تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية abdo hamdi
abdo hamdi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 05-09-2014
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 55
  • معدل تقييم المستوى :

    10

  • abdo hamdi is on a distinguished road
الصورة الرمزية abdo hamdi
abdo hamdi
شروقي
مراقبة الامتحانات بين الأمانة والإهانة
08-01-2016, 04:56 PM
تُذكِّرني الطريقة التي يُحارَب بها الغِشُّ في الامتحانات الجامعية، بالنَّهج الذي تسلكه الحكومة في محاربة الفساد، فبينهما شَبهٌ كبير في أسلوب المعالجة، وطريقة التفكير، إذ إنَّ الحكومة غالبا ما تعالج الأعراض و تركِّز عليها، مُعرِضةً عن الأسباب الحقيقية المؤدية للفساد، بل إنها كثيرا ما تُشجِّعه من حيث تريد محاربتَه، وكذلك أَنظرُ للغش في الامتحانات الجامعية، فهذه الظاهرة السيِّئة عَرضٌ لمرضٍ خبيث استقرَّ في تفكيرنا، وممارساتنا، وإنَّ التشديد في مراقبة الامتحانات مع إهمال الأسباب المؤدية للغش، خُدعةٌ واضحة، لكنَّ السؤال هو:" مَن يَخدعُ مَن؟"
لقد أثبتت التَّجربة أنَّ الطالب ينجح دائما في الإفلات من عيون المراقبين، وأثبتت أيضا تجربة وزارة التربية أنَّ تشديد المراقبة لا يقضي أبدا على ظاهرة الغش في الباكالوريا، فلماذا نُصِرُّ على هذا النَّهج في التعامل مع المشكلة؟ ألا يمكن أن ننظر للمسألة من زاوية مختلفة لنجد لها حلا مختلفا؟ لماذا لا نركز على تجفيف ينابيع الفساد؟ إنَّ الأمانة والنزاهة التي نسعى إليها في هذه الامتحانات تحوَّلت إلى إهانة سافرة للإنسان، وللطالب، و للأستاذ، و للجامعة، وللعلم.
وهذه حالٌ لا تسرُّ عدوا ولا صديقا، وكأنَّ الطّالب و الإدارة يلعبان دور القط توم والفأر جيري، وإنِّي أتساءلُ كثيرا حول عجز النُّخبة الجامعية عن خلق خطابٍ جديد، مختلِفٍ عن الخطاب الذي نتعامل معه خارج الجامعة، إذا كانت الجامعة المنتِجة للنُّخب تعجَز عن إيجاد حلٍّ علميٍّ مدروس لهذه الظاهرة، ويَقصُر نظرها في معالجتها، فكيف نطمع أن تقدم لنا حلولا لمشاكل اجتماعية أكبر من ذلك؟ لو أنَّ الجامعة نجحت في القضاء على الغش داخل المدرَّجات لاستفادت وزارة التربية من تجربتها، فوفَّرنا على أنفسنا جهدا ووقتا ثمينا.
لا أرى أنَّ الطالب راضٍ عن نفسه وهو يتحايل على النجاح، فالغشُّ يبقى سلوكا شائنا مُحرَّما في فهمنا، ولم أسمع طالبا قال بعكس ذلك، ولكنّ مُحتَرفيه يُبرِّرون فِعلَهم ليُخفِّفوا عنهم وطأة وَخز الضمير، فالنظر إلى الطالب الجامعي على أنَّه يُحبُّ الغشَّ، ويَعدُّه الحلَّ الأمثَلَ للنجاح، فيه الكثير من الظلم والإجحاف، ويبدو لي أحيانا أنَّ الإدارة تَعدُّ الطالب غشّاشا بالأصالةِ، فهو طالبٌ يولَد في الجامعةِ غشّاشا حتى تثبتَ براءته، وهذا الفهمُ يُعلِّل التَّشديد المتواصل في مراقبة الامتحانات، وهذه إهانةٌ للطالب وللإنسانية فيه، فالإنسان بريءٌ حتى يثبُت العكس، والطالب أيضا، ويذكِّرني هذا بنظرية لومبروزو في علم الإجرام، فهو يرى أنَّ المجرم إنسانٌ مطبوعٌ على الإجرام، وليس للبيئة التي يعيش فيها أثر في سعيه نحو الجريمة، فالمجرم عنده مُجرمٌ بالميلاد! أليست النظرتان متشابهتين إلى حدٍّ كبير؟
ثم إنَّ الغشَّ تحوَّل إلى إجرام حقيقي في حق الرسالة العلمية، وليس سلوكا خاصا بالطالب فقط، إذ لا يملك كثير من الأساتذة في جامعاتنا ما يقدمونه للطالب، وهذا إجرام في حق العلم، ومع ذلك لا يُبرِّر هذا الإجرامُ، معاملَة الطالب معاملَة المجرم بحِسٍّ أمني شبيه بالذي نجده في مراقبة السُّجناء، وهنا شَبهٌ آخر بين معالجة الحكومة لكثير من قضايا الفساد بحسٍّ أمني صِرف، فما الفرق إذن، بين النُّخبة الجامعية المثقفة و النخبة السياسية؟
إنَّ النَّظر للطالب الجامعي مِن أعلى، تُعبِّر عن سوء العلاقة بين الطالب و الأستاذ، وتُعبِّر عن استصغار للطالب غير مُبرَّر، وهي مما يقفُ حاجزا قويا أمام بناء طالبٍ متكامل الشخصية العلمية، فالطالب مُحتاج إلى الشعور بقيمته لدى الأستاذ و الإدارة، أمّا الاستهانة بقدره، وبذكائه، وبأخلاقه، فلا أجد لها مَحملاً حسناً أحملها عليه، لقد أُشبِعَ الطالب إهانة و استهانة، فهو يُهان لرغيف خبز، ويهان في النقل الجامعي، ويُستهان به عندما يُدرَّس مقاييس لا حاجة له بها، وعندما يُطلب منه حفظُ المعلومات وترديدها كالببغاء، ويُستهان به عند معاملته كطفلٍ في الحضانة، أو تلميذ في الابتدائي، فإذا نظر يمينا قيل له:" لِمَ نظرتَ يميناً؟" و إن نظر شمالا:" قيل له لمَ لا تنظر يمينا؟". إنَّ الفرقَ بين الأمانة والإهانة كبير في المعنى، بحيث لا يختلط هذا بذاك، إلاّ إنَّ الفوضى المقيمة في حياتنا العلمية، تجمع بين المتناقضات، وتُصالح بينها، وصعَّبت علينا هذه الفوضى تتبُّعَ الخيط الذي تنتظم فيه الأمانة في نسيج المجتمع، ولذلك كثيرا ما نمسك بخيط الإهانة ونحن نحسَبه خيط الأمانة.
لم تَعد ظاهرة السرقات العلمية في الأوساط الأكاديمية خافيةً على أحد، حتى لقد نال كثير من المتورطين فيها امتيازات عدة ومناصب، فكيف يمكن لأمثال هؤلاء أن يَسهروا على نزاهة الامتحانات في الجامعات التي ينتسبون إليها، و أن يكونوا سندا للطالب على الأمانة العلمية؟ هؤلاء يطلبون من الطالب أن لا يَغشَّ مثلَهم، فهل لدعوتهم هذه وجه، أم هل بقي لهم في هذا الوجه ماء يُحفظ؟ إنَّ هذا التناقض من أهمِّ أسباب استفحال ظاهرة الغش، حتى غدت مُستَحسَنةً، وهان شأنها حتى على الضمائر الحية، فهل يكون في التشديد في مراقبة الامتحانات في مستوى التدرُّج، نوعٌ من التَّعويض عن عجز الجامعة في القضاء على الغش في مستوى ما بعد التدرج والمستويات العليا؟ أليس الأمر شبيها بالْتهام الحكومة الأسماكَ الصَّغيرة، لمّا رأت الحوت الكبير أكبر من يُؤكَل؟ إنَّ الموظَّف البسيط في بلادنا يُبرِّر سرقتَه لقَلمٍ، بما يختلسه الموظفون الكبار في المناصب الحساسة مِن أموال ضخمة، فالفعلُ واحد، ولكنَّ السَّرقة في المستويات العليا تلبس حُلَلاً أنيقةً، وتتخفى خلف الفراغات القانونية، أمّا السرقة في المستويات السُّفلى فليس لها ما يستر عوراتها.
وهكذا تبدو مشكلة الغش في الامتحانات الجامعية مُشكِلةً غير منعزِلة عن الفساد الفكري عندنا، وتظهر في صور مختلفة حسب المقام، وكثيرا ما تتسمّى بأسماء منمقة جميلة، ولهذا يجب على النخبة الجامعية أن تُجدِّد خطابها إزاء المشكلة، وأن تُجدد أساليب مقاومتها.
وبالإضافة إلى ما سبقَ، فإنَّ لظاهرة الغِشّ أصولٌ، مِن الظُّلم أن لا يُلتَفَتَ إليها، ومِن هذه الأصول الاعتمادُ شبه الكُلي في تقييم الطالب على العلامة المُحصَّل عليها في الامتحانات، أمّا الاعتبارات المصاحبة للعلامة كالحضور، والأعمال التطبيقية، فلم ترق بعدُ إلى قيمة علامة الامتحان، والحصولُ على علامة جيدة في الامتحان مسألة أسهل بكثير من تقديم عمل تطبيقي جيد، وأسهل بكثير من تقديم الطالب رؤية مختلفة عن رؤية الأستاذ للمحاضرة، ومع ذلك تبقى علامة الامتحان هي الأهمّ، والأكثر قيمة! إنَّ التجديد في سُبُل تقييم الطالب تُقدِّم لنا خدمة كبيرةً جدا في محاربتنا لظاهرة الغشّ، وفوق ذلك سيكون لها أثر كبير في الارتقاء بمستوى الطالب، وتغيير سلوكه، والسؤال هنا :" لماذا الإصرار على هذا الأسلوب التقليدي في التقييم، وقد ظهر للجميع أنَّه بعيد عمّا يُرجى منه؟".
ومن أصول الظاهرة، نوعية الأسئلة التي تركِّز في معظمها على حفظ الطالب المعلومةَ، وإعادتها للأستاذ كالأمانة، وهاهنا أيضا تختلط علينا الأمانة بالإهانة، فالأمانة في نقل الطالب المعلومةَ مثلما تلقاها ونسبتِها إلى صاحبها، خلقٌ كريم، لكنَّ حمل الطالب على فهم الأستاذ وحدَه إهانةٌ لعقل الطالب، واستهانةٌ به، وتقتضي الأمانة على عقول الناس أن نحرِّكها وندفعها للتفكير، ونقبل منها اجتهادها و إن كان خاطئا، وأما الحرص على بقاء العقول جامدةً بالتركيز على حفظ المعلومات وإنْ بغير فهم، و دفع الطالب إلى مجاملة الأستاذ وإعطائه الجواب الذي يريده، وإن كان مخالفا لقناعة الطالب، حرصا منه على علامة الامتحان، كل هذا إهانة للعقل واستهانة به.
إنَّ الطالب يُهين نفسه عندما يفكر في الغشِّ، ويلجأ إليه، ولقد صارت ظاهرة "التَّحراز" وكتابة المحاضرات على الطاولات، والجدران، مَثلَبة في جامعاتنا، وهي تسيء لسمعتها، والطالب الذي يَحترم قناعاته، ويركن إلى الخلق الكريم، يتورَّع عن هذا السلوك، فالمسألة أخلاقية في أساسها، وإنَّ الطالب عندما يفقد فهمه الصحيح لطلب العلم، ويصير انتسابه للجامعة وسيلة للحصول على شهادة تُمكِّنه من الحصول على وظيفة وحسب، يصبح كل ما يؤدي به إلى هذا الهدف مشروعا، وهاهنا أصلٌ آخر من أصول الظاهرة، ويتعلق بالقيمة المتدنِّية للطالب الجامعي في مجتمعنا، إذ الشأن عندنا بـ(المادّة) لا بالعلم، وتقع مسؤولية هذا كله على حكومتنا الموقَّرة، وقد لا أكون ُمبالغا لو قلت:" إنَّ الحكومة تساهم مساهمة فعالة في صناعة الغش بقصد أو بغير قصد" وكذلك الجامعة تساهم بقصد أو بغيره في تغذية الظاهرة.
إن المعالجة الجزئية المنعزلة لظاهرة معقَّدة، وغير منعزلة، هو ضربٌ من الاكتفاء بالوهم المؤدي إلى اطمئنان النفس، مع بقاء العقل مقتنعا أنَّ المَرَض مقيمٌ في الجسد، وأعراضُه باديةٌ عليه، ومع بقاء الضمير قلقاً، لا سيما إذا كان صاحبه قد استعان بالغشِّ في مساره العلمي أو المهني، وسيظل الضَّميرُ يُقلِق راحته وخز الإبَر، وستظل قِيمُنا الأخلاقية التي تربَّينا عليها تُحاكم كل واحدٍ منا، وسيفضحُ التاريخ كل واحدٍ فينا حقَّق نجاحا بالكذب، والزور، والتدليس، وستقذفهم الأيام من عليائهم وتُعفِّر وجوههم بالتراب، وإنَّ اللّه من ورائهم محيط.
عبد العزيز حامدي
التعديل الأخير تم بواسطة abdo hamdi ; 09-01-2016 الساعة 11:37 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية صامت+
صامت+
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 24-12-2017
  • الدولة : جزائري وأفخر
  • العمر : 42
  • المشاركات : 66
  • معدل تقييم المستوى :

    7

  • صامت+ is on a distinguished road
الصورة الرمزية صامت+
صامت+
عضو نشيط
رد: مراقبة الامتحانات بين الأمانة والإهانة
28-12-2017, 08:30 PM
نص جميل ... لي عودة إن شاء الله

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 04:40 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى