مَـا حُكم أَربعـينية الميّت ؟
05-04-2017, 05:14 PM

أولاً ـ التعريف بها:
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أربعـينية الميت هو اليوم الأربعـون من وفاته، يجتمع فيه أهله والمعـزون كاجتماعهم يوم وفاته، ولا يُعـذر مَن يتغـيب عن هذا الاجتماع عادة.

واجتماعهم هذا؛ قد يكون لأغـراض عـدة: منها ما هو سامٍ ونبيل، كالدعـاء للميت والترحم عـليه، ومنها ما هو لغـرض مذموم، كالمباهاة والرياء ونحو ذلك...

وفي الواقع أنه ليس في هذا الاجتماع سوى تجديدٍ للحزن عـلى أهل الميت، وتذكيرهم بفقيدهم، وتكليفهم بما لا يطيقون أحياناً، كالتفرغ لهذا الاجتماع وبذل المال والجهد لتأمين حاجياته ومتطلباته.

ثانياً ـ حكمها في الإسلام :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما الأربعـون كعـدد للأيام أو الليالي فقد ورد ذكره في مناسبات عـدة في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: ﴿وَوَاعَـدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَـشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِـينَ لَيْلَةً﴾ [الأعـراف: 142]. وقول النبي صلى الله عـليه وسلم في تكوين الخلق الإنساني في رحم المرأة: إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِـينَ يَوْمًا...الحديث رواه البخاري ومسلم وغـيرهما.

وغـير ذلك كثيرٌ هو ذِكْرُ الأربعـين في النصوص الشرعـية، إلا أن واحداً منها لم يتطرق إلى تشريع أربعـينية الميت أو الحث عـليه أو بيان فضلها، ليس ذلك فحسب؛ بل إن في نصوص الشرع ما يخالف هذه الظاهرة وينقضها تماماً.

فعَـنْ أُمِّ عَـطِيَّةَ رضي الله عـنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَـلَيْهِ وَسَلَّمَ:لا يُحَدُّ عَـلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إِلا الْمَرْأَةُ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَـشْرًا...الحديث. رواه أحمد والطبراني. ففي الحديث صريحُ نهيٍ عن الحِداد فوق ثلاثة أيام إلا للزوجة عـلى زوجها، وهذه حالة خاصة بها.

وللعـلماء في تعـزية أهل الميت بعـد ثلاثة أيام أقوال كثيرة تركتُها اختصاراً، والراجح من أقوالهم أنه لا تعـزية بعـد ثلاثة أيام إلا لضرورة، يقول النووي رحمه الله في الأذكار: والمختار أنها[أي التعـزية] لا تُفعَـل بعـد ثلاثة أيام إلا في صورتين... وهما إذا كان المعـزي أو صاحب المصيبة غائباً حال الدفن، واتفق رجوعـه بعـد الثلاثة.ا.هـ

هذا؛ وإنه غالباً ما تكون نفقات هذا الاجتماع مستخرَجة من حساب تركة الميت ، التي أصبحت من حق ورثته، وهذا بحد ذاته مصيبة، وأما إن كان في الورثة أطفال وقُصَّر فالمصيبة أعـظم، حيث أن ذلك اعـتداء عـلى مالهم بغـير وجه حق.

ولو كان في هذا العـمل وأمثاله فضيلة، أو مردود خير عـلى الأموات أو الأحياء لما أغـفله الشارع بطبيعـة الحال.

ثالثاً ـ أصل هذه العـادة ومصدرها:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقول خير الدين الأسدي في الموسوعـة: ولعـلّ هذه الظاهرة مستمدة من المصريين القدامى الذين يُحنطون الجثة مدة أربعـين يوماً. ا.هـ
والحقيقة أن هذه العـادة وأمثالها؛ في طريقها إلى الاندثار، والحمد لله.

وخلاصة ذلك :

أن إقامة الأربعـين للميت هي عاـدة وليست عـبادة، بل وفيها تعـارض مع النصوص الشرعـية في هيأتها وأحوالها. والله تعـالى أعلم.

الدكتور محمد رضوان أبو الدار - إمام وخطيب جامع ميسلون .
« رَبِّ اغْـفِـرْ لِي وَلأَِخِي وَأَدْخِلْـنَا فِي رَحْمَتِـكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ »

التعديل الأخير تم بواسطة ** رشاد كريم ** ; 05-04-2017 الساعة 09:39 PM