سذاجة الأطفال
13-05-2007, 02:18 PM
سذاجة الأطفال
***
هي قصة وقعت لي في طفولتي مع حمار كانت تملكه
العائلة وكنت يومها لا أتعدى العاشرة .
كثيرا ما كنت أشفق على هذا الحمار بحكم انه دابة مقهورة...تحمل الأثقال،تحرث الأرض ،وتقوم بكل المهام التي تقوم بها السيارة في يومنا الحاضر.
أتفقده ليلا ونهارا....انقل له الحشيش وشتى أنواع الثمار...وأتصيد له أماكن الظل تحت الأشجار في فصل الصيف.
اذهب به كل يوم إلى بئر القرية و أناوله ماء نقيا باردا ثم بعد ذلك اغسله بمشط أعددته خصيصا لذلك.
بعقلية الطفل الساذجة ،كنت اعتقد انه يقدر لي هذه الحفاوة في الخدمة والجميل ، ولا يمكن له بأية حال من الأحوال أن يأذيني في يوم من الأيام.
وفي إحدى المرات أردت أن اذهب به كعادتي إلى تلك البئر القريبة من القرية ولم أجد اللجام الذي كنت أتحكم به في جنوحه جيدا.
ركبت ظهره بدون لجام وانطلقت في طريقي وأنا اعتقد انه لن يغامر بأية محاولة طائشة ويخسر صديقا كثيرا ما كان يحسن إليه.
وصلت به البئر..أسقيته ماء باردا ،غسلته بالمشط كالمعتاد...ثم ركبت ظهره وقفلت راجعا إلى البيت.
و بطريق العودة كانت هناك شجرة كبيرة متوحشة نمت أغصانها حتى تدلت واقتربت من الأرض وأصبحت لا تسمح بمرور الإنسان واقفا تحتها إلا إذا انحنى
عندما اقتربت به من تلك الشجرة الملعونة خرج الحمار بي عن الطريق المعلوم وانطلق بسرعة البرق متجه نحوها
بدأت اصرخ مرة وأناشده بالتوقف مرة أخرى لكن دون جدوى ،لقد تخلص منك يا بن عمار وانتهى الأمر.
وجدت نفسي بعد ذلك مرمي على الأرض وقد مشطت أغصان تلك الشجرة جسمي ومزقت ثيابي وكشفت عورتي.
وصل الحمار لوحده إلى البيت..وفهمت العائلة الرسالة بسرعة فانطلق الجميع في لبحث عني والاطمئنان على حالتي التي كانت يرثى لها
وقعت طريح الفراش لبعض الوقت ثم استعدت عافيتي والحمد لله.
كنت بعقلية الطفل وأنا على الفراش الفاجعة ، احلف بغلاض الإيمان ، وأتوعد تلك الدابة المسكينة بشر انتقام ورد الصاع صاعين.
فخطرت لي أفكار كثيرة في هذا المجال وكان أمكرها:
أن استدرجه نحو شفى حفرة كبيرة كانت هناك بجنب الواد ثم اعصب بصره وادفعه دفعة واحدة فيهوي نحو الأسفل ثم انفض يديي منه وأعود وقد شفيت غليلي.
تفطن الوالد رحمة الله عيله للأمر وسألني:
أراك يابني لا تتفقد حمارك كثيرا كما كنت من قبل.
سكت ولم اخبره بما انوي القيام به من مكيدة جهنمية.
ثم أضاف دون أن ينتظر مني جوابا.
إن هذه الدواب يا ولدي ،سخرها الله سبحانه وتعالى لنا ولم يعطها نعمة العقل.
رفع عنها التكليف وليس حالها كحال الإنسان الذي هو محاسب عن الصغيرة والكبيرة.
وكان عليك مند البداية ....أن لا تنتظر رد الجميل من حيوان في يوم من الأيام وتامن مكره.
لقد امرنا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام بالرحمة بها والشفقة عليها تقربا إلى الله لا غير .
نزلت كلمات الوالد رحمه الله علي صدري مثلما ينزل الماء على النار الملتهبة.
لعنت الشيطان الرجيم واستغفرت الله .
ثم استأنفت الاهتمام به والشفقة عليه أكثر من ذي قبل.
وأصبحت من ذلك التاريخ كلما قرأت أو سمعت هذه الحكم والأمثال
التالية تذكرت تلك الواقعة:
(اليد التي تصافحها بحرارة تصفعك بشدة)
(اتق شر من أحسنت إليه)
(يفعل الجاهل بصديقه ملا يفعل العدو بعدوه)
(جزاه جزاء سنيمار )
***
هي قصة حقيقية وقعت لي وليست من وحي الخيال
وحفظنا الله وإياكم من كل سوء.
*******
بن عمر غاني
19/04/2004
التعديل الأخير تم بواسطة سعاد.س ; 18-05-2007 الساعة 08:53 PM
سبب آخر: خطأ املائي