أحــزاب الواجهة و المصداقية التائهة
22-05-2007, 11:50 PM
أحــــــــــزاب الواجهـــــــــــة و المصداقيــــــــة التــائهــــــــــــة تُــزين الساحــــة السياسيــــة اليــــوم في الجزائــــر الديمقراطية أحـــزابـا تعتبـــر نفسها أكثر حس ديمقــراطي من النظــام نفســـه و تصنــف نفسها على أنها المعارضـــة الحقيقيـــة وهذا ما تنادي به شعــــاراتها الخـــاوية التي لا تسمــن و لا تغنــي من جـــوع،فعبثا يحــــاول السماسرة تسويـــق سلــــع و خطابــات كاسدة عن برامـــج سياسية وهميـــة أو ربما تبقى مجــرد مبـــادئ نظـــرية لمن أراد أن يحـــاول تصنيــف الساحة السياسية الجزائرية أو يرسم خريطة مواقـــع هـــذه الأحـــزاب مستندا إلى القاموس السياسي المعـــروف عند كل الأمم، ففي الجزائر هنـــاك ثلاثة توجهـــات بـــارزة قد يدركها المواطـــن البسيـــط . أولها حزب جبهة التحرير الوطني فهو لا يزال إلى يومنا هذا يستمد شرعيته من المرجعية الثورية ولا يجد حرجا في كل مرة أو عند كل استفتاء نفخ أبواقه الكلاسيكية التي لم تعد تحرك إلا ثلة ممن يمصون دماء الشعب بحكم مناصبهم التي ورثوها عن الحزب الواحد أو بعض الشرفاء من المواطنين المخلصين فالثورة عندهم بمثابة العقيدة الراسخة ، و الحزب هو عمود و رمز هذه العقيدة وهم يمثلون الأغلبية المهمشة لكن الشرعية و القاعدة الشعبية الحقيقة لحزب جبهة التحرير و القمة لا تغفل عن هذا بل تتذكرهم من حين لأخر وتسمح لهم ببعض فتات المائدة يلهيهم و يشغلهم عن التذكر و الحديث الممل عن مبادئ و قيم الثورة بل و تكرمهم بألقاب يرضونها ( ذوي الحقوق) ومنح يستحقونها حتى لشهداء ثورتنا المجيدة فهم أوفياء لهم فكم من نصب و ساحات وشوارع و مؤسسات حكومية تحمل أسمائهم و تخلد ذكراهم ،لم تنس أبنائهم ولا حتى أراملهم فالخير وفير و الفتات كثير ، أو بمن التحق بالحزب من الوصوليين الانتهازيين و من تربوا في ظل بلاطها كخدم أوفياء فهم عمالها الأذكياء الذين تعلموا كيف يغازلون الحاشية بتقارير أقل ما يقال عنها أنها رومانسية في وصفها لحال البلاد و العباد ،فلقد أدركوا بالموهبة أنه من يخفي عيبا يفتح له بابا يقربه من ولي نعمته ومن يكشف عن ثقب في رداء معاوية فويل له فسيأخذ بجرمه ويرمى في هاوية الحجاج مع العامة ،المغضوب عليهم ، لكن لم يعد هذا الحزب الوحيد الذي يزين الواجهة الديمقراطية في الجزائر فلقد سمح أو تنــــازل أخيرا الأمير، كرما منه و هبة، لا حقا و أسلوبا حضاريا في أن تولد في حظيرته في عملية قصريه أحزابا معارضة كي يزين بها تلك الواجهة المتآكلة وكم هو فخور بها ما ينفك أن يذكرنا و يذكر أعدائنا بما حققته هذه الواجهة المصطنعة من مكاسب ديمقراطية و لشغفه باللعبة الجديدة فلقد ابتكر فن سياسيا جديدا و هو احتضان المعارضة وتقبيلها و دعوتها للمشاركة في تحالف كي تدرك كم هو قاس أن تحافظ على إيمانك كي تستمر أية نزول خيرات المائدة فلبت المعارضة الدعوة و تذوقت طعم سحر الكراسي فنست سنين النضال و الماسي هم معذورين فخمر السلطة له نشوة لا تقاوم من سقي منه لا يساوم الموت أهون عليه من حرمانه دفء المقعد الوثير في حضرة سمو الأمير فهرول الجميع يلهث خلف السيد( و في ذلك فليتنافس المتنافسون ) من يصل أولا إلى قصر الأمير عفوا( قلب الأمير) فإن رضي كادت الأحزاب من الفرحة تطير فتتلهف لتصعد المنبر و تطل علينا كصبية عاشقة لا لتعارض أو تحصي أخطاء حبيبها بل لتبرير حماقاته و غرائزه الجنونية و تذكره في حياء عن وعوده المخلفة و هداياه المؤجلة و لا تكتفي عند هذا بل تدافع عن نواياه الحسنة و عن سياسته الكيسة الرشيدة دوما ، و كم يمتعنا أحيانا حين تتبادل دمى المعارضة السب و الشتم و تشد الواحدة شعر الأخرى من فرط الغيرة و الغرام و كم تلهينا كواليس الدسائس على صفحات الجرائد كي نهرب معها من سواد واقع معيشتنا و نتتبع حلقاتها الهزيلة و كم يسعد ذلك الأمير و هو في كل مرة يتدخل في غرور رجالي لفض الصراع و الغوغاء في مقر جناح حريمه المعارض لسياسته الداخلية كي يحفظ أسراره فهو لا يريد نشر ملابسه الداخلية في نور الشمس،كي لا يُرى أحمر الشفاه .ولتبقى الصورة مثالية في عيون براءة الرعية . فالملك يقف في الواجهة بين دميتين الأولى حركة إسلامية تصف نفسها أنها النسخة المعتدلة عن تلك الأصولية ( نحن إسلاميون بامتياز) ( نحن النخبة بامتياز) أو هي في نظر النظام النسخة المروضة الوحيدة في العالم العربي و الإسلامي من أصل يعتبر أصولي و يقف في الطرف الثاني الدمية العلمانية اليسارية التي عايشت النظام طوال تاريخه المجيد فهي حامية الجمهورية من الأغلبية الغير مرغوب فيها و هي كذلك تعتبر نفسها الحامية الوحيدة للمرأة الجزائرية من قانون الأسرة الأصولي الفكر و لا أحد ينكر مرجعية ثقافتها الفرانكفونية التي تتشدق بها عبر وسائل إعلامها التي تبث من المريخ بعيدة كل البعد عن واقع المواطن فهي تدير مملكة الثقافة و برامج هز الخصور واستيراد مساحيق من قشور فنون الغرب المتعفن . وتبقى الأغلبية الصامتة في قيظ الحر تصارع من أجل الكرامة ( من أجل الخبز ) خارج أسوار القصر سئمت النظر في تلك الواجهة السياسية المهجنة وراثيا و التي تحمل عدوى الكراسي في عروق نشأتها الأولى في المراحيض السفلى للبلاط ، و التي يطلب منها أن تصلي شكرا للذين رفضوا ارتفاع سعر الحليب و الذين وفروا لنا في هذا الشتاء البارد قارورة الغاز بسعر زهيد ،كي ننام ملء جفوننا و ننعم بالدفء ونعم هذا الوطن الحبيب ، كي لا نرى كوابيس البطالة و أزمة السكن ولا هجرة الشباب و الأدمغة و لا ترويج المخدرات في أوساط أبنائنا و لا ظاهرة العنوسة بين بناتنا و لا متابعة الملفات السوداء عن تهريب و اختلاس أمولنا و لا عن ظاهرة التسرب المدرسي لتجهيل أطفالنا وغيرها من ملايين الحفر المظلمة فما تلك إلا أضغاث أحلام و كم هي متعبة أحلامنا وأمالنا بل تعتبرها تلك الواجهة الفقيرة أحلام مكلفة وهي كما تعلمون تمقت الإسراف كمبدأ أخلاقي و تأمرنا بالزهد و شد الحزام فأخيرا أعلنت أنها قضت عن رقابنا قيد الديون فأنت عندما تولد يفتح لك حسابا بنكيا بالعملة الصعبة بالمبلغ الرمزي ناقص(؟ ؟ ؟ ؟) لتتحمل نصيبك الشرعي من تسديد الديون وهذا من أسمى الواجبات الوطنية.
رامــــي (العمارية)
التعديل الأخير تم بواسطة رامي ; 23-05-2007 الساعة 12:02 AM