رواية بحلقات ،الملل والفشل صانع المعجزات
12-03-2007, 10:53 AM
مرّ علي صديق وأنا جالس معرضا جسمي للشمس ا لمشرقة

في فصل البرد والخمول وعينايا مغمضتان ،أيقضني ليروي لي مغامراته مع الكسل والملل الدائم كي لا أكون ضحية الدنيا الغرارة قلت له في الأول: لقد حكيّت لي الكثير من المغامرات ،هل لديك أيضا تجارب مع الملل و الفشل أيضا ؟ وأنت، كما نعلم في مركز مهم و مشهور ؟
فقال.....

بدأت قصتي قبل أن أتزوج ويكون عندي ماسينيسا و تنهنان ’ إستمع إلي جيدا


كنت جالسا في شارع قرب منزلنا فارغ الشغل مراقبا المارين يملؤني الملل ناظرا الدنيا بعين التعجب والحيرة أيضا
في كل يوم أبدأه بالتسبيح والصلاة ، رغم أني أصلي كل صلاواتي إلا أن الشعور بالملل لا يفارقني لأني لم أجد بعد شغلا يشغلني أوهواية تملأ تفكيري, حملت جريدة قلبتها تأملت في أحداث يومها وقرأتها بكل تمعن ولم أجد ميولا لأخبارها ،
ولا حلاوة للتسلية بها؛
تكررت الأيام وأنا أقرأ
الجرائد بصفاحتهاالكثيرة وبأدق تفاصلها وبينما أنا كذلك صّد نظري يوما إلى إمرأة عجوز،ثقيلة
الحركة بائسة الحالة مصفرة الوجه تنادي أحدا بإسمه لكن المنادى لم يأبه لها ،قطعت الطريق وهي خائبة الخاطر خفت
عليها، فأسرعت لمساعدتها و دعوّتها للجلوس مكاني المفضل فقبلت وهي متنهدة وبعلامات التعب الظاهرة وكيفية رميها لجسدها الثقيل على الكرسي عرفت أن دعوتي لها كانت في محلها وقصة وراءها كبيرة.
سألتها:’’ أماه : أنت غريبة عن هذه المنطقة؟
أنت ذاهبةإلى مكان بعيد؟

من أين أتيت ، من معك ؟ هل لديك أهل.... ؟
ردت على أسئلتي الكثيرة بجملة فضّلت أن تختصّروتلخّص على نفسها المسار قائلة .:آتية من بعيد ، ذاهبة إلى بعيد أغلقت صفحة أخيرة من قصتي.’ والحمد لله على كل شيىء.
قال : منزلنا قريب من هنا وأنت بعيدة كما تقولين ولا تقوّين على القيام والمشي ، أتأتين
معي؟
وصلنا إلى البيت وجدنا أمي قد حضرت العشاء’ وعرّفتها لأمي كعابرسبيل ، وقامت بدورها بالواجب.
أكرمتها كما يجب ’ وبعد تناول الطعام إستسلمت للنوم ، وهي شبه جالسة لذا حركتها برفق وغطيتها
لم تكن معلوماتي كثيرة عنها لكني قررت في صباح اليوم التّالي أن أقضي معها وقت أكبر بدل جلوسي الدائم في الشارع لا شيء يلهوني . بعد أن أجمعت قوتها بالراحة والأكل الجيد بدت أصغر مما كنت أتخيل حدثتها فى الأول وقلت . أنت اليوم بخير ؟ هل أعجبك
قالت:شكرا لكم لأنكم إستضفتموني عندكم منزلنا؟
بارك الله فيكم وزادكم نعيما.. أضافت: لم آكل لقمة هنية منذ مدة أنا اليوم مرتاحة لأننى أعلم أن ما كنت أبحث عنه فى أمان.
قلت.. ما حكايتك ؟ وما سبب تعاستك ؟

قالت.. أنا إمرأة من الريف ’ عشت مع زوجى وأولادي الثلاثة ، بنتان وولد , فى سعادة زّوجت البنتين وبقى الولد الصغير, مدلل من طرف أبيه وأمه كان متفوقا فى الدراسة , سنة وراء سنة بنتائج
جيدة بفضل مساعدة أبيه له بالتشجيع, لم يحب أحدا أكثر من أبيه وحتى أنا التي هي أمه يفضل أباه عليّ ولم يكن ذلك إشكال’ مادام الإبن فرح, مرح, سعيد بحياته.
وصل سن الثامنة عشر وتحصل على شهادة كبيرة وبإمتاز. توّلد الغرور لديه أمام أصدقائه ، وفي تلك الفترة التى يحتاج الى نصائح أبيه تعرّض الأب لمرض ألزمه الفراش
إصتحب إبنى أصدقاء ليسوا على خلق منهم من يختار له مستقبل خارج البلاد ومنهم من ينصحه بترك الوطن والعيش فى الرفاهية
مات الأب وتأثر إبنى ، لم أرد أن أزيده مشاكل ونصائح تركته أياما وحده ينعزل عن الناس ، ربما أعاد النظر وفكر فى مستقبله ، لدينا أراضى كثيرة ومزرعة أعمل فيها لوحدي بعد موت زوجي
لم تمر أيام حتى أخبرنى انه سيغادر ويتركني وحدي ، عارضت الفكرة. وأفهمته أن المصلحة ليس أن تترك بيتك وأهلك وتهاجر بلدا آ خر غير بلدك، إعمل وإجتهد ورقي من مستواك دائما وأنت قريب من أهلك
أصبح لا يحبني ويجتنبني ولا يميل الى نصائحي
فالمحيط الذي هو ضدي يأثر على أفكاره أكثرمني.
الطفل المدلل المليىء با لسعادة يجتاز مرحلة صعبة من عمره لا معين له الا الله

بعد مدة نفد ما كان يريده ،رحل عني ، ولم يترك لي رسالة تدلني على مكان ذهابه ،فضّل أن يهرب مني كي لا أجده وأحتم عليه العيش فى المزرعة
مرت سنوات على هذا الحدث بحثت عنه في كل مكان لم يصبر قلبي على فلذة كبدى ، أبكي وحدى وأبحث وحدي، لا أريد أن يغمض لي جفن ولا أن أشبع بطني وولدي مفقود لا أعلم هل ينام جيدا ؟هل وجد مكانا يأويه هل وجد من يعّوض له حنان الأم ؟ طبعا لا أظن كلما جعت أتذكرأن إبني ربما جائع فلا آكل وإذا نعست أتذكر إبني فيذهب النعاس لأبقى مستيقضة طول الليل لذا أهلكت نفسي وقلّت صحتي بذلك، إلا أن وجدته في هذا المكان وبفضلك أكلت ونمت وشكرت الخالق على أن إبني بخير والحمد لله هو الأن في صحة جيدة سأعود غدا باكرا الى حيث أقيم.
لا تقطعي الأمل فربما إستقبلك في بيته قالت:
وهل لديه بيت؟ هل تعرفه ومن يسكن معه؟
قال الصديق: طبعا أعلم إنه جارنا ومنذ أن جاورنا وهو مثلي فى الطيبة والشطارة فضّلت الجلوس في الشارع كل يوم لأرى الناس تعمل وتجتهد وألوم نفسي على الجلوس بدون غرض وفائدة... تعجبت:
ويا صاحب الشركة الكبيرة المهمة في البلد لماذا تترك أمك ، إنه يدير مؤسسة كبيرة كوّنها من وقت وصوله إبتداءا من مكتب صغير ثم إنطلق كالسهم في الفضاء بالمعرفة والتفكير وكل ما يشغل بالي لماذا لا أجد أفكارا كبقية الناس أو شغلا بسيطا أكون ميالا له وسأرضى بالمكتوب و القدر.
قالت : لا تتواضع يا ولدى كلامك كالدواء حلو ولذيذ وتحب حل مشاكل الناس أو على الأقل تستمع لمن يحكي لك ألامه أنت خففّت عليّ الكثير ، فالله خلق فيك صفاة تجعلك مميز.
قال الصديق رغما أننى أحب الناس وأحب العمل إلا أنى لا أميل الى أي إتجاه مثل إبنك إنطلق بهواية البحث العلمي وأخد مساره وكأن الله يملي عليه ما يفعله
قالت : كل إنسان له ضمير وأخلاق يحبه الله ،يملي عليه ويقوده فى الطريق الصحيح ،سبحانه يهدى من يشاء ويضل من يشاء كلنا نسير بارادته.
قال : إبنك متزوج يعيش مع زوجته أنجب معها ولد وبنت
قالت الحمدلله أنا سعيدة يكفى أن أسمع أخباره لأعيش فى سعادة
أضاف :بيته قريب من هنا إذا أردت أوصلك عنده أو إنتظرى سأكلمه، لا تحرميني من هذا الشرف أرجوك إنتظرت كثيرا هذه اللحظة وتمنيتها سأذهب لأتكلم مع شعلة العلم والمعرفة و'النابغة '
سمحت لي الأم العجوز ففعلت ،، طرقت بابه فتح بنفسه ودعاني للدخول وكذا الجلوس، بدأت حديثى بالكلام عنه وإعجابي به كإنسان كامل لا شيىء ينقصه خلق الله فيه كل الصفات الجيدة (بارك الله اللهم لا تجعل عيني عين حسد بل قوة تشجعني على العمل مثله
وذكرت له أمه التى تعيش من أجله وعلى أمل لقياه ثانية وأعلمته أنها فرحة بسماع أخباره الجيدة ولو من بعيد ،تحسر ولم يهن عليه أمر أمه ندم لكن فكرة العيش في بلد غريب مازالت تعجبه يتبع...،