرجل سبحان الله لقد استقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت فقال عمر اللهم غفرا قد كنا في الجاهلية على شر من ذلك نعبد الأصنام ونعتنق الأوثان حتى أكرمنا الله بالإسلام فقال نعم والله يا أمير المؤمنين لقد كنت كاهنا في الجاهلية
(1/529)
________________________________________
قال فأخبرنا ما أعجب ما جاءك به صاحبك قال جاءني قبل الإسلام بشهر أو سنة فقال لي ألم تر إلى الجن وإبلاسها وإياسها من دينها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها قال فقال عمر عند ذلك يحدث الناس والله إني لعند وثن من أوثان الجاهلية في نفر من قريش قد ذبح له رجل من العرب عجلا فنحن ننظر قسمه ليقسم لنا معه إذ سمعت من جوف العجل صوتا ما سمعت صوتا قط أنفذ منه وذلك قبل الإسلام بشهر أو شيعه يقول يا آل ذريح أمر بجيح ورجل يصيح يقول لا إله إلا الله
حدثنا ابن حميد قال حدثنا علي بن مجاهد عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبدالله بن كعب مولى عثمان بن عفان مثله
حدثنا الحارث قال حدثنا محمد بن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني محمد بن عبدالله عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال كنا جلوسا عند صنم ببوانة قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم بشهر نحرنا جزورا فإذا صائح يصيح من جوف واحدة اسمعوا إلى العجب ذهب استراق الوحي ونرمى بالشهب لنبي بمكة اسمه أحمد مهاجره إلى يثرب قال فأمسكنا وعجبنا وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم
حدثني أحمد بن سنان القطان الواسطي قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس أن رجلا من بني عامر أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال أرني الخاتم الذي بين كتفيك فإن يك بك طب داويتك فإني أطب العرب قال أتحب أن أريك آية قال نعم ادع ذاك العذق قال فنظر إلى عذق في نخلة فدعاه فجعل ينقز حتى قام بين يديه قال قل له فليرجع فرجع فقال العامري يا بني عامر ما رأيت كاليوم أسحر
قال أبو جعفر والأخبار عن الدلالة على نبوته صلى الله عليه و سلم أكثر من أن تحصى ولذلك
كتاب يفرد إن شاء الله
ونرجع الآن إلى
فتوفي عبدالمطلب بعد الفيل بثماني سنين كذلك حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن عبدالله بن أبي بكر وكان عبدالمطلب يوصي برسول الله صلى الله عليه و سلم عمه أبا طالب وذلك أن أبا طالب وعبدالله أبا رسول الله صلى الله عليه و سلم كانا لأم فكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد جده وكان يكون معه ثم إن أبا طالب خرج في ركب من قريش إلى الشام تاجرا فلما تهيأ للرحيل وأجمع السير ضب به رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يزعمون فرق له أبو طالب فقال والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدا أو كما قال فخرج به معه فلما نزل الركب بصرى من أرض الشأم وبها راهب يقال له بجيرى في صومعة له وكان ذا علم من أهل النصرانية ولم يزل في تلك الصومعة مذ قط راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيما يزعمون يتوارثون كابرا عن كابر فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى صنع لهم طعاما كثيرا وذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في صومعته عليه غمامة تظله من بين القوم ثم أقبلوا حتى نزلوا في ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى استظل تحتها فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته ثم أرسل إليهم فدعاهم جميعا فلما رأى بحيرى رسول الله صلى الله عليه و سلم جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته فلما فرغ القوم من الطعام وتفرقوا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أشياء في حاله في يقظته وفي نومه فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يخبره فيجدها بحيرى موافقة لما عنده من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه ثم قال بحيرى لعمه أبي طالب ما هذا الغلام منك قال ابني فقال له بحيرى ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا قال فإنه ابن أخي قال فما فعل أبوه قال مات وأمه حبلى به قال صدقت ارجع به إلى بلدك واحذر عليه يهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا فإنه كائن له شأن عظيم فأسرع به إلى بلده فخرج به عمه سريعا حتى أقدمه مكة
وقال هشام بن محمد خرج أبو طالب برسول الله صلى الله عليه و سلم إلى بصرى من أرض الشأم وهو ابن تسع سنين
حدثني العباس بن محمد قال حدثنا أبو نوح قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبي موسى قال خرج أبو طالب إلى الشأم وخرج معه رسول الله صلى الله عليه و سلم في أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا
(1/519)
________________________________________
يخرج إليهم ولا يلتفت قال فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين هذا يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ قريش ما علمك قال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم تبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدون إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من عضروف كتفه مثل التفاحة
ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به كان هو في رعية الإبل قال أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة فقال انظروا إليه عليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة فلما جلس مال فيء الشجرة عليه فقال انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه قال فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم ألا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه فالتفت فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال ما جاء بكم قالوا جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليها ناس وإنا اخترنا خيرة بعثنا إلى طريقك هذا قال لهم هل خلفتم خلفكم أحدا هو خير منكم قالوا لا إنما اخترنا خيرة لطريقك هذا قال أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا لا فتابعوه وأقاموا معه قال فأتاهم فقال أنشدكم الله أيكم وليه قالوا أبو طالب فلم يزل يناشده حتى رده وبعث معه أبو بكر رضي الله تعالى عنه بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن محمد بن عبدالله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه محمد بن علي عن جده علي بن أبي طالب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يحول الله بني وبين ما أريد من ذلك ثم ما هممت بسوء حتى أكرمني الله عز و جل برسالته فإني قد قلت ليلة لغلام من قريش كان يرعى معي بأعلى مكة لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر بها كما يسمر الشباب فقال أفعل فخرجت أريد ذلك حتى إذا جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالدفوف والمزامير فقلت ما هذا قالوا فلان بن فلان تزوج بفلانة بنت فلان فجلست أنظر إليهم فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس قال فجئت صاحبي فقال ما فعلت قلت ما صنعت شيئا ثم أخبرته الخبر قال ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك فقال أفعل فخرجت فسمعت حين جئت مكة مثل ما سمعت حين دخلت مكة تلك الليلة فجلست أنظر فضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فأخبرته الخبر ثم ما هممت بعدها بسوء حتى أكرمني الله عز و جل برسالته
(1/520)
________________________________________
ذكر تزويج النبي صلى الله عليه و سلم خديجة رضي الله عنها
قال هشام بن محمد نكح رسول الله صلى الله عليه و سلم خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة وخديجة يومئذ ابنة أربعين سنة
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سملة عن ابن إسحاق قال كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستتجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشأم تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله منها رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدما الشأم فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان فأطلع الراهب رأسه إلى ميسرة فقال من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة فقال له ميسرة هذا رجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم باع رسول الله صلى الله عليه و سلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد أن يشتري ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة فكان ميسرة فيما يزعمون إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظللانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعفت أو قريبا من ذلك وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامته فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت له فيما يزعمون يابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت عليه نفسها وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا كل قومها كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليها
فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر ذلك لأعمامه فخرج معه حمزة بن عبدالمطلب عمه حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها فولدت له ولده كلهم إلا إبراهيم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وبه كان يكنى صلى الله عليه و سلم والطاهر والطيب فأما القاسم والطاهر والطيب فهلكوا في الجاهلية وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه و سلم
حدثني الحارث قال حدثنا محمد بن سعد قال حدثنا محمد بن عمر قال حدثن معمر
(1/521)
________________________________________
وغيره عن ابن شهاب الزهري وقد قال ذلك غيره من أهل البلد إن خديجة إنما كانت استأجرت رسول الله صلى الله عليه و سلم ورجلا آخر من قريش إلى سوق حباشة بتهامة وكان الذي زوجها إياه خويلد وكان التي مشت في ذلك مولاة مولدة من مولدات مكة
قال الحارث قال محمد بن سعد قال الواقدي فكل هذا غلط
قال الواقدي ويقولون أيضا إن خديجة أرسلت إلى النبي صلى الله عليه و سلم تدعوه إلى نفسها تعني التزويج وكانت امرأة ذات شرف وكان كل قريش حريصا على نكاحها قد بذلوا الأموال لو طمعوا بذلك فدعت أباها فسقته خمرا حتى ثمل ونحرت بقرة وخلقته بخلوق وألبسته حلة حبرة ثم أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في عمومته فدخلوا عليه فزوجه فلما صحا قال ما هذا العقير وما هذا العبير وما هذا الحبير قالت زوجتني محمد بن عبدالله قال ما فعلت أنى أفعل هذا وقد خطبك أكابر قريش فلم أفعل
قال الواقدي وهذا غلط والثبت عندنا المحفوظ من حديث محمد بن عبدالله بن مسلم عن أبيه عن محمد بن جبير بن مطعم ومن حديث ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة ومن حديث ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن عمها عمرو بن أسد زوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم وأن أباها مات قبل الفجار
قال أبو جعفر وكان منزل خديجة يومئذ المنزل الذي يعرف بها اليوم فيقال منزل خديجة فاشتراه معاوية فيما ذكر فجعله مسجدا يصلي فيه الناس وبناه على الذي هو عليه اليوم لم يغير وأما الحجر الذي على باب البيت عن يسار من يدخل البيت فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يجلس تحته يستتر به من الرمي إذا جاءه من دار أبي لهب ودار عدي بن حمراء الثقفي خلف دار ابن علقمة والحجر ذراع وشبر في ذراع
(1/522)
________________________________________
ذكر باقي الأخبار عن الكائن من أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن ينبأ وكان بين مولده ووقت نبوته من الأحداث في بلده
قال أبو جعفر قد ذكرنا قبل سبب تزويج النبي صلى الله عليه و سلم خديجة واختلاف المختلفين في ذلك ووقت نكاحه صلى الله عليه و سلم إياها وبعد السنة التي نكحها فيها رسول الله هدمت قريش الكعبة بعشر سنين ثم بنتها وذلك في قول ابن إسحاق في سنة خمس وثلاثين من مولد رسول الله صلى الله عليه و سلم
وكان سبب هدمهم إياها فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق أن الكعبة كانت رضمة فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها وذلك أن نفرا من قريش وغيرهم سرقوا كنز الكعبة وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة
وكان أمر غزالي الكعبة فيما حدثت عن هشام بن محمد عن أبيه أن الكعبة كانت رفعت حين غرق قوم نوح فأمر الله إبراهيم خليله عليه السلام وابنه إسماعيل أن يعيدا بناء الكعبة على أسها الأول فأعادا بناءها كا أنزل في القرآن وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( 1 ) فلم يكن له ولاة منذ زمن نوح عليه السلام وهو مرفوع ثم أمر الله عز و جل إبراهيم أن ينزل ابنه إسماعيل البيت لما أراد الله من كرامة من أكرمه بنبيه محمد صلى الله عليه و سلم فكان إبراهيم خليل الرحمن وابنه إسماعيل يليان البيت بعد عهد نوح ومكة يومئذ بلاقع ومن حول مكة يومئذ جرهم والعماليق فنكح إسماعيل عليه السلام امرأة من جرهم فقال في ذلك عمرو بن الحارث بن مضاض ... وصاهرنا من أكرم الناس والدا ... فأبناؤه منا ونحن الأصاهر ...
فولي البيت بعد إبراهيم إسماعيل وبعد إسماعيل نبت وأمه الجرهمية ثم مات نبت ولم يكثر ولد إسماعيل فغلبت جرهم على ولاية البيت فقال عمرو بن الحارث بن مضاض ... وكنا ولاة البيت من بعد نابت ... نطوف بذاك البيت والخير ظاهر ...
فكان أول من ولي من جرهم البيت مضاض ثم وليته بعده بنوه كابرا بعد كابر حتى بغت جرهم بمكة واستحلوا حرمتها وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها وظلموا من دخل مكة ثم لم يتناهوا حتى جعل الرجل منهم إذا لم يجد مكانا يزني فيه يدخل الكعبة فيزني فزعموا أن أسافا بغى بنائلة في جوف الكعبة فمسخا حجرين وكانت مكة في الجاهلية لا ظلم ولا بغي فيها ولا يستحل حرمتها ملك إلا هلك مكانه
(1/523)
________________________________________
فكانت تسمى الناسة وتسمى بكة تبك أعناق البغايا إذا بغوا فيها والجبابرة
قال ولما لم تتناه جرهم عن بغيها وتفرق أولاد عمرو بن عامر من اليمن فانخزع بنو حارثة بن عمرو فأوطنوا تهامة فسميت خزاعة وهم بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة وأسلم ومالك وملكان بنو أفصى بن حارثة فبعث الله على جرهم الرعفا والنمل فأفناهم فاجتمعت خزاعة ليجلوا من بقي ورئيسهم عمرو بن ربيعة بن حارثة وأمه فهيرة بنت عامر بن الحارث بن مضاض فاقتتلوا فلما أحس عامر بن الحارث بالهزيمة خرج بغزالي الكعبة وحجر الركن يلتمس التوبة وهو يقول ... لا هم إن جرهما عبادك ... الناس طرف وهم تلادك ... بهم قديما عمرت بلادك ...
فلم تقبل توبته فألقى غزالي الكعبة وحجر الركن في زمزم ثم دفنها وخرج من بقي من جرهم إلى أرض من أرض جهينة فجاءهم سيل أتي فذهب بهم فذلك قول أمية بن أبي الصلب ... وجرهم دمنوا تهامة في الدهر ... فسالت بجمعهم إضم ...
وولي البيت عمرو بن ربيعة وقال بنو قصي بل وليه عمرو بن الحارث الغبشاني وهو يقول ... ونحن ولينا البيت من بعد جرهم ... لنعمره من كل باغ وملحد ...
وقال ... واد حرام طيره ووحشه ... نحن ولاته فلا نغشه ...
وقال عامر بن الحارث ... كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر ... بلى نحن كنا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود العواثر ...
وقال ... يا أيها الناس سيروا إن قصركم ... أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا ... كنا أناسا كما كنتم فغيرنا ... دهر فأنتم كما كنا تكونونا ... حثوا المطي وأرخوا من أزمتها ... قبل الممات وقضوا ما تقضونا ...
يقول اعملوا لآخرتكم وافرغوا من حوائجكم في الدنيا فوليت خزاعة البيت غير أنه كان في قبائل مضر ثلاث خلال الإجازة بالحج للناس من عرفة وكان ذلك إلى الغوث بن مر وهو صوفة فكات إذا كانت الإجازة قالت العرب أجيزي صوفة والثانية الإفاضة من جمع غداة النحر إلى منى فكان ذلك إلى بني زيد بن عدوان فكان آخر من ولي ذلك منهم أبو سيارة عميلة بن الأعزل بن خالد بن سعد بن الحارث بن وابش بن زيد والثالثة النسيء للشهور الحرم فكان ذلك إلى القلمس وهو حذيفة بن فقيم بن عدي من بني مالك بن كنانة ثم بنيه حتى صار ذلك إلى آخرهم أبي ثمامة وهو جنادة بن عوف بن أمية بن قلع بن حذيفة وقام عليه الإسلام وقد عادت الحرم إلى أصلها فأحكمها الله وأبطل النسيء فلما كثرت معد تفرقت فذلك قول مهلهل
(1/524)
________________________________________
غنيت دارنا تهامة في الده ... ر وفيها بنو معد حلولا ...
وأما قريش فلم يفارقوا مكة فلما حفر عبدالمطلب زمزم وجد الغزالين غزالي الكعبة اللذين كانت جرهم دفنتهما فيه فاستخرجهما وكان من أمره وأمرهما ما قد ذكرت في موضع ذلك فيما مضى من هذا الكتاب قبل
رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق قال وكان الذي وجد عنده الكنز دويكا مولى لبني مليح بن عمرو من خزاعة فقطعت قريش يده من بينهم وكان ممن اتهم في ذلك الحارث بن عامر بن نوفل وأبو إهاب بن غزيز بن قيس بن سويد التميمي وكان أخا الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف لأمه وأبو لهب بن عبدالمطلب وهم الذين تزعم قريش أنهم وضعوا كنز الكعبة حين أخذوه عند دويك مولى بني مليح فلما اتهمتهم قريش دلوا على دويك فقطع ويقال هم وضعوه عنده
وذكروا أن قريشا حين استيقنوا بأن ذلك كان عند الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خرجوا به إلى كاهنة من كهان العرب فسجعت عليه من كهانتها بألا يدخل مكة عشر سنين بما استحل من حرمة الكعبة فزعموا أنهم أخرجوه من مكة فكان فيما حولها عشر سنين وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم فتحطمت فأخذوا خشبها فأعدوه لسقفها وكان بمكة رجل قبطي نجار فتهيأ لهم في أنفسهم بعض ما يصلحها وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي يطرح فيها ما يهدى لها كل يوم فتشرف على جدار الكعبة فكانوا يهابونها وذلك أنه كان لا يدنوا منها أحد إلا احزألت وكشت وفتحت فاها فبينا هي يوما تشرف على جدار الكعبة كما كانت تصنع بعث الله عليها طائرا فاختطفها فذهب بها فقالت قريش إنا لنرجو أن يكون الله عز و جل قد رضي ما أردنا عندنا عامل رقيق وعندنا خشب وقد كفانا الله [ أمر ] الحية وذلك بعد الفجار بخمس عشرة سنة ورسول الله صلى الله عليه و سلم عامئذ ابن خمس وثلاثين سنة
فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم فتناول من الكعبة حجرا فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا ولا تدخلوا فيها مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس
قال والناس ينحلون هذا الكلام الوليد بن المغيرة حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد بن إسحاق عن عبدالله بن أبي نجيح المكي أنه حدث عن عبدالله بن صفوان بن أمية بن خلف أنه رأى ابنا لجعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم يطوف بالبيت فسأل عنه فقيل له هذا ابن لجعدة بن هبيرة فقال عند ذلك عبدالله بن صفوان جد هذا يعني أبا وهب الذي أخذ من الكعبة حجرا حين اجتمعت قريش لهدمها فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال عند ذلك يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا لا تدخلوا فيها مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد
وأبو وهب خال أبي رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان شريفا
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد بن إسحاق قال ثم إن قريشا تجزأت الكعبة فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وتيم
(1/525)
________________________________________
وقبائل من قريش ضموا إليهم وكان ظهر الكعبة لبني جمح وبني سهم وكان شق الحجر وهو الحطيم لبني عبدالدار بن قصي ولبني أسد بن عبدالعزى بن قصي وبني عدي بن كعب
ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه فقال الوليد بن المغيرة أنا أبدؤكم في هدمها فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول اللهم لم ترع اللهم لا نريد إلا الخير ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس به تلك الليلة وقالوا ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله ما صنعنا هدمنا
فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله فهدم والناس معه حتى انتهى الهدم إلى الأساس فأفضوا إلى حجارة خضر كأنها أسنة آخذ بعضها ببعض
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد بن إسحاق عن بعض من يروي الحديث أن رجلا من قريش ممن كان يهدمها أدخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما فلما تحرم الحجر انتقضت مكة بأسرها فانتهوا عند ذلك إلى الأساس
قال ثم إن القبائل جمعت الحجارة لبنائها جعلت كل قبيلة تجمع على حدتها ثم بنوا حتى إذا بلغ البنيان موضع الركن اختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوزوا وتحالفوا وتواعدوا للقتال فقربت بنو عبدالدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم من الجفنة فسموا لعقة الدم بذلك فمكثت قريش أربع ليال أو خمس ليال على ذلك ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا وتناصفوا فزعم بعض الرواة أن أبا أمية بن المغيرة كان عامئذ أسن قريش كلها قال يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه فكان أول من دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما رأوه قالوا هذا الأمين قد رضينا به هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال هلم لي ثوبا فأتي به فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه بيده ثم بنى عليه وكانت قريش تسمي رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن ينزل عليه الوحي الأمين
قال أبو جعفر وكان بناء قريش الكعبة بعد الفجار بخمس عشرة سنة وكان بين عام الفيل وعام الفجار عشرون سنة
واختلف السلف في سن رسول الله صلى الله عليه و سلم حين نبيء كم كانت فقال بعضهم نبئ رسول الله صلى الله عليه و سلم بعدما بنت قريش الكعبة بخمس سنين وبعدما تمت له من مولده أربعون سنة
ذكر من قال ذلك
حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال حدثنا آدم قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا أبو جمرة الضبعي عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم لأربعين سنة
حدثنا عمرو بن علي وابن المثنى قالا حدثنا يحيى بن محمد بن قيس قال سمعت ربيعة بن أبي عبدالرحمن يذكر عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث على رأس أربعين
(1/526)
________________________________________
حدثنا العباس بن الوليد قال أخبرني أبي قال حدثن الأوزاعي قال حدثني ربيعة بن أبي عبدالرحمن قال حدثني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث على رأس أربعين
حدثني ابن عبدالرحيم البرقي قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال حدثني ربيعة بن أبي عبدالرحمن قال حدثني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث على رأس أربعين
حدثني أبو شرحبيل الحمصي قال حدثني أبو اليمان قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن أنس بن مالك قال أنزل على النبي صلى الله عليه و سلم وهو ابن أربعين
حدثنا ابن المثنى قال حدثنا الحجاج بن المنهال قال حدثنا حماد قال حدثنا عمرو بن دينار عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو ابن أربعين
حدثنا ابن المثنى قال حدثنا الحجاج عن حماد قال أخبرنا عمرو عن يحيى بن جعدة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لفاطمة إنه كان يعرض علي القرآن كل عام مرة وإنه قد عرض علي العام مرتين وإنه قد خيل إلي أن أجلي قد حضر وأن أول أهلي لحاقا بي أنت وإنه لم يبعث نبي إلا بعث الذي بعده بنصف من عمره وبعث عيسى لأربعين وبعثت لعشرين
حدثني عبيد بن محمد الوراق قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا هشام قال حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم لأربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة
حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو أسامة ومحمد بن ميمون الزعفراني عن هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنزل عليه وهو ابن أريعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة
وقال آخرون بل نبئ حين نبئ وهو ابن ثلاث وأربعين سنة
ذكر من قال ذلك
حدثنا أحمد بن ثابت الرازي قال حدثنا أحمد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس قال أنزل على النبي صلى الله عليه و سلم وهو ابن ثلاث وأربعين سنة
حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال أنزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم الوحي وهو ابن ثلاث وأربعين سنة
حدثنا ابن المثنى قال حدثنا عبدالوهاب قال حدثنا يحيى بن سعيد قال سمعت سعيدا يعني ابن المسيب
يقول أنزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم الوحي وهو ابن ثلاث وأربعين سنة
(1/527)
________________________________________
ذكر اليوم الذي نبئ فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم من الشهر الذي نبئ فيه وما جاء في ذلك
قال ابو جعفر صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بما حدثنا به ابن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن غيلان بن جرير أنه سمع عبدالله بن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن صوم الاثنين فقال ذلك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل علي فيه
حدثنا احمد بن منصور قال حدثنا الحسن بن موسى الأشيب قال حدثن أبو هلال قا حدثنا غيلان بن جرير المعولي قال حدثنا عبدالله بن معبد الزماني عن أبي قتادة عن عمر رحمه الله أنه قال للنبي صلى الله عليه و سلم يا نبي الله صوم يوم الاثنين قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم أنزلت علي فيه النبوة
حدثنا إبراهيم بن سعيد قال حدثنا موسى بن داود عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عن ابن عباس قال ولد النبي صلى الله عليه و سلم يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين
قال أبو جعفر وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم
واختلفوا في أي الأثانين كان ذلك فقال بعضهم نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه و سلم لثماني عشرة خلت من رمضان
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار عن أيوب عن أبي قلابة عبدالله بن زيد الجرمي أنه كان يقول فيما بلغه وانتهى إليه من العلم أنزل القرقان على رسول الله صلى الله عليه و سلم لثماني عشرة ليلة خلت من رمضان
وقال آخرون بل أنزل لأربع وعشرين ليلة خلت منه
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق قال حدثني من لا يتهم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بن دعامة السدوسي عن ابي الجلد قال نزل الفرقان لأربع وعشرين ليلة خلت من رمضان
وقال آخرون بل نزل لسبع عشرة خلت من شهر رمضان واستشهدوا لتحقيق ذلك بقول الله
(1/528)
________________________________________
عز و جل وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ( 1 ) وذلك ملتقى رسول الله صلى الله عليه و سلم والمشركين ببدر وأن التقاء رسول الله صلى الله عليه و سلم والمشركين ببدر كان صبيحة سبع عشرة من رمضان
قال أبو جعفر وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم من قبل أن يظهر له جبريل عليه السلام برسالة الله عز و جل إليه فيما ذكر عنه يرى ويعاين آثارا وأسبابا من آثار من يريد الله إكرامه واختصاصه بفضله فكان من ذلك ما قد ذكرت فيما مضى من خبره عن الملكين اللذين أتياه فشقا بطنه واستخرجا ما فيه من الغل والدنس وهو عند أمه من الرضاعة حليمة ومن ذلك أنه كان إذا مر في طريق لا يمر فيما ذكر عنه بشجر ولا حجر فيه إلا سلم عليه
حدثني الحارث بن محمد قال حدثنا محمد بن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثنا علي بن محمد بن عبيدالله بن عمر بن الخطاب عن منصور بن عبدالرحمن عن أمه عن برة بنت أبي تجراة قالت إن رسول الله صلى الله عليه و سلم حين أراد الله كرامته وابتداءه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى لا يرى بيتا ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية فلا يمر بحجر ولا شجرة إلا قالت السلام عليك يا رسول الله فكان يلتفت عن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى أحدا
قال أبو جعفر وكانت الأمم تتحدث بمبعثه وتخبر علماء كل أمة منها قومها بذلك وقد حدثني الحارث قال حدثنا محمد بن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني علي بن عيسى الحكمي عن أبيه عن عامر بن ربيعة قال سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول أن أنتظر نبيا من ولد إسماعيل ثم من بني عبدالمطلب ولا أراني أدركه وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهده أنه نبي فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك قلت هلم قال هو رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ولا بكثير الشعر ولا بقليله وليست تفارق عينيه حمرة وخاتم النبوة بين كتفيه واسمه أحمد وهذا البلد مولده ومبعثه ثم يخرجه قومه منها ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره فإياك أن تخدع عنه فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم فكل من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون هذا الدين وراءك وينعتونه مثل ما نعته لك ويقولون لم يبق نبي غيره
قال عامر فلما أسلمت أخبرت رسول الله صلى الله عليه و سلم قول زيد بن عمرو وأقرأته منه السلام فرد عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وترحم عليه وقال قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عمن لا يتهم عن عبدالله بن كعب مولى عثمان أنه حدث أن عمر بن الخطاب بينا هو جالس في الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ أقبل رجل من العرب داخل المسجد يريد عمر يعني ابن الخطاب فلما نظر إليه عمر قال إن الرجل لعلى شركه بعد ما فارقه أو لقد كان كاهنا في الجاهلية فسلم عليه الرجل ثم جلس فقال له عمر هل أسلمت فقال نعم فقال هل كنت كاهنا في الجاهلية فقال الرجل سبحان الله لقد استقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت فقال عمر اللهم غفرا قد كنا في الجاهلية على شر من ذلك نعبد الأصنام ونعتنق الأوثان حتى أكرمنا الله بالإسلام فقال نعم والله يا أمير المؤمنين لقد كنت كاهنا في الجاهلية
(1/529)
________________________________________
قال فأخبرنا ما أعجب ما جاءك به صاحبك قال جاءني قبل الإسلام بشهر أو سنة فقال لي ألم تر إلى الجن وإبلاسها وإياسها من دينها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها قال فقال عمر عند ذلك يحدث الناس والله إني لعند وثن من أوثان الجاهلية في نفر من قريش قد ذبح له رجل من العرب عجلا فنحن ننظر قسمه ليقسم لنا معه إذ سمعت من جوف العجل صوتا ما سمعت صوتا قط أنفذ منه وذلك قبل الإسلام بشهر أو شيعه يقول يا آل ذريح أمر بجيح ورجل يصيح يقول لا إله إلا الله
حدثنا ابن حميد قال حدثنا علي بن مجاهد عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبدالله بن كعب مولى عثمان بن عفان مثله
حدثنا الحارث قال حدثنا محمد بن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني محمد بن عبدالله عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال كنا جلوسا عند صنم ببوانة قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم بشهر نحرنا جزورا فإذا صائح يصيح من جوف واحدة اسمعوا إلى العجب ذهب استراق الوحي ونرمى بالشهب لنبي بمكة اسمه أحمد مهاجره إلى يثرب قال فأمسكنا وعجبنا وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم
حدثني أحمد بن سنان القطان الواسطي قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس أن رجلا من بني عامر أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال أرني الخاتم الذي بين كتفيك فإن يك بك طب داويتك فإني أطب العرب قال أتحب أن أريك آية قال نعم ادع ذاك العذق قال فنظر إلى عذق في نخلة فدعاه فجعل ينقز حتى قام بين يديه قال قل له فليرجع فرجع فقال العامري يا بني عامر ما رأيت كاليوم أسحر
قال أبو جعفر والأخبار عن الدلالة على نبوته صلى الله عليه و سلم أكثر من أن تحصى ولذلك
كتاب يفرد إن شاء الله
ونرجع الآن إلى
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81
يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
من مواضيعي
0 لكل اعداء الحكومات
0 لكل اعداء الحكومات
0 نعم او لا
0 يا محمد امتك ما احمدت
0 ايها الغبي هل تصفحت القرءان..؟
0 اللغة
0 لكل اعداء الحكومات
0 نعم او لا
0 يا محمد امتك ما احمدت
0 ايها الغبي هل تصفحت القرءان..؟
0 اللغة
التعديل الأخير تم بواسطة بنالعياط ; 11-10-2012 الساعة 07:24 PM