الآذان للصلاة
29-12-2006, 03:40 PM
كتاب الصلاة
باب في الأذان و الإقامة:
الأذان لغة مطلق الإعلام، و منه قوله تعالى:" فأذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون"، و شرعا الإعلام بدخول وقت الصلاة بالألفاظ المشروعة، و قد شرع و الإقامة بالمدينة في السنة الأولى من الهجرة على أصح الأقوال.
حكمه:
و هو سنة مؤكدة في كل مسجد على الكفاية و لو تعددت المساجد بل و لو تلاصقت(أسهل المسالك 103)، و قيل واجب أو مندوب( فقه السنة/ 82 ).
وقته:
لا يؤذن للصلاة قبل وقتها باتفاق ما عدا الصبح فإنها محل خلاف، فذهب مالك و الشافعي إلى أنه يجوز أن يؤذن لها قبل الفجر.( انظر بداية المجتهد/90) قال مالك:" لم تزل الصبح ينادى لها قبل الفجر. فأما غيرها من الصلوات فإنا لم نرها ينادى لها إلا بعد أن يحل وقتها"( الموطأ/52)

أولا- صفة الأذان:
اختلف العلماء في صفة الأذان و السبب في ذلك اختلاف الأثار و اختلاف اتصال العمل عند كل واحد على أربع صفات مشهورة( بداية المجتهد /88) نذكر منها:
1- مذهب أهل المدينة ( مالك و غيره ):تثنية التكبير ( الله أكبر، الله أكبر )، و تربيع الشهادتين و باقيه مثنى ، و اختار المتأخرون من أصحاب مالك الترجيع، و هو أن يثني الشهادتين أولا خفيا ثم يثنيها مرة ثانية مرفوع الصوت .
2- أذان المكيين و به قال الشافعي: و هو تربيع التكبير الأول و الشهادتين و تثنية باقي الأذان.
3- أذان الكوفيين و به قال الحسن البصري و ابن سيرين: و هو تربيع التكبير الأول و تثليث الشهادتين و حي على الصلاة و حي على الفلاح ، يبدأ بأشهد أن لا إله إلا الله حتى يصل إلى حي على الفلاح ، ثم يعيد كذلك مرة ثانية ثم للمرة الثالثة.
كان للنبي صلى الله عليه و سلم أربعة من المؤذنين اثنان بالمدينة: بلال بن رباح و هو أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، و عمرو بن أم مكتوم القرشي العامري الأعمى، و بقباء سعد القرظ مولى عمار بن يسار ، و بمكة أبو محذورة و اسمه أوس بن مغيرة الجمحي( زاد المعاد/47) ، و كان أبو محذورة منهم يرجع الأذان ، و يثني الإقامة فعن أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة[ فقه السنة/83] و بلال لا يرجع و يفرد الاقامة. و قد سئل مالك رحمه الله عن تثنية الأذان و الإقامة ، و متى يجب القيام على الناس حين تقام الصلاة ؟ فقال: لم يبلغني في النداء و الإقامة إلا ما أدركت الناس عليه[ أي العمل في هذا الشأن متصل بما عهد الناس عليه] فأما الإقامة فإنها لا تثنى و ذلك الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا.و أما قيام الناس حين تقام الصلاة فإني لم أسمع في ذلك بحد يقام له.إلا أني أرى ذلك على قدر طاقة الناس، فإن منهم الثقيل و الخفيف، و لا يستطيعون أن يكونوا كرجل واحد( الموطأ/52).
ثانيا- سبب مشروعيته:
ففي الحديث الذي رواه مالك عن يحي بن سعيد أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أراد أن يتخذ خشبتين يُضرب بهما ليجتمع الناس للصلاة، فأري عبد الله بن زيد الأنصاري ، ثم من بني الحارث من الخزرج خشبتين في النوم ، فقال: إن هاتين لنحوٌ مما يريد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقيل: ألا تؤذنون للصلاة. فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم حين استيقظ فذكر له ذلك ، فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالأذان( الموطأ/50)و في رواية أخرى عن عبد الله بن زيد أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالناقوس ليضرب به الناس في الجمع للصلاة و هو كاره لموافقته للنصارى.قال عبد الله: طاف بي و أنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده. فقلت له: ياعبد الله أتبيع الناقوس ؟ قال: ماذا تصنع به ؟ قال: فقلت: ندعو به إلى الصلاة. قال : أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟قال: فقلت له: بلى.[ فعلمه ألفاظ الأذان و الإقامة ] فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته بما رأيت. فقال: " إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى( أحسن و أرفع )صوتا منك " ، قال : فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه و يؤذن به قال: فسمع بذلك عمر و هو في بيته فخرج يجر رداءه يقول: و الذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي أرى. فقال النبي صلى الله عليه و سلم:" فلله الحمد" ( فقه السنة/ 73)
ثالثا- فضله:
-عن أبي سعيد الخذري، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:" إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقول المؤذن" . و عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء و الصف الأول ، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه ، لاستهموا، و لو يعلمون ما في التهجير، لاستبقوا إليه، و لو يعلمون ما في العتمة و الصبح ، لأتوهما، و لو حبوا( الموطأ/50)
- و عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:" ما من ثلاثة لا يؤذنون و لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ". و عن البراء بن عازب :أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إن الله و ملائكته يصلون على الصف المقدم، و المؤذن يغفر له مد صوته و يصدقه من سمعه من رطب و يابس ، و له مثل أجر من صلى معه" ( فقه السنة/82)
رابعا- التثويب:
و هو أن يقول المؤذن في أذان الصبح بعد الحيعلتين: "الصلاة خير من النوم" و اختلف في زمانها أقيلت في زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ أو إنما قيل في زمان عمر ؟ و هو على قولان:
- قال أبو محذورة يا رسول الله علمني سنة الأذان. فعلمه و قال: " فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبرالله أكبر، لا إله إلا الله" ( فقه السنة /84)
- و مما بلغ مالكا أن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح، فوجده نائما، فقال: الصلاة خير من النوم، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح.( الموطأ/ 52)

فصل فيما يقوله السامع للمؤذن:
-عن أبي سعيد الخذري، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:" إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقول المؤذن" .( الموطأ/50) فمن أخذ بعموم الحديث قال أن السامع يقول مثل ما يقول المؤذن كلمة بكلمة إلى آخر النداء، و ذهب آخرون إلى أنه يقول مثل ما يقول المؤذن، إلا إذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح فإنه يقول: لا حول و لا قوة إلا بالله.( بداية المجتهد/91 ) و إنما استحب للمتابع أن يقول مثل المؤذن في غير الحيعلتين فيدل على رضاه به و موافقته على ذلك.أما الحيعلة فدعاء إلى الصلاة، وهذا لا يليق بغير المؤذن فاستحب للمتابع ذكر آخر، فكان لا حول و لاقوة إلا بالله، لأنه تفويض محض إلى الله تعالى(-فقه السنة/85)
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الآذان بالصيغ الواردة، ثم يسأل الله الوسيلة للنبي صلى الله عليه وسلم لما رواه عبد الله بن عمرو: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، و أرجوا أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة" رواه مسلم. و عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:"من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة و الصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة و الفضيلة و ابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة". رواه البخاري(نقلاعن: صحيح الوابل الصيب/182-183) ، كما يستحب الدعاء بين النداء و الإقامة مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه يقول:" الدعاء لا يرد بين الأذان و الإقامة". و في سنن أبي داود عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ثنتان لا تردان- أو قلما تردان-: الدعاء عند النداء، و عند البأس حين يلتحم بعضهم بعضا" (نقلاعن: صحيح الوابل الصيب/184)

ملخص سنن الأذان لابن قيم الجوزية: (صحيح الوابل الصيب/184)
في الأذان خمس سنن و هي:
- إجابته ( الحديث:" إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقول المؤذن")
- و قول: رضيت بالله ربا، و بالاسلام دينا، و بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا. بعد الأذان
- سؤال الوسيلة و الفضيلة( الحديث المتقدم في سؤال الله تعالى لرسوله الوسيلة و الفضيلة)
- الدعاء لنفسه ما شاء ( ففي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو قال: يارسول الله إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قل كما يقولون، فإذا انتهيت، فسل تعطه". (نقلاعن: صحيح الوابل الصيب/183)