الإعدام الأسطوري والتحول الحتمي نحو الطريق السوي
22-01-2007, 09:29 AM
بسم الله الرحمان الرحيم

الإعدام الأسطوري والتحول الحتمي نحو الطريق السوي

عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم..
بعيدا عن ردّات الفعل التلقائية التي أعقبت إعدام صدام حسين وما صاحبها من محاولات لغسل العار الذي يلاحق هذه الأمة المهانة، نحاول أن ندقق النظر عسانا نظفر برؤية الحقيقة العارية كما هي لا كما يُراد لها أن تُصور.
إنّ صدام حسين قد يكون أخطأ التقدير في تصور مآل الأمور أثناء الفترة التي سبقت احتلال العراق، ويكون –ولا ريب- أيضا باعد الصواب في اختيار معاونيه حتّى وإن قال قائل إنّ ما نراه اليوم من فئة الشقاق والنفاق في العراق يؤكد أنه لم يكن بمقدور الرجل أكثر مما فعل.
غير أنه وإن لم تسعه الحيلة والوسيلة فقد حباه القدر الأعلى بنهاية الأبطال وميتة الشهداء، فعلا ذكره وطُمست صورة الجبن والفرار التي أريد لها أن ترافقه في ذلك اليوم المشؤوم الذي سقطت فيه بغداد ، نفس القدر أراد بموته استنهاض الهمم وإحياء اليقظة في النفوس .
فهذه النهاية أعتقد شخصيا أنّه ستعقبها تحولات تفوق ما أعقب أحداث 11 سبتمبر خاصة في إقليمنا العربي والإسلامي، لأنّ النقاط وضعت على الحروف والصورة صارت أكثر وضوحا :
1-الخطر الإيراني موجود فعلا ودرجة الخطورة أكبر مما كان في الأذهان:
مكمن الخطر في فكرة الهيمنة على العالم الإسلامي هيمنة شاملة، ودرجة الخطورة كبيرة جدّا نظرا للإرتباط التلازمي (على غرار الصهيونية) لفكرة الهيمنة بالمرجعية العقائدية، وإن تجنبنا هنا مناقشة هذا الخطر من الناحية الشرعية، واكتفينا بمحاولة رصد قيم ومبادئ النظام المزعوم الذي تريد إيران بناءه في العراق كنظام سياسي بديل، فإنّنا نجد أنّ خلاصة ما وصلت إليه التجربة الإنسانيّة في جانب القيم وحقوق الإنسان قد جمعها مقتدى جمعا وضمها ضما وزاد فرصها رصا وأعانه بعد ذلك المالكي بقوة بعد أن ذهب إلى مشرق الشمس ومغربها،فوضعا الرزمة بين قوسين غليظتين وأفرغا عليها قطرا، ثمّ أسبقاها بعلامة ناقص الرياضية (-) وجعلاها حديدية ذات بأس لا يُستطاع لها نقبا.
2-التحولات الهائلة التي ستحدث في المنطقة العربية:
أ-دول الخليج بصفة خاصة:
-اكتشاف أنّ الزرع والعناية الخليجية قد أثمر شجرة إيرانية طلعها كأنه رؤوس شياطين تتربص بها إلى حين، ووصول هذه الدول إلى نتيجة رهيبة هي أنّ الطريق التي عبدتها لأمريكا ونثرت عليها الورود هي مجبرة –ولا خيار لديها- على حفرها وطمس معالمها، بل أكثر من ذلك ستكون مضطرة إلى استبدال الورود بالألغام والقذائف، لأن المرحلة القادمة ستوكل أمرها لغريزة البقاء، وستجعل فاتورة استعداء أمريكا تؤول إلى الصفر أمام قبول إيران رقم2 في المنطقة، هذا إذا استبعدنا احتمالا ضئيلا جدّا لتسوية أمريكية مع المقاومة تحت رعاية خليجية يتم على أساسها انسحاب أمريكي بالموازاة مع دعم خليجي غير متناهي لضربة أمريكية على إيران.
ب-على مستوى كل الدول العربية:
-تصاعد موجة المطالبة بالحريات، وتنامي النضج السياسي بضرورة استناد الأنظمة القائمة على قواعد شعبية، واتجاه حتمي للأنظمة الشمولية نحو الديمقراطية الصورية، والديمقراطيات الصورية نحو مزيد من التفتح على المعارضات.
-التقاء مصالح التيار القومي مع الإسلامي -حتى المتطرف منه- والتظافر التلقائي للجهود بسبب وحدة وخطورة الأعداء المشتركين.

وفي الأخير وإن أردنا أن نكون موضوعيين فإننا مجبرون على إعادة قراءة أغلب الأحداث التاريخية المعاصرة قراءة أكثر إنصافا حتى نتمكن من رؤية الحقيقة كما هي ، وإننا حينها سنتوقف أكثر من مرة أمام مقولة لصدام حسين -رحمه الله- سيخلدها التاريخ قالها أثناء الحرب مع إيران وهي أنّ "العراق بوابة العرب"، ومن لم يحفظ بابه فليحسن من الآن الإعتناء برقبته لعلها تصمد قليلا يوم ينزل به الحبل وياليته ينزل به إلى أعلى مثلما نزل بصدام حسين، إنّه سينزل به إلى أسفل أجل إلى أسفل حيث الهوان والجحيم وبئس المصير.
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة ونعوذ بك من هذا المصيــــــــــــــــــر.