التحذير والنكير على من خاض بغير علم في الأحكام والتبديع والتكفير
05-08-2012, 02:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني

فسألني سائل فقال

عندنا شاب إستقام منذ سنة تقريباً وظهرت عليه بعض السنن الظاهرة وأصبح ولله الحمد والمنة من رواد المسجد ولكن العجيب في أمره أن بعض الشباب أخبرني بأنه يتكلم في مسائل كبيرة جداً مثل عدم العذر بالجهل في مسائل التوحيد وتكفير تارك الصلاة والحكم بغيرماأنزل الله ويتكلم في هذه المسائل من بعض الشباب المسقيمين الذين لآيعلمون هذه الأمور.

ولما إلتقيته نصحته بأن يترك هذه الأمور ويشثغل بما هو أنفع له في أمور التوحيد والعقيدة وأن يتدرج في الطلب

فما رأيكم في نصيحيتي له .؟ وهل من نصيحة توجهونها لنا بالخصوص.؟

وجزاكم اله خيراً



فكان بتوفيق الله ومنته الجواب :


[] بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين أما بعد...

فإن مانصحت به ذلك الشاب الحدث المبتدأ والمقبل على الإستقامة من ترك الخوض في تلك المسائل الكبيرة بلا علم والإنشغال بالتدرج في طلب العلم والإنشغال بما ينفعه هو الحق ..إلا إذا كانت المسالة مجمع عليها كالحكم على الحاكم إذا حكم بغير ماأنزل الله ولم يكن جاحدا على نحو مافصله ابن عباس ولايعرف له مخالف من الصحابة فقال إذا جحد حكم الله فهو الكافر وإذا لم يجحد فهو فاسق ..ونحو هذه المسألة المجمع عليها فيعرضها بالحكمة والموعظة الحسنة ولايناظر فيها حتى يتمكن ولا يخوض في الخلافات وفي المسائل التي لايحسنها


ذلكم لأن المسائل المختلف فيها بين العلماء والتي تحتاج إلى كبير نظر لايجوز للحدث والمبتدأ أن يخوض فيها لأنه إذا خاض فيها فسيرجح قول على قول بحيثيات ومقدمات لايحسنها أو هو مقلد فيها والتقليد ليس بعلم بالإجماع فلايكفي أن يعرف دليل من يرجح قوله لأن الفقه والعلم أن يعرف وجه الدلالة من طريق النظر العلمي الصحيح فلابد أن يكون قادرا من جهتين التثبت من صحة الدليل وهذا لايقدر عليه إلا إذا أحكم علم أصول الحديث وهنا قال ابن تيمية والذي لايعرف أصول الحديث لايعتبر قوله في الأحكام ثم لابد أن يتعلم أدلة الفقه الإجمالية وهو مايعرف بعلم أصول الفقه وهنا قال ابن تيمية لايفتي ويمكن أن نقول لايرجح أحد قول أحد حتى يعرف وجه صحته .وذلك بعد التثبت من صحة الدليل كما قال رحمه الله العلم بحث محقق ونقل مصدق وما سوى ذ لك فهذيان مزوق . فليس الفقه معرفة الحكم بدليله فقط بل معرفة الحكم الشرعي مستنبطا من الدليل الصحيح من طريق النظر الإجتهادي العلمي السليم ووجه الدلالة القويم لا من بالمقدمات الباطلة والآراء الفاسدة والأقيسة الكاسدة وهذا لاسبيل للمبتدئين أن يحسنوه إلا بعد قدرة على تحقيق العلم والذي عرفه ابن تيمية في موضع آخر بأنه نقل عن معصوم أو قول عليه دليل معلوم وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية إذا اختلف العلماء فلايجوز أن يجعل قول عالم حجة على عالم إلا بالأدلة الشرعية


ما أن يرجح قولا بحسب إستطاعته وهو مبتدأ ليعمل به فنعم لقوله تعالى فاتقوا الله ماستطعتم فيرجح بمقدمات يستطيعها كقول عالم رجحه لأنه في نظره أعلم من العالم الآخر ونحو ذلك وذلك لضرورة العمل هذا إذا حضرت المسألة واحتاج للعمل ولا عالم يسأله عن الراجح أما في وقت السعة فيسأل عالم ثالث موثوق في علمه ليرجح له أما أن يخوض فيه ويرجح ويستدل ويخاصم ويحزب إخوانه إنتصارا لقول دون آخر وهو مبتدأ لايفرق بين خلاف قوي ولا ضعيف فلا وهذه الفرقة بعينها قال تعالى لم تحاجون فيما ليس لكم به علم ... الآية




لأن الله تعالى لو سأله ومامن أحد إلا سيسأله الله تعالى ليس بينه وبينه ترجمان كما أخبر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام عبدي علام رجحت قولا دون قول ولست من أهل الذكر وصرت تدعو إليه وتفتي به وتخاصم فيه ..فهل سينجوا أن يقول هذا ماظهر لي وهو ليس من أهل العلم والترجيح والفتوى وقد قامت حجة الله عليه بقوله فسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون


وليس من العلم أن يرجح قول على قول دون نظر علمي صحيح ولذلك قال الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه ومن المسائل مايحتاج العامي إلى خمس سنوات يفهمه الفقيه كيف وجهها أي يتدرج معه في العلم حتى يتبين له وجه دلالتها فإن ترجيح قول دون قول بلا آلة علمية صحيحة ومعرفة بالفقه أصوله وقواعده وأصول الحديث جهل أو شك والشك ليس بعلم بل العلم ماستيقنه أو غلب على ظنه بنظر سلفي صحيح ولا سبيل له لذلك إلا بطلب العلم حتى يشهد له أهل العلم وسطره من آثار أنه قادر على ذلك وإلا حشر في زمرة المتكلمين على الله بغير علم وقد قال تعالى قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منه وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالاتعلمون .وقد أشار ابن القيم في إعلامه أن القول على الله بغير علم أعظم من الشرك والذي يجعل الشاب الحدث يحسن الظن في نفسه ويخوض في مثل تلك المسائل بلا بصيرة تحسين الشيطان ظنه بنفسه وقد قال تعالى عنه إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالاتعلمون.ثم ليسأل ذلك الشاب سؤال تحقيق هل مكثت تطلب العلم مدة كافية تطمئن لها ويشهد لك أهله أنك من أهله فإذا كان الجواب بلا إن كان صادقا معربه قبل نفسه ومن يخاطب فإن الشافعي أو غيره قد قال إن العلم لايرى في المنام ولا يورث عن أبناء الأعمام


العلم بالتعلم فمن أين يعرف وهو مبتدأ الحديث المضطرب وما هي شروط الإضطراب وزيادة الثقة متى تقبل ومتى لاتقبل وعلم مختلف الحديث متى يصير إلى الترجيح والحكم بالنسخ ويترك الجمع ومتى يحمل المطلق على المقيد ومتى لايحمل وقول الصحابي متى يكون حجة ومتى لايكون والإجماع كيف يتحقق وأحاديث كثيرة جدا يستوعبها حتى يعرف الناسخ من المنسوخ والمقيد للمطلق والخاص من العام والفرق بين الكفر الإعتقادي والعملي وأدلة ذلك بالمعرفة والنظر لاالتقليد السقيم ومعنى كلام الإمام أحمد أياك أن تتكلم في مسألة وليس لك فيها إمام والجمع بينه وبين قول الشافعي الحديث الصحيح حجة بذاته لايحتاج إلى عمل السلف وقول أحمد من إدعى الإجماع فقد كذب لاتدري لعلهم

اختلفوا ماوجه كل ذلك وزيادة كثيرة عليه ومن ذلك متى يبدع الرجل وهل يملك المبتدأ في العلم القدرة على التبديع وه كل من وقع في بدعة مبتدع وقد قال شيخ الإسلام في رسالته معارج الوصل قد ينطق العالم من مجتهدي السلف بالبدعة ولايكون يعني مبتدعا لحديث ضعيف يظنه صحيحا ولقول مرجوح يظنه راجحا ...إلخ وقال الذهبي لو بدعنا العالم يعني من أهل السنة بالبدعة والبدعتين لبدعنا مثل ابن مندة على أن الذي يبدع لابد أن يكون من أهل العلم لأنه إجتهاد لابد من تقدير المصلحة فيه والمفسدة ولايقدر على ذلك إلا أهل العلم وقد ترك علي رضي الله عنه تبديع ابن الكوا قال شيخ الإسلام لأن رعيته ملتوية عليه ولم يكن كعمر عندما حذر من مجالسة صبيغ فإن عمر كان مطاعا في رعيته. وقد أضاع بعض أهل هذا العصر مثل هذا التقدير العلمي المحقق في التبديع فتمزق أهل الدعوة الحق إربا وصدق من قال لو سكت أهل الجهل لقل الخلاف في الدين .

وإنما قصدت ضرب المثال فبالمثال يتضح المقال أو عنده على الأقل قدرة علمية على بحث الباب في العلم والترجيح بعلم مؤصل بعد جمع الأقول والأدلة وإجراء قلم التحقيق عليها فالإجتهاد كما ذكر ابن القيم يتجزء والله أعلم وأسأله أن يهدينا لمعرفة الحق والعمل به مخلصين له الدين وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

الحمد لله