لقد صان الله سبحانه و تعالى المرأة حين فرض عليها أن تستر جميع جسدها عن أعين ا لناس و جعل حجابها أمارة على عفتها و صلاحها و تقواها كما جعل هذا الحجاب حصنا لها يمنع الأذى أن يصل إليها .. قال الله تعالى : [ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) ( الأحزاب : 59 )
يا نساء المسلمين إن الله سبحانه أراد لكن الخير حين شرع لكن الحجاب و لم يرد إعناتكن أو التضييق عليكن و إنما أراد أن تبق المرأة مصانة كالجوهر المكنون حتى لا تطالها أيدي العابثين و نظرات المتربصين الذين لا هم لهم إلا قضاء الشهوات تلبية للنزوات التي تدفعهم إلى المعاكسات و ترصد المرأة في الطرقات على مداخل و مخارج الجامعات و الثانويات ..
واعلمي أيتها المرأة أن التبرج والسفور علامة على فساد الفطرة وانعدام الغيرة وتبلد الإحساس و موت الشعور :
لحد الركبتين تشمرينا *** بربك أي نهر تعبرين
كأن الثوب ظلٌ في صباح *** يزيد تقلصاً حيناً فحينا
تظنين الرجال بلا شعور *** لأنكِ ربما لا تشعرينا
بالله عليك ما هو الدافع الذي يجعلك تتكشفين أمام الأجانب ؟ . أتريدين بتبرجك أن تظهري جميلة في أعين الرجال لتلفتي انتباههم وليتبعوك بنظراتهم الجائعة المنبعثة كالسهام فنشدانك هذا النوع من الجمال يا أختاه : يجلب لك التعاسة والشقاء والهم والغم فالوردة الاصطناعية ليست كالوردة الطبيعية فشتان بين هذه وتلك فالجمال لا يكتسب بالتبرج وعرض المفاتن على الغادين والرائحين إنما الجمال الحقيقي هو جمال النفس و الأدب ، هو الجمال الذي دلك عليه خالقك ومولاك المتمثل في حجابك وتسترك وعفافك .
يا ابنتي إن أردت أية حسن *** و جمالا يزين جسما وعقلا
فانبذي عادة التبرج نبذا *** فجمال النفوس أسمى وأعلا
يصنع الصانعون وردا ولكن *** وردة الروض لا تضارع شكلا
فلا تهتمي بالمظهر كثيرا وتغفلي عن المخبر ولا تتعبي نفسك في الاعتناء بشكلك فالذي ينبغي أن يهتم به المرء هو تخليص النفس من الشوائب وملئها بالإيمان والتقوى وبذلك تتكامل شخصية المسلم ويستحق أن يطلق عليه (إنسان) فالإنسان بإيمانه وتقواه لا بشكله ومظهره .
يا خادم الجسم كم تشقى في خدمته *** و تطلب الربح مما فيه خسران
أقبل على النفس فاستكمل فضائلها *** فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
قال عليه الصلاة والسلام : [ إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ]
فعليك بالإصغاء إلى من يريد لك العفاف و كوني على حذر من الاستجابة إلى تلك الأصوات الناعقة التي تدعوك أن تتمردي على شرع مولاك وتريدك أن تكوني أداة لترويج السلع فيعرضوك بشكل مغري و بلباس فاضح لأجل ترويج و تسويق سلعهم ، فهم ينظرون إليك كأنك شيء مكمل لجمال ما يعرضون و لا ينظرون إليك كمرأة خلقت لما خلقت له من تربية الأجيال و بناء المجتمعات و من هنا تعلمين يا أخية أن الخير كل الخير فيما شرعه الله لك من الستر و العفاف فالتزمي بشروط الحجاب وآدابه ولا تنساقي وراء الموضة والتصميمات الجائية من هناك فإن هؤلاء لا يتأتى منهم الخير أبدا. واعتزي بحجابك واهتفي قلبا وقالبا قولا وفعلا متمثلة قول الشاعر :
أنا الإسلام أدبني *** وبالإيمان كرمني
فعشت العمر هانئة *** بعيدة عن لضى الفتن
بإسلامي سمت روحي *** وصنت بشرعه بدني
كتاب الله لي نورا *** بأصفى الحب يغمرني
فينسيني هوى الدنيا *** وللجنات يحملني
بربي علقت عيني *** فأرقبه ويرقبني
إذ الأهواء نادتني *** حيائي منه يمنعني
أجل النفس أن تصبوا *** لأمر لا يشرفني
أليس الله أوجدني *** لأبني قادة الزمن
بهذا ينبغي لك أن تهتفي ، فإذا أبيت إلا الخلاعة و السفور و الخروج من البيت مضمخة بالروائح و العطور فإنك بذلك تكونين قد أرضيت عدوك و أسخطت ربك وحينها لا ينجيك من عقاب الله ولي ولا نصير ولا خليل ولا عشيق .وهذا الحجاب الذي امتنعت من ارتدائه ستلبسينه مرغمة لا طائعة إذا جاءك الموت وطرق بابك فإنك ستخمرين وتلفين باللفائف وتساقين إلى القبور، فتذكري يا أختاه هذه النهاية و أعدي لها العدة و عدتها هي أن تستجيبي لربك وتطيعي خالقك و تحافظي على عفافك وصلاتك وطاعة زوجك إن كان لك زوج و استري مفاتنك عن الناس قال صلى الله عليه وسلم: [ إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وأطاعت زوجها وحفظت فرجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت ) . أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
وفي الأخير أحب أن أهمس في أذن أختى الكريمة مذكرا لها بما قاله الشاعر الحكيم :
يا بنت عمي التي حادت بملبسها *** عن المقاييس آذيت المقاييسا
آذيت بالملبس المبتور فاطمة *** بنت النبي كما آذيت بلقيسا
إبليس راض وحزب الله في غضب *** على التي فاخرت في حب إبليسا
فاختاري أي شئت تريدين إرضاءه والأمر إليك بعد الذي طرق سمعك فقفي مع نفسك هنيهة ثم قرري ، والآن أتركك مع هذه الأبيات لعلها تعينك مع ما سلف في قرارك الأخير .
كــانــت بعـــزة إثمهــا تتكبّـــر ........ وببعدهـــا عــن ربّهــا تستهتــر
ثـوب الفضيلة لا يـواري جسمهـا ......... بعبــاءة الخصــر المريبــة تظهـــر
مكياجهـــا يزري بنــور حيـاءهــا ........ وعطورها مـن جسمهــا تتبخّــر
وتهيـج قطعـان الذئـــاب لطيفهــا ........ فــي السـوق لمّا أقـبـلـت تتبختــر
لعبت بها الأوهــام حتى أصبحـت ........ تهفــــو لهـــا ولأمرهـــا تتصـــدّر
يا ويلها ظلمــت جمــال أنوثــة ........ ريانـــة والـــورد فيهـــــا يزهــــر
ضربت مواعيــد الغـــرام بجـــرأة ........ والله يسمع مــا تقـــول ويبصــــر
لكــــن قلبـــاً غافلاً أنّــــى لــه ........ في سوء عاقبة الهـوى يتفكّــــر
هجـرت كتـاب الله طــول سنينهــا ........ لا الخـوف يغشــاهــا ولا تتذكّــــر
فــــإذا بأقـــدار الإلــــه تحوطهـــا ........ وإذا بألطــاف المهيمــن تسفـــر
ورأت كتـــاب الله يومـــاً صدفـــة ........ فيليـــن قلــب جــامــد متحجـــّر
فتناولته عسـى زمـــان أســـود ........ مـــن عمرهـــا بكتــابــه يتنــــوّر
يا حسن ما قرأتـــه مـــن آياتـــه ........ أو هكـــذا ربـــي لذنبـــي يغفــر
أو هكـــذا لطـــف الإلــه وبـــرّه ........ ربٌّ غفـــــور جـــوده لا يقصــــر
يعطي بلا عـدد ويمهـــل عبـــده ........ وهـــو العلــيّ القــادر المتكبّــــر
فإذا بهــا تشكــــو بغيـــر تكلّـــم ........ ودموعهـا مـــن عينهـــا تتحـــدّر
عادت فتـــاة الأمـــس لله الــذي ........ يعفــــو ويغفـــر للعبــاد ويستـــر
صلّــت صـــلاة مــودّع وتأملــت ........ فـــي شأنهــــا ولآيهـــا تتدبّـــر
يا ربِّ تبت إليــك فاقبــل توبتــي ........ أنت العليــم بنـــا وأنـــت تدبّـــر
صرّف على دين الرسول وشرعه ........ قلبي الـذي يهفـو إليـك ويجـــأر
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه .