الشيخ المجّاوي شخصية دينية تفتخر بها الجزائر
24-09-2017, 10:35 PM












من العلماء و الفقهاء الذين ساهموا في الحفاظ على الهُوِيَّة و الشَّخْصِيَّة الجَزَائِرِيَّة
------------------------------------



تمرّ اليوم ( 25 سبتمبر 2017 ) 103 سنة على وفاة العلامة الجزائري الشيخ عبد القادر بن عبد الله المجاوي، و لا يمكن للتاريخ أن يتناسى شخصية دينية بفضل رصيده العلمي و الفكري الغزير، فقد كان المجاوي قدوة و قاعدة فكرية و منهجية للعديد من الفقهاء و العلماء الذين جاءوا من بعده، و هذا ما أكده المؤرخ أبو القاسم سعد الله في كتابه " الحركة الوطنية الجزائرية"

و الشيخ العلامة عبد القادر المجاوي ينتمي إلى سلسلة من العلماء و الفقهاء الوطنيين الدين ساهموا في الحفاظ على الهوية و الشخصية الجزائرية إثر فترة وصفت بالمأساوية من تاريخ شمال أفريقيا، هو من مواليد 1848 بتلمسان، أمّه عائشة بنت الحاج السنوسي اشتهرت بالعلم و التقوى، و قد رافقت ابنها في التربية و التعليم و كرست حياتها في إتباع ابنها أصول الدين و العقيدة، فكان من خيرة العلماء، حيث لُقِّبَ بشيخ الجماعة تقديرا للدول الذي لعبه في تكوين العلماء، كان جده محمد مدرسا بجامعة القرويين بالمغرب، و ساهم في تكوين العديد من العلماء ، منهم الشيخ جعفر الكتاني، تعلم عبد القادر المجاوي على يجد جده محمد، ثم أبيه عبد القادر الذي كان قاضيا بمدينة تلمسان، و كان يشتهر بالاستقامة و الصدق و الإخلاص لمهنته، و لما اشتد الحصار على القُضاة من قبل الإستعمار الفرنسي اضطر الشيخ عبد القادر المجاوي الانتقال مع أسرته إلى المغرب و بالضبط نحو مدينة فاس، وتابع دراسته بمدينة طنجة، ثم بجامعة القرويين التي كانت منارة للعلم في العالم العربي و الإسلامي.
و قد ناداه واجبه الوطني لمؤازرة أبناء بلده في محنتهم، بعدما شهدت الجزائر عدة كوارث طبيعية تمثلت في الجفاف، الحرائق و هجوم الجراد، فضلا عن المجاعة، التي أرهقت الشعب الجزائري، و زاد الوضع تفاقما بسبب شراسة الإستعمار الفرنسي، الطي عمل على ضرب هوية الجزائريين من خلال تدمير المدارس و المساجد، حيث قرر العودة إلأى الجزائر مع بداية 1869م، و لكنه اختار مدينة قسنطينة للإقامة فيها بعيدا عن مسقط رأسه، كانت مدينة قسنطينة في تلك الفترة تشتهر بالحيوية الثقافية و الفكرية، فشرع في التدريس في ظروف صعبة للغاية حيث لم يكن له مصدر قوت فيها، لكنه تمكن من التغلب على ظروفه بفضل دعم سكان قسنطينة له، و لما حاول الإستعمار فرض اللغة الفرنسية على سكان الجزائر، وقف الشيخ عبد القادر المجاوي في وجه الإستعمار، و واجه الأوضاع التي كانت تعيشها مدينة قسنطينة التي كانت تعيش تعددية دينية و ثقافية، فكان يسكنها اليهود، بالإضافة إلى المالطيين و اليونانيين و الإسبان، و كلهم كانوا مسيحيين، اتفقوا على محاربة الدين و اللغة العربية و مسح الجزائريين من هويتاهم، و تحويلهم من مسلمين إلى مسيحيين.
لقد جاهد العلامة عبد القادر المجاوي بقلمه و فكره، و بسط للجزائريين قواعد اللغة العربية و يوضح لهم دينهم، فألف كتبا في مختلف العلوم، و قد تحدث عنه المؤرخ أبو القاسم سعد الله بشيء من التفصيل في كتابه السالف الذكر، كما أشار الأستاذ محمد علي دبوز في كتابه " نهضة الجزائر الحديثة و ثورتها المباركة" أن كفاح الشيخ المجاوي دام أكثر من أربعين سنة، و لما تفطنت الإدارة الفرنسية لنشاطه السياسي و الديني استدعته للتدريس وفقا لسياستها التي خططتها للأهالي، فعيّن مدرسا بمدرسة سيدي الكتاني بقسنطينة و ذلك ابتداءَ من سنة 1873 ، كما عين إماما بجامع سيدي لخضر، ثم بالجامع الكبير الواقع بشارع العربي بن مهيدي، و لكن سرعان ما بدأت الإدارة الفرنسية تتضايق منه ، لما وقف ضد المرسوم الذي وضعه الرئيس الفرنسي جول فيري في سنة 1886 الذي يضع الأهالي الذين لا يتمتعون بحقوق المواطنة الفرنسية تحت القضاء الفرنسي فيما يخص القضايا الجنائيةـ فرأى الشيخ المجاوي أن هذا المرسوم لا يخدم الأهالي ، فكان رد فعله هو جمع 2000 توقيعا على عريضة تندد بالمرسوم الرئاسي، مما دفع بالإدارة الفرنسية إلى متابعته و ملاحقته، فانتقل إلى الجزائر العاصمة، و تم تعيينه إماما و خطيبا للمذهب المالكي بمسجد سيدي رمضان.
و بالنظر إلى استمرار نشاطه ، وجدت الإدارة الفرنسية أن الشيخ عبد القادر المجّاوي مصدر قلق و إزعاج، فشددت عليه الحصار ، خاصة لما علمت بتأسيسه جمعية " التوفيقية" و انضمامه إلى جمعيات دينية ، و نوادي مثل نادي صالح باي، و الراشدية، و دعوته إلى العمل الجمعوي و خدمة القضية الجزائرية، و قد حاز الشيخ عبد القادر المجاوي على الوسام الذهبي للمعارف و وسام الافتخار التونسي، و ذلك تقديرا لنضاله وكفاحه ، و قد تكلم عنه الكاتب زهير إحدادن، وأشار إلى إسهاماته في تكوين الأجيال من العلماء و الوطنيين المخلصين، رغم وضعيته كأنديجان، و ظل يناضل و يكافح إلأى غاية وفاته في 25 سبتمبر 1914 ، و قد أبّنه الإمام عبد الحميد ابن باديس، حيث قال الإمام بن باديس في تأبينيته: " أنت الذي عانيت في سبيل إصلاحنا أتعابا طويلة، أنت الذي كنت مورد المتعطشين و مصدر الكاملين، كنت مثالا لحسن ألأخلاىق و كرم الذبع و لباب الفضيل، أنت الذي تصاعد حِلمُكَ و عِلمكَ فأصعدا بالناس في معاريج الكمال"، و قال فيه عمر بن قدور الجزائري: " لولاك لما انتعشت لغة العرب في هذه البلاد و لا عرف الناس إيمانهم و إسلامهم".



قراءة علجية عيش

عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..
التعديل الأخير تم بواسطة أبو اسامة ; 24-09-2017 الساعة 10:45 PM