حقيقة الخلاف ج4
24-01-2007, 12:19 PM
المفهوم الشيعي للإمامة
ــــــــــــــ
يعتقد علماء الشيعة بأن الإمامة ركن من أركان الإيمان كالإيمان بوحدانية الله، وتعنى الإمامة لدى علماء الشيعة أن الحياة الروحية والتعليمية والدينية والسياسية للأمة الإسلامية كافة تخضع لنظام وراثي يتعاقب فيه على السلطة اثنا عشر إماما. وتنحصر هذه السلطة في زوج فاطمة الزهراء، وابنيها الحسن والحسين ثم تنحصر في بعض آل الحسين الذي كان قد تزوج من شهبانو ابنة الإمبراطور الفارسي يزدجرد الذي قوضت الجيوش الإسلامية أركان عرشه في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.39 فدستور جمهورية إيران الإسلامية مثلا ينص عل أن "الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الاثنى عشري. وهذه المادة غير قابلة للتغيير إلى الأبد".40

و يرتبط ركن الإمامة بالاعتقاد بأن هؤلاء الأئمة معصومون41 ويشاركون الله علمه بالغيب بما في ذلك علمهم بوقت وفاتهم42، وأن الطاعة العمياء للأئمة ضرورية "لدرجة أن عبادة الله لا تصبح ضرورية إذا كان هذا هو أمر الإمام."43 و يقول الخميني في هذا المضمار: "الأئمة الذين لا نتصور فيهم السهو أو الغفلة ونعتقد فيهم الإحاطة بكل ما فيه مصلحة للمسلمين".44

وهذه العقيدة مرتبطة أيضا بضرورة الإيمان بأن "للأئمة مكانة روحية وخلافة تكوينية على جميع المخلوقات بحيث يخضع لها جميع ذرات الكون، وأن من أساسيات العقيدة الشيعية أنه لا يصل إلى المكانة الروحية للأئمة لا ملك مقرب ولا نبي مرسل".45 و يندرج ضمن هذا الاعتقاد أن جميع خلفاء وحكام المسلمين وقضاتهم طواغيت ما لم يكونوا جعفريين ولا يجوز التحاكم إليهم.46 لهذانجد دستور الجمهورية الإسلامية لإيران يحرص على أن يكون رئيس الجمهورية "مؤمنا ومعتقدا بمبادئالجمهورية الإسلامية والمذهب الرسمي للدولة". كما تنص على ذلك المادة الخامسة عشرة بعد المائة وأن يقسم "أن أكون حارسا للمذهب الرسمي" كما جاء في المادة الواحدة والعشرين بعد المائة.

ولضمان عدم اللجوء إلى القضاة غير الجعفريين أو التشريع غير الجعفري نصت المادة الثانية والسبعون على أنه "لا يستطيع (مجلس الشورى الوطني) أن يسن القوانين المغايرة لقواعد وأحكام المذهب الرسمي للدولة... "

ولما كان الإمام إلحادي عشر قد توفى منذ حوالي أحد عشر قرنا- حسب العقيدة الجعفرية- فعقيدة الإمامة تنص على أن الإمام الثاني عشر، المهدى، قد اختفى وهو في الخامسة- عل أرجح أقوال علماء الشيعة- ولم يمت وسيعود إلى الظهور في آخر الزمان وأن حقه في وراثة السلطة ثابت أثناء غيبته ولهذا نص الدستور في المادة الخامسة بوضوح على أن "تكون ولاية الأمر، والأمة في غيبة الإمام المهدى- عجل الله تعالى فرجه- في جمهورية إيران الإسلامية للفقيه العادل... ".

هذا ما يقوله علماء الشيعة، أما جمهور علماء المسلمين فيقولون بأن النظام الملكي الذي تقتصر فيه الوراثة على السلطة السياسية هي موضع خلاف. فكيف بنظام تجتمع فيه وراثة السلطة الروحية والدينية والسياسية و يرثها الطفل في التاسعة والثامنة والخامسة. ولهذا يرفضون تماما مثل هذا النظام الذي لا تسنده أي آية قرآنية أو حديث صحيح واحد. بل و يتعارض مع مبدأ الشورى الذي أثنى الله عليه وأمر به في القرآن الكريم.47

و يؤكد علماء المسلمين بأن العصمة الكاملة لله وحده ولا شريك له فيها فعصمة الأنبياء والرسل مقصورة على أدائهم الرسالة بأمانة، وعصمتهم من الذنوب التي تخل بالرسالة وعصمتهم من مخالفة ما يدعون إليه الناس. أما فيما عدا ذلك فقد يخطئ الرسول في الاجتهاد وكما حدثنا القرآن عن عتاب الله لمحمد صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل الخلق- حين أعرض عن الأعمى في سورة عبس. 48

أما فيما يخص علم الغيب فلو قرأ المسلم القرآن الكريم 49 لوجد العديد من الآيات التي تجعل هذا النوع من العلم من صفات الله التي تفرد بها، فمثلا في سورة الأعراف آية (188) يقول الله تعالى مخاطبا نبيه: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون).

و يكفر الطحاوي- وهو يمثل عقيدة أهل السنة- كل من يعتقد بأن أحدا من البشر أفضل من الأنبياء، فما بال حكم الذين يدعون بعض صفات الله التي تفرد بها- سبحانه- للبشر كعلم الغيب والعصمة الكاملة والطاعة لهم حتى لو أمروا بعدم ضرورة عبادة الله؟!

وفيما يخص الإمام الثاني عشر الذي يعتقد علماء الشيعة بأنه لا يزال على قيد الحياة لمدة تقارب أحد عثر قرنا فكثير من المؤرخين يؤكدون بأن إمام الشيعة الحادي عشر لم يعقب ولم يكن له نسل، وحتى الأحاديث التي رواها الترمذي وأبو داود ولم يروها أصحاب الصحاح عن المهدى وظهوره في آخر الزمان فإنها تقول بأن اسمه كاسم النبي (محمد)، واسم أبيه كاسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم (عبد الله) بينما اسم الإمام الثاني عشر، محمد المهدى بن حسن، وتقول تلك الأحاديث أيضا إنه سيكون من عقب الحسن وليس من عقب الحسين.52 وليس هناك أي دليل بأن المهدى سيعيش حوالي اثني عشر قرنا.

أيها الأخ وأيتها الأخت: إن علماء الشيعة يعتبرون الإيمان "بالإمامة" ركنا من أركان الإيمان. أي أن المسلم الذي لا يؤمن بذلك سيكون في حكم الكافر، ومن ناحية أخرى فإن الإيمان "بالإمامة" بأبعادها وملابساتها سيجعل المسلم كافرا- أعاذنا الله من الكفر والشرك- كما يجمع على ذلك جمهور علماء المسلمين استنادا إلى القرآن والسنة. يضاف إلى ذلك أن جمهور علماء المسلمين لا يعنيهم في هذا الحكم سوى مرضاة الله، ولا يتحيزون بذلك إلى أسرة معينة أو مجموعة من البشر.

تأكد أخي المسلم وتأكدي أختي المسلمة من اختيار النجاة من النار والفوز بالجنة قبل

أن يأتي اليوم الذي لا تنفع فيه القوميات والمخلوقات.