حديث الصباح.. متى نستثمر في الإنسان؟
15-10-2017, 07:46 AM
تتردد عبارة الإستثمار في كل اللقاءات التي يعقدها المسؤولون عبر التراب الوطني، و هم يناقشون مسالة التنمية و يربطون المجال الإقتصادي بمفاهيم عديدة، و منها الإنماء ، أو التنمية الإقتصادية ، و يهملون جانبا مهما من الحياة العملية/المهنية و هي التنمية الاجتماعية (البشرية) ، التي لها ارتباط وثيق بالحكامة الراشدة، و هي في الحقيقة مفهوم ما يزال غير محدد و غير واضح، و هذا يسبب خللا في إدراك أمور هامة و التفاهم حولها، ففي معظم الحالات تكون هذه المفاهيم و المواقف متنافرة و متناقضة تؤدي إلى نوع من الحركة النوسية التي تسبب هدرا كبيرا في الطاقات و الإمكانات و الجهود، و يمكن أن نقدم مثالا بسيطا لهذه الإشكالية.
فالمستثمرون من أصحاب المال في الجزائر يضعون مشاريع ضخمة، و يقومون بتسجيلها، و تعيين شركة مكلفة بإنجازها، غاليا ما تكون تلك الشركة تفتقر إلى الخبرة الميدانية، و لا تتوفر على عتاد كاف، و يد عاملة مؤهلة، فتتعطل الأشغال، و أحيانا تتوقف الأشغال بل يتوقف المشروع كله، لأن الدراسة التقنية لم تكن ناجحة، و في غياب المتخصصين في المجال و أهل الخبرات ، كثير من المستثمرين في القطاعين العمومي و الخاص يلجأون إلى الخبرات الأجنبية، و هذا يتوقف على إطلاق المناقصات الدولية، التي تستغرق أشهرا من أجل اختيار الشركة الأجنبية التي تكون قادرة على تحمل أعباء المشروع.
هذه أسباب تأخر المشاريع في الجزائر و توجد أسباب أخرى تعود إلى البيروقراطية و المحسوبية في توزيع المشاريع التي تنجزها الدولة، و تتدخل القبلية و العشيرية في هذه المسائل التي تتععلق ببناء الإقتصاد الوطني، بحيث تسلم هذه المشاريع إلى مقاولين و مكاتب دراسات حديثة النشأة و تفتقر إلى الخبرة في الميدان، و الدليل أننا نسمع أن عمارة انهارت أو مسجدا، لأن الشركة التي تكلفت بإنجاز المشروع غير مؤهلة، و أحيانا تعود الأسباب إلى الغش في الجديد أو الإسمنت و المضاربات في السوق، و كثيرا ما نسمع و نقرأ عن تهريب الحديد و الإسمنت و بيعه في السوق السوداء، يحدث ذلك في غياب الرقابة، التي إما غائبة أو مغيبة و بعل فاعل.
كل هذه الأسباب تجعلنا نتساءل أين هي التنمية الإقتصادية و أين هي التنمية الإجتماعية، فالأولوية للعنصر البشري الذي به نحقق الحكامة الراشدة، فالتكوين التطبيقي مهم جدا في النهوض بالعنصر البشري، بحيث لا يكفي التكوين النظري في الجامعات أو في المعاهد، أو حتى مراكز التكوين، ثم ترك المتخرجين من الطلبة و المتربصين في الشارع، و لو أجرينا تحقيقا ميدانيا لوقفنا على العدد الحقيقي لحمالي الشهادات و الدبلومات المتخصصين الذين هم في الشارع يتكئون على جدران المدينة ، يبيعون المناديل الورقية و الجوارب، و بعضهم من يعمل نادلا في المقاهي و الأمثلة كثيرة، لأن الإهتمام بالعنصر البشري غير موجود في ثقافة المؤسسة.
عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..
التعديل الأخير تم بواسطة علجية عيش ; 15-10-2017 الساعة 07:51 AM