حديث الصباح.. التعايش لا يعني التطبيع
15-12-2017, 06:50 AM
الحصار الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، و الاعتداءات المتكررة لغزة ستزيد من حدتهما بعد قرار جعل القدس عاصمة إسرائيل، و هذا يزيد من تخوف ضياع القدس، و هلاك المدنيين في الوقت الذي ترى فيه إسرائيل أنها الضحية الأكبر، و تواجه حسب اعتقادها تهديدات من قبل الفلسطينيين ، و أن الديمقراطية كما تزعم في خطر، و هي التي تسيطر سياسيا و اقتصاديا على أراضي يعيش فيها سكان عزل، يواجهون الموت في كل لحظة، و قد دعت الحركة الوطنية لمقاطعة إسرائيل إلى مقاطعة المؤسسات الإسرائيلية الاقتصادية و الثقافية و التعليمية بما فيها الجامعات، للضغط على إسرائيل ، من أجل تحرير القدس، و تحقيق الحرية و العدالة في فلسطين و حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، جاء ميلاد هذه الحركة للتعبير عن كفاح الشعب الفلسطيني في مواجهة الاضطهاد الإسرائيلي في ظل صمت الأنظمة العربية و الحكومات في رد هذا الاعتداء على المسجد الأقصى، و كل الانتهاكات التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

من المتناقضات طبعا أن يعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتزامه بالسلام، بعد قراره بجعل القدس عاصمة لإسرائيل، و من المتناقضات أيضا أن يشارك فلسطينيون في مؤتمر إسرائيلي لمعهد الدراسات الأمن القومي الإسرائيلي باسم "التعايش" العربي اليهودي، و إن كان هذا التعايش مطلوب لتحقيق التوافق، لكن التعايش ( من وجهة نظري طبعا) لا يمكن تحقيقه مع دولة استعمرتني و اغتصبت أرضي، و تريد أن تمحوا هويتي و تزيل وجودي من الخريطة، و حتى نعطي صورة واضحة و صحيحة لمفهوم التعايش، فهذا الأخير يتحقق عندما تكون دولة مستقلة تؤمن بالتعددية الدينية و بوجود أقليات، شريطة أن تحترم هذه الأقليات قوانين البلاد التي تقيم فيها، و ماعدا ذلك فهذا التعايش مآله الفشل، إذا قلنا أنه يعني "التطبيع"، ودعوة إلى ترسيخ النظام الاستعماري.

السؤال المطروح بعد ردود فعل الشارع العربي، و خروج الجماهير في مسيرات تنديد بالقرار الأمريكي، هل سيبقى البيت الأبيض الوسيط بين إسرائيل و السلطة الفلسطينية ممثلة في شخص قائدها الرئيس محمود عباس الذي صرح من اسطنبول في جلسة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي أنه لم يعد للولايات المتحدة أيّ دور في عملية السلام، و أنها فقدت أهليتها كوسيط ، و أضاف أنه لن يكون سلام و لا اتفاق قبل الاعتراف بالقدس عاصمة فلسطينية ، و أعلن عن بطلان كل الاتفاقيات السابقة؟ ، و السؤال الذي يلح على الطرح أيضا هو: ماذا يريد محمود عباس من مشروع "صفقة العصر"، هل هو مشروع من أجل الوصول إلى اتفاق سلام مع إسرائيل؟ و إن كان الأمر كذلك، فهل يقبل الفلسطينيون بهذه الصفقة؟، خاصة و أن شعبية عباس بدأت في التراجع، إلى حد أصبح مطالبا بالاستقالة، حفاظا على القدس التي تعتبر كما قال رجب أردوغان "خط أحمر" للمسلمين وهي من المقدسات الإسلامية و لا ينبغي الاعتداء عليها، نقول و للأسف : لن تموت أمريكا و لا إسرائيل في ظل الصمت العربي، الذي بلغ بصمته و خيانته قمة الجبن و الانحطاط و الهوان.
علجية عيش
عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..