مقامة اللحم وضعيف الدخل
06-05-2008, 07:19 PM
من نبيل – عين مليلة -
في إحدى السنوات العجاف، أين كثرت المصائب بزّاف، اشتهيت أكل اللّحم، ومضغ الشّحم، فقيل لي: ....خَسِئْتَ يا ضعيف الدخل...، كثير الجهل...، كيف تشتهي ما يشتهيه السادة العظماء، ويجلّه كثير من الساسة والأدباء، إنّه اللّحم يا قليل الذكاء، كثير الغباء...، فقلت لهم والحسرة تملأ محيّاي: ...يا قوم والله ما بي غباء ولا خُيَلاء، وإنّما قد أعياني الغلاء، وصاحبني طول البلاء، فحّدثتني نفسي بشهوة أكل اللحم، ولستُ بعاص للدستور، ولا كاشفٍ للمستور، فقط ...أود أن أؤدي حقّي في السّخْفَة، فهي شيء فينا مزروع، و حق لنا.. مشروع، ولتعلموا أن سعر اللّحوم قد انخفض، فلا مناص إذا من إدراك ما فاتنا من شواء لذيذ، وعصبانة، ودُوَّارة،...فالأمر أصبح حقيقة، والحقيقة أصبحت أمرا وجب تنفيذه، فلندع أجسادنا تنعم ببعض ديمقراطية أكل اللحم اللذيذ، وهوّنوا عليكم إخوتي فآخرتها موت، لهذا... ومن الآن فصاعدا ...فقد أعلنت عصياني للفقر، والخنوع لواقع الأمر، والرضوخ لأولي الأمر، ...فشدّني أحد الأخوة من الحاضرين وقال: ... هذه السَّخْفَة فقط فعلت فيك الأفاعيل..، فما بالك إذا أكلت اللّحم الطازج الطري حقيقة، فحتما ستحدّثك نفسك بأمور جد خطيرة، فأمسك عليك سخفتك، وانظر للأمر من منظور آخر، إنك يا وحيد الدخل كلّما جُعْت وسَخِفت كنت سهلا للقيادة، محبّا للبلادة، فاصبر على ما أنت فيه، ولا تطمع في ما عند غيرك، وارض بالقليل، وهَايْ عيني من الزيادة في – الأجور - .