البقاء للزعيم....وعظَّم الله أجركم في الشعب الفقيد
03-03-2012, 08:24 PM
البقاء للزعيم....وعظَّم الله أجركم في الشعب الفقيد
عبّر الربيع العربي عن تمسك شعوبنا بقيمة أصيلة فيه،هي كرمه الباذخ في وداع الرؤساء الراحلين قسراً عن كراسيهم الضخمة.فكان عليه أن يدفع بخيرة أبنائه قرابين شكر ما زالت تحرق الأخضر واليابس وتشعل الثلج الرازح تحت حميم -بسالة الزعماء- دفاعاً عن حقوقهم التي -تطمع -الشعوب في الاستحواذ عليها.
انتصرت الثورة في تونس الخضراء،والنتيجة بعض مشاهد فاضحة للزعيم المنكوب،وتهديد بمنع نانسي عجرم من المشاركة في مهرجان قرطاج السنوي،ناهيك عن ورع شديد في التعامل مع القضية المركزية للعرب من محيطهم إلى خليجهم رغم ما يهدد الأقصى من احتمالات الزوال إلى الأبد،إضافة إلى احتضان بارد لجمهرة -أصدقاء سوريا-.
وفي مصر ..مضى عام ونيف على انتصار الثورة،وها هو الزعيم المبارك يرصد الحدث اليومي من بين القضبان منتظراً مصيره المأساوي.والنتيجة مزيد من الضحايا ومجلس شعب يكرس الاختلاف التناحري،والتشظي باحثاً عن -بديل ثوري- للمنافسة التقليدية بين الأهلي والزمالك.
المسافة بين المؤسسة العسكرية الخبيرة بشؤون البلاد وبين فتوحات الإسلاميين ما زالت محشوة بالديناميت والترقب ونصب الكمائن.
السلطة تملك السيطرة على معظم مقدرات البلاد،أما الأحزاب المغامرة فليس لديها إلا أن تجعل من الشعب درعاً بشرياً في وجه الماكنة الضخمة التي لن تتنازل عن هيبتها رغم رحيل الآمر الناهي المبارك.
ما هو اللون الحقيقي الذي أفرزته الثورة حتى الآن؟ في ظل تراكم الأسئلة حول حرية التعبير والمعتقد،إعادة البناء،السياسة الخارجية وربط العامل الذاتي بالموضوعي المتحرك في كل الاتجاهات كي يشعل المنطقة بأسرها إمعاناً في مخطط إعادة التقسيم والشرذمة ورسم خارطة جيوسياسية تتوافق مع الملف الاقتصادي العائم على وجه الولايات المتحدة وأعوانها في المنطقة.؟؟؟
وفي ليبيا لم يكن الوضع أوفر حظاً في ظل بقاء العناصر المحركة للتوتر فاعلة،حتى وصل الصدام إلى من قاموا بالثورة وتزعموها بتحالف واضح مع حلف الناتو وطائراته.
ترى ما شكل وحجم الثمن المطلوب مقابل هذه الخدمة؟
هل كانت الثورة فعلاً مؤسساً على وعي سياسي ممنهج لأحزاب تملك برامج سياسية واضحة مناهضة لنظام الحكم المخلوع؟أم أنها ما زالت محكومة بقبلية سياسية لا تفضي إلا إلى استمرار الثأرية السياسية والنزاع على مكتسبات الثورة الجليلة؟
إن التسويف في تقديم برنامج وطني شامل،بعيد هزيمة النظام السابق يدل على غياب الرؤية الاستشرافية لمن قاموا بالثورة،بمعنى غياب المسلكية الممنهجة ،فهي تقترب وتبتعد وفقاً لحراك عشوائي غير منضبط الإيقاع قد يؤدي إلى دفع ثمن باهظ يرهن ثروة البلاد لأجيال قادمة لمصلحة المستعمرين الجدد.
وفي سورية....يستمر حمام الدم،وتقترب البلاد من منعطف مجنون يلوح بتنام كارثي على صعيد المنطقة.
من هي أطراف الصراع في سورية؟
وما هي طبيعة البرنامج السياسي المعارض؟
في بلد مثل سورية ،استطاع حزب البعث الانفراد بالسلطة كحزب توتاليتاري متزعماً طيلة الفترة الماضية ما يسمى الجبهة الوطنية التقدمية، التي لم تكن إلا هامشاً يتمتع بعين الرضا من الحزب الحاكم مقابل الفتات.
ومن المعروف أن قوام النظام الحاكم كان يتمتع بمساحة شاسعة تمنحه القدرة على المناورة وخلط الأوراق في المنطقة بحكم علاقته الاستراتيجية بالنظام الإيراني ونفوذه الواضح فيما يخص الورقة اللبناية إضافة إلى دوره المؤثر في مراكز القوى الفلسطينية من خلال تبنيه واحتوائه لقادة حماس في الخارج -قبل الانقلاب الأخير- ما خوله بالتلويح مراراً بشق الساحة لفلسطينية سياسياً وإرباك المعادلة فيما يسمى ( الصراع العربي الإسرائيلي).
كل ذلك يأتي ضمن مصلحة القوة الإقليمية المتنامية للنظام السياسي في طهران حيث تسعى إلى قلب المفاهيم حول المنفعة واقتسام الموارد في المنطقة من خلال تهديدها -باسم الدين-الكيان الصهيوني بالإزالة ،وهي تدرك في نفس الوقت
ما يملكه هذا الكيان من قوة نووية رادعة وتحالف استراتيجي ينصبها مدافعاً عن مصالح الولايات المتحدة.
ما يدعو للبحث عن حلفاء يساهمون في تدويل الأزمة وتوسيع نطاقها.
ولكي يتحول الوضع السياسي برمته إلى فضاء أكثر رحابة، تفقد الولايات المتحدة -لأسباب عدة- تدريجياً نفوذها الأوحد في العالم حيث لم تعد قادرة على احتواء مطالب العدو القديم -روسيا-وريثة الاتحاد السوفياتي الذي انهار إلى جانب حلفائه في العالم ابتداءً من كوبا حتى المنطقة الأكثر سخونة ..الشرق الأوسط.
وبالتالي فإن فضيحة - أصدقاء سورية -لم تسفر إلا عن وهن هذه الخيوط مجتمعة حيث أعلنت الدول الداعمة لهذا المهرجان السياسي الإستعراضي عن دعمها للثوار السوريين وعن نيتها تسليحهم،ما يكفل لهم الدفاع عن أنفسهم.
وهذا مؤشر جديد على إمكانية الزج ليس بسورية وحدها في أتون صراع متعدد الأشكال والصور.
واليمن السعيد...
الواقع في خاصرة المملكة العربية السعوية،الحالم بتسوية لمشاكله الاقتصادية المتراكمة عبر حلم قديم بالانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي ولو كان ذلك على حساب وحدة أراضيه التي آلت إلى ترسيم نهائي للحدود الدولية بينه وبين المملكة.
وهكذا يكون عبد الله صالح قد استنفذ كامل دوره السياسي رغم دعمه من أكبر القبائل،وهذا ماشاهدناه بعد تصريحات الأحمر بدعم الثورة. وتكون الخارطة للجار قد استقرت .لتترك البلاد فيما بعد في مواجهة كل عوامل التفسيخ والاقتتال.ولكي يتسنى لكل خطوط التأثير الموضوعي لإيران من خلال الحوثيين، والقاعدة، والجنوب الذي يدفع ضريبة تقدمه السياسي والاقتصادي على شمال البلاد المتنفذ.
هذه هي الصورة رغم أننا نحلم بيمن سعيد واحد ،لكن القوى السياسية المحركة لدفعه نحو المجهول ما زالت متربصة وقوية كفاية كي تبقي البلاد دون بوصلة.
وفي البحرين استطاعت دول مجلس التعاون الخليجي ،بعد استعانتها بدول خارج هذا التحالف حماية النظام الملكي بالقوة في ظل غياب الدعم الخارجي الغربي لثورة الشيعة وعدم رغبة إيران في الانجرار نحو مصيدة قد تؤلب العالم ضدها معيدة أصداء تدخل النظام العراقي السابق في الكويت.
كل هذا يأتي مبشراً بانكشارية سياسية ،هدفها تغيير شروط اللعبة ومواصفات ومقاييس اللاعبين في سبيل تمهيد المنطقة
لركود قد يمتد لأجيال قادمة.
خلاصة القول
إننا بحاجة إلى أحزاب من طراز جديد، تستطيع الإمساك بالحلقة المركزية وتتمتع بنضوج كاف يربط بين كل عوامل الصراع بحنكة وبأقل الخسائر
معلنة بداية مرحلة جديدة.



توقيع م.زياد هديب
الديمقراطيه الأمريكيه أشبه بحصان طرواده الحريه من الخارج ومليشيات الموت في الداخل... ولا يثق بأمريكا إلا مغفل ولا تمدح أمريكا إلا خادم لها !