هل هؤلاء هم أولاد هؤلاء ....
19-11-2014, 07:43 PM
الكاتب:
حمزة* يدوغي
2014/11/19
قراءات (1469)
تعليقات (2)
الرأي
الأخلاقيات التي* بهرت أحرار العالم*!
قطع القس البروتستاني* الأمريكي*"لستر جريفيلد*" على متن دراجته أكثر من مائة كيلومتر وهو* يعرّف الرأي* العام الأمريكي* بالقضية الجزائرية إبان حرب التحرير الكبرى؛ والسبب أنه وقع أسيرا في* أيدي* جيش التحرير الوطني* ومكث أياما في* جبال أكفادو بجبال جرجرة،* فأذهله وبهره ما رآه من أخلاق إنسانية رفيعة تجلت في* حسن معاملة المجاهدين له ولغيره من الأسرى؛ لقد كان أقصى ما* يأمل فيه هو أن* يطبق أولئك المجاهدون عليهم قوانين الحرب،* أما أن* يحسنوا إليهم ويؤثروهم على أنفسهم في* المأكل والفراش والمأوى فذلك مالم* يكن* يخطر على قلبه أو* يقوى عليه خياله*!
ولما أطلق سراحه أدلى بأول تصريح له في* سويسرا فقال* "لقد شهدت انفجار قنبلة رهيبة في* جبال جرجرة فحمدت الله على كون فرنسا لا تملك القنبلة النووية*".
ولم* يكفّ* بعد ذلك هذا القس عن الإشادة بتلك الأخلاق الرفعية لجيش التحرير الوطني،* فكانت إشادته تلك سببا في* التحول الذي* برز على مستوى الرأي* العام الأمريكي،* وقد عبّر عن هذا التحوّل آنذاك السيناتور روبير كينيدي* الذي* انتخب سنتين بعد ذلك رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية*! كما أشاد بهذه الأخلاق بعض الفرنسيين أنفسهم بعد احتكاكهم بجيش التحرير الوطني؛ فقد كتب صحفي* فرنسي* زار الولاية الخامسة عام* 1957* يقول"لقد شاهدت بعيني* أسيرين فرنسيين* يعيشان بين المجاهدين،* يأكلان مما* يأكلون ويقرآن الصحف*!".
وصرح نواب ألمان قائلين* "إن سلوك جيش التحرير قد أدهشنا وملك قلوبنا،* وعلى الذين* ينعتونه بقُطّاع الطرق أن* يقوموا بجولة وسط هذا الجيش*!" لقد كتب الكثير عن ثورة التحرير التي* بهرت العالم بعبقريتها التخطيطية والسياسية والعسكرية،* وهي* صفات قد* يُشاركها فيما* غيرها من الثورات التحريرية،* لكن الذي* تميزت به* - إلى جانب ذلك* - وبهرت به أحرار العالم* يتمثل في* أخلاقياتها الإنسانية الرفيعة التي* جسدها بكل روعة وجلال سلوك مجاهدي* جيش التحرير الوطني،* خصوصا بعد أن جعل منها مؤتمر الصومام دستورا أخلاقيا طبق بكل دقة في* كافة ربوع الوطن لأن هذا الدستور لم* يكن جملة من القوانين التي* تفرض فرضا وإنما كان تجسيدا لقيم دينية وخلقية أصيلة* ينبض بها وجدان كل مجاهد*!
هذا البعد الروحي* الأخلاقي* لثورة نوفمبر لم* يحظ بعد بالقدر الكافي* من الاهتمام*!
إن هناك من الحقائق التاريخية الكبرى التي* أصبحت من المسلمات ما* يحتاج أحيانا إلى التذكير به وتوجيه النظر إليه من جديد لبعث أثره في* نفوس النشء،* وإذكاء وجدانه وشحن ذاكرته؛ ومن هذه المسلمات بخصوص ثورة نوفمبر أن صفة المجاهدين التي* عُرف بها الثوار كانت تختزل في* ذاكرة المجتمع الجزائري* أربعة عشر قرنا من الزمن لتربط بينهم وبين أسلافهم من المسلمين الأولين الذين بشرهم ربهم بزوال دولة الشرك،* وهم* يومئذ قلة مستخفية بمكة المكرمة في* قوله* "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا"؛ ومثلما عجلت* غزوة بدر الكبرى بزوال دولة الشرك تحقيقا لوعد الله سبحانه،* كذلك كانت رصاصة أول نوفمبر إيذانا بزوال ليل لاستعمار الطويل لأن الذي* أذكى جذوة المجاهد في* الحالين هي* صيحة الله أكبر*!
ولقد جسد المجاهدون مضمون هذه الصفة فكانوا مثالا وقدوة في* التمسك بالدين وتعظيم شعائره والتحلي* بأخلاقه؛ ولا عجب فثورة التحرير قد حرصت حتى في* تلك الظروف القاسية على التثقيف الديني* إلى جانب التكوين السياسي* في* البرامج المنظمة التي* كانت تطبق في* مستوى وحدات جيش التحرير الوطني* وفي* السجون والمعتقلات؛ وبذلك جسدت فلسفتها المتكاملة القائمة على الإسلام عقيدة ومبادىء وأخلاقا وعلى الأخذ بمنطق العصر ومقتضيات التطور في* الأساليب والكيفيات والوسائل*!
هذا البعد الروحي* لثورة نوفمبر هو الذي* عرضها لحملات التزييف في* كتابات المستعمرين الذين* يحاولون تجريدها من عقيدتها ليهون في* نظر أجيال الاستقلال فضل الإسلام عليها وتبقى مجرد ثورة تحريرية ككل الثورات التحريرية في* العالم*. ولكن هيهات*!
فكلنا* يعلم أن الاستعمار الفرنسي* للجزائر كان ذا نزعة صليبية حاقدة تجلت في* ذلك المخطط المحكم الذي* تعاون على تنفيذه رجال الكنيسة مع رجال السياسة وقادة الجيش،* ولا أدل على ذلك من قولة الكاردنا لافيجري* المشهورة* "إن إدخال الزهالي* في* الديانة المسيحية واجب مقدس وإن أول ما* يجب علينا فعله هو الحيلولة بينهم وبين القرآن*!"
إن هذا البعد العقيدي* الخطير للاحتلال الفرنسي* هو الذي* يفسر كون معظم أبطال المقاومة الشعبية وقادة الثورات المسلحة هم علماء دين وقادة روحيين استطاعوا أن* يهزوا وجدان الشعب لأنهم* يخاطبونه باسم الدين الذي* هو أقدس مقدساته،* ولقد سجلت هذه الحقيقة رسالة رفعها الشعب الجزائري* إلى المسؤولين الفرنسيين جاء فيها*:"إننا لن نتخلى أبدا عن ديننا وإذا كانت الحكومة تريد إرغامنا على ذلك فإننا نفضل الموت على اعتناق ديّانتكم*"!
إن ثورة التحرير الكبرى هي* امتداد لهذه الثورات التي* لم تنقطع،* وتتويج لها جميعا،* فمن الطبيعي* أن نجد كل ما* يميزها ويرتبط بها مصبوغا ومفعما بهذه الروح الدينية الأصيلة بدءا بتاريخ اندلاعها؛ فالفاتح من نوفمبر* 1954* صادف في* التاريخ الهجري* 6* ربيع الأول* 1374؛ فهي* انطلقت في* الشهر الذي* ولدت فيه البشرية من جديد بميلاد المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه،* فكان ذلك بالنسبة للمجتمع الجزائري* انبعاثا وتحررا وكان بالنسبة للمستعمر انهزاما وانكسارا لأن هذا التاريخ صادف عنده ذكرى الأموات*!
حمزة* يدوغي
2014/11/19
قراءات (1469)
تعليقات (2)
الرأي
الأخلاقيات التي* بهرت أحرار العالم*!
قطع القس البروتستاني* الأمريكي*"لستر جريفيلد*" على متن دراجته أكثر من مائة كيلومتر وهو* يعرّف الرأي* العام الأمريكي* بالقضية الجزائرية إبان حرب التحرير الكبرى؛ والسبب أنه وقع أسيرا في* أيدي* جيش التحرير الوطني* ومكث أياما في* جبال أكفادو بجبال جرجرة،* فأذهله وبهره ما رآه من أخلاق إنسانية رفيعة تجلت في* حسن معاملة المجاهدين له ولغيره من الأسرى؛ لقد كان أقصى ما* يأمل فيه هو أن* يطبق أولئك المجاهدون عليهم قوانين الحرب،* أما أن* يحسنوا إليهم ويؤثروهم على أنفسهم في* المأكل والفراش والمأوى فذلك مالم* يكن* يخطر على قلبه أو* يقوى عليه خياله*!
ولما أطلق سراحه أدلى بأول تصريح له في* سويسرا فقال* "لقد شهدت انفجار قنبلة رهيبة في* جبال جرجرة فحمدت الله على كون فرنسا لا تملك القنبلة النووية*".
ولم* يكفّ* بعد ذلك هذا القس عن الإشادة بتلك الأخلاق الرفعية لجيش التحرير الوطني،* فكانت إشادته تلك سببا في* التحول الذي* برز على مستوى الرأي* العام الأمريكي،* وقد عبّر عن هذا التحوّل آنذاك السيناتور روبير كينيدي* الذي* انتخب سنتين بعد ذلك رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية*! كما أشاد بهذه الأخلاق بعض الفرنسيين أنفسهم بعد احتكاكهم بجيش التحرير الوطني؛ فقد كتب صحفي* فرنسي* زار الولاية الخامسة عام* 1957* يقول"لقد شاهدت بعيني* أسيرين فرنسيين* يعيشان بين المجاهدين،* يأكلان مما* يأكلون ويقرآن الصحف*!".
وصرح نواب ألمان قائلين* "إن سلوك جيش التحرير قد أدهشنا وملك قلوبنا،* وعلى الذين* ينعتونه بقُطّاع الطرق أن* يقوموا بجولة وسط هذا الجيش*!" لقد كتب الكثير عن ثورة التحرير التي* بهرت العالم بعبقريتها التخطيطية والسياسية والعسكرية،* وهي* صفات قد* يُشاركها فيما* غيرها من الثورات التحريرية،* لكن الذي* تميزت به* - إلى جانب ذلك* - وبهرت به أحرار العالم* يتمثل في* أخلاقياتها الإنسانية الرفيعة التي* جسدها بكل روعة وجلال سلوك مجاهدي* جيش التحرير الوطني،* خصوصا بعد أن جعل منها مؤتمر الصومام دستورا أخلاقيا طبق بكل دقة في* كافة ربوع الوطن لأن هذا الدستور لم* يكن جملة من القوانين التي* تفرض فرضا وإنما كان تجسيدا لقيم دينية وخلقية أصيلة* ينبض بها وجدان كل مجاهد*!
هذا البعد الروحي* الأخلاقي* لثورة نوفمبر لم* يحظ بعد بالقدر الكافي* من الاهتمام*!
إن هناك من الحقائق التاريخية الكبرى التي* أصبحت من المسلمات ما* يحتاج أحيانا إلى التذكير به وتوجيه النظر إليه من جديد لبعث أثره في* نفوس النشء،* وإذكاء وجدانه وشحن ذاكرته؛ ومن هذه المسلمات بخصوص ثورة نوفمبر أن صفة المجاهدين التي* عُرف بها الثوار كانت تختزل في* ذاكرة المجتمع الجزائري* أربعة عشر قرنا من الزمن لتربط بينهم وبين أسلافهم من المسلمين الأولين الذين بشرهم ربهم بزوال دولة الشرك،* وهم* يومئذ قلة مستخفية بمكة المكرمة في* قوله* "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا"؛ ومثلما عجلت* غزوة بدر الكبرى بزوال دولة الشرك تحقيقا لوعد الله سبحانه،* كذلك كانت رصاصة أول نوفمبر إيذانا بزوال ليل لاستعمار الطويل لأن الذي* أذكى جذوة المجاهد في* الحالين هي* صيحة الله أكبر*!
ولقد جسد المجاهدون مضمون هذه الصفة فكانوا مثالا وقدوة في* التمسك بالدين وتعظيم شعائره والتحلي* بأخلاقه؛ ولا عجب فثورة التحرير قد حرصت حتى في* تلك الظروف القاسية على التثقيف الديني* إلى جانب التكوين السياسي* في* البرامج المنظمة التي* كانت تطبق في* مستوى وحدات جيش التحرير الوطني* وفي* السجون والمعتقلات؛ وبذلك جسدت فلسفتها المتكاملة القائمة على الإسلام عقيدة ومبادىء وأخلاقا وعلى الأخذ بمنطق العصر ومقتضيات التطور في* الأساليب والكيفيات والوسائل*!
هذا البعد الروحي* لثورة نوفمبر هو الذي* عرضها لحملات التزييف في* كتابات المستعمرين الذين* يحاولون تجريدها من عقيدتها ليهون في* نظر أجيال الاستقلال فضل الإسلام عليها وتبقى مجرد ثورة تحريرية ككل الثورات التحريرية في* العالم*. ولكن هيهات*!
فكلنا* يعلم أن الاستعمار الفرنسي* للجزائر كان ذا نزعة صليبية حاقدة تجلت في* ذلك المخطط المحكم الذي* تعاون على تنفيذه رجال الكنيسة مع رجال السياسة وقادة الجيش،* ولا أدل على ذلك من قولة الكاردنا لافيجري* المشهورة* "إن إدخال الزهالي* في* الديانة المسيحية واجب مقدس وإن أول ما* يجب علينا فعله هو الحيلولة بينهم وبين القرآن*!"
إن هذا البعد العقيدي* الخطير للاحتلال الفرنسي* هو الذي* يفسر كون معظم أبطال المقاومة الشعبية وقادة الثورات المسلحة هم علماء دين وقادة روحيين استطاعوا أن* يهزوا وجدان الشعب لأنهم* يخاطبونه باسم الدين الذي* هو أقدس مقدساته،* ولقد سجلت هذه الحقيقة رسالة رفعها الشعب الجزائري* إلى المسؤولين الفرنسيين جاء فيها*:"إننا لن نتخلى أبدا عن ديننا وإذا كانت الحكومة تريد إرغامنا على ذلك فإننا نفضل الموت على اعتناق ديّانتكم*"!
إن ثورة التحرير الكبرى هي* امتداد لهذه الثورات التي* لم تنقطع،* وتتويج لها جميعا،* فمن الطبيعي* أن نجد كل ما* يميزها ويرتبط بها مصبوغا ومفعما بهذه الروح الدينية الأصيلة بدءا بتاريخ اندلاعها؛ فالفاتح من نوفمبر* 1954* صادف في* التاريخ الهجري* 6* ربيع الأول* 1374؛ فهي* انطلقت في* الشهر الذي* ولدت فيه البشرية من جديد بميلاد المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه،* فكان ذلك بالنسبة للمجتمع الجزائري* انبعاثا وتحررا وكان بالنسبة للمستعمر انهزاما وانكسارا لأن هذا التاريخ صادف عنده ذكرى الأموات*!