كيـــــــــــــــــــليوباترة
19-10-2018, 05:18 PM
كليوباترة
مثل الملكة الحسناء كليوباترة... تعشق الحلي و العطر و التحدي و الحب و الأناقة و المغامرة...
رغم تعاقب السنوات الطويلة.. مازالت تحتفظ بأنوثة طاغية و شباب فائر وبريق يذهب بعقول جهابذة الرجال .
تشتغل في مصلحة البريد منذ تحصلت على شهادة الباكالوريا فرع آداب..
هي هنا وحيدة وسط زخم من الرجال – عفوا الذكور -..
يرمقها زميلها محمود كل صباح بعيون عطشى و تنهدات طويلة و هو يهتف بينه و بين نفسه:
" ما أجمل النساء حين يطأن عتبة الأربعين".
دخلت إلى مكتبها الذي يتضوع مسكا و وردا و عطرا و أناقة..كأنه بستان جميل أو مخدع عروس.
جلست على أريكتها الوثيرة و ألقت نظرة خاطفة على مرآة صغيرة تحتفظ بها في محفظة اليد المصنوعة من جلود مدينة مراكش..
تلك المحفظة أهداها إياها زوجها الأول حين التحق للعمل في السلك الديبلوماسي في المغرب...لقد كان سخيا و شهما رغم سلسلة عيوبه و هناته.
أصلحت شعرها المخملي الذي يحاكي صفرة الشمس زمن الأصيل. و وضعت شيئا من أحمر الشفاه و استعادت وسامتها و رونقها مرة أخرى.
تحب الظهور أمام الجميع مثل أميرة حسناء من أميرات غرناطة...
همس أحد زملاءها في سمع أحدهم يوما:
- حنان تنفق نصف راتبها في اقتناء آخر صيحات مستحضرات التجميل -
راقها ذلك الثناء الجميل و زادها ثقة في النفس و سعادة لا توصف...
شغلت الحاسوب و قرأت بعض البيانات ثم بدأت في إعداد الجداول لمصلحة البريد.
حنان تستبدل الرجال بسهولة كما تستبدل الفساتين و ساعات اليد...فشلت في زواجها السادس مرة أخرى. حظها مع الرجال كان عاثرا دائما.
منذ يومين فقط تسلمت ورقة الطلاق من المحكمة..لقد ضبطت رسالة غرامية في الهاتف المحمول لزوجها الكذوب..
أنكر صاحبنا طويلا – تلك الزلة – و استمات في الإنكار. و استبد به الغضب ذات مرة فلطم زوجه لطمة منكرة.
لكن حنان أصرت على الطلاق في نهاية تلك العاصفة الكئيبة.
حين تسلمت حنان تلك الورقة البغيضة ذرفت الدموع طيلة الليل..و مع بداية الصباح يممت شطر مصلحة البريد و هي في أتم الأناقة و البهاء و التصميم..
لقد تعلمت حنان مع تصرم عقارب الزمن أن تنهض من هزائمها بسرعة و تضمد أجراحها العميقة لكي تكمل المسير في شموخ دون البكاء على الأطلال...
- حنان رئيس المصلحة يستعجلك في إعداد الجداول و التقارير لمناقشتها في جلسة بعد الزوال - هتف الموظف محمود و في عينيه يرتسم زخم من الهيام و المحبة نحو هذه المرأة الجامحة كالغزال.
الشاب كان يصطنع كل المبررات ليغشى مكتب حنان و يتحدث إليها و يستقي من معين ذلك الجمال الذي لا ينضب...
في يوم من الأيام دس في يدها خلسة قصاصة صغيرة. كتب فيها بخط مرتعش :
- حنان أريدك زوجة لي....إلى الأبد –
لكن حنان صدته في رفق قائلة : - آسفة يا صديقي لقد زهدت في الزواج منذ أمد بعيد –
كان جوابها صادقا و نابعا من شغاف القلب..كانت تخشى من نكسة جديدة .
قلبها الغض لم يعد يحتمل تجاربا مريرة أخرى. و انكسارات جديدة...
أزاحت ستار النافذة فتدفق ضوء الشمس ليغمر فضاء المكتب في شغف كبير..
أخذت تتصفح بريدها الالكتروني على شاشة الحاسوب...
رسالة قصيرة من المغرب :
" أميرتي الخالدة حنان. حياتي بدونك جحيم. قررت أن أرتبط بك ثانية و إلى الأبد....توقيع المتيم حسين "-
ذهلت المرأة أمام تلك الرسالة اللغز. ثم استعادت ذكريات سحيقة جدا. انه طليقها الأول. و عشقها الأول ..و وجعها الأول...
خفق قلبها مجددا احتفاء بتلك الرسالة القصيرة. و بعد فترة قصيرة تم عقد قران حسين و حنان وسط نفر غير قليل من الأصدقاء و الضيوف...